فى الذكرى ال 18 لوفاته.. "متَّى" المسكين.. رفض تدخل الكنيسة فى السياسة.. اختلف معه البابا شنودة عقيديا.. رحل ولايزال مثيرا للجدل
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
احيا دير ابو مقار بوادي النطرون، ذكرى نياحة الأب متَّى المسكين الـ18، ومؤسس نهضته الحديثة روحيا ومعماريا، إذ صلى رهبان الدير القداس الإلهي على روحه الطاهرة إلى جانب عدد من الشعب القبطي.
يعتبر الأب متَّى المسكين، أحد أكثر الشخصيات القبطية إثارة للجدل فى تاريخ الكنيسة المصرية، فهو من ناحية يعتبر أحد أهم الرهبان الذين أعادوا إحياء دير الأنبا مقار بوادى النطرون، مع جماعته الرهبانية (12 راهبًا)، بعد أن كانت الحياة الرهبانية فيه توشك أن تنطفئ وعهد إليه البابا كيرلس مهمة تعمير الدير وإحياء الحياة الرهبانية فى الدير من جديد، ويعد دير القديس الأنبا مقار ببرية شيهيت بوادى النطرون أحد أشهر وأقدم الأديرة القبطية فلم يعرف على وجه التحديد تاريخ تأسيسه ولكن الحياة الرهبانية بدأت فيه فى الثلث الأخير من القرن الرابع الميلادى.
من جانبه قال الكاتب كمال زاخر، ان الأب متى المسكين لم يُكتشف بعد، فهو لم يذهب للدير سعيا لرهبنة تقليدية، ومن يتتبع تسجيلاته يتبين له أنه اختار الرهبنة، مكانًا ومناخًا، لمزيد من اكتشاف "الله"، باستغراق وعمق، وقد كشف تفاصيل ذلك الاختبار، والاختبار، فى كلمة له حملها شريط بعنوان "تأثير الإنجيل فى حياته الراهبانية"؛ ١٩٧٤، فكان له ما سعى اليه، وجاءت اوراقه لتحمل نتائج هذا، فيض من انسكاب المداد فى دوائر الحب الإلهى، لتترجم فى كتب صارت مراجع موثوقة وموثقة لماهية ما وراء الطبيعة، واسرار الفداء والخلاص وعمل الله وحبه للانسان، وكيف رده إلى رتبته الأولى، من العبودية إلى البنوة، وفهمه لشخص المسيح ومسارات المرء اليه.
وتابع فى تصريحات ل" الفجر"، استطاع "متى" ان يُخضع الانسان العتيق للنعمة التى غمرته، بصرامة وحزم وحب، فترجم الزهد إلى حياة معاشة حتى مماته الذى رسم طقوسه فى وصية لأبنائه، التزموا بها، فتم مواراته التراب فى صحراء الدير، بلا ملامح فخيمة، فقط شاهد يشير إليه، فحملته الملائكة إلى بيته الأبدى، وبقى لنا ارثه اللاهوتى الحياتى دربا نسير فيه، وكان من الطبيعى ان يثير حول اختياراته ونتائجها موجات من ردود الفعل المتباينة بين القبول والرفض خاصة وهو يملك ملكات البحث والتوثيق للعقائد الايمانية من مصادرها المدونة باليونانية، لغة اباء الكنيسة الأولى، وهو أمر لم يتوفر لكثيرين من اترابه.، فهو راهب امين قدم للمكتبة المسيحية العديد من الكتب التى تحسب مراجع لاهوتية وفكرية ايمانية، وتفسيرات عديدة للاناجيل والاسفار الممقدسة التى صارت محل احترام وتقدير عند كبار اللاهوتيين فى العالم.
واكمل، والهجوم على كتاب الكنيسة والدولة يأتى ممن يرفضون تحجيم دور الكنيسة السياسى، والذى يغلق امامهم ابواب تحققهم السياسى - عبر الكنيسة على ارضية المحاصصة الطائفية، بحكم مواقعهم، وكشف الخلط بين العمل الاجتماعى برؤى مسيحية وبين التوظيف السياسى له.، وتعتبر العلاقة بين الاب متى المسكين وبين قداسة البابا شنودة الثالث بدأت مبكرًا جدا وهما بعد فى شرخ الشباب، بعد رهبنة الاب متى ١٩٤٨، فيما كان البابا مازال علمانيًا باسم (نظير جيد) وكان يسعى اليه فى ديره للتلمذ عليه، وسجل الاستاذ نظير هذا فى مقالاته فى مجلة مدارس الأحد وما ان انتهت المقالات حتى ذهب إلى الدير طلبا للرهبنة ١٩٥٤ وصدرت المقالات فى كتاب انطلاق الروح.، وفى تطور لاحق توطدت العلاقة بينهما، بعد ان صار الاستاذ نظير الراهب انطونيوس السريانى،. وكان ضمن الاثنى عشر راهبًا الذين خرجوا من دير السريان مع معلمهم القمص متى المسكين حتى استقروا بدير الانبا صموئيل المعترف بمغاغة. وقد سجل رهبان دير ابو مقار تفاصيل هذا الخروج في كتاب السيرة التفصيلية للأب متى المسكين.، وبعد شهور قليلة يعود الراهب أنطونيوس السريانى إلى دير السريان منفردًا، وتبدأ مر حلة التحول من التلميذ إلى المواجهة، التى تتصاعد بصعود الراهب أنطونيوس السريانى فى الدرج الكنسى، سكرتيرا لقداسة البابا كيرلس فأسقف للتعليم فبطريركًا ومعه تتصاعد الخلافات التى صارت معلنة فى كتب ومحاضرات البابا.
واوضح، كان تصور الرئيس الراحل " السادات " ان يحل الاب متى المسكين محل البابا شنودة الثالث بعد عزله ووصته تحت التحفظ بدير الانبا بيشوى، لكن الاب متى أوضح له ان هذا لا يجوز كنسيا ولا يقبل هو به، واقترح اسما ادارة علاقة الكنيسة بالدولة من خلال لجنة خماسية من شيوخ مطارنة واساقفة الكنيسة وهو ما حدث.، كما ان اراء الاب متى موثقة بمراجع كنسية وهى شأن أى طرح فكرى جاد تكون مجل جدل بين المهتمين وقد فتح الباب للتواصل مع كتابات الاباء الأولين فى الكنائس التقليدية بداية من كتابه الأول (حياة الصلاة) والذى قدم الراهب أنطونيوس السريانى ظبعته الأولى.، الان كتب ابونا متى متاحة فى اغلب المكتبات المسيحية بشكل طبيعى.
كما قال الدياكون ديسقوروس أسعد،الاب متى المسكين نزعت درجته الكهنوتية والرهبانيه بيد البابا كيرلس السادس ومع الوساطه أعاد له قداسته الدرجه الرهبانية ولم يعيد الدرجه الكهنوتية لذا فوفقا لقوانين الكنيسة هو ليس كاهنا.
وتابع فى تصريحات ل" الفجر"، من خلال معاصرته لثلاثه بطاركه كان دائم الصدام بأفعاله وتعاليمه الخاطئه فاقاله البابا يوساب من وكاله البطريركية بالاسكندريه بعد شكوى من كهنه الاسكندرية ضد هرطقاته وضد أفعاله، وترتب عليه أن متى المسكين تفاخر بأنه من وراء عزل البابا يوساب، ثم اصطدم بالبابا كيرلس الذي وصفه بالمسكون وحرمه تسع سنوات ثم البابا شنوده الذي تصدى لتعاليمه فكان انتقام متى المسكين أنه تأمر مع السادات في اعتقال آباء الكنيسة وقتها، لذا فولاء متى المسكين هو لنفسه فقط وليس لايمان أو عقيده.
واكمل، ان كتاب الكنيسه والدوله حمل اخطاء واتهامات فادحه كتبه المسكين ليتملق الدوله دون ثبات على مبدأ أو عقيده لذا فالكتاب يعتبر عارا على كاتبه وليس الكنيسة القبطية الوطنيه، حاول البابا شنوده مرارا أن يجعل متى المسكين يتراجع عن هرطقاته ثم واجهه بالتعليم ليمحو الذنب بالتعليم لكن متى المسكين ظل معاندا لآخر ايام حياته، وعندما طلب السادات من المسكين أن يتولى البطريركية كان المسكين يعلم جيدا أن قوانين الكنيسة تمنع هذا لذا فرفضه كان اضطرارا منه وليس لأي سبب آخر وهو الذي حاول الترشح للبطريريكه مرتين وفشل، فخرج اضطراراه هذا في مقالات شماته في قيادات الكنيسه نشرت في أكثر من موضع وقتها.
وختم، حملت كتب متى المسكين هرطقات حوكمت قديما وتعاليم مشككه غير صحيحه حتى أنه شكك في الكتاب المقدس وادعى على غير الحقيقه وجود أخطاء وأعلن بكل صفاقه أن الوحي المقدس لم يعصم الكتبه الانجيل فاستخرج لهم أخطاء، لذا فهذه الكتب لا مكان لها على منابرنا.
جدير بالذكر، الأب متى المسكين اسمه يوسف إسكندر يوسف، ولد يوم 20 سبتمبر سنة 1919 في أسرة كبيرة عددًا، وفي عام 1957 رُشِّحَ للبطريركية ضمن مجموعة من الرهبان (من خدام مدارس الأحد)، ولم يتم ذلك بسبب لائحة 1957. في عام 1958 أنشأ القمص متى بيتًا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة- دون الرهبنة- وكان مقره المؤقت في حدائق القبة، ثم انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، وتوجه الأب متى من دير الأنبا صموئيل في 27 يناير 1960 مع 12 راهبًا إلى بيت التكريس في حلوان، وأقاموا فيه بصورة مؤقتة لحين صدور توجيهات البابا كيرلس السادس لاختيار الدير الذي يناسبهم، ولكن صدر قرار بطردهم من القاهرة.
وعزله قداسة البابا كيرلس السادس من الرهبنة والكهنوت لمدة 9 سنوات، فتوجهوا إلى صحراء وادي الريان وحفروا مغائر عاشوا بها لمدة تسع سنوات، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال، وفي تلك الفترة أعلن الأنبا ثاؤفيلس، أسقف دير السريان، في جريدة "الأهرام" عن تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية، بعد 6 سنوات أرسل البابا كيرلس السادس خطابًا له يطلب منه إرسال ثلاثة رهبان لدير الأنبا صموئيل، فتم ذلك، بعد ثلاثة سنوات أخرى طلب البابا كيرلس لقاء مع القمص متى عام 1969؛ لإجراء المصالحة وإعادته للرهبنة، وكانت في حضور القمص صليب سوريال والأنبا ميخائيل مطران أسيوط.
استمرت حركة التأليف الديني وأصبح له أكثر من 180 كتابًا بخلاف ما ينشره من مقالات في مجلات وجرائد دورية (أكثر من 300 مقالة). في عام 1988 بدأ في تأليف شروح لبعض أسفار العهد الجديد صدرت في 16 مجلدا، تتسم بالشرح الأكاديمي والتفسير الروحي واللاهوتي. ويتراوح حجم هذه التفسير بين 500- 800 صفحة.
بعض هذه الكتب والمقالات تُرجم إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واليونانية والإسبانية والهولندية والبولندية (بلهجاتها). حياة الدير اليومية ليست مُقيَّدة بقوانين رهبانية صارمة، ولكنها قائمة على إلهام الروح للأب الروحي من جهة كل راهب وكل أحداث الحياة اليومية. حياة الرهبان معًا حياة شركة، وفي الوقت نفسه حياة توحد، لأن القلاية التي يسكن فيها الراهب تجعله قادرًا على أن يؤدي عبادته دون خروج منها. ظل حتى وهو على فراش المرض في سن السابعة والثمانين يكتب ويؤلف. وقد أصدر 4 أجزاء من أحدث كتاباته سلسلة باسم "مع المسيح" في هيئة مقالات تأملية في الإنجيل لتعليم وتعزية الشعب المسيحي في مصر والعالم، ويجري حاليًا ترجمتها إلى الإنجليزية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الكنيست البابا کیرلس السادس حیاة الرهبان الاب متى کتاب ا راهب ا
إقرأ أيضاً:
السياسة الطاقية بالمغرب.. أية رهانات للانتقال؟ قراءة في كتاب
الكتاب: الانتقال الطاقي بالمغرب: اختيار أم ضرورة؟المؤلف: د محمد نجيب بوليف
دار النشر: رؤى برنت-الرباط.
الطبعة: 2025
عدد الصفحات: 400 صفحة
منذ أزيد من ثلاثة عقود من الزمن، طرحت معضلة النموذج الاقتصادي بالمغرب، وارتهانه إلى عوامل الطبيعة (الأمطار) وتقلبات أسواق النفط الدولية (أسعار النفط والغاز)، وتعاقبت سياسات حكومية كثيرة، موجهة برؤى استراتيجية رسمت الملكية خطوطها العريضة، تضع قضية الانتقال الطاقي في جدول أولويات النموذج التنموي المغربي الجديد، وتراهن على الطاقات المتجددة، لتقليص نسبة التبعية للخارج في موضوع الأمن الطاقي.
بيد أن هذه السياسات الطاقية التي تنوعت اتجاهاتها ورهاناتها، بدأت تطرح سؤال التقييم، بل أصبح سؤال الانتقال الطاقي، في حاجة إلى إعادة تعريف بالقياس إلى السياق المغربي نفسه، بالنحو الذي يجيب فيه عن سؤال طبيعة هذا الانتقال، وهل هو قرار استراتيجي واع، أملاه الاختيار، أم هو ضرورة، فرضت على المغرب، حتى يجيب عن التحديات الطاقية التي أضحت تحاصره؟
الكتاب الذي بين أيدينا "الانتقال الطاقي بالمغرب: اختيار أم ضرورة؟" لصاحبه الدكتور محمد نجيب بوليف، يكتسي أهمية من جهة الموضوع، وأيضا من جهة المؤلف الذي جمع بين ثلاث مزايا نوعية، أولها التخصص في اقتصاد الطاقة، فهو الحاصل على شهادتين للدكتوراه في هذا التخصص وطنية ودولية، وثانيتها، أنه شغل أكثر من مهمة حكومية سواء في حكومة عبد الإله بنكيران (وزارة الشؤون العامة والحكامة ثم وزير ا للنقل) أو في حكومة سعد الدين العثماني (وزير منتدب مكلف بوزارة النقل)، وثالثتها خبرته الاقتصادية لدى العديد من المؤسسات الدولية والمالية (البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وجمعية الدول الفرنكفونية، والمنظمة العالمية لمحاربة الفساد.).
هذه الميزات الثلاث، تجعل من كتبه وثائق مذيلة بكثير من الإحصاءات والبيانات سواء منها الوطنية الخاصة بالمغرب، أو الدولية، هذا فضلا عن تتبع السياسات الحكومية، وقدرة كبيرة على تحليلها بشكل موضوعي، بعيدا عن التحيزات السياسية.
الانتقال الطاقي وإشكالات المفهوم
يثير المؤلف في كتابه سؤالا إشكاليا مهما يرتبط بمفهوم "الانتقال الطاقي"، فالمغرب الذي تبنى هذا الاصطلاح، لم يقدم أي تعريف له مما جعله غير محدد المعالم، بل جعله حمالا لأوجه كثيرة. يسجل المؤلف أن الوثائق الرسمية (الحكومية على وجه التحديد) بما في ذلك الاستراتيجية الطاقية الوطنية المعلنة سنة 2009، لا تقدم أي تعريف للانتقال الطاقي.
يعود المؤلف إلى حفريات هذا الاصطلاح الجديد والطارئ في الساحة الطاقية، ويسجل أن المعهد الألماني "أوكو فرايبورغ" كان أول من استعمله، وذلك سنة 1980، إذ كان يبحث عن بدائل النفط والطاقة النووية بعد أزمتي النفط عامي 1973 و1979. ثم تعزز استعماله في مؤتمر دولي ببرلين حول "الانتقال الطاقي والتخلي عن الطاقة النووية وكيفية حماية البيئة". ويشير إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، تم تناوله أوائل عام 2009، من خلال رؤيتين مختلفتين، الأولى بمقاربة أنثروبولوجية وسياسية، والثانية بمقاربة أقرب إلى موضوعنا، من زاوية تقنية ـ اقتصادية.
المغرب يستورد الطاقة بنسبة 91 في المائة من احتياجاته الطاقية، وهو ما يجعل الفاتورة الطاقية مرتفعة، بل يجعل العرض الطاقي في المجمل خاضعا لتقلبات أسعار الطاقة والسياسية الطاقية الخارجية، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على كثير من السياسات التنموية، خاصة عند تطبيق مقتضيات الدعم من خلال صندوق المقاصة ودعم الأسعار الكهربائية.يورد المؤلف تعريفات متنوعة للانتقال الطاقي، فالبعض يعرفه بأنه "تغيير من حالة طاقية إلى أخرى، قد تكون أفضل أو أسوا من سابقتها"، والبعض الآخر عرفه بأنه "تغيير لمصادر طاقية حالية (تغيير كلي أو جزئي) إلى مصادر طاقية مختلفة"، ويورد في هذا السياق ثلاث تعريفات لمتخصصين في المجال الطاقي، الأول عرف الانتقال الطاقي بأنه "وضع نموذج طاقي متنوع وتوازني وتشاركي"، وعرفه الثاني بانه "بديل يمكن من استعمال الطاقة البيئية، الصديقة للمناخ، وأنه الحل للإشكالات المناخية والاقتصادية"، بينما عرفه الثالث بأنه "العبور من بنية الإنتاج القائمة على الجمع بين مصادر الطاقة إلى أخرى". ويخلص المؤلف من استقراء هذه التعاريف كلها وتحليل مكوناتها إلى أن "الانتقال الطاقي" يمثل من جهة، "تحولا من الطاقة الأحفورية إلى الطاقة المستدامة المتجددة التي لا تنبعث منها غازات دفيئة"، ومن جهة ثانية هو "تقليص لكمية الطاقة المستهلكة عن طريق تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني والتكنولوجيات، وعن طريق تغيير أنماط الحياة".
الانتقال الطاقي في المغرب والإشكالات المستعصية
ليس ثمة أدنى شك أن تتبع عناصر استراتيجية الانتقال الطاقي المغربي، تتطلب ابتداء الإحاطة بخارطة الطاقة بالمغرب، وخصوصية العرض الطاقي المرتهن بشكل كبير إلى الخارج، فالمغرب يستورد الطاقة بنسبة 91 في المائة من احتياجاته الطاقية، وهو ما يجعل الفاتورة الطاقية مرتفعة، بل يجعل العرض الطاقي في المجمل خاضعا لتقلبات أسعار الطاقة والسياسية الطاقية الخارجية، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على كثير من السياسات التنموية، خاصة عند تطبيق مقتضيات الدعم من خلال صندوق المقاصة ودعم الأسعار الكهربائية.
ولعل هذه التحديات والإكراهات هي ما دفعت المغرب إلى وضع استراتيجية طاقية وطنية جديدة، تستثمر ما يتوفر عليه المغرب من طاقات متجددة، وتهدف إلى رفع حصتها في الإنتاج الكهربائي إلى 52%، وكذا تقليص التبعية الخارجية إلى حدود 80% عام 2030.
وقد رسمت هذه الاستراتيجية خمسة توجهات أساسية، انطلقت من تعبئة الموارد الطاقية الممكنة، والارتكاز على التنمية المستدامة استجابة للتحديات المناخية العالمية، واستعمال النجاعة الطاقية كمصدر طاقي إضافي، ثم تنويع الباقة الطاقية بخيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية، إضافة إلى الاندماج الجهوي الطاقي للبلد، كحلقة وصل وتنمية بين أوروبا وأفريقيا (مشاريع الكهربة والغاز).
لكن تنزيل هذه الاستراتيجية على الأرض أظهر العديد من التحديات والإشكالات، التي اضطرت المغرب إلى نهج سياسة جديدة تقوم على مفهوم الانتقال الطاقي.
وقبل أن يعرض المؤلف لهذه الإشكالات، ويفك خيوطها ويبحث آثارها، وضع بين يدي القارئ بيانات ضافية حول مكونات المشهد الطاقي، تشكل مرجعيا إحصائيا وإطارا مرجعيا للعرض والطلب الطاقيين على السواء، إذ تضمن الكتاب 126 جدولا إحصائيا ورسما بيانيا تندرج معظمها في بيان هشاشة العرض الطاقي الوطني وضعفه ومحدويته. ويسعى الكتاب إلى تحليل هذه المعطيات، وتقدم إجابات منهجية لتجاوز هذا الوضع، كما حاول حصر الأثر الذي ينتج عن هذا العرض الطاقي الهش(ضعف التأثير الطاقي في المجالين التنموي والاقتصادي) وذلك، من خلال مؤشرات علمية معتمدة في المجال..
وإضافة إلى هذا الجهد الإحصائي والتحليلي الكثيف، فقد ركز المؤلف جهده في مناقشة إشكالية الانتقال الطاقي بالمغرب، وهل هو اختيار منسجم مع التوجهات الكبرى للنموذج التنموي الوطني وللاستراتيجية الطاقية؟ أم أن هذا الانتقال أصبح ضرورة (مفروضة) اعتبارا للواقع الطاقي الهش، وللتدبير الارتجالي لمجالات التأثير الطاقي، تم اللجوء إليه لمحاولة تجاوز الإشكالات المختلفة على الصعيد الإنتاجي والمؤسساتي والحكامي، وذلك لتوفير عرض طاقي وطني طموح ومستجيب للمتطلبات التنموية التي يحتاجها المغرب للانتقال التنموي في أفق 2050.
هذا وقد عالج الكتاب هذه القضايا في ستة فصول انتظمها بابان اثنان، إذ قدم في الباب الأول واقع الطاقة بالمغرب وتحدياته، وتوقف فيه عند ضعف العرض الطاقي الوطني كمعطى مرتبط بالجغرافيا وبضعف تدبير ملف العرض، وبحث في الجهة المقابلة التأثير الطاقي في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستراتيجية. ثم تناول في الباب الثاني إشكالات الإستراتيجية الطاقية وسؤال الانتقال الطاقي، إذ تناول فيه مقاربة تدبير ملف الطاقة بين أهداف الاستراتيجية الوطنية والنموذج التنموي الجديد، من خلال محاور تعبئة الموارد الوطنية والرفع من الطاقات المتجددة، والتنمية المستدامة كأولوية وطنية، والنجاعة الطاقية كمصدر طاقي، وتنويع الباقة الطاقية بخيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية، وتعزيز الاندماج الجهوي. هذا وقد بسط المؤلف في هذا الباب أهم نتائج التدبير الطاقي، معززة بالمعطيات ونتائج الأبحاث.
كما تناول الكتاب ضمن هذا الباب أيضا تقييما شاملا للاستراتيجية الطاقية الوطنية، بعيدا عن التفاؤل الزائد للتسويق الحكومي، وذلك بالاعتماد على آراء مختلف المؤسسات الدستورية والبحثية، وكذا النتائج التي خلصت إليها الدراسة. لينتهي المؤلف بعد ذلك إلى تقديم العديد من المقترحات التي يمكنها أن تكون إيجابية لتسريع الانتقال الطاقي، انطلاقا مما هو متاح وممكن.
كيف وقع الانتقال من الاستراتيجية الطاقية إلى الانتقال الطاقي؟
يطرح المؤلف سؤالا إشكاليا ومنهجيا على السياسات العمومية في المجال الطاقي، يتلخص في الطريقة التي مرت بها المغرب "الاستراتيجية" الطاقية الشاملة، إلى "الانتقال الطاقي"، الذي قد يعتبر هدفا (جزئيا أو كبيرا) لهذه الاستراتيجية؟ وما الأسباب التي بررت هذا التحول؟ وهل هي ذاتية أم موضوعية؟ وهل هذا الانتقال ناتج عن فعل اختياري راشد تم اعتماده وفقا لتقييم موضوعي وواقعي لآثار تنزيل "الاستراتيجية" الطاقية الوطنية؟ أم أنه "ضرورة"، فرضت على البلد داخليا، من خلال الموارد الطاقية، القليلة فيما يخص الموارد الأحفورية والكثيرة من حيث الطاقات المتجددة كالشمس والرياح، وكذلك أيضا من حيث الموارد المالية المتوفرة، والتي لا تساعد على الإبقاء على تدبير القطاع الطاقي كما هو حاليا؟ أم هو ضرورة خارجية، أملتها المتغيرات العالمية التي توجهت من جهة نحو الاقتصاد الأخضر والخالي من الكربون، بحيث فرضت على المغرب التزامات وطنية، أو لربما نظرا لاستشراف مستقبل واعد بالنسبة لبعض موارد الطاقة البديلة، ومنها الهيدروجين كنموذج؟ أو لتفادي التغيرات السعرية الطاقية المرتبطة بمناخ جيو استراتيجي غير مستقر؟
يطرح المؤلف هذه الأسئلة الإشكالية، وهو يوجه الأنظار إلى قضية بالغة الأهمية، وهي أن هذا الاختيار أو هذا الاضطرار يخلف آثارا على التدبير الطاقي المستقبلي. فهو ليس "شعارا" يرفع، بل تغييرا "جذريا" في عملية إنتاج الطاقة واستهلاكها، بحيث يُعتبر أحد مكونات التحول البيئي. فعندما يقرر بلد ما "الانتقال" الطاقي نحو الطاقات المتجددة (النظيفة)، فإن عليه أن يتأقلم بشكل كلي مع هذا التوجه وينخرط فيه، استثمارا وإنتاجا واستهلاكا.
ومن هنا تكمن "مشكلة" الوعي بما يستوجبه من تغييرات على الصعيد المجتمعي. فـ"الانتقال الطاقي" ليس سهلا بحيث لا يتوقف فقط على إرادة صاحب القرار والتطورات التقنية والأسعار وتوفر المصادر، بل يتطلب تحولا سلوكيا واجتماعيا وتقنيا، وتعديلا لأنماط الاستهلاك الطاقي، بجعلها ـ حسب المتداول المقصود من المصطلح ـ أكثر انسجاما مع البيئة. وهو ما ليس متاحا بالنسبة لجميع مكونات المجتمع التي يراد تطبيق الانتقال الطاقي فيها، فهو يتطلب تكييفا للاستعمالات المنزلية والمقاولاتية والمجتمعية مع التطورات التي تتطلبها أنواع الطاقة البديلة، فليس كل من يتوق للطاقة الشمسية ـ يضيف المؤلف ـ يمكنه استعمالها، ولا الطاقة الريحية والهيدروجينية...فالتحول ليس بالأمر السهل اقتصاديا وماليا وفنيا وسياسيا..
"الانتقال الطاقي" ليس سهلا بحيث لا يتوقف فقط على إرادة صاحب القرار والتطورات التقنية والأسعار وتوفر المصادر، بل يتطلب تحولا سلوكيا واجتماعيا وتقنيا، وتعديلا لأنماط الاستهلاك الطاقي، بجعلها ـ حسب المتداول المقصود من المصطلح ـ أكثر انسجاما مع البيئة.ويذهب المؤلف أبعد من ذلك في طرح إشكالات مستقبلية على هذا الرهان الطاقي يصعب الإجابة عنها بشكل موضوعي. فيطرح سؤال ما العمل عند اختيار الانتقال الطاقي لو أن أسعار الطاقات الأحفورية، لأسباب جيو استراتيجية معلومة، أو للحفاظ على طلب عالمي في مستوى الإنتاج والاحتياطيات لمدة طويلة، أصبحت رخيصة جدا وتنافسية قياسا لأسعار إنتاج الطاقات المتجددة؟ وهل سيتم إيقاف سيرورة "الانتقال"؟ أم أن أصحاب هذا التوجه سيضطرون للقبول بمصادر طاقية أغلى وأقل تنافسية، وذلك على حساب الصالح العام؟ وما أثر ذلك على التنمية بالعالم؟
يطرح المؤلف هذا السؤال المستقبلي، ويعود بنا إلى التاريخ القريب لفهم طبيعته الموضوعية، فمنذ أزمة 1973، والدول تبحث عن البدائل، حيث توجهت نحو النفط الصخري تارة، ثم نحو إلى الطاقة النووية تارة أخرى، ثم نحو الطاقات العضوية وغيرها من المصادر، لكن ـ يضيف المؤلف ـ بعد 50 عاما، لازال النقاش مفتوحا للاستفادة من المواد الأحفورية إلى آخر "طن" منها.
يرى المؤلف أنه للإجابة عن هذا السؤال في السياق المغربي، لا بد من الانطلاق من واقع المغرب، الذي يوجد أمام تحـديات استراتيجية طاقية متعددة الجوانب. فمن جهة أولى يواجه المغرب تحديا مرتبطا بالعرض حيث ينتج المغرب أقل من عشر احتياجاته الطاقية فقط، مما يجعله "تابعا" للخـارج، وهو الأمر الذي دفعه لتحديد هدف مركزي لاستراتيجيته الطاقية يخفض من خلاله نسبة التبعية الطاقية إلى 82% (فقط) عام 2030. ينضاف إلى هذا التحدي تحدي ذي طبيعـة ماليـة يتمثل في ثقـل الفاتـورة الطاقيـة وانعكاسـاتها على مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والتنموية للبلد. ويشير المؤلف بهذا الخصوص إلى ان تكلفة هذه الفاتورة انتقلت من أقل من 20 مليار درهم عام 2002 مثلا إلى 50 مليار درهم عام 2020، ثم إلى 75 مليار درهم عام 2021، لتقفز إلى رقم قياسي تاريخي ناهز 153 مليار درهم عام 2022.. لتتراجع عام 2023 إلى حوالي 122 مليار درهم (ويبقى رقما كبيرا).
ويذكر المؤلف تحديات ثالثا يرتبط بضعف الاستهلاك الطاقي العام والفردي، والذي من شأنه أن "يضبط إيقاع" دينامية الآلة الاقتصادية الوطنية. وقد نتجت عن هذه الجوانب المختلفة للطاقة بالمغرب إشكالات تتعلق بالكثافة الطاقية وبأثر الطاقة على الإنتاج والنمو، وكذا مردودية المشاريع الطاقية السابقة والمستقبلية والاختيارات الطاقية المرتبطة ب "الانتقال" الطاقي المراد للمغرب أن يسير عليه.
وفي سياق الإجابة عن هذه الإشكاليات المعقدة، قدم المؤلف تفصيلا دقيقا للوضعية الطاقية الوطنية، محاولا في ذلك تناول الخصوصيات الرئيسية للواقع الطاقي المغربي، من حيث العرض الطاقي الذي يبقى ضعيفا ودون المستوى المطلوب، وذلك نتيجة ضعف الرؤية الحكومية في كيفية إيجاد التوازن الملائم لمختلف مصادر الطاقة في الإنتاج الوطني، و"التبعية الإرادية" الناتجة عن ذلك. كما تناول الخصوصيات المرتبطة بضعف التأثير الطاقي في المجالين الاقتصادي والتنموي، سواء تعلق الأمر بعدم كفاية الطلب الطاقي الوطني، أو بانخفاض الإشباع الطاقي الفردي، أو بصعوبة تحقيق "الانتقال الطاقي" المنشود.
وقد حرص المؤلف على تقديم رؤيته الخاصة وتقييمه العلمي للاستراتيجية الوطنية من خلال مستوى تحقيق أهدافها، وانطلاقا من توجهاتها الاستراتيجية الخمسة، دن أن يكترث بتوصيفات عدد من المسؤولين و"الخبراء" المتفائلين الذين يسوقون بشكل عاطفي لمستقبل طافي زاهر، ويزيحون من اعتبارهم في التقييم النواقص والإكراهات التي تحتاج لعمل "إرادي" جاد ومتميز، يراعي أولويات الوطن والمواطنين.
هامشية المغرب في المجال الطاقي
خلص المؤلف في كتابه إلى أن المغرب هامشي في المجال الطاقي، سواء في إنتاجه للطاقة (أقل من 0.02% على الصعيد العالمي)، أو في استهلاكه (أقل عن0.2% عالميا)، أو في تدبيره غير الفعال لملف الطاقة برمته. وقد انتهى في دراسته أيضا إلى أن الإشكال الرئيسي للملف الطاقي بالمغرب يختصر أولا في ضعف الإرادة للرقي به إلى المستوى الاستراتيجي الذي يليق به، وكذا في تحديد الدور الذي يراد لقطاع الطاقة أن يقوم به في العملية التنموية بالمغرب.
يفسر د محمد نجيب بوليف ضعف تموقع المغرب الطاقي الاستراتيجي لهشاشة العرض، وقلة الموارد الطاقية الوطنية، وسوء التدبير المرتبط بضعف الاستكشاف والتنقيب والإمكانات الموفرة. فالمغرب لم يفلح منذ عقود في جلب الاستثمارات الضرورية في قطاع الطاقات الأحفورية، رغم الإمكانات الطبيعية المتاحة، والاحتياجات الكبيرة لتوفير هذا النوع من الطاقة، إذ لم يستطع جلب الشركات الكبرى المعروفة في هذا المجال، وبقي العاملون في هذا القطاع "صغارا" من الهواة، ضعيفي الخبرة والقدرات المالية، وليسوا من الصنف الذي يمكن أن يعول عليه لخلق "طفرة نوعية" دائمة في مجال الاستكشاف.
الانتقال الطاقي" لا يمكن أن يعتبر هدفا في حد ذاته، بل هو نتيجة "حتمية" لتطور واقع طاقي متميز بتفاعلات سلوكية وطبيعية / جغرافية وجيوـ استراتيجية مختلفة.كما يفسر ذلك أيضا بضعف انخراط الرأسمال الوطني في هذا المجال وعدم "مغامرته" للاستثمار، نظرا لضرورة الرأسمال الكبير وتواجد عناصر المخاطرة والمجازفة وطول وقت الحصول على مردودية، مفضلا بذلك منطق "الريع" والعمل في سلاسل القيمة النهائية لقطاع الهيدروكربونات، والمتعلقة بالتجارة، الرابحة دائما.
ويعزو المؤلف تراجع وضع المغرب الطاقي أيضا إلى تأخر مؤشرات استهلاكه الطاقي العام والفردي وكثافته الطاقية الإنتاجية عن مستويات الدول الصاعدة. ويرى المؤلف أن هذا الوضع ليس راجعا فقط للبنية الاقتصادية والاستهلاكية التي لا زالت حبيسة منطق لا يرى في الطلب الطاقي مكونا من مكونات النمو، بل تعود أيضا إلى محاولة المغرب الارتباط بالتوجهات الهيمنية الغربية، فالغرب -كان ولازال-له قدرة على تمرير سلوكيات ومواقف تخدم مصالحه، ومنها إلحاحه على ضرورة خفض الاستهلاك الطاقي الفردي، وكذا الاستهلاك الطاقي الضروري للإنتاج، والحرص على عدم الاستهلاك المضر بالبيئة، إلخ، مما يجعل الدول "النامية"، ومنها المغرب، مضطرة للالتزام بها وتطبيقها.
ويلمح المؤلف في خلاصة أخرى إلى إشكال ثالث يخص ضعف ارتباط التدبير الطاقي بمجالات النمو، مما يجعله مجردا ومقصودا لذاته. وقد خلص المؤلف لهاته النتيجة من خلال استقرائه لمختلف نتائج "الاستراتيجية الطاقية الوطنية" التي لم تستطع منذ 15 سنة أن تثبت عل أهداف قارة. وهذا ما رجح للمؤلف بان الانتقال الطاقي بالمغرب هو أقرب للضرورة منه للاختيار الواعي الراشد، ويدلل على ذلك بكون المغرب لم يوفر الطاقة بأسعار تنافسية، ولم يطور نجاعته الطاقية بما يلزم، ولم يحقق التنمية المستدامة المتوخاة والشمولية، ولم يمكن مواطنيه من "إشباع طاقي" ملائم، كما لم يستطع أن يحسم في مردودية وقابلية الطاقات المتجددة لكي تكون البديل الذي سيمكن من "الانتقال الطاقي" الموعود.
وهكذا يقرر المؤلف في كتابه خلاصة مركزية يعتبر فيها "الانتقال الطاقي" لا يمكن أن يعتبر هدفا في حد ذاته، بل هو نتيجة "حتمية" لتطور واقع طاقي متميز بتفاعلات سلوكية وطبيعية / جغرافية وجيوـ استراتيجية مختلفة. كما أنه لا يمكن أن "يفرض" استجابة لـ "توصيات" دولية أو ل "توجيهات" دول صديقة، أو لشروط "منظمات مالية".. فهو اختيار "قاصد" و"هادف"، نابع من إمكانيات البلد وأولوياته، وعملية إرادية متحكم في بلورتها وأهدافها وتنزيلها، وهو إرادة أولا، وتخطيط ثانيا، ووضع للوسائل ثالثا، ثم تنزيل محكم رابعا.