إسطنبول- أعلنت وزارة الزراعة والغابات التركية الأسبوع الماضي تعليق استيراد القمح اعتبارا من 21 يونيو/حزيران الجاري وحتى 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024، مع إمكانية تمديد الحظر بناء على ظروف السوق في ذلك الوقت من أجل حماية المنتجين المحليين.

وأشار الإعلان إلى أنه تم اتخاذ بعض التدابير للتجارة الخارجية لمنع انخفاض الأسعار الناتج عن زيادة العرض خلال فترة الحصاد وضمان تلبية الاحتياجات المحلية من الإنتاج المحلي.

وبحسب القرار، رفعت تركيا الحظر الذي كان مفروضا منذ سبتمبر/أيلول 2018 على تصدير الدقيق المصنوع من القمح المنتج محليا، كما حررت تصدير القمح المخصص للخبز والمعكرونة والشعير ومشتقاته بشرط الحصول على موافقة مسبقة.

أبرز التداعيات

تعتبر تركيا خامس أكبر مستورد للقمح في العالم من حيث الكتلة (الرابعة من حيث القيمة)، إذ تستورد ما يقارب 10 ملايين طن من القمح سنويا، وتعتمد في وارداتها بشكل رئيسي على القمح الروسي.

ووفقا لمعهد الإحصاء التركي، استوردت تركيا في الأشهر السبعة الأولى من موسم 2024/2023 الذي يمتد من يونيو/حزيران 2023 إلى يناير/كانون الثاني 2024 نحو 6.45 ملايين طن من القمح.

وجاءت الحصة الكبرى من هذه الواردات من روسيا، حيث بلغت الكمية المستوردة منها 5.33 ملايين طن، وهو ما يمثل 83% من إجمالي الواردات، في حين جاءت 890 ألف طن، أي ما يعادل 14% من إجمالي الواردات من أوكرانيا.

وتأثر سوق القمح العالمي بشكل كبير بالقرار التركي نظرا للدور المحوري الذي تلعبه تركيا كمستورد رئيسي، إذ أدى إلى زيادة المنافسة بين القمح الروسي والأوكراني في الأسواق التصديرية التقليدية للاتحاد الأوروبي، مما أثر على ديناميكيات العرض والطلب في هذه الأسواق.

تركيا صارت من الدول القليلة في العالم التي يمكن أن تكتفي ذاتيا من القمح (غيتي)

وانخفضت أسعار القمح في أوروبا أمس الثلاثاء بسبب مخاوف من أن يؤدي الحظر التركي إلى تراجع الطلب العالمي، لكن انخفاض اليورو حد من الخسائر.

ويحفز تراجع العملة المقومة بها السلعة تداولها، إذ تصبح أرخص بالنسبة لحاملي العملات الأخرى.

وتراجعت عقود قمح الطحين تسليم سبتمبر/أيلول المقبل في بورصة يورونيكست -ومقرها باريس- 1% إلى 241.25 يوروا (259.08 دولارا) للطن.

وفي أول رد على القرار أوضحت وزارة الزراعة الروسية أن الحظر التركي لم يكن له أي تأثير في هذه المرحلة، مضيفة أن "المصدّرين الروس يدرسون كيفية إرسال كميات الإنتاج إلى وجهات أخرى".

 أسباب القرار

ويقول الباحث الاقتصادي في مركز سيتا للأبحاث بلال بغيش للجزيرة نت إن الحكومة التركية تهدف إلى:

حماية المنتجين المحليين، إذ إن إدارة اختلال التوازن بين العرض والطلب في السوق قد تتطلب اتخاذ إجراءات معينة. المساعدة في توفير المواد الخام اللازمة للإنتاج الموجه للتصدير من الإنتاج المحلي للحبوب وضمان استقرار الأسعار لصالح المنتجين. الرابحون والخاسرون

وتوقع بغيش أن يضطر المنتجون الروس إلى البحث عن أسواق بديلة وبيع منتجاتهم بأسعار أقل في أسواق بعيدة، مما سيفيد المستوردون في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وهي الدول التي تأثرت سلبا بارتفاع أسعار الغذاء في الشهور الأولى من الحرب في أوكرانيا.

في المقابل، نبه بغيش إلى أن تركيا تعد دولة مهمة في تصدير الدقيق والمنتجات الغذائية المعتمدة على القمح، وأن حظر استيراده قد يؤدي إلى تراجع صادرات المنتجات الغذائية مثل الدقيق والمعكرونة، مما قد يزيد العجز التجاري لتركيا.

 

سوق القمح في تركيا

تعد تركيا واحدة من الدول القليلة في العالم القادرة على تلبية استهلاكها المحلي من القمح، ففي موسم 2024/2023 بلغ إنتاج القمح في البلاد 22 مليون طن، مسجلا زيادة ملحوظة مقارنة بموسم 2023/2022 الذي بلغ فيه الإنتاج 19.7 مليون طن، وتتطلع تركيا إلى زيادة إنتاجها إلى ما بين 22 و23 مليون طن في عام 2024.

واحتلت تركيا المرتبة الأولى عالميا في تصدير الدقيق، حيث صدرت نحو 3.7 ملايين طن من هذه السلعة في تلك الفترة، وهو ما يعزز مكانتها كقوة رئيسية في السوق العالمية للدقيق.

تركيا تخطت كندا في موسم حصاد 2023 لتصبح الدولة الأولى عالميا في إنتاج القمح المخصص للمعكرونة

من جانبه، صرح المدير العام لمكتب المحاصيل الزراعية بأن تركيا أصبحت في العام الماضي أكبر منتج عالمي للقمح المخصص للمعكرونة، وسجل إنتاجها رقما قياسيا بلغ 4.3 ملايين طن، وهو أعلى مستوى منذ 18 عاما، مما أدى إلى زيادة كبيرة في صادرات القمح التركي، وتجاوز 1.4 مليون طن بقيمة 600 مليون دولار إلى دول، منها الجزائر وإيطاليا والإمارات وكندا.

وأضاف أن تركيا تخطت كندا في موسم حصاد 2023 لتصبح الدولة الأولى عالميا في إنتاج القمح المخصص للمعكرونة، مما عزز مكانة تركيا في الأسواق العالمية.

وحسب بيانات البنك الدولي، حافظت تركيا على المرتبة الأولى في صادرات دقيق القمح بشكل مستمر خلال الفترة من 2013 إلى 2022.

وفي عام 2013 بلغت صادرات تركيا من دقيق القمح 2.1 مليون طن، واستمرت في الارتفاع حتى وصلت إلى 3.5 ملايين طن في عام 2016.

ورغم تراجع الصادرات بين عامي 2017 و2021 فإن تركيا حافظت على مكانتها الرائدة في الصادرات العالمية.

وفي عام 2022 سجلت صادراتها 3.1 ملايين طن، مما جعلها على قمة مصدري دقيق القمح عالميا على مدى عقد كامل، إذ زادت الصادرات بنسبة 43.8% خلال هذه الفترة.

وفي عام 2023 حققت تركيا رقما قياسيا في تصدير الدقيق بكمية بلغت 3.66 ملايين طن، مسجلة إيرادات تقارب 1.5 مليار دولار، وتسعى إلى الوصول بصادراتها إلى نحو 4 ملايين طن من الدقيق في العام الجاري.

وأوضح رئيس اتحاد مطاحن الدقيق التركي إيرين أولوصوي أن متوسط استهلاك القمح السنوي في تركيا يبلغ 19 مليون طن، مع استهلاك سنوي للفرد يبلغ متوسطه 160 كيلوغراما.

وقال إن هذا الأمر يعكس أهمية القمح والدقيق في النظام الغذائي التركي والاقتصاد الوطني، إذ تلعب صادرات هذه السلعة دورا حيويا في التجارة الخارجية للبلاد.

وأضاف "قطاعنا يصدر الدقيق إلى 164 دولة، مما يعني أن العالم يعتمد على الدقيق التركي، فنحو 90% من سكان العالم يستهلكون الدقيق التركي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ملایین طن من من القمح ملیون طن فی عام

إقرأ أيضاً:

ما تداعيات رفع الدعم كليا عن المحروقات في مصر بنهاية 2025؟

القاهرة– في خطوة رآها مراقبون متوقعة بالنظر إلى ملف الاستدانة المصري، أعلنت الحكومة المصرية خطتها لرفع الدعم كاملا عن المحروقات بحلول نهاية عام 2025.

وأكد رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي عقد الأربعاء الماضي، أن الخطة الحكومية تراعي الإبقاء على دعم السولار وأسطوانات الغاز بجزء كبير.

ووفق مدبولي، فإن الحكومة تدير ملف الوقود بحرص شديد بما يضمن استقرار السوق المحلية ويحقق التوازن بين توفير الموارد المالية للدولة وحماية المواطنين من أي تأثيرات سلبية.

ويتعارض هذا التوجه الحكومي مع تصريحات سابقة لرئيس الوزراء في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين استبعد زيادة أسعار الوقود إذا استقرت أسعار النفط العالمية عند 70 دولارا.

ويتراوح متوسط أسعار النفط حاليا بين 67 و69 دولارا، في حين حددت الموازنة العامة، للعام المالي الحالي، السعر بنحو 82 دولارا.

يأتي الإعلان الحكومي بعد يوم واحد فقط من موافقة صندوق النقد الدولي، على صرف 1.2 مليار دولار، قيمة الشريحة الرابعة من قرض طلبته مصر تبلغ قيمته الإجمالية 8 مليارات دولار.

ومنذ عام 2014، رفعت السلطات أسعار الوقود 12 مرة آخرها، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقد شهد العام الفائت وحده ارتفاع أسعار المنتجات البترولية 3 مرات.

إعلان

وتقدر حصة الدعم المقدمة للمواد البترولية وفق الموازنة العامة للدولة، للسنة المالية الحالية، بنحو 155 مليار جنيه (3 مليارات دولار).

مصر ترفع سعر الوقود 12 مرة منذ عام 2014 (الفرنسية) السر في الصندوق

يقول المدير التنفيذي لمركز الدراسات التنموية، مصطفى يوسف، إن الخطوة الحكومية لرفع الدعم عن المحروقات، كانت متوقعة بالنظر إلى كون رفع الدعم كاملا، هو أحد اشتراطات صندوق النقد الدولي للموافقة على صرف شرائح القرض الأخير.

ويضيف، أن الخطوة تأخرت نحو عامين "بموجب الاتفاق مع صندوق النقد، حين رفع الدعم كليا، وكان مقررا له عام 2023، ولكن الحرب على قطاع غزة وتداعياتها الاقتصادية أحدثت مرونة لدى المؤسسة الدولية مع مصر وسمحت بالتأجيل".

خلال مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد لمصر إيفانا فلادكوفا، إن السلطات المصرية التزمت بخفض أسعار منتجات الوقود إلى مستويات استرداد التكلفة بحلول نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2025.

وتتضمن اشتراطات المؤسسة المالية الدولية لصرف قروض لمصر إعادة هيكلة الدعم لضمان كفاءة توزيع الموارد المالية.

ويضيف يوسف لـ (الجزيرة نت)، أن الحكومة المصرية عموما تستجيب لاشتراطات صندوق النقد في مسألة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد على فترات وليس فورا، تجنبا للغضب الشعبي، وهو ما يتفهمه المسؤولون بالصندوق.

ويتوقع أن يؤدي رفع الدعم عن المحروقات إلى زيادة بالتبعية في أسعار السلع والخدمات بنسب تتراوح بين 30 إلى 35%، مرجحا مزيدا من انخفاض القوى الشرائية للمواطنين جراء القرار.

وعن العوامل التي ستحدد الأسعار الجديدة للمحروقات بعد رفع الدعم عنها، يعلق المدير التنفيذي لمركز الدراسات التنموية، بأن السعر العالمي من المفترض أن يكون هو المعيار الذي يحدد عليه السعر المحلي.

آلية تحديد الأسعار

ويتفق الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، مع يوسف بشأن اعتبار رفع الدعم عن المحروقات خطوة متوقعة، مشيرا إلى أن التخلص من دعم الوقود هو أحد أهم التوصيات التي يقدمها صندوق النقد الدولي لكل الاقتصادات التي تلجأ إليه لطلب المشورة والدعم.

إعلان

وأكّد أن التوجه الحكومي الأخير يرتبط بتعهدات مصر أمام صندوق النقد للحصول على القرض الأخير بـ 8 مليارات دولار.

ووفق بيانات البنك المركزي المصري تبلغ قيمة الدين الخارجي المصري نحو 155 مليار دولار.

وعن تداعيات القرار، يتوقع الخبير الاقتصادي، أن ترتفع أسعار المحروقات بنسب تتراوح بين 10 إلى 15% وهو ما سيؤدي إلى زيادة تكاليف إنتاج السلع والخدمات بنسب تتراوح بين 20 إلى 25%.

يستطرد "بالطبع سيتحمل المستهلك تلك الزيادات، ما سيشكل عبئا على الطبقات الفقيرة وذات الدخل المنخفض".

وفق المؤشرات الرسمية، تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير/شباط الماضي، مقارنة بـ23.2% في يناير/كانون الثاني من نفس العام.

وعلى خلاف يوسف، استبعد عبد المطلب أن يكون السعر العالمي هو المحدد لأسعار المحروقات بعد رفع الدعم الكلي عنها، يضيف "لن تتمكن الدولة من التعامل مع أسعار المحروقات، طبقا للأسعار العالمية خاصة لو انخفضت تلك الأسعار".

ويتوقع الخبير الاقتصادي، أن تستحدث الحكومة آلية معينة لإدارة التسعير، لكنه في الوقت نفسه رجح أن تلجأ الحكومة للاستعانة بالسعر العالمي مع إضافة هامش ربح لها.

الحكومة سترفع الدعم كليا عن المحروقات في نهاية 2025 (الجزيرة) غلاء وكساد

زاوية أخرى يشير إليها أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، مصطفى شاهين، وهي تحرير سعر صرف العملة المحلية وتأثيره على أسعار المنتجات البترولية.

في مارس/آذار من العام الماضي، أعلن البنك المركزي تحرير سعر الصرف، وهو ما أدى إلى انخفاض الجنيه مقابل الدولار من 30 جنيها إلى نحو 50 جنيها.

ويبيّن شاهين لـ (الجزيرة نت)، أن أسعار المحروقات انخفضت عالميا، لكن السوق المحلية لم تتأثر بهذا الانخفاض وظل السعر في طريقه إلى الارتفاع بفعل تعويم الجنيه، معتبرا غلاء الأسعار بمثابة ضريبة غير مباشرة على المواطنين.

إعلان

ويدلل على ذلك بحجم الدعم المقرر للمنتجات البترولية بالموازنة العامة للدولة للعام المالي الحالي، ويضيف: "رغم أن حجم الدعم المقرر كبير ورغم انخفاض الأسعار عالميا إلا أن الغلاء يزداد على المستوى المحلي".

ويتوقع أستاذ الاقتصاد، أن يتأثر المستهلكون تأثرا كبيرا بسبب رفع الدعم عن الوقود، خاصة مع انخفاض الدخول، وهو ما سيؤدي إلى كساد اقتصادي، حسب قوله.

حيرة الشارع

وكان للقرار الحكومي بخصوص أسعار المحروقات في الشارع المصري صداه لدى الطرفين، البائع والمشتري.

يقول مسعد، بائع فواكه إن أسعار المحروقات تؤثر تأثيرا مباشرا على سعر المنتج الذي يبيعه، ويوضح لـ (الجزيرة نت): "بعض الآلات المستخدمة في الزراعة تستخدم الوقود، فضلا عن استخدام السيارات لنقل المحصول من المزرعة إلى محل البيع".

ولا يتصور البائع، كيف ستكون الأمور مع الوضع الجديد بعد تطبيق القرار الحكومي، ويضيف: "الأسعار مرتفعة فعلا ونعاني كتجار من قلة إقبال الزبائن".

وتراود الحيرة نفسها المستهلك، فتقول سامية أمين، موظفة، إنها تعاني كل شهر من عبء التوفيق بين نفقات الأسرة ودخل زوجها إضافة إلى راتبها.

وتضيف لـ (الجزيرة نت): "صحيح الرواتب زادت أكثر من مرة بقرارات حكومية خلال السنوات الأخيرة، لكنها زيادات لا تواكب القفزات المتتالية في الأسعار".

ومع الزيادة المرتقبة في الأسعار ستواجه الموظفة المصرية عبئا أكبر لتدبير النفقات الشهرية لأسرتها، تقول "لا أرغب في التفكير في كيفية مواجهة مستقبل الأسعار.. إنني أواجه أزمة حاليا ولا قدرة عندي على مزيد من التفكير".

مقالات مشابهة

  • قرار حكومي بتمديد منع استيراد العصائر والمرطبات والمعجنات لستة أشهر
  • تتوقع تقارير تراجع إنتاج الغاز الطبيعي في أوروبا بحلول عام 2050، فيما تتأهب تركيا لتكون أحد اللاعبين الصاعدين في القطاع بالمنطقة، بفضل الحقول المحلية المكتشفة وخططها الطموحة للإنتاج. ووفقًا لتقرير صادر عن منتدى الدول المصدرة للغاز تحت عنوان “منظور 2
  • العراق يضبط 3 ملايين حبة كبتاجون قادمة من تركيا
  • كهرباء الجنوب: استيراد الغاز الإيراني مستمر
  • ما تداعيات رفع الدعم كليا عن المحروقات في مصر بنهاية 2025؟
  • وزير الخارجية يبحث مع وزير الطاقة التركي إمكانية استيراد الغاز
  • العراق وتركيا يبحثان إمكانية استيراد الغاز
  • عبر تركيا..العراق يضبط 7 ملايين حبة كبتاغون قادمة من سوريا
  • وزير داخلية تركيا: سيبدأ عهد جديد ضد تجار المخدرات!
  • قرار وزاري بحظر استيراد الطيور الحية