سواليف:
2025-03-09@14:50:59 GMT

وراء الحدث

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

#وراء_الحدث د. #هاشم_غرايبه

فوجئ الجميع بالمؤتمر الدولي الذي عقد بالأمس في البحر الميت في الأردن تحت عنوان تلبية الاحتياجات الانسانية الطارئة في غزة.
المفاجأة الأولى كانت في عقده بهذه السرعة ومن غير إعلان مسبق وبلا تلك الاجراءات الطويلة المعتادة للدعوات والتنسيق والتنظيم، خاصة وان المشاركين فيه كانوا ممثلين من أعلى المراتب ل 75 دولة، إضافة الى الامين العام للأمم المتحدة وممثلي أغلب المنظمات الدولية.


المفاجأة الثانية في أنه أول مؤتمر على المستوى العربي سمح للدول العربية بعقده منذ بدا العدوان على القطاع، فرغم جسامة الحدث، فلم يعقد العرب سوى المؤتمر السقيم في الرياض، والذي لم يصدر عنه إلا غثاء، فلم يتجرأ على إدانة العدوان، ولم يتطلب حتى وقفه، وشكل لجنة متابعة لم تجتمع ولم تبحث ولم تتابع شيئا.
والثالثة أن وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” الذي جاء لزيارة الكيان اللقيط للمرة السادسة من بدء العدوان، حضره، فهل هي مصادفة، أم أن عقد المؤتمر رتب على عجل ليواكب زيارته.
في تفسير تلك المفاجآت يتوجب علينا استذكار الثوابت التي هي الأساس الذي تستند عليه ووفقه مجريات الأمور في منطقتنا العربية، وأهمها:
1 – في ظل النظام العربي القائم طوال القرن الماضي، لا يوجد قرار عربي سيادي، لا على المستوى المحلي الداخلي لكل قطر، ولا على مستوى السياسة الخارجية، فالهاجس الأساس في أي قرار هو: هل هو من المسموح به من قبل القوة المهيمنة (أمريكا وأعوانها الأوروبيين)، أم هو من المحظورات.
لذلك لا يوجد تفسير لأي قرار يتم على المستوى القطري العربي أو القومي في أكبر الأقطار العربية أو أصغرها، وله مساس من قريب أو بعيد بمصالح أو أمن الكيان اللقيط ، إلا أنه إما تم الإيعاز به مباشرة من الراعي الأمريكي – الأوروبي، أو أن الراعي سمح به، وحتى لو كان مجرد مبادرة ذاتية، فهي محسوبة بحيث تنال رضا الراعي ومباركته.
بناء على ذلك فكل المؤتمرات الدولية التي تعقد في كافة الأقطار العربية لا علاقة لها بالمصلحة القطرية أو القومية العربية.
2 – إن تحقيق المصالح الغربية هو قوام سياسات الراعي، ولا قيمة لديه لمصالح الأنظمة وشعوبها، إلا بما يحفظ ويديم تقبل الشعوب العربية لأنظمتها الساسية القائمة، لذلك وهذا يفسر تنفيذ مشاريع تنموية أو إجراءات اصلاحية سياسية أو اقتصادية، فهي بناء على نصح الراعي الذي يلحظ تذمرا وتململا لدى هذه الشعوب، ولكي تنفس من بعض الكرب اتقاء للانفجار.
وبناء عليه فلا شك أن الدافع لهذا المؤتمر، هو القلق مما اصبح يعتمل في نفوس الشعوب من ثوران جراء سكوت الأنظمة وتخاذلها عن واجبها في التصدي للعدوان الفاجر على القطاع، لذلك أراده منظموه بهذه الصورة المفرغة من المضمون، يناقش حل تبعات المشكلة (المعاناة الانسانية)، وليس المشكلة ذاتها، ولا حتى بحث اجراءات وقفها.
3 – بدءا من عنوان المؤتمر، وصولا الى تحديد محاور النقاش فيه، وانتهاء بتحديد المخرجات والنتائج، نلاحظ أن كل ذلك تمثيل لوجهة نظر الغرب حول هذا الموضوع، ولا انعكاس فيه للمتطلبات العربية ولا حتى لأبسط المتطلبات المنطقية.
فهو يتجاهل تماما من تسبب بالمأساة التي جاء ليتعامل معها، فليس يذكر المتحدثون المصاب الأكبر المتمثل بالعدوان الهمجي بأعتى أسلحة الدمار التي ينتجها الغرب ذاته الذي يتباكى على انعدام وصل الماء والدواء والغذاء للمدنيين المحاصرين منذ عشرين عاما، ولا يذرف دمعة على من قضوا تحت ركام بيوتهم المدمرة بفعل القصف وليس بفعل زلزال لا قبل لأحد بمنعه، ولا يقدم المشاركون أية ملامة لمن حرق الأطفال أو أعدم نزلاء المستشفيات، بل يتحدثون عن تحسين طرق إيصال المساعدات من غير لوم من يقطع الطريق ويقتل من يحملها، وكأن منع وصولها تم بسبب الأحوال الجوية أو الطبيعية.
نتوصل في النتيجة أن اعتقاد البعض أن مثل هذه المؤتمرات ستنجح في تنفيس الهيجان الذي يعتمل في النفوس، هو وهم غير صحيح، أو يظن أن الشعوب ستنسى وتغفر للمقصرين هو مخطئ.
ليعلم الواهمون إن قطار التطبيع الذي توقف بسبب العدوان، لن يعاود المسير، بل سينكفئ ويعود القهقرى، ولن يمكن للأنظمة بعد اليوم تسويقه، فقد أحيى السابع من تشرين الأمل في النفوس بالتحرير والعودة.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وراء الحدث

إقرأ أيضاً:

التصنيفات لا تهزم الشعوب.. الإرهاب في غزو الدول لا مقاومة المحتلين



ويعد اليمن مثالاً حياً على هذا التحول، إذ أن تصنيف صنعاء منظمة إرهابية يعكس، في الحقيقة، اعترافاً أمريكياً بعجز الولايات المتحدة عن فرض السيطرة، بعد فشلها على الأصعدة العسكرية والاقتصادية.

هذا التصنيف لن يؤثر على صنعاء، بل يعزز صمودها، ويجعلها رقماً صعباً في المنطقة، وفي حين تراهن أمريكا على عزل القوى التي تعارضها، تجد نفسها في كل مرة أمام واقع جديد يعيد تعريف النفوذ والمقاومة.

يقدم اليمن اليوم نموذجاً لهذه المقاومة، فبعد أن أعلنت أمريكا تصنيف أنصار الله منظمة إرهابية في 2021، كان القرار بمثابة اعتراف بالعجز الأمريكي أمام إرادة الشعب اليمني، والتصنيف جاء نتيجة اخفاق واشنطن في السيطرة على الوضع في المنطقة.

ففي حين كان هذا التصنيف في الظاهر محاولة أمريكية للضغط على صنعاء، إلا أنه في الواقع لم يكن سوى إعلاناً عن ضعف، فالولايات المتحدة على مدى سنوات حاولت فرض هيمنتها على اليمن عبر أدوات عسكرية واقتصادية، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها، فكان التصنيف سلاحاً أخيراً في معركة خاسرة.

ليس من المستغرب أن تتحول الأنظمة التي لا تتوافق مع السياسات الأمريكية إلى أهداف على قوائم الإرهاب، فواشنطن لطالما استخدمت هذا التكتيك مع الدول والحركات التي تحد من نفوذها، ومع ذلك يظل هذا التصنيف فارغ المضمون في حالة اليمن، الذي لا يعتمد على النظام المالي الغربي ولا يلتزم بالقوانين الأمريكية التي تستخدمها كأدوات للضغط.

التصنيف الأمريكي ليس له أثر كبير على الأرض، لأن صنعاء لم تعد بحاجة للاعتراف الأمريكي، والحصار والعقوبات لم تمنع اليمن من الاستمرار في مساره الثابت، بل إن مثل هذه القرارات قد تصبح دافعاً إضافياً لدفع المزيد من الشعوب للالتحاق بمسار المقاومة.

وبالنظر إلى تاريخ هذه التصنيفات، نجد أن الولايات المتحدة قد تصدرت هذه اللعبة السياسية مرات عدة، ففي 19 يناير 2021 تم تصنيف أنصار الله لأول مرة منظمة إرهابية، في خطوة وصفها المراقبون بأنها نتيجة عجز أمريكي عن التأثير في المشهد اليمني، ومع العودة في 2025 لهذا التصنيف، تظهر الولايات المتحدة في موقف أضعف.

في الوقت نفسه، أبدى المحللون السياسيون سخريتهم من هذا التصنيف، معتبرين أنه ليس أكثر من محاولة يائسة لاحتواء حركة بدأت تفرض نفسها كقوة إقليمية، ورأوا أن التصنيف لن يغير الواقع السياسي في اليمن، بل سيزيد من مقاومة الشعب اليمني الذي أظهر صموداً غير مسبوقاً.

المحللون أضافوا أن هذا التصنيف ستكون له عواقب وخيمة على المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، فالتصعيد المحتمل في البحر الأحمر، قد يشكل تهديداً للولايات المتحدة والكيان الصهيوني على حد سواء، حيث سيعزز التصنيف من مكانة أنصار الله ويجعل الدعم الشعبي لهم أكثر قوة.

الولايات المتحدة لم تقدم مبررات منطقية للتصنيف، سوى أن أنصار الله يستهدفون السفن الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر، ولكن إذا كان هذا هو معيار الإرهاب، فلماذا لا تُدرج اسرائيل ضمن قائمة الإرهاب، وهي التي ترتكب المجازر بحق الفلسطينيين يومياً.

التصنيف الأمريكي يظهر بشكل واضح كيف تتعامل واشنطن مع الحركات التي تؤثر على مصالحها، ففي الوقت الذي تكون فيه هذه الحركات ضعيفة تتجاهلها أو تحاول احتواءها، ولكن عندما تصبح قوة إقليمية فاعلة، تتحول فجأة إلى إرهابية، لكن على الأرض لا يبدو أن القرار سيُحدث تغييراً حقيقياً.

فبعد سنوات من الحصار والعدوان، أثبتت صنعاء أنها قادرة على الصمود والتكيف مع كل التحديات، هذا الصمود المستمر أصبح نموذجاً يُحتذى به، وأصبح التصنيف الأمريكي بمثابة دليل على فشل واشنطن في التأثير على إرادة الشعب اليمني.

وهذا ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، معتبراً القرار دليلاً على عجز الولايات المتحدة في التأثير على اليمن وشعبه، وجزءاً من سياسة التخبط الأمريكية في المنطقة، مبيناً أنه لن يغير من عزيمة الشعب اليمني، بل سيكون دافعاً لمواصلة المقاومة بكل قوة.

ويؤكد مراقبون أن أمريكا إذا كانت تراهن على أن هذا التصنيف سيؤدي إلى عزل صنعاء أو إضعافها، فرهانها خاطئ لأن التاريخ أثبت أن القوى التي تصنفها واشنطن اليوم تصبح غداً جزءاً من معادلات لا تستطيع تجاوزها، وما يحدث في اليمن ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل تحول استراتيجي يعيد رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

في نهاية المطاف، لم تعد الهيمنة الأمريكية تُفرض عبر القرارات، ولم يعد التصنيف بالإرهاب سلاحاً قادراً على تغيير الواقع، واليمن بصموده وقوته، لا يكسر فقط هذا التصنيف، بل يكسر القاموس الأمريكي كله، ليعيد تعريف من هو الإرهابي، ومن هو المقاوم، ومن يحق له أن يحدد مصير الشعوب.

مقالات مشابهة

  • الراعي في عظة الأحد: آن الاوان ان يستعيد لبنان دوره في العالم العربي
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • منظمة التعاون الإسلامي تتبنى الخطى العربية لإعمار غزة
  • ما القصة وراء عطل إنستغرام الذي سرع نشر المحتوى العنيف؟
  • بين الحقيقة والافتراء … شوّه الفاسدون رسالة السماء
  • وزارة الخارجية : المملكة تدين الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية
  • وزير الخارجية الصيني: غزة ملك للفلسطينيين وندعم خطة التعافي التي أطلقتها مصر والدول العربية
  • التصنيفات لا تهزم الشعوب.. الإرهاب في غزو الدول لا مقاومة المحتلين
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ينظم مؤتمره السنوي الدولي 2025
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري