الجرائم الإلكترونية كظاهرة عالمية
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
من المعروف أنه كلما ازداد استخدام الإنترنت في الحياة الشخصية أو المهنية ازدادت مخاطر سقوطنا كضحايا لجرائم الإنترنت. تعاني الدول والمجتمعات والأفراد اليوم من انتهاك صارخ لحقوقهم وخصوصياتهم الإلكترونية، وذلك في ظل الانتشار المتسارع والجنوني للجريمة الإلكترونية، التي ازدادت بالتزامن مع التطورات الحاصلة على التقنيات والتكنولوجيا الرقمية وأدوات الفضاء السيبراني إذ يسّرت وسهّلت سبل التواصل وانتقال المعلومات بين مختلف الشعوب والحضارات في مجال مفتوح تجري فيه كل حركة المعاملات عبر مسالك الاتصالات المتنوعة.
وأضحى الفضاء السيبراني بيئة المجتمع الحديث ينتج مثلما ينتج الواقع المادي أنواعا جديدة من الجرائم تسمى الجرائم الإلكترونية مثل القرصنة، والاحتيال، والتخريب، والتعامل في معلومات العدالة والأمن والنظم البنكية والدخول إلى أنظمة الحاسوب وقواعد المعلومات وسرقتها والعبث بها وليس انتهاءً بانتهاك حقوق التأليف، ونشر الصور الإباحية والاستغلال الجنسي، والتجارة غير القانونية (كتجارة المخدرات) والتعرض لخصوصية الآخرين عندما يتم استخدام معلومات سرية بشكل غير قانوني. ولا تقتصر الجرائم الإلكترونية على أفراد أو مجموعات، وإنما قد تمتد إلى مستوى الدول لتشمل التجسس الإلكتروني.
تحاول الحكومات والمنظمات الدولية مكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال إنشاء تشريعات وقوانين تحد من انتشارها وتعاقب المرتكبين
ويجد الكثير من مستخدمي الفضاء السيبراني أنفسهم ضحايا للجرائم الإلكترونية التي تهاجم مواردهم المالية، إنها مشكلة واسعة النطاق أثرت على حياة لا حصر لها. ولا يزال اعتمادنا على الإنترنت وشبكة الويب العالمية يجعلنا أكثر عرضة لتهديدات القراصنة الذين ينشطون في عوالم الإنترنت المظلم وضحايا الجرائم الإلكترونية التي قد تتضمَّن تبادل معلومات وبيانات حساسة وسرية تمت سرقتها، أو بيانات مالية وأرقام بطاقات الائتمان والبطاقات الشخصية.
ويُستخدم الإنترنت المظلم كسوق سوداء من خلال بيع البضائع المسروقة، أو تجارة المخدرات وتجارة البشر. ويمكن أن يتطور الأمر إلى جرائم أكثر خطورة مثل الإرهاب الإلكتروني.
يُستخدم الإنترنت المظلم كسوق سوداء من خلال بيع البضائع المسروقة، أو تجارة المخدرات وتجارة البشر (شترستوك)واليوم، ونظراً للتحولات الرقمية الكبيرة والمتسارعة التي تشهدها المعمورة، ظهرت عصابات عابرة للقارات يمكن أن تخترق حسابات مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية عن بعد لتستخدمها في عمليات الشراء أو لأغراض أخرى، لتغدو الجريمة السيبرانية خطراً أكبر الآن من أي وقت مضى.
إن أنشطة الجرائم السيبرانية والمعلوماتية يمكن أن يقوم بها أفراد أو مجموعات صغيرة ذات مهارة تقنية محدودة نسبياً، أو من قبل الجماعات الإجرامية العالمية عالية التنظيم التي قد تشمل مطورين مهرة وآخرين من ذوي الخبرة ذات الصلة. وقد تسبب هذه الأنشطة الكثير من الخسائر سواء الخسائر المالية أو سرقة معلومات حساسة، وقد يصل أثر هذا النوع من الأنشطة إلى التأثير بشكل مباشر على الأمن القومي للدولة.
رقمياً، وحسب برنامج مشاريع الأمن السيبراني، من المتوقع أن تكلف جرائم الإنترنت العالم 8 تريليونات دولار في العالم. إذا تم قياس الجريمة الإلكترونية كدولة، فستكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. بينما تتوقع العديد من التقارير الدولية أن تزداد تكاليف الأضرار الناجمة عن الجرائم الإلكترونية على مستوى العالم بنسبة 15% سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة، لتصل إلى 10.5 تريليونات دولار سنويًا بحلول عام 2025، ارتفاعًا من 3 تريليونات عام 2015.
ويقدم التقرير الرسمي للجرائم الإلكترونية لعام 2022 حقائق وأرقام وتنبؤات وإحصاءات اقتصادية إلكترونية تنقل حجم التهديد السيبراني الذي نواجهه وبيانات السوق للمساعدة في فهم ما يمكن فعله حيال ذلك. كما يقدم التقرير تفصيلاً لتكاليف أضرار الجرائم الإلكترونية المتوقعة عام 2023، فمثلاً تكلف الجريمة حوالي 8 تريليونات دولار في السنة، و667 مليار دولار في الشهر، 154 مليار دولار في الأسبوع، 21.9 مليار دولار في اليوم، حوالي 913 مليون دولار في الساعة، 15.2 مليون دولار في الدقيقة، و255 ألف دولار في الثانية.
تكلف الجريمة الإلكترونية حوالي 8 تريليونات دولار في السنة (شترستوك)وتحاول الحكومات والمنظمات الدولية مكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال إنشاء تشريعات وقوانين تحد من انتشارها وتعاقب مرتكبيها. كما تهتم بتعزيز الوعي الرقمي للجمهور وتعزيز مهارات الأمان الإلكتروني لتقليل التعرض للهجمات الإلكترونية.
وهنا أشير إلى مسألة في غاية الأهمية في ظل توجه كثير من الحكومات إلى تقنين وحوكمة هذا المجال، وهي تقنين الجرائم الإلكترونية التي تتطلب توازناً حساساً بين حماية المجتمع وحرية التعبير.
وإليكم بعض النقاط الرئيسية التي ينبغي مراعاتها لضمان تقنين الجرائم الإلكترونية دون المساس بحرية التعبير:
تعريف واضح للجرائم، أي أن يكون التشريع واضحاً ومحدداً بشكل جيد بشأن أنواع الأنشطة الإلكترونية التي تُعتبر جرائم، مع تحديد المعايير والمعاقبات بشكل محدد وليس فضفاضا يحتمل أكثر من تفسير. ضمان الشفافية، وأن تكون الإجراءات القانونية المتعلقة بهذا النوع من الجرائم واضحة ومتاحة للجمهور، وذلك لتجنب التأويل الخاطئ واستخدام القوانين بشكل تعسفي. احترام حقوق الدفاع، وأن يحصل المتهم بجريمة إلكترونية على فرصة عادلة للدفاع عن نفسه وممارسة حقوقه القانونية. تحديد الغرض والنية، مع تجنب تقنين أنشطة تعتبر تعبيراً شرعياً أو نقداً بناء. وتحتاج مكافحة الجرائم الإلكترونية إلى تعاون دولي فعال، حيث يجب أن تتم مراعاة تبادل المعلومات بين الدول بشأن الجرائم الإلكترونية المحتملة. مراقبة واحترام النفاذ القضائي بحيث تتم مراقبة استخدام الصلاحيات القانونية للتحقيق ومتابعة الجرائم الإلكترونية بشكل منتظم وفقاً للإجراءات القانونية المناسبة. وتبقى مسألة التوعية والتثقيف لعموم المستخدمين بأنواع الجرائم الإلكترونية وكيفية الحماية أولوية لتعزيز الوعي الرقمي والسلوك الآمن عبر الإنترنت.صحيح أن مسألة التهديد والابتزاز والتلاعب بالبيانات من دون تصريح، وكذلك انتحال الشخصية والذم والقدح والتحقير، ونشر الإشاعات وتشويه السمعة واغتيال الشخصية، تعتبر في بعض القوانين "جرائم إلكترونية"، لكن في ظل سرعة نمو العالم الرقمي واستخداماته في مجالات كثيرة ومتعددة وازدياد الاعتماد على الشبكة العنكبوتية والفضاء السيبراني بشكل كبير والتوجه العالمي نحو مستقبل رقمي، أو ما يعرف بـ"المواطن الرقمي" فإن مسألة احترام النقاط السبع المذكورة آنفا والتركيز على تحقيق التوازن بين الأمان الإلكتروني وحرية التعبير بعيداً عن الحجب والملاحقة والرقابة، تعد أهم في تقنين الجرائم الإلكترونية بشكل فعال وعادل.
التركيز على تحقيق التوازن بين الأمان الإلكتروني وحرية التعبير مهمة في تقنين الجرائم الإلكترونية بشكل فعال وعادل (شترستوك) aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإلکترونیة التی دولار فی من خلال
إقرأ أيضاً:
FDC Summit تطلق المؤشر الافريقي الأول للأمن السيبراني
أعلنت اللجنة المنظمة لفعاليات FDC Summit القمة الإقليمية للصناعة الرقمية خلال فعاليات المؤتمر الصحفي للإعلان عن إطلاق الاسم الجديد للقمة Future of Digital Countries، عن ملامح رؤيتها المستقبلية لفعاليات الدورة السابعة التي تنعقد تحت شعار المنصة الإقليمية للصناعة الرقمية، في الفترة من 28-30 ابريل 2025، حيث سيكون الافتتاح الرسمي في مركز المنارة للمؤتمرات الدولية وفعاليات المعرض والمؤتمر في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية.
وقعت اللجنة المنظمة لفعاليات FDC Summit ويمثلها المهندس طارق شبكة اتفاقية تعاون مشتركة مع شركة سينرجيز للدراسات الدولية والإستراتيجية ويمثلها المهندس خالد السيد، بهدف العمل على تحديد ملامح الإستراتيجية المستقبلية لتنمية وتطوير القمة خلال الدورات المقبلة ، وتحديد خارطة الطريق للتوسع الإقليمي والأفريقي والعالمي.
صرح المهندس طارق شبكة رئيس اللجنة المنظمة لفعاليات FDC Summit: "ندرك تماماً أهمية صناعة المعارض والمؤتمرات المتخصصة في مصر ودورها البناء في تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهو ما ينعكس على دورنا البناء في تنمية وتطوير منصة إقليمية للصناعة الرقمية من خلال التكامل المطلوب مع كافة أطراف المنظومة للدفع بقاطرة التنمية للصناعة وترسيخ مكانة مصر الإقليمية على خريطة المعارض والمؤتمرات الدولية، خصوصًا وأن منصة FDC Summit تعتبر واحدة من أبرز الفعاليات التي تساهم في تصدير صورة إيجابية لجذب الاستثمارات العالمية للسوق المصري وجذب الأنظار الدولية للميزات التنافسية للخبرات البشرية والمجهودات المحلية في الثورة الرقمية".
أضاف: "أن فعاليات الدورة السابعة من قمة FDC Summit تشهد مشاركة متميزة من عدد من الشركاء الإستراتيجيين المحليين والدوليين، وهو ما سيظهر واضحاً خلال الدورة المقبلة متمثلاً في العديد من المشاركات الدولية وحضور العديد من قيادات صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومتخذي القرار والشركات والمبتكرين والمستثمرين ورواد الأعمال".
أعلنت الدكتورة عبير شقوير مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP عن نتائج المشاركة في الدورة الماضية من فعاليات FDC Summit والتي تمثلت في إطلاق مشروع المعلومات المغلوطة والمضللة، حيث تم الربط بين توصيات الجلسة النقاشية رفيعة المستوى وإطلاق برنامج تدريبي للفئات المستهدفة ومنهم الشباب والإعلاميين، وقد تضمن البرنامج إعداد المادة التدريبية باللغتين العربية والإنجليزية، وتأهيل 25 محاضر و100 من الشباب و50 من الإعلاميين للمساهمة في تنفيذ البرنامج ونشر الوعي المطلوب، مشيرة إلى أن الدورة المقبلة ستشهد مزيداً من التعاون في هذا الشأن وتطوير البرنامج وزيادة معدل المستفيدين منه".
استعرض المهندس أحمد عبد اللطيف عضو المجلس الاستشاري لـFDC Summit أبرز مميزات الدورة المقبلة قائلاً: "قمة FDC Summit ستركز خلال دورتها السابعة على استضافة نماذج الأعمال الناجحة في مختلف المجالات الرقمية الدولية، مع التركيز على الممارسات الأفضل لتبادل الخبرات وبحث فرص التعاون المشتركة على الصعيد الإقليمي لتعزيز القيمة المضافة من الحدث وتعظيم دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية بما يتماشى مع المجهودات الحكومية وتطلعات القطاع الخاص".
قمة FDC Summit في دورتها السابعة ستنطلق كحدث متكامل لصناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث ستضمن العديد من الموضوعات البارزة منها التحول الرقمي والبنية التحتية وصناعة مراكز البيانات والتقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع الافتراضي، بالإضافة إلى مستجدات صناعة الأمن السيبراني، كما ستستضيف العديد من الفعاليات المختلفة منهاFDC Roundtables المعنية ببحث متطلبات القطاعات المختلفة من منظومة التحول الرقمي، وFDC Research Forum المنتدى الأول للبحث والتطوير ، بالإضافة إلى فعاليات FDC Stars والتي تتضمن تنظيم أول Investors Lounge للمستثمرين العرب والأفارقة، وإطلاق أول مؤشر للأمن السيبراني في مصر وأفريقيا.