علي هامش ندوة حول مستقبل اليسار في السودان
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
المشهد السوداني يحتقن بالموت والحرب والدمار بسبب الحرب بين الحيش والمليشيا التى خلقها من عدم قبل سنوات. نسمع كل يوم بالانباء المحزنة عن موت عشرات ومئات المواطنين خاصة النساء والاطفال منهم، بسبب ضربات الدانات أو ضربات الشمس علي حدود بلادنا وصحاريها الممتدة.
النهب والقتل أصبح علي قارعة الطريق وفي المنازل لغياب الأمن والنظام الاجتماعي بعد أن فقد جيش البلاد القدرة علي حماية المواطنين والمحافظه علي النظام بسبب سعيه المستمر لتنفيذ اجندة الكيزان منذ إنقلاب الانقاذ في العام ١٩٨٩م.
الفكر السياسي السوداني يعيبه عدم الاهتمام بالامن والنظام الاجتماعي ضمنا، وأقول ضمنا لأن الافكار التي يبشر بها كل من الإسلام السياسي من جهة واليسار الشمولي من جهة ثانية تسعي للتغييرات الجذرية التي غالبا ما تكون علي حساب الأمن والنظام ولصالح الفوضي.
علي هذه الخلفية أحاول التعليق علي الندوة الاسفيرية التي تحدث فيها الاخ د. صديق الزيلعي لأهميتها وذلك من موقعه، كعضو حزب شيوعي ، كما قال وقد تحدث عن إمكانية إصلاح الحزب الشيوعي. أسجل احترامي لشخص الاخ صديق الذي تربطني به علاقة إحترام ومودة منذ ايام الحامعة، ولكني في ذات الوقت، أود تسجيل الخلافات التالية معه.
أولا: اختلف مع الاخ صديق حول إمكانية إصلاح الحزب الشيوعي ، واعتبرها مهمة مستحيلة فذلك الحزب " فات فوقو الفوات" حتي أنه قد صار عبئا liability علي معارضة مدنية تقف في مواجهة جيوش مدحجة بالسلاح من اعلي الرأس حتي أخمص القدمين وتمتلك آلة إعلامية ضخمة وإمكانيات مهولة.
يظل إصلاح الحزب الشيوعي عملية مستحيلة طالما ظلت المركزية الديمقراطية هي التي تحكم حياته الداخلية لأنها تصادر تماما حقوق العضوية لمصلحة القيادة، فهي العقبة " الكؤود " أمام تطور الحزب الشيوعي كما وصفها الراحل الخاتم عدلان في رائعته " آن أوان التغيير" بداية التسعينات، ولكن الخاتم وقع في خطأ التعامل الانتقائئ مع تاريخ الحزب وسكت عن نقد التاريخ واكتفي بالتمجيد وربما فعل ذلك أملا في كسب عضوية وأصدقاء الحزب إلي مشروع التغيير، وهو بالضبط ما يقوم به الاخ صديق الزيلعي .
ثانيا : في إطار تمجيد تاريخ الحزب والبحث عن جذور التغيير فيه، حاول الاخ صديق في ندوته الإحتفاء بوثيقة الحزب الشيوعي التي صدرت في العام ١٩٧٧م والتي تعلن بقبولها للتعدية السياسية أو " الديمقراطية البرجوازية كما في ادبياتهم" مع أن تلك الوثيقة في تقديري لم تكن شيئا إيجابيا طالما ظل الحزب متمسكا بالنسخة اللينينية من الماركسية فهي أقرب إلي الاستهبال السياسي لأنها تصير دعوة تفتقد إلي الاصالة وتكون أقرب لمفهوم " التقية" وهو مفهوم ديني لا يختلف كثيرا لدي اليسار الشمولي حيث الدعوة تكون للانكماش والدفاع في حالة الجذر الثوري ثم التحول الي الهجوم في حالات المد الثوري.
ثالثا : حاول الاخ صديق في ندوته أن يجعل من المرحوم عبد الخالق محجوب ايقونه للتغيير والاصلاح في تاريخ الحزب، ثم حذر مما أسماه الفهم الميكانيكي للصراع الطبقي وتأثيره علي عضوية الحزب، ولكنه أغفل ما صاغه الراحل عبد الخالق محجوب في "الماركسية وقضايا الثورة السودانية " حين كتب ما معناه أن الرأي الاخر المثابر داخل الحزب الشيوعي غالبا ما يكون معبرا عن راي الطبقات الرجعية المعادية لتقدم المجتمع وعلينا عدم التسامح معه وعدم الاكتفاء باجتثاث تلك الافكار المخالفة، بل ان المطلوب هو اتخاذ مواقف حاسمة في اجتثاث حتي "ظلال تلك الافكار". وبذلك يكون المرحوم عبد الخالق محجوب ممن أسسوا لإستبداد القيادة الذي قد يصل إلي التحقير واغتيال الشخصية.
رابعا: تحدث الاخ د. صديق
عن تاريخ الصراع الفكري وعن روزا لكسمبيرج إلخ ولا اشكك في نوايا ونبل الاهداف التي يحاول تسويقها الرجل في تلك الندوة الاسفيرية، ولكن الدفاع عن قضية خاسرة مثل الرهان علي امكانية نجاح الاصلاح الديمقراطي داخل الحزب الشيوعي تضعنا رغم انفنا في خانة السدانة الأيديولوجية أكثر من خدمة قضايا شعبنا الذي أصبح مشردا داخل وخارج بلاده. فما كان أحوجنا لإستدعاء مفكر مثل توماس هوبز الذي تأثر بالحرب الاهلية البريطانية في القرن السابع عشر وكتب مؤلفه العظيم " ليفاسيون " Leviathan الذي تناول فيه ضرورة وجود دولة قوية تحفظ النظام وتحمي المواطنين. ربما كان ذلك أفضل في نقد وتعرية كل مشروع ينطوي علي إمكانية خطورة انهيار الدولة والنظام والامن إذا لم نتبني إصلاحات تدريجية وقمنا بدلا عن ذلك بتبني مشروع هدم دولة ٥٦ أو التغيير الجذري أو مشروع صياغة الإنسان السوداني وفقا للمشروع الحضاري للإنقاذ الذي نعيش عواقبه الكارثية الآن.
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
أمانة مستقبل وطن بقنا تنظم قافلة بيطرية لدعم مربي الماشية بمركز قوص
نظمت أمانة حزب مستقبل وطن بمحافظة قنا، قافلة بيطرية بمركز قوص، في إطار مبادرة الحزب لدعم وتنمية الثروة الحيوانية وتقديم الرعاية الصحية البيطرية للمزارعين ومربي الماشية بالمركز، وسط إقبال كبير من المزارعين وأهالي مركز قوص.
جاء ذلك بحضور المهندس أحمد كامل حمزه، أمين التنظيم، والعمدة أبو الحسن الجزار، أمين الزراعة والفلاحين، وسيد الخولى، أمين المتابعة، والدكتورة حنان مصطفي، أمين المهنيبن، وأحمد الأفيونى، أمين الإعلام، والعمدة ياسر مختار، أمين الحزب بمركز قوص.
دهستهما تريلا.. مصرع شابين فى تصادم سيارة نقل ودراجة نارية بقنا قبل انطلاق الماراثون.. 1158 طالبا وطالبة يترشحون بانتخابات اتحاد جامعة جنوب الوادى
تضمنت القافلة توقيع الكشف البيطري على رؤوس الماشية والحيوانات والطيور، وتقديم العلاج المجاني وتطعيمات وقائية ضد الأمراض الوبائية، بإشراف فريق من الأطباء البيطريين المتخصصين من مديرية الطب البيطري بقنا، إلى جانب تقديم نصائح وإرشادات للمربين حول أساليب التغذية السليمة والرعاية الصحية للمواشي.
وقال محمد عبد الفتاح آدم، أمين حزب مستقبل وطن بمحافظة قنا، إن تنظيم قافلة بيطرية في مركز قوص يأتي في إطار التزام الحزب بدعم المزارعين ومربي الماشية، وتوفير الرعاية البيطرية المجانية والمساعدة اللازمة لضمان صحة الثروة الحيوانية والداجنة، التي تعد جزءًا أساسيًا من اقتصادنا المحلي.
وأضاف آدم، بأننا نعمل على الاستجابة لاحتياجات المجتمع وتقديم المبادرات التي تسهم في تحسين ظروف الحياة والتنمية المستدامة في جميع أنحاء المحافظة بهدف تحسين مستوى المعيشة وتقديم الدعم اللازم للمجتمع المحلي.
قافلة بيطرية بقنا قافلة بيطرية (1) قافلة بيطرية (8) قافلة بيطرية (7) قافلة بيطرية (4) قافلة بيطرية (5) قافلة بيطرية (6) قافلة بيطرية (3)