لوبس: نظام جديد من أجل عالم أكثر عدالة
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
قالت مجلة لوبس إن الدول الغربية مخطئة بشكل فادح في تقسيم العالم إلى معسكر ديمقراطي وآخر استبدادي، وإنه قد حان الوقت لأن تقدم إلى الدول التي لا تعتبر نفسها جزءا من أي من المعسكرين نظاما أكثر إنصافا للعالم.
وأوضحت المجلة في مقال بقلم بيير هاسكي أن اعتبار معركة التفوق العالمي التي تجري الآن مواجهة بسيطة بين كتلتين معسكر الديمقراطية مقابل معسكر الاستبداد خطأ فادح، لأن هناك لاعبا ثالثا يمثل بقية العالم، وهو لا يجد نفسه في أي من المعسكرين.
وأكد الكاتب أن هناك بالفعل عالما غربيا أعاد التأكيد على قيمه وتضامنه في إعلان جديد عبر الأطلسي نُشر على هامش احتفالات الذكرى السنوية لإنزال النورماندي، وهناك معسكر يريد قلب الطاولة لمصلحته وتمثله الصين وروسيا، وفي الدائرة الثانية هناك كوريا الشمالية وإيران، وتصفهما مجلة "فورين أفيرز" الأميركية بمحور "الفوضى" بدل "محور الشر" التي أطلقته عليه الإدارة الأميركية في عهد جورج بوش الابن "غير الحكيم".
لكن هذا لا يكفي لوصف العالم الأكثر تعقيدا في عشرينيات القرن الحالي، حيث الأغلبية العظمى من الدول التي تندرج تحت مسمى "الجنوب العالمي" ترفض أن تكون رهينة لهذه المواجهة الثنائية، والخطأ الغربي هو دفعها إلى أحضان "محور الفوضى"، حسب الكاتب.
ويتجلى العمى الغربي والغطرسة في التعامل المتباين مع الصراعين الرئيسيين اليوم في أوكرانيا وغزة، إذ لم يفهم الغربيون منذ "الغزو الروسي" في فبراير/شباط 2022 سبب إحجام دول الجنوب الكبيرة عن إدانة انتهاك روسيا القانون الدولي وكيف لم تحذُ الهند والعالم العربي والبرازيل وأفريقيا حذوهم في العقوبات على موسكو.
ترك المعايير المزدوجة
وإذا كان الغرب بحاجة إلى تفسير لذلك فما عليه إلا أن ينظر إلى "العنف" في الشرق الأوسط والظلم الذي تعرض له الفلسطينيون على مدى عقود دون أن يتألم لهم أحد، وهو ظلم أقرت به الأمم المتحدة دون أن تُطبَق أي من قراراتها، ولن يمحوه هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
أما الحل -كما يرى الكاتب- فيبدأ بالابتعاد بوضوح عن "المعايير المزدوجة" التي أبرزتها الحروب الحالية لكل ذي عينين، ولن يتمتع الغرب بالمصداقية إلا إذا دعم القانون الدولي في كل الحالات، لا ضد خصومه فقط، فعندما يفرض الكونغرس الأميركي عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية لأنها تهدد إسرائيل بعد أن صفق لها عندما اتهمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإننا لا نسلك الطريق.
إذا كان الغرب بحاجة إلى تفسير ابتعاد الآخرين عنه فما عليه إلا أن ينظر إلى العنف في الشرق الأوسط والظلم الذي تعرض له الفلسطينيون على مدى عقود دون أن يتألم لهم أحد، وهو ظلم أقرت به الأمم المتحدة دون أن تُطبَق أي من قراراتها
وخلص بيير هاسكي إلى أنه لا بد من اقتراح "صفقة جديدة" على "دول الجنوب" بتبني نظام جديد أكثر إنصافا للعالم، لأن المواجهة بين "الديمقراطية" و"الاستبداد" نهايتها الحفاظ على النظام الدولي الذي أنشئ عام 1945، في وقت كان فيه العالم الاستعماري مهيمنا، ولم يكن لثلثي البشرية الحق في التعبير.
وبهذه المواجهة سنكون قد وسعنا الفجوة العميقة بين عالم الأمس المهيمن والبؤساء في الأرض الذين أصبحوا قوى لها أهميتها اليوم، مما يعني أن هناك حاجة ملحة لإعادة تصحيح وضع العالم دون التضحية بالقيم التي تم التأكيد عليها من جديد على شواطئ النورماندي، ولكن من خلال اختراع هياكل جديدة وتوازنات عالمية جديدة أكثر عدالة واحتراما لتنوع هذا العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات دون أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تنتهك أمريكا حقوق العالم؟!
ظهر جلياً خلال العقود الأخيرة أن أمريكا تعمل وسط هذا العالم من أجل مصالحها فقط، دون أن تنظر إلى مصالح الدول وحقوقها في تحقيق التقدم والازدهار في شتى المجالات، وهدف أمريكا من ذلك هو أن تصبح وحدها هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، في حين أن دول العالم هي الأخرى حرة، ولها الحق في أن تكون قوية وفاعلة في كافة المجالات، ما يسمح للدول الكبرى بأن تنهض وتقوى وتعمل من أجل نهضتها، ومن أجل نهضة الشعوب الكبرى، الأمر الذي يقضى على سياسة القطب الأوحد في هذا العالم، وقد عانت الكثير من الدول وبخاصة الدول الناهضة والواعدة في المجالات التكنولوجية، الاقتصادية، العسكرية والفضائية، من انتهاك أمريكا لحقوقها من خلال افتعال الحروب والأزمات غير المبررة والظالمة داخل تلك الدول، ومنها حقوق أمريكا وغزوها للكثير من دول الشرق الأوسط، أو بفرض أمريكا الكثير من العقوبات مع تجييشها لدولها الغربية الصديقة من أجل تعجيز الدول الكبرى الناهضة كالصين والهند وروسيا ودول أمريكا الجنوبية والشمالية وبعض دول الشرق الأوسط، أو بتدخل أمريكا في شئون تلك الدول، والعمل على إيقاع الفتن والاضطرابات بين الدول وبعضها البعض، والأخطر من ذلك هو نشر أمريكا عبر الحقب الزمنية الأخيرة الكثير من القواعد التابعة لها، وأسلحة الدمار الشامل بداخل الكثير من الدول، أو بنشر سفنها وأساطيلها العسكرية في بحار العالم، وبما يهدد أمن واستقرار وحقوق تلك الدول في كافة المجالات، وكان الرئيس ترامب الذي يعتبر امتدادا للرئيس الديموقراطي چو بايدن من الزعماء الأمريكيين الذين انتهكوا وتجاوزوا الخطوط الحمراء في حقوق الكثير من دول العالم سواء كانت الدول الكبرى أو الضعيفة والنامية، فقبل استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم مؤخراً كان العالم يعول على شعاراته الرنانة التي تدعو إلى إنهاء الأزمات والحروب وتحقيق السلام في بلدان العالم، إلا أن واقع الأيام قد أثبت عكس ذلك تماماً، وذلك عندما لم يحدث أي تقدم ملموس في تلك الحروب والنزاعات، فالحرب الروسية الأوكرانية لم يتغير فيها شيء، بل ظهرت أهداف ترامب الخفية في نيته ابتزاز تلك الدول، والعمل على انتهاك حقوقها والاستيلاء على مواردها وأموالها مقابل استخدامه للقوة والعقوبات لفرض السلام بالإكراه، كما أنه الذي كان يُعوَّل عليه في وقف حرب الإبادة الجماعية على أبناء غزة والضفة في فلسطين، وبإقامته للدولة الفلسطينية، هو من قدم الدعم العسكري والاقتصادي والمعنوي اللا محدود إلى إسرائيل وحكومتها المتطرفة بقيادة نتنياهو، وذلك لاستكمال حرب الإبادة الجماعية على غزة والضفة، وولبنان، وعلى الحوثيين في اليمن، إضافة إلى نشره للقواعد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لمساعدة إسرائيل في عدوانها، واستكمالها لتنفيذ خططها للتهجير والتجويع، ووقف وصول المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة الأعزل، بل وبجاهزية ترامب وتجييشه من أجل تهديد إيران وإمكانية شن الحرب عليها، ووقف برنامجها النووي، ليس من أجل سلام العالم، بل من أجل ضمان تفوق إسرائيل العسكري والنووي في المنطقة، ولم يتوقف انتهاك أمريكا للعالم بقيادة ترامب إلى هذا الحد، بل ظهر جلياً بإعلان رئيسها ترامب رغبته في ضمه لكندا شاسعة المساحة، وجريين لاند، بل وبرغبته في ضم قناة بنما إلى أمريكا، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا، وبرغبته الجنونية في تهجير أبناء غزة البالغ عددهم ٢ مليون نسمة، وبناء منتجع سياحي أمريكي على حساب الآخرين، ومؤخراً بفرضه رسوما جمركية جائرة على غالبية بلدان العالم، وإحداثه فوضى غير مسبوقة في حركة الاقتصاد العالمي، وترقب الخبراء الاقتصاديين من إحداث ركود وكساد عالمي في حركة التجارة، وكل تلك الإجراءات الانتقامية ما هي إلا انتهاك حقوق الدول الأخرى، وعلى رأسها الصين وروسيا والهند والاتحاد الأوروبي، وذلك لاستكثار ترامب حق تلك الدول في التقدم، وبعدم السماح لها بالندية أمام أمريكا أو حتى بسماح ترامب لتلك الدول بحريتها في شئونها ومواردها، الأمر الذي أربك بذلك حركة التجارة العالمية، ناهيك عن انسحاب الرئيس الأمريكي ترامب من غالبية المنظمات الدولية، وبمهاجمة أمريكا وانتقادها للكثير من المنظمات الدولية الإنسانية، وبانتقاد أمريكا أيضاً لمحكمة الجنايات والعدل الدولية، والمنظمات الإنسانية التي كانت قد أدانت قادة إسرائيل لارتكابهم حرب إبادة جماعية غير مسبوقة في غزة وغيرها، وكل هذا الانتهاك مرده إلى عنجهية أمريكا وتعاليها على شعوب العالم، واعتبار ترامب بغروره بأنه الرجل الأقوى والمهيمن الوحيد والمتحكم في دول العالم، في حين أن أمريكا ما هي إلا دولة كغيرها من الدول، جزء من هذا العالم، وليس العالم كله.