12 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث: تُعتبر مدينة الصدر، قلب العاصمة العراقية، النابض، حيث تضم هذه الضاحية الشرقية للمدينة 79 تجمعاً سكنياً يُطلق عليه محلياً اسم “القطاع”.
وعلى الرغم من تغير أسمائها مع تعاقب الأنظمة السياسية في البلاد، إلا أنها ظلت دائماً مركزاً للثورة والتعبير العفوي عن إرادة الشعب العراقي.
وتخشى الأنظمة السياسية المتعاقبة في العراق دوماً من مدينة الصدر، بسبب ثوريتها وعفوية أهلها في التعبير عن الإرادة الشعبية. فغالبية سكانها من العرب الشيعة، الذين يكنون الولاء المطلق للزعيم الروحي للتيار الصدري، مقتدى الصدر.
لم تنجح الأحزاب الشيعية الحالية في ترويض هذه المدينة لصالحها، حيث يُعتبر كسب جماهيرها أمراً صعب المنال لأي حزب سياسي يريد النجاح.
وفشلت حتى الفصائل الشيعية في الحصول على موطئ قدم في المدينة، التي تُمثل المورد الأساسي للأيدي العاملة والمحور الرئيسي في أي تظاهرات شعبية.
تعتير مدينة الصدر قطعة من جنوب العراق، متمسكة بالعادات والتقاليد العشائرية، حيث يبقى أبناؤها مسلحين ومستعدين على الدوام للانتفاضة والتظاهر. وبالتالي، فهي بمثابة قنبلة موقوتة قادرة على إسقاط النظام السياسي في أي لحظة، خصوصاً مع وجود مقرات للفصائل والأحزاب الأخرى غير الفاعلة، والتي يمكن مهاجمتها في أي وقت.
و تعاني مدينة الصدر من مستويات عالية من الفقر ونقص في فرص العمل. والبطالة تؤثر سلبًا على جودة حياة السكان وتزيد من التوتر الاجتماعي.
وتفتقر المدينة إلى بنية تحتية قوية، مما يؤثر على الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء. الطرق والمرافق العامة تحتاج إلى تحسين.
وتشهد مدينة الصدر أحيانًا أعمال عنف وتوترات أمنية فيما الصراعات السياسية تؤثر على استقرار المدينة.
و شهدت مدينة الصدر مشاركة شبابها في تظاهرات العام ٢٠١٩، ثم تظاهرات المنطقة الخضراء التي اقتحمتها الجماهير الصدرية المطالبة بالإصلاح وتحسين الظروف المعيشية ومكافحة الفساد .
وتحتضن مدينة الصدر نجومًا رياضيين وشعراءً ومثقفين.
للمدينة التي يسكنها حالياً أكثر من ثلاثة ملايين نسمة أكثر من اسم، بداية باسم “الثورة” إبان تأسيسها على يد الضابط عبد الكريم قاسم، حاكم العراق بعد قتل الأسرة الهاشمية في واقعة “مجزرة قصر الرحاب” في 14 يوليو/ تموز عام 1958. ثم يأتي اسم “الرافدين”، في عهد الرئيس عبد السلام عارف (1963-1966)، ليعود اسمها إلى “مدينة الثورة” في عهد الرئيس أحمد حسن البكر (1968-1979)، حتى وصول صدام حسين إلى الحكم عام 1979، إذ تغيّر اسمها إلى “مدينة صدام”، مع بقاء انتماء أهلها إلى الاسم الأول. ثم تبدل اسم المدينة رسمياً إلى مدينة الصدر بعد الاحتلال الأميركي (2003).
تحليل
مدينة الصدر: قنبلة موقوتة
يتميز سكان مدينة الصدر بروحهم الثورية وعفويتهم في التعبير عن إرادتهم الشعبية. فهم لا يترددون في الانتفاضة والتظاهر ضد أي نظام يفشل في تلبية مطالبهم ومصالحهم. وقد شهدت المدينة العديد من الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة على مر السنين، مما يجعلها بؤرة دائمة للتوتر والاضطرابات.
ويكن غالبية سكان مدينة الصدر الولاء المطلق للزعيم الروحي للتيار الصدري، مقتدى الصدر. وهذا الولاء يجعلهم يستجيبون لنداءاته ويتبعون توجيهاته بشكل كامل، مما يعزز قوته وتأثيره على الساحة السياسية العراقية.
وتظل مدينة الصدر متمسكة بشكل وثيق بالعادات والتقاليد العشائرية، خاصة تلك المرتبطة بحمل السلاح والدفاع عن الكرامة. وهذا يعني أن سكانها مسلحون ومستعدون للانتفاضة في أي لحظة، إذا شعروا بتهديد لمصالحهم أو كرامتهم.
ولم تنجح الأحزاب والفصائل الشيعية الماسكة للسلطة في ترويض مدينة الصدر لصالحها، حيث يبقى كسب جماهيرها أمراً صعب المنال لأي حزب سياسي يريد النجاح في العراق.
في ضوء هذه العوامل، تبقى مدينة الصدر تمثل تحدياً كبيراً لأي نظام سياسي في العراق. فهي بمثابة قنبلة موقوتة قادرة على إسقاط الاستقرار في أي لحظة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: قنبلة موقوتة مدینة الصدر
إقرأ أيضاً:
مفاوضات بلا نتائج: تسوية الخلافات الحدودية بين العراق والكويت تتعثر
28 يناير، 2025
بغداد/المسلة: عادت قضية الحدود البحرية والبرية بين العراق والكويت إلى واجهة الأحداث بعد سلسلة من التصريحات والتحركات المحلية والدولية التي تعكس حالة التوتر حول اتفاقية “خور عبدالله”.
و يمثل الملف الذي يمتد لعقود بات تحدياً سيادياً وسياسياً لكلا البلدين، وسط مطالبات عراقية متزايدة بإعادة النظر في بنود الاتفاقية التي يرون أنها تنتقص من حقوق العراق السيادية.
و أثارت الاتفاقية، التي أُبرمت عام 2013 لتنظيم الملاحة البحرية بين البلدين، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية العراقية.
وفقاً لوجهات نظر عديدة داخل العراق، حدّت هذه الاتفاقية من حركته الاستراتيجية في الممرات البحرية وأضرت بمصالحه الوطنية.
وأعطى قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق بعدم دستورية التصديق على الاتفاقية زخماً إضافياً لمعارضيها الذين يرون أنها تحتاج إلى مراجعة شاملة تضمن تحقيق العدالة بين الطرفين.
و انعكست المواقف الشعبية في البصرة، التي تعد البوابة الجنوبية للعراق، في دعوات وجهاء العشائر ونواب المحافظة إلى تشكيل لجان قانونية ودبلوماسية تعيد دراسة الاتفاقية وتنقيحها بما يتناسب مع المصالح العراقية.
و حملت هذه الدعوات أيضاً نبرة تحذيرية تجاه ما وُصف بـ”التوسع الكويتي”، مع تأكيد على ضرورة حماية السيادة العراقية وإيقاف أي تجاوزات محتملة.
و في ظل تصاعد التوتر، برزت دعوات لتدويل القضية. يرى أصحاب هذا الرأي أن التواصل مع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية قد يكون وسيلة فعّالة لكسب الدعم القانوني والسياسي.
وتستند هذه الدعوات إلى وثائق تاريخية وخرائط تثبت حقوق العراق في المنطقة، مع مطالبات بتقديم شكاوى للأمم المتحدة والمنظمات البحرية المختصة لضمان الوصول إلى حلول تعكس التوازن بين الطرفين.
الخلافات الحدودية بين العراق والكويت ليست وليدة اللحظة، بل تمتد لنحو 200 عام، وشهدت تطورات عديدة أبرزها قرار مجلس الأمن رقم 833 لعام 1993 الذي رسّم الحدود البرية بين البلدين. ورغم المحاولات المستمرة لتسوية الخلافات، فإن الحدود البحرية لا تزال عالقة دون حسم.
في هذا السياق، يُثار تساؤل حول مدى جدوى استمرار الحوار بين الطرفين دون وجود إرادة سياسية قوية تحسم الملفات العالقة، خصوصاً في ظل تشكيك البعض في العراق بمصداقية المفاوضات.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts