كيف أعرف أنى مسحور سؤال يطرأ على بال البعض من الناس ويشغل بال الكثيرين لكن الأزمة أن نجد بعض ممن يرجع فشله أو كآبته أو لحالته النفسية السيئة لأمر في حياته بأنه مسحور ، والسحر مذكور في القران الكريم، والعلماء اختلفوا في حقيقة تأثيره على الإنسان هناك من قال إنه لاوجود للسحر ولكن هي تخيلات للإنسان واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ….

) الأعراف: 116- وقوله تعالى: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) -طه: 66- وفئة أخرى من العلماء قالوا إن  الإنسان يقع في وهم وحالة نفسية، واختلفت الآراء في السحر والحسد لكن كيف أعرف أني مسحور وهل له أعراض معينة، نعرضها في السطور المقبلة.

علاج الحسد والعين في ثلاثة أيام.. الإفتاء تحدد 12 دواء للشفاء سورة علاج من كل داء.. لا يقدر عليها ساحر تفك السحر والعين والحسد


كيف أعرف انى مسحور
كيف أعرف انى مسحورقال تعالى في كتابه الكريم عن السحر: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ)،السحر حقيقة وهو أمر ثابت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم  ووردت في ذلك آيات كثيرة قال تعالى: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) الفلق  يعني: السواحر اللاتي ينفثن في عقدهن، وقال تعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) سورة طه، في قضية السحر هناك  أنواع مختلفة لكن  عوام الناس  يخلطون بين هذه المفاهيم وبين أمور أخرى كالعين ومس الجن وما إلى ذلك والسحر عقَدٌ ورقى وكلام يتكلم به الساحر أو يكتبه ليعمل شيئاً في بدن المسحور أو عقله من غير مباشرة له وفي السحر أمور  منها ما يتعلق بخفة اليد ويسمى الشعوذة، ومنها ما يتعلق بالرقى والتمائم وتسمى النُشرة والعزيمة، والتنجيم.


كيف اعرف اني مسحور أو محسود
كيف اعرف اني مسحور أو محسود  المصاب عادة بالسحر أو العين يتعرض لاضطرابات نفسية، وقد يتعرض لاضطرابات جسدية أيضاً، وقد يظهر عليه تغير في العواطف غير مألوف أو غير متوقع، المحافظة على القران الكريم وآية الكرسي والمعوذتين والاخلاص والمحافظة على الأذكار والرقية الشرعية من أهم عوامل الوقاية من أضرار السحر وعلى المسلم أن يكون عنده يقين تام في الله عز وجل أنه هو  النافع وهو الضار، فلتكن ثقة المؤمن بربه قوية، وليبعد عن فكره الأوهام، فإن ذكر الله عامل مهم في طمأنة النفوس، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء بشكل يومي  وفي كل حركه  في الحياة يكثر من الذكر والصلاة على سيدن النبي صلى لله عليه وسلم. 


أبرز علامات الشخص المسحور
أبرز علامات الشخص المسحور  ثبت في صحيح الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وفي رواية أخرى قالت: (حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن). والسحر له تأثير على المسحور، ولا علاقة لتأثير السحر بصلاح المرء أو فساده، فقد يكون المرء من عباد الله الصالحين، ومع هذا يصيبه السحر، ويكون هذا نوع ابتلاء من الله سبحانه وتعالى، كغيره من أنواع البلاء التي تصيب المؤمن، فيزداد ذله وخشوعه وخضوعه وافتقاره إلى ربه، فيكثر من التضرع والرجاء، هذا بالإضافة إلى الابتلاء بذلك فيه تكفير للسيئات ورفع للدرجات، وأبز علامات الشخص  المسحور أن تظهر عليه أعراض السحر في الغالب، كأن يحبس عن امرأته فلا يستطيع جماعها، أو يتخيل حصول أشياء لم تقع، أو أن ينسى كثيراً، وقد تظهر الأعراض في صورة رؤى منامية، ولكن هذه الأعراض لا تدل يقينا على وجود سحر، فقد تظهر هذه الأعراض على غير المسحور، بمعنى أن يكون سببها عوامل نفسية، أو عضوية.
إعراض الشخص المسحور عن العبادات  والذكر شرود الانتباه وضعف التركيز وكثرة الذهول و شخوص البصر وزيغه. التوهُّم وعدم التثبّت من الأمور، واختلاط الحُكم على الأحداث والأوقات والاستعداد الدائم للغضب واختلاق المشكلات دون مسوّغات أو مبررات وعدم الاهتمام بالمظهر الشخصيّ اللائق والتأفّف من العمل وعدم قناعة الشخص المسحور بما يقوم به، وعدم الرضا بذلك و انحباس الرجل عن جِماع زوجته ضيق التنفس، والنفور من ذكر الله تعالى، واستثقال الطاعات، وعدم الرغبة في سماع كلّ ما يخصّ الدين تكرار الأحلام المُفزعة والكوابيس لدى المسحور في نومه ظهور أعراض بدنيّة على الشخص المسحور كالصّداع الشديد الدائم، أو تغيّر لون البشرة وخاصّة تغيّر لون الوجه.


إبطال السحر
إبطال السحر يكون بالالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء والإلحاح في ذلك ،  التّمر والعجوة وردت العديد من أحاديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في فضل التمر في علاج السحر منها: (من تصبَّحَ كلَّ يومٍ سبعَ تمَراتٍ عجوةً، لم يضرَّه في ذلك اليومِ سمٌّ ولا سحرٌ)، وقراءة الرقية الشرعية وأذكار الصباح والمساء ، وتكرار دعاء أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق، أعوذ بكلمات الله التامة من شيطان وهامة ومن كل عين لامة.
يات الرقية الشرعية كاملة من القرآن والسنة: «اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ*لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ*اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، [البقرة: 257-255].

«لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ*لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ»، [البقرة: 286-284].

«الم*اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ*نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ*مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَام*إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء»، [آل عمران: 5-1].
ومن الآيات القصيرة التي يمكن ترديدها في الرقية الشرعية كاملة من القرآن والسنة وذلك في سور الشعراء والصافات، وفصلت: «وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يِشْفِينِ» [الشعراء: 80]،  «وَالصَّافَّاتِ صَفًّا*فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا*فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا*إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ*رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ*إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ*وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ»، [الصافات: 7-1]، و«وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ۖ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ»، [فصلت: 44].


ومن آيات الرقية الشرعية في القرآن: «سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ*فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ*فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنتَصِرَانِ*فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» [الرحمن: 36-31].

«قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا*يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا*وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا» [الجن: 3-1].

«لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ*هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ*هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ*هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» [الحشر: 24-21].


«الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ*ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ»، [الملك: 4-3].

«وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ*وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ»، [القلم: 52-51]، «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا» [النساء: 54].


 

علاج الحسد والعين في ثلاثة أيام
قالت دار الإفتاء المصرية ، إنه يمكن إجمال علاج الحسد والعين في ثلاثة أيام بعدة أمور وهي : ( الإكثار من ذكر الله تعالى والتعوذ بالأدعية وبالقرآن، المداومة على أذكار الصباح والمساء، قراءة القرآن بصفة عامة والفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي  المحسود عليه بالإكثار من التعوذ ، والرقية الشرعية من القرآن مرتين يوميًا على الأقل، فضلاً عن إخراج الزكاة والصدقات، والدعاء ، والتعوذات النبوية ، نحو “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلقه” ) مع اليقين بأن الشفاء بيد الله عز وجل .

ونبهت إلى أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسان جانب الأوهام والظنون في الناس، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بإخوانه ويتهمهم بالحسد لمجرد مصادفة أحداث تقع قد لا يكون لها علاقة بمن نظن فيهم ذلك.

وأكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه لا يجوز إنكار العين والحسد، فإذا شك الإنسان أنه مسّته العين أو الحسد عليه أن يأتي بالأسباب كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم وهي بعمل الرقية الشرعية، ويجب أن يعتقد المسلم  أنه لم ولن يتمكن أي إنسان من إنسان آخر، بخير أو شر إلا بإذن الله؛ كما قال تعالى: « وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ».

وأوضح  أن علاج الحسد والعين في ثلاثة أيام يكون بكثرة ذكر الله والحفاظ على الأذكار الموظفة التي منها أذكار الصباح وأذكار المساء، والرقية الشرعية وقراءة القرآن الكريم، مشيرًا إلى اللجوء إلى الله والافتقار إليه، وقوله تعالى «واستعينوا بالصبر والصلاة». على المصاب والمحسود أن يأتي بالرقية الشرعية ويقرأها هو على نفسه، فلا يلجأ إلى شيخ أو خلافه حتى يقرأها عليه، وإنما يقرؤها هو على نفسه مرتين يومياً، المرة الأولى بعد صلاة الفجر وطلوع الشمس، والمرة الثانية بعد صلاة العصر وقبل غروب الشمس، مع اليقين في أن الشفاء بيد الله وحده.

 

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ى الله علیه علیه وسلم من القرآن م ا ف ی ال کیف أعرف ک ف ر وا ال أ ر ض م او ات ف ی الس

إقرأ أيضاً:

هل نيل مصر له أفضلية ليست لغيره من الأنهار؟.. "الإفتاء" توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية ردا على تساؤل ورد إليها حول هل ورد أن "نيل مصر" له أفضلية ليست لغيره من الأنهار؟

قائلة عبر فتوى تحمل رقم “7683”:- نيل مصر أفضل الأنهار في هذه الدنيا وأحد عجائبها؛ فقد ذكره الله تعالى في كتابه وجعله آية من آياته، ومزجه بالرحمة، وملأه بالبركة، وأودع فيه مِن المزايا ما جعله سيد الأنهار، وأعظمها على الإطلاق؛ وقد وردت الآثار والأخبار التي تُقرِّر وتُبيِّن ذلك.

مفهوم التفضيل في الشرع

جرت حكمة الله تعالى وإرادته أن يفاضل في خلقه بما يشاء وكيف يشاء؛ فمن البشر: فضَّل الأنبياء والرسل والأولياء على سائر خلقه، ومن البلاد: فضَّل مكة المكرمة والمدينة المنورة على سائر البلدان على ما ورد فيه التفاضل بينهما، ومِن الشهور: فضَّل شهر رمضان على ما عداه من الأشهر، ومِن حيث الليل فضَّل ليلة القدر على سائر الليالي، ومِن حيث النهار فضَّل وقفة عرفات على سائر الأيام، ومن الجبال: فضَّل جبل الطور بتجليه، وجبل أُحُد؛ لما جاء فيه مِن قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» متفقٌ عليه، ومِن الأنهار: فضَّل نهر النيل.

وهو نهرٌ تاريخي يتدفق في شمال شرق إفريقيا، استمدَّت منه أممٌ كثيرة حضاراتها ورقيَّها، ومنها الحضارة المصريَّة؛ حيث يُعدُّ المصدر الأكبر فيما لها مِن الثروات والرخاء؛ كما جاء في كتاب "نهر النيل" لمحمد عوض (ص: 3، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر).

 

أفضلية نهر النيل

وممَّا يُعلم به أفضلية نهر النيل على غيره من الأنهر أمور عديدة، منها:

- أنه النهر الذي تفرد بشرف الذِّكر في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها ما هو بالنص عليه والتصريح، ومنها ما هو بالإشارة والتلميح.

فأما ورود ذكره في القرآن الكريم تصريحًا: فقد ذُكر نهر النيل باسم "اليم" -وهو لفظ عبراني يقصد به نهر النيل- ست مرات في القرآن الكريم، لبيان فضله مِن أنه آية من آيات الله تعالى ينجي بها عباده الذين اصطفى؛ وذلك فيما ذُكر في قصة سيدنا موسى عليه السلام، حيث كان نهر النيل هو الوسيلة التي اتخذتها أمُّ موسى بوحي من الله تعالى لنجاة ابنها، حيث حمله النهر إلى قصر فرعون سالمًا محفوظًا؛ حيث قال الله تعالى: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ۝ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ [طه: 38-39]، وقال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [القصص: 7].

قال العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (9/ 75، ط. الدار التونسية): [أطلق (اليم) على نهر النيل في قوله تعالى: ﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ﴾، وقوله: ﴿فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ﴾] اهـ.

وأما وروده في القرآن الكريم إشارة وتلميحًا: فقد وردت الإشارة إلى أنَّ نهر النيل في مصر مما يُستدل به على قدرة الله تعالى المطلقة وإعجاز خلقه في كونه، حيث يحدث به ظاهرة فيزيائية عجيبة وهي التقاء مائه العَذْب بماء البحر المالح، دون أن يمتزجا، فيظل ماؤه عذبًا رغم سريانه بالماء المالح، ولا تفسير لذلك إلا إطلاق قدرة الله تعالى وخالقيته، وتقع هذه الظاهرة في مدينة "رأس البر" بمحافظة دمياط حيث يشق أحد أفرع نهر النيل البحر المتوسط في منطقة تسمى "اللسان" وفي مشهد مبدع مميز مصدق لقول الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: 53]، وقول الله تعالى: ﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النمل: 61]، وقول الله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ۝  بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: 19-20].

قال  الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (4/ 128، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقيل: المراد بالبحر العذب النهر العظيم مثل النيل، وبالبحر الملح البحر الكبير، وبالبرزخ ما يحول بينهما من الأرض فتكون القدرة في الفصل واختلاف الصفة مع أن مقتضى طبيعة أجزاء كل عنصر أن تضامت وتلاصقت وتشابهت في الكيفية] اهـ.

وقال العلامة النيسابوري في "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" (5/ 250، ط. دار الكتب العلمية): [لعل المراد من البحر العذب الأودية العظام؛ كالنيل والفرات وجيحون، ومن البحر الأجاج البحار المشهورة، والبرزخ بينهما الحائل من الأرض، ووجه الاستدلال على هذا الوجه أن يقال: العذوبة والملوحة إن كانتا بسبب طبيعة الأرض أو الماء فلا بد من الاستواء، وإلَّا فلا بد مِن قادر مختار يخص كلَّ واحدٍ مِن الماءين بصفة مخصوصة] اهـ.

وقال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (29/ 351، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾ أي: أرسل بعضهما في بعض وهما عند الإرسال بحيث يلتقيان أو من شأنهما الاختلاط والالتقاء ولكن الله تعالى منعهما عما في طبعهما] اهـ.

وقد وردت الإشارة إليه أنه من النعم التي تفضل الله تعالى بها على عباده من أهل مصرإلى الحد الذي يُعَدُّ معه خروجهم منها ومفارقتهم لنيلها من العقوبة التي يعاقبهم بها الله تعالى، وفي ذلك حثٌّ على دوام شكر الله تعالى وحمده على ما امتنَّ به على مصر من نعمة نهر النيل.

قال الشيخ أبو زهرة في "زهرة التفاسير" (10/ 5360، ط. دار الفكر العربي): [الجنات -هي مصدر ذاتها، فكأنها لعموم زرعها وثمارها، وأنها في وسط الصحاري من حولها شرقًا وغربًا، كأنها جنات في أعلاها وأدناها، وعيون، جمع عين، وهي الماء الثَّرُّ النابع من جوف الأرض، وفي ذلك إشارة إلى نيلها السعيد الذي يجري من أعلاها لأدناها، وقد كانت الآبار بين مصر وليبيا، تجري فيها عيون الماء، فتخصبها، وكانت الأرض بينها وبين تونس، وكانت تسمى إفريقيا، وكانت أرضها مملوءة في باطنها بالمعادن والفلزات، وكنوز من سبقوهم من الفراعنة] اهـ.

- وأنه النهر الذي تفرَّد بكثرة النصوص والآثار عن الصحابة والتابعين في ذكر أفضليته، ومن ذلك:

ما روي عن يزيد بن أبي حبيب، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأل كعب الأحبار: "هل تجد لهذا النيل في كتاب الله خبرا؟ قال: إي، والذي فلق البحر لموسى، إني لأجده في كتاب الله أن الله يوحي إليه في كلِّ عام مرتين يوحي إليه عند جريه: إن الله يأمرك أن تجري فيجري ما كتب الله له، ثم يوحي إليه بعد ذلك يا نيل غُرْ حميدا". ذكره العلامة ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" (ص: 177، ط. مكتبة الثقافة الدينية)، والعلامة الأصبهاني في "الطيوريات" (3/ 1098-1099، ط. مكتبة أضواء السلف)، والعلامة جمال الدين بن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" (1/ 33، ط. دار الكتب المصرية)، والإمام السيوطي في "حسن المحاضرة" (2/ 341-342، ط. الحلبي)، وذكره بلفظ: "يا نيل عُدْ حميدًا".

وما روي عن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما من أنه قال: "لمَّا خلق الله عزَّ وجلَّ آدم عليه السلام مثَّل له الدنيا؛ شرقها وغربها، وسهلها وجبلها، وأنهارها وبحارها، وبناءها وخرابها، ومن يسكنها من الأمم، ومن يملكها من الملوك، فلمَّا رأى مصر رآها أرضًا سهلة، ذاتَ نهر جارٍ؛ مادَّتُه من الجنة، تنحدر فيه البركة، وتمزجه الرحمة، ورأى جبلًا من جبالها مكسوًّا نورًا، لا يخلو من نظر الرب إليه بالرحمة، في سفحه أشجار مثمرة، فروعها في الجنة، تُسقَى بماء الرحمة، فدعا آدم في النيل بالبركة، ودعا في أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات، وقال: يا أيها الجبل المرحوم، سفحك جنة، وتربتك مسك، يدفن فيها غراس الجنة، أرض حافظة مطيعة رحيمة، لا خَلَتْكِ يا مصر بركة، ولا زال بك حفظ، ولا زال منك ملك وعز، يا أرض مصر فيك الخبايا والكنوز، ولك البر والثروة، سال نهرك عسلًا، كثَّر الله زرعك، ودر ضرعك، وزكى نباتك، وعظمت بركتك وخصبت، ولا زال فيك خير ما لم تتجبري وتتكبري أو تخوني، فإذا فعلت ذلك عراك شرٌّ، ثم يعود خيرك". فكان آدم عليه السلام أول من دعا لها بالرحمة والخصب والبركة والرأفة؛ ذكره العلامة المؤرخ ابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها" (ص: 9-10، ط. مكتبة الخانجي)، والعلامة الشهاب النويري في "نهاية الأرب" (1/ 347، ط. دار الكتب المصرية)، والعلامة المؤرخ المقريزي في "المواعظ والاعتبار" (1/ 50، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامة ابن ظهيرة في "الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة" (ص: 78، ط. دار الكتب -مصر)، والحافظ السيوطي في "حسن المحاضرة" (1/ 20)، والمؤرخ ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" (1/ 30).

وما روي عنه أيضًا رضي الله عنه أنه قال: "نيل مصر سيد الأنهار، وسخر الله له كل نهر من المشرق إلى المغرب، فإذا أراد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر الله كل نهر أن يمده فأمدته الأنهار بمائها، وفجر الله له الأرض عيونًا، فإذا انتهت جريته إلى ما أراد الله عزَّ وجلَّ أوحى الله إلى كلِّ ماءٍ أن يرجع إلى عنصره"؛ ذكره المؤرخ ابن تغري بردي في "النجوم الزاهرة" (1/ 34).

وهذه الأقوال وغيرُها -مما لا يسع المقام ذكره- تفيد بما لا مجال معه للشك أن الله تعالى قد اختص هذا البلد الأمين (مصر) بما لم يختص به غيرها مِن البلاد، كما أنه سبحانه وتعالى قد اختص نيلها (نهر النيل) بخصائص ومزايا ليست لغيره من الأنهار.

وممَّا يُعلَم به أفضلية نهر النيل بالإضافة إلى ما قد سبق ذكره: اختصاصه مع بعض الأنهار بكثير من الفضائل والمزايا كنهر الفرات، وكنهري سَيْحَانَ وَجَيْحَانَ؛ فقد جاء في "الصحيحين" عند ذكر قصة الإسراء والمعراج أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدث "أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، «مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ»؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ"، وجاء أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ: كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ» رواه مسلم، والمراد من قوله "يخرج من أصلها" أي: "من أصل سدرة المنتهى" كما قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (2/ 224).

فهذه الأنهار مشتركةٌ في أن الله تعالى جعلها مستمِدَّةً بركتها من الجنة؛ ممَّا يلزم منه حلول الخيرات والبركات والإيمان على بلادها، بل وعلى كل مَن يشرب أو يتغذَّى منها؛ قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (17/ 177، ط. دار إحياء التراث العربي): [فالنيل بمصر والفرات بالعراق وسيحان وجيحان -ويقال: سيحون وجيحون ببلاد خراسان..

وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضي عياض أحدهما: أن الإيمان عم بلادها، أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة، والثاني وهو الأصح: أنها على ظاهرها وأن لها مادة من الجنة] اهـ.

- وقد نص الأئمة والعلماء على أن هناك خصائص يمتاز بها نهر النيل عن غيره من الأنهار، وإن اشترك معه غيره في بعضها إلا أن خصائصه في المجمل أكثر وأعم منها جميعًا، ومن آحادها من باب أولى.

فمن الأنهار ما يشترك مع النيل في أنها أكبر الأنهار الموجودة في الدنيا كدجلة والفرات وغيرهما؛ جاء في "رحلة ابن بطوطة" (1/ 208، ط. أكاديمية المملكة المغربية) أنه قال: [والنيل أحد أنهار الدنيا الخمسة الكبار وهي: النيل، والفرات، ودجلة وسيحون وجيحون] اهـ.

ومنها ما يجري كما يجري نهر النيل كنهري: مكران بالسند ونهر الأريط؛ قال العلامة تقي الدين المقريزي في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" (1/ 120، ط. دار الكتب العلمية): [ونيل مصر: مخالف في جريه لغالب الأنهار، فإنه يجري من الجنوب إلى الشمال وغيره، ليس كذلك إلا نهران فإنهما يجريان كما يجري النيل، وهما نهر مكران بالسند ونهر الأريط، وهو الذي يعرف اليوم بنهر العاصي في حماه إحدى مدائن الشام] اهـ.

ومنها ما يشترك معه في كونه يَسْقِي بلا تعب ولا مئونة؛ كما قال الإمام ابن الجوزي في "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" (1/ 159، ط. دار الكتب).

وقد عَدَّدَ العلماءُ والمؤرخون مزايا نهر النيل التي فُضِّل بها عن غيره، فذكروا مجموعاتٍ من الصفات التي تفرَّد بها عن غيره كخفته ولطافته، وأنه أبعد الأنهار مسافةً مِن مجراه إلى أقصاه، وأنه يجري على صخور ورمال ليس فيه خَزٌّ ولا طُحْلُبٌ، وغير ذلك مما قرره العلماء وذكروه؛ مما دفع بعضهم -كما أشرنا سابقًا- إلى أن ينص على أن نهر النيل من سادات الأنهار وأشراف البحار.

قال الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/ 28، ط. دار إحياء التراث العربي): [أما النيل؛ وهو النهر الذي ليس في أنهار الدنيا له نظير في خفته ولطافته وبُعد مسراه فيما بين مبتداه إلى منتهاه.. قال ابن سينا: له خصوصيات دون مياه سائر الأرض؛ فمنها: أنه أبعدها مسافة من مجراه إلى أقصاه، ومنها: أنه يجري على صخور ورمال ليس فيه خَزٌّ ولا طُحْلُبٌ ولا أوحال، ومنها: أنه لا يَخْضَرُّ فيه حَجَرٌ ولا حصاة؛ وما ذاك إلا لصحة مِزَاجِه وحلاوته ولطافته، ومنها: أن زيادته في أيام نقصان سائر الأنهار، ونقصانه في أيام زيادتها وكثرتها] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (17/ 28، ط. دار إحياء التراث العربي): [نيل مصر وهو أول العيون يجري على بلاد الحبشة في قفار ومفاوز، وقال ابن الأثير: ليس في الدنيا نهر أطول منه؛ لأنه مسيرة شهرين في الإسلام وشهرين في النوبة وأربعة أشهر في الخراب] اهـ.

وقال العلامة تقي الدين المقريزي في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" (1/ 95، ط. دار الكتب العلمية): [روى ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: نيل مصر سيد الأنهار، سخَّر الله له كلِّ نهر بين المشرق والمغرب، فإذا أراد الله أن يجري نيل مصر أمَرَ كلَّ نهر أن يمده فتمده الأنهار بمائها، وفـجَّر الله له الأرض عيونًا؛ فأجرته إلى ما أراد الله، فإذا انتهت جريته أوحى إلى كلِّ ماءٍ أن يرجع إلى عنصره.. وقال المسعودي: نهر النيل من سادات الأنهار وأشراف البحار؛ لأنه يخرج من الجنة على ما ورد به خبر الشريعة، وقد قال: إن النيل إذا زاد غاضت له الأنهار والأعين والآبار، وإذا غاض زادت، فزيادته من غيضها وغيضه من زيادتها، وليس في أنهار الدنيا نهر يسمى بحرًا غير نيل مصر لكبره واستبحاره] اهـ.

وقد نصَّ العلماء على أن النيل من عجائب هذه الدنيا، وأنه مشتملٌ أيضًا على بعض العجائب؛ قال الإمام شهاب الدين النويري في "نهاية الأرب في فنون الأدب" (8/ 246، ط. دار الكتب والوثائق القومية المصرية): [ونيل مصر هو من أعاجيب الدنيا، وقد روي عن ذي القرنين أنه كتب كتابا عمّا شاهده من عجائب الوجود فذكر فيه كلَّ عجيبة، ثم قال في آخره: وذلك ليس بعجب، ولكنّ العجب نيل مصر] اهـ.

وقال الإمام ابن الفقيه الهمداني في "البلدان" (ص: 120، ط. عالم الكتب): [وأهل مصر يعدون النيل مِن أحد عجائبهم وذلك أنه مخالف لجميع الأودية التي عليها ضبع العالم، وكلّ سرب ومغيض فإنّما استقباله من ناحية الشمال وليس النيل كذلك لأن مجراه من ناحية الجنوب.. وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «تغور المياه كلِّها وترجع إلى أماكنها، إلَّا نهر الأردن ونيل مصر والحجرات وعرفات ومنى»، وقال ابن الكلبيّ: إذا طلع العَيُّوق غارت المياه كلها ونقصت إلَّا نيل مصر] اهـ.

وجاء في "رحلة ابن بطوطة" (1/ 208) أنه قال: [ومجرى النيل من الجنوب إلى الشمال خلافا لجميع الأنهار. ومن عجائبه أن ابتداء زيادته في شدة الحر عند نقص الأنهار وجفوفها، وابتداء نقصه حين زيادة الأنهر وفيضها، ونهر السند مثله في ذلك] اهـ.

وكانت تلك المزايا والخصائص التي تفرد بها نهر النيل بفضل الله تعالى على مصرَ وأهلِها سببًا في أن يكون ماء نيل مصر أفضل المياه على الإطلاق كما نص على ذلك جمعٌ من علماء الأمة؛ قال الإمام الطحطاوي الحنفي في "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" (ص 21، ط. دار الكتب العلمية): ["ونيل مصر": هو أفضل المياه بعد الكوثر، ويليه بقية الأنهر] اهـ.

وقال الإمام الدمياطي الشافعي في "إعانة الطالبين" (2/ 385، ط. دار الفكر): [والحاصل: أفضل المياه على الإطلاق: ما نبع مِن بين أصابعه الشريفة، ثم ماء زمزم، ثم ماء الكوثر، ثم نيل مصر، ثم باقي الأنهر؛ كسيحون، وجيحون، والدجلة، والفرات، وقد نظم ذلك التاج السبكي فقال:

وأفضل المياهِ ماءٌ قد نَبَعْ *** من بين أصابِعِ النبيِّ المُتَّبَعْ

يَليهِ ماءُ زمزمَ فَالكوثر *** فنيلُ مصرَ، ثم باقي الأنْهُرْ] اهـ.

الخلاصة

وخلاصة ذلك كله: أنَّ نيل مصر أفضل الأنهار في هذه الدنيا وأحد عجائبها؛ فقد ذكره الله تعالى في كتابه وجعله آية من آياته، ومزجه بالرحمة، وملأه بالبركة، وأودع فيه مِن المزايا ما جعله سيد الأنهار، وأعظمها على الإطلاق؛ وقد وردت الآثار والأخبار التي تقرر وتبيّن ذلك؛ كما سبق بيانه.

مقالات مشابهة

  • يؤدي للمرض والموت.. عالم أزهري: السحر من أشد أنواع الأذى الموجود في القرآن
  • 5 طرق لعلاج الفتور في العبادة
  • أسوة حسنة.. 5 مظاهر لأخلاق النبي عليك التحلي بها
  • السحر فى واقعنا المعاصر
  • هل يجوز الجمع بين الصلوات لعذر؟.. الإفتاء تُجيب
  • أدعية تعالج السحر والحسد.. احرص عليها (فيديو)
  • أفضل مشروب على الريق
  • مجلس شباب الثورة: نرفض انقلاب الحوثي العنصري وأي جهود لإضفاء الشرعية عليه
  • هل نيل مصر له أفضلية ليست لغيره من الأنهار؟.. "الإفتاء" توضح
  • تأملات قرآنية