الجزيرة:
2025-03-16@00:26:34 GMT

الجرائم الإلكترونية كظاهرة عالمية

تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT

الجرائم الإلكترونية كظاهرة عالمية

من المعروف أنه كلما ازداد استخدام الإنترنت في الحياة الشخصية أو المهنية ازدادت مخاطر سقوطنا كضحايا لجرائم الإنترنت. تعاني الدول والمجتمعات والأفراد اليوم من انتهاك صارخ لحقوقهم وخصوصياتهم الإلكترونية، وذلك في ظل الانتشار المتسارع والجنوني للجريمة الإلكترونية، التي ازدادت بالتزامن مع التطورات الحاصلة على التقنيات والتكنولوجيا الرقمية وأدوات الفضاء السيبراني إذ يسّرت وسهّلت سبل التواصل وانتقال المعلومات بين مختلف الشعوب والحضارات في مجال مفتوح تجري فيه كل حركة المعاملات عبر مسالك الاتصالات المتنوعة.

وأضحى الفضاء السيبراني بيئة المجتمع الحديث ينتج مثلما ينتج الواقع المادي أنواعا جديدة من الجرائم تسمى الجرائم الإلكترونية مثل القرصنة، والاحتيال، والتخريب، والتعامل في معلومات العدالة والأمن والنظم البنكية والدخول إلى أنظمة الحاسوب وقواعد المعلومات وسرقتها والعبث بها وليس انتهاءً بانتهاك حقوق التأليف، ونشر الصور الإباحية والاستغلال الجنسي، والتجارة غير القانونية (كتجارة المخدرات) والتعرض لخصوصية الآخرين عندما يتم استخدام معلومات سرية بشكل غير قانوني. ولا تقتصر الجرائم الإلكترونية على أفراد أو مجموعات، وإنما قد تمتد إلى مستوى الدول لتشمل التجسس الإلكتروني.

تحاول الحكومات والمنظمات الدولية مكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال إنشاء تشريعات وقوانين تحد من انتشارها وتعاقب المرتكبين

ويجد الكثير من مستخدمي الفضاء السيبراني أنفسهم ضحايا للجرائم الإلكترونية التي تهاجم مواردهم المالية، إنها مشكلة واسعة النطاق أثرت على حياة لا حصر لها. ولا يزال اعتمادنا على الإنترنت وشبكة الويب العالمية يجعلنا أكثر عرضة لتهديدات القراصنة الذين ينشطون في عوالم الإنترنت المظلم وضحايا الجرائم الإلكترونية التي قد تتضمَّن تبادل معلومات وبيانات حساسة وسرية تمت سرقتها، أو بيانات مالية وأرقام بطاقات الائتمان والبطاقات الشخصية.

ويُستخدم الإنترنت المظلم كسوق سوداء من خلال بيع البضائع المسروقة، أو تجارة المخدرات وتجارة البشر. ويمكن أن يتطور الأمر إلى جرائم أكثر خطورة مثل الإرهاب الإلكتروني.

يُستخدم الإنترنت المظلم كسوق سوداء من خلال بيع البضائع المسروقة، أو تجارة المخدرات وتجارة البشر (شترستوك)

واليوم، ونظراً للتحولات الرقمية الكبيرة والمتسارعة التي تشهدها المعمورة، ظهرت عصابات عابرة للقارات يمكن أن تخترق حسابات مستخدمي الإنترنت والهواتف الذكية عن بعد لتستخدمها في عمليات الشراء أو لأغراض أخرى، لتغدو الجريمة السيبرانية خطراً أكبر الآن من أي وقت مضى.

إن أنشطة الجرائم السيبرانية والمعلوماتية يمكن أن يقوم بها أفراد أو مجموعات صغيرة ذات مهارة تقنية محدودة نسبياً، أو من قبل الجماعات الإجرامية العالمية عالية التنظيم التي قد تشمل مطورين مهرة وآخرين من ذوي الخبرة ذات الصلة. وقد تسبب هذه الأنشطة الكثير من الخسائر سواء الخسائر المالية أو سرقة معلومات حساسة، وقد يصل أثر هذا النوع من الأنشطة إلى التأثير بشكل مباشر على الأمن القومي للدولة.

رقمياً، وحسب برنامج مشاريع الأمن السيبراني، من المتوقع أن تكلف جرائم الإنترنت العالم 8 تريليونات دولار في العالم. إذا تم قياس الجريمة الإلكترونية كدولة، فستكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين. بينما تتوقع العديد من التقارير الدولية أن تزداد تكاليف الأضرار الناجمة عن الجرائم الإلكترونية على مستوى العالم بنسبة 15% سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة، لتصل إلى 10.5 تريليونات دولار سنويًا بحلول عام 2025، ارتفاعًا من 3 تريليونات عام 2015.

ويقدم التقرير الرسمي للجرائم الإلكترونية لعام 2022 حقائق وأرقام وتنبؤات وإحصاءات اقتصادية إلكترونية تنقل حجم التهديد السيبراني الذي نواجهه وبيانات السوق للمساعدة في فهم ما يمكن فعله حيال ذلك. كما يقدم التقرير تفصيلاً لتكاليف أضرار الجرائم الإلكترونية المتوقعة عام 2023، فمثلاً تكلف الجريمة حوالي 8 تريليونات دولار في السنة، و667 مليار دولار في الشهر، 154 مليار دولار في الأسبوع، 21.9 مليار دولار في اليوم، حوالي 913 مليون دولار في الساعة، 15.2 مليون دولار في الدقيقة، و255 ألف دولار في الثانية.

تكلف الجريمة الإلكترونية حوالي 8 تريليونات دولار في السنة (شترستوك)

وتحاول الحكومات والمنظمات الدولية مكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال إنشاء تشريعات وقوانين تحد من انتشارها وتعاقب مرتكبيها. كما تهتم بتعزيز الوعي الرقمي للجمهور وتعزيز مهارات الأمان الإلكتروني لتقليل التعرض للهجمات الإلكترونية.

وهنا أشير إلى مسألة في غاية الأهمية في ظل توجه كثير من الحكومات إلى تقنين وحوكمة هذا المجال، وهي تقنين الجرائم الإلكترونية التي تتطلب توازناً حساساً بين حماية المجتمع وحرية التعبير.

وإليكم بعض النقاط الرئيسية التي ينبغي مراعاتها لضمان تقنين الجرائم الإلكترونية دون المساس بحرية التعبير:

تعريف واضح للجرائم، أي أن يكون التشريع واضحاً ومحدداً بشكل جيد بشأن أنواع الأنشطة الإلكترونية التي تُعتبر جرائم، مع تحديد المعايير والمعاقبات بشكل محدد وليس فضفاضا يحتمل أكثر من تفسير. ضمان الشفافية، وأن تكون الإجراءات القانونية المتعلقة بهذا النوع من الجرائم واضحة ومتاحة للجمهور، وذلك لتجنب التأويل الخاطئ واستخدام القوانين بشكل تعسفي. احترام حقوق الدفاع، وأن يحصل المتهم بجريمة إلكترونية على فرصة عادلة للدفاع عن نفسه وممارسة حقوقه القانونية. تحديد الغرض والنية، مع تجنب تقنين أنشطة تعتبر تعبيراً شرعياً أو نقداً بناء. وتحتاج مكافحة الجرائم الإلكترونية إلى تعاون دولي فعال، حيث يجب أن تتم مراعاة تبادل المعلومات بين الدول بشأن الجرائم الإلكترونية المحتملة. مراقبة واحترام النفاذ القضائي بحيث تتم مراقبة استخدام الصلاحيات القانونية للتحقيق ومتابعة الجرائم الإلكترونية بشكل منتظم وفقاً للإجراءات القانونية المناسبة. وتبقى مسألة التوعية والتثقيف لعموم المستخدمين بأنواع الجرائم الإلكترونية وكيفية الحماية أولوية لتعزيز الوعي الرقمي والسلوك الآمن عبر الإنترنت.

صحيح أن مسألة التهديد والابتزاز والتلاعب بالبيانات من دون تصريح، وكذلك انتحال الشخصية والذم والقدح والتحقير، ونشر الإشاعات وتشويه السمعة واغتيال الشخصية، تعتبر في بعض القوانين "جرائم إلكترونية"، لكن في ظل سرعة نمو العالم الرقمي واستخداماته في مجالات كثيرة ومتعددة وازدياد الاعتماد على الشبكة العنكبوتية والفضاء السيبراني بشكل كبير والتوجه العالمي نحو مستقبل رقمي، أو ما يعرف بـ"المواطن الرقمي" فإن مسألة احترام النقاط السبع المذكورة آنفا والتركيز على تحقيق التوازن بين الأمان الإلكتروني وحرية التعبير بعيداً عن الحجب والملاحقة والرقابة، تعد أهم في تقنين الجرائم الإلكترونية بشكل فعال وعادل.

التركيز على تحقيق التوازن بين الأمان الإلكتروني وحرية التعبير مهمة في تقنين الجرائم الإلكترونية بشكل فعال وعادل (شترستوك)

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإلکترونیة التی دولار فی من خلال

إقرأ أيضاً:

الغش في البيع عبر الإنترنت.. تجارة الأوهام

 

في زحمة التطور التكنولوجي وانتشار التجارة الإلكترونية، وجد الكثيرون في التسوق عبر الإنترنت ملاذًا سهلاً للحصول على المنتجات دون عناء التنقل. لكن خلف هذه الشاشة البراقة، يكمن عالم آخر يملؤه الغش والخداع، حيث استغل بعض التجار عديمي الضمير هذه المنصة لخداع الزبائن، وبيع منتجات رديئة لا تمتّ للإعلانات المعروضة بصلة.

الثورة / عبد الواحد البحري

إعلانات ساحرة ومنتجات هزيلة

يتصفح المواطن البسيط مواقع البيع الإلكترونية، ينجذب لإعلانات مبهرة تعرض منتجات بجودة عالية وبأسعار مغرية. لكنه سرعان ما يكتشف أن ما رآه في الصور ما هو إلا فخ محكم.

الأخ قيس عبد الملك -أحد الضحايا- يروي تجربته قائلاً: اشتريت مضخة تعبئة إطارات السيارات بعد أن أعجبتني جودتها في الإعلان، لكن عند استخدامها للمرة الثانية تعطلت تمامًا. وعندما استشرت مهندسًا، أخبرني أن المنتج بحاجة إلى التبريد المستمر وإلا سيتلف، لأنه ببساطة سلعة رديئة الصنع.

أما أبو أوس البحري فقد كان حظه أسوأ، إذ وقع في فخ الغش مرتين. يقول: اشتريت جهاز تشغيل سيارة (سرويس) عبر الإنترنت، وكان الإعلان يوضح أنه يحتوي على بطاريتين اثنتين، لكنني عندما استلمت الطرد لم أجد سوى بطارية واحدة، رغم أنني دفعت السعر كاملاً. وعندما حاولت التواصل مع البائع مالك الموقع على الانترنت (موقع البيع على الإنترنت) لم يرد عليّ أحد، سوى سائق التوصيل أو الموقع نفسه.

تجارة بلا رقيب

المشكلة ليست فقط في جودة المنتجات، بل في غياب الرقابة والمحاسبة

المواطن الأخ/ عبدالواحد أبو حسام يتحدث عن تجربته في شراء حامل لصابون الحمام بقوله:

دفعت 7500 ريال مقابل حامل للصابون، لكنني لم أتمكن من تركيبه، وعندما تواصلت مع مندوب التوصيل، أخبرني أنه مجرد ناقل ولا علاقة له بالمنتج وعملية التركيب أما الموقع الإلكتروني، فلا أحد يرد على استفساراتي.

الأمر يتكرر مع عمر البحري، الذي اشترى عجلات لتحريك الفرن أو الثلاجة، لكنه فوجئ بأنها عجلات خاصة بأسطوانة الغاز يقول بمرارة:

دفعت 6500 ريال، وعندما اكتشفت الخطأ حاولت إرجاع المنتج أو استبداله، لكن دون جدوى. اضطررت للاحتفاظ به رغم عدم حاجتي له.

أما مختار عبد الخالق، فقد بلغ به الغضب حد الصراخ، إذ اشترى طفاية حريق لكنه لم يجربها حتى الآن، واشترى أيضًا مقشرة بطاطس وخضروات، لكنها كانت قطعة بلاستيكية لا تقطع شيئًا!

الإعلان يعرض منتجًا مذهلًا، لكن الحقيقة أنه لا يصلح لأي شيء. دفعت 4500 ريال، بينما في الأسواق الخارجية يباع المنتج الأصلي بـ70 ريالًا سعوديًا. الفرق شاسع بين الوهم والحقيقة!

بين الحاجة والطمع

تنتشر هذه الظاهرة في ظل غياب الرقابة على التجارة الإلكترونية، حيث يختبئ البائعون خلف شاشات الإنترنت دون وجود جهة رسمية تتابع جودة المنتجات أو تضمن حقوق المستهلكين. وبين إعلانات مغرية وأسعار مخفضة، يقع الكثيرون في فخ هذه التجارة الوهمية.

وفي الأخير تبين أننا بحاجة – إلى قانون ينظم الفوضى، فما يحدث اليوم من غش ونصب على معظم المواطنين الذين يغلب على بعضهم غش التجارة الإلكترونية بأنها ليست تجارة إلكترونية، بل استغلال فجّ لحاجة الناس وثقتهم في التسوق عبر الإنترنت. أصبح من الضروري وضع قوانين صارمة تحمي المستهلكين وتضبط هذه الفوضى، لأن استمرار هذه الممارسات لا يضر بالمستهلك فقط، بل يشوه سمعة التجارة الإلكترونية ككل. فإلى متى ستبقى هذه العصابات تعبث بجيوب الناس دون حسيب أو رقيب؟

مقالات مشابهة

  • أين تنشأ عملات البيتكوين؟ السر الذي لم يُكشف بعد
  • «الأمن السيبراني» يحذر من الصفقات الوهمية
  • من الهجوم إلى الدفاع.. دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجرائم الإلكترونية
  • مجلس الأمن السيبراني: احذروا الصفقات الوهمية والاحتيال الإلكتروني
  • ماذا يعني غياب الإنترنت عن حياة أهل غزة؟
  • تدشين الدوري الرمضاني الأول للأمن السيبراني في اليمن بمشاركة 14 فريقًا
  • الحوسبة الكمومية والأمن السيبراني: هل هي سلاح ذو حدين ؟
  • وزير النقل يتهرب من تحمل المسؤولية حول تقنين “نقل التطبيقات” ويرمي الكرة إلى الداخلية
  • المشاط: برنامج نوفي يمثل أحد أهم المبادرات التي أطلقتها مصر
  • الغش في البيع عبر الإنترنت.. تجارة الأوهام