عيد الصعود.. الانتقال من خدمة المسيح الأرضية إلى ملكوته السماوية
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الصعود فى نهاية فترة الخماسين المقدسة التى تبدأ بعد عيد القيامة المجيد.
عيد الصعود هو واحد من الـ 12 عيدًا الرئيسية التي تحتفل بها الكنيسة الأرثوذكسية، وهذا العيد يخلد ذكرى المرة الأخيرة التي ظهر فيها المسيح لتلاميذه بعد قيامته من الموت، وخلال هذه الأيام الأربعين، ظهر المسيح لتلاميذه في عدة مناسبات، بما في ذلك ظهوره عند بحيرة طبرية وعلى جبل الزيتون.
يحتفلون بهذا اليوم بإقامة القداسات والصلوات الخاصة، مستحضرين بذلك الحدث الذي يرمز إلى اكتمال رسالة المسيح الأرضية وعودته إلى السماء ليجلس عن يمين الآب.
ويحمل عيد الصعود معاني روحية عميقة تتعلق بالإيمان، الأمل، والرجاء بالمجيء الثاني للمسيح، مما يجعله مناسبة مهمة للتأمل في الدور المستمر للإيمان في حياة المؤمنين.
وقال الكاهن لوكاس حلمي الفرنسسكاني في تصريح للبوابة : "نحن نعيش على الأرض لكن لدينا داخلنا طموح الوصول إلى السماء والحياة الأبدية مع المسيح".
وعن مفهوم الصعود في الكتاب المقدس قال فكرة الصعود في الكتاب المقدس تشير إلى انفصال السماء عن الأرض وارتفاع يسوع المسيح من الأرض إلى العالم السماوي بعد قيامته، وبالتالي، فإن هذا المفهوم يعني أن المسيح الذي كان يعيش على الأرض مع تلاميذه، أصبح الآن في العالم السماوي عند الله، وبصعود المسيح إلى السماء فإن الطبيعة البشرية قد ارتفعت معه وأصبح لدينا إله في السماء يدرك ويشعر بكل ما يحدث لنا على الأرض.
وعن نظرة التلاميذ لهذا الصعود قال وفقًا للكتاب المقدس، بادئ الأمر لم يكن التلاميذ يفهمون بشكل كامل معنى وأهمية صعود المسيح إلى السماء، فقد كان هذا الأمر بالنسبة لهم أمرًا غريبًا ومحزنًا في نفس الوقت؛ حيث شعروا بالحزن لأن المسيح سيتركهم ويصعد إلى السماء، وتساءلوا كيف سيستطيعون العيش وحدهم دونه. ولكن بعد ذلك ظهر لهم المسيح وأرشدهم إلى ضرورة الذهاب إلى أورشليم وتهيئة الناس لفهم معنى صعود المسيح وما يعنيه الكتاب المقدس، وأكد لهم أنهم سيتلقون قوة الروح القدس لُيفهموا الناس معنى صعود المسيح وليبشروا بالمسيح وتعاليمه، متحلين بالإيمان والمحبة والقوة.
وحول معنى الصعود قال بالنسبة لنا فإن صعود المسيح إلى السماء له معان عميقة ومهمة:
أولاً، فإنه يعبر عن حالة الإنسان المشدود بين قطبي الأرض والسماء، الحياة المادية والحياة الروحية ، فنحن نعيش على الأرض لكن لدينا داخلنا طموح الوصول إلى السماء والحياة الأبدية مع المسيح.
ثانياً، صعود المسيح إلى السماء يُعلِّمنا أننا كبشر يجب أن نتعلم القيم والمبادئ السامية التي جاء بها المسيح والمدونة في الإنجيل. فهذا الصعود يدفعنا إلى التمسك بهذه التعاليم السماوية وليس الغرق في الأمور الأرضية فقط.
و يشير صعود المسيح إلى حقيقة أن هدفنا الأسمى ليس مجرد الحياة على الأرض، بل الوصول إلى السماء والحياة الأبدية مع الرب. وهذا ما يجب أن يوجه حياتنا ويشكل أولوياتنا وتطلعاتنا.
وعن مجيئ العيد دائماً يوم الخميس قال يأتي عيد الصعود يوم الخميس لأن الإنجيل يذكر أن المسيح صعد إلى السماء بعد أربعين يومًا من عيد القيامة، والذي يكون في أحد الأحد.
فبعد قيامته، ظهر المسيح لتلاميذه وأتباعه لمدة أربعين يومًا، شجعهم وعلمهم خلال هذه الفترة، وفي اليوم الأربعين، صعد إلى السماء، وهذا اليوم هو عيد الصعود الذي يحتفل به في يوم الخميس.
وكما ذكرت، بعض الكنائس تحتفل بعيد الصعود يوم الأحد القادم، وذلك لتمكين المزيد من الناس من المشاركة في هذه الاحتفالية الروحية المهمة ، فالأحد هو اليوم الأكثر مناسبة لانعقاد الصلاة والاحتفالات الدينية.
وأوضح الفارق بين عيد الصعود وعيد العنصرة بقوله إن عيد الصعود:
- يشير إلى صعود المسيح إلى السماء بعد قيامته وظهوره للتلاميذ لمدة 40 يومًا، هذا الصعود إلى السماء كان انفصال المسيح عن تلاميذه وعن الأرض.
- كان التلاميذ ينتظرون أن يبقى المسيح معهم على الأرض.
أما عيد العنصرة:
- يشير إلى نزول الروح القدس على التلاميذ في هذا اليوم.
- نزول الروح القدس كان بمثابة إرسال قوة إلهية من السماء لتمكين التلاميذ ومساعدتهم في نشر تعاليم المسيح على الأرض.
- هذا النزول للروح القدس كان امتدادا وحضورا روحيا للمسيح بين تلاميذه على الأرض.
إذن، عيد الصعود هو انفصال المسيح عن الأرض، بينما عيد العنصرة هو امتداد حضوره الروحي بين تلاميذه. هما عيدان مرتبطان ببعضهما البعض .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: عيد الصعود المسيح القيامة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عيد القيامه المجيد عید الصعود على الأرض
إقرأ أيضاً:
نجم النسر الواقع
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم النسر الواقع، ويقع هذا النجم في كوكبة القيثارة، وقد اعتمد عليه العرب في الزراعة وتحديد المواسم، وهو جزء من «مثلث الصيف» الشهير في السماء الذي تمثله ثلاثة نجوم وهي النسر الواقع، والنسر الطائر الذي يقع في كوكبة العقاب، وذنب الدجاجة، ويحتل النسر الطائر المرتبة الخامسة من حيث لمعانه في السماء، وأما من حيث التسمية فكلمة الواقع تعني الهابط، أو الساقط، فجاء هذا الاسم لأن النجم يُرى وكأنه نسر يهبط أو ينقض على فريسته، وهذه التسمية تعكس طريقة العرب في ربط النجوم بالصور التي يتخيلونها في السماء، وهو جزء من إرثهم الفلكي العريق.
ويبدأ هذا النجم بالظهور في فصل الربيع قبل الفجر في نصف الكرة الشمالي، ويصبح واضحًا في الصيف، حيث يكون في أعلى السماء بعد غروب الشمس، ويظهر في نصف الكرة الجنوبي، لكن يكون منخفضًا على الأفق، وأما عن المعلومات الفلكية لهذا النجم فإن قطر النسر الواقع حوالي 2.7 ضعف قطر الشمس، ما يجعله أكبر بكثير من شمسنا، كما أن درجة حرارة سطحه تبلغ حوالي 9,600 كلفن، وهو أكثر حرارة من الشمس التي تبلغ حرارتها حوالي 5,778 كلفن، وبسبب هذه الحرارة العالية، يشع النجم بلون أبيض مزرق، ويبعد عن الأرض حوالي 25 سنة ضوئية ولذلك يعد أحد أقرب النجوم اللامعة إلينا، ولأن الثقافة العربية تحتفي بالكائنات الحية التي تعيش في بيئتها فإنها لم تغفل ذكر هذا الطائر الذي يعد من الطيور الجارحة في أشعارها وأمثالها، ولم تكتف بذلك بل قرنت بين النسر الذي يحلق في السماء وبين نجم النسر، وذكره الشعراء في قصائدهم، فنجد مثلا الشاعر المخضرم الذي عاش في الجاهلية والإسلام الشَّمَّاخ بن ضِرار الذُّبْياني يذكر نجم النسر الطائر والواقع ويجمع بينهما بلفظ «النسران»، فيقول:
قد بيَّن الليل وبُعْدُ الغَيْطان
بيْن المُزَجَّى والنَّجِيب المِعْوَان
مثل المثاقِيل بشِقِّ المِيزَان
كأنَّها وقد تدلَّى النِّسران
وكذلك الشاعر العباسي أبو العلاء المعري يقرن نجم النسر مع نجم السها ويجعلهما شاهدين على الزمان فقال:
سوف ألقى مِن الزمان كما لا
قوا بعُنف لا يستقال ودسر
ولو إني السها أو النسر قد شا
هَدتُ عصرينِ من يغوث ونسر
كما نجد الشاعر ابن الرومي يمدح أحدهم ويقرن نجم النسر بالفرقدين فـيقول:
أنت الذي أنزلتهُ همتُهُ
منزلة الفَرقدين والنسرِ
وأنت فـي عِفَّة السريرة وال
علم شبيه بجدك الحَبرِ
أما في المنظمات الفلكية فنجد الشاعر أبو الحسين الصوفي الذي عاش في العصر العباسي يقول:
لأن تلك النجوم المضيئة
تدفع عنها جهدها الأذية
والنسر أيضًا عاطف عليه
والذئب غير واصل إليه
وقال الشاعر الحافظ ابن حجر العسقلاني، الذي عاش في الزمن المملوكي وهو يمدح رجلين ويثني عليهما ويقول إن النسرين وهما نسر السماء وهو النجم، ونسر الأرض الذي يطير فقال:
لَهفـي عَلى مَن حَديثي عَن كمالهما
يحيي الرَميم ويلهي الحيّ عن سمرِ
اِثنان لم يَرتَق النسران ما اِرتقيا
نسرُ السما إِن يلُح وَالأَرضِ إِن يَطِرِ
وأما الشاعر ابن نباتة المصري الذي عاش فـي العصر المملوكي أيضًا فـيقول فـي مدح أحدهم:
إذا شمت منه طلعةً علويةً
فغالِ الثنا وأرفض سنا الأنجم الزهر
إذا ما علاءُ الدّين حام فخاره
فسل ثم عن نسرِ الكواكب لا النسر
وفي العصر الحديث فقد ذكر هذا النجم الشاعر عبدالباقي العمري الموصلي وقد قرنه بنجم العيوق فقال:
وحضيض القدر لم يرتفع
كعمود الصبح من حيث ارتفع
سقط العيوق والنسر وقع
كما رأينا البدر لما أن سطع