القديس يوحنا الهرقلي.. سيرة تروي مرحلة فارقة في تاريخ الأقباط
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
احتفلت الكنيسة الأرثوذكسية، بذكرى استشهاد القديس يوحنا الهرقلي، أمس الثلاثاء الموافق 4 بؤونه حسب التقويم القبطي، والتي تُعد من المناسبات الخادة في التاريخ المسيحي والتي تروي أحداث مرت في مثل هذا اليوم من عام 304 ميلادية.
ولد القديس يوحنا في بلدة تدعي "هيرقلية" تقبع بآسيا الصغرى وكان والده يشغل منصب اللوالي في عهد دقلديانوس عدو المسيحية والتي عرف عهده بـ"عصر الظلام" و عذاب كل من إتبع يسوع ونهج طرق القديسين، فترك زوجها إيمانه المسيحي إرضاءً للملك وكان يتظاهر أمام زوجته أنه فعل هذا رغماً عنه.
ولد الإمبراطور"دقلديانوس" عام 245 ميلادية في مدينة سالونا بولاية دالماشيا إقليم ايلليريا، كان من أبويين فقيرين وعمل في اسطبلات الإمبراطورية كسائس للأحصنة حسب ماذكر في كتب التراث المسيحي، وبعد أعوام انضم إلى "طبقة الفرسان" وإعتلى منصب "الدوق" وعاش بولاية ميسيا، وبرزت مهاراته العسكرية وتفوقه في قيادة الحرس الإمبراطوري آنذاك وبعد وفاة إبنه" نومريان" كاروس خلال مشاركته بالحملة التي شنت على الدولة الساسانية، توج دقلديانوس إمبراطورًا وبات يهزم ويحارب كل من يعارضه ويرفض الإعتراف به.
لقبت الكنيسة هذه الفترة في التاريخ بـ"عصر الظلام والشهداء" على الرغم من بداية حكمة التي اتسمت بالتسامح والمحبة والسلام، وسرعان ماتحولت سياسته ضد المسيحيين فأصدر المراسيم الـ4 الشهيرة في الفترة بين عام 302 حتى 305 م، ونصت على الكراهية والإضطهاد وحرق الكنائس والإناجيل الأربعة ومنعهم من التجمع بل صار في الأرض يقتل كل أتباع يسوع ين مريم ووصلت حصيلة الشهداء إلى أكثر من ألف مسيحي.
ويذكر كتاب حفظ التراث المسيحي أن الإمبراطور دقلديانوس حين تغيرت سياسته وبغض الإيمان المسيحي، أمر بتقديم العبادة للإله أبلون فرفض، فألقاه في السجن وكانت هذه المرحلة التي شد من عزم القديس حين ظهر له ملاكًا فشجعه وعزاه، وأراد الملك أن يخادعه فأرسله إلى مصر ليجمع الخراج ويجدد برابي الأصنام المتهدمة.
مصير القديس يوحنااستثمر القديس يوحنا هذه الفرصة وبدأ يهدم البرابي ويشيد مكانها الكنائس، وحين عرف أن الوالي سرياقوس يعذب المسيحيين اعترف له أنه مسيحي، أخذت سياسة هذا الوالي عدة مناحي فكان في البداية يلاطفه الوالي ولم يفلح فأمر أن يقيدوه بالسلاسل وأرسله إلى أريانوس والي أنصنا وهناك كان مصيره على الهنبازين وضربه بالسياط، وبعد أن عذبوه بعذابات كثيرة قطعوا رأسه، ونال إكليل الشهادة في نواحي القوصية بجوار أسيوط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنيسة الأرثوذكسية التقويم القبطي التاريخ المسيحي القديس يوحنا القدیس یوحنا
إقرأ أيضاً:
عباس 36 في عرضين بالأردن.. قصة بيت فلسطيني تروي النكبة والتهجير
عمّان – وسط تفاعل لافت، عُرض الفيلم الوثائقي "عباس 36" من إنتاج الجزيرة الوثائقية للمخرجة مروة جبارة، والمخرجة المشاركة نضال رافع، في عرضين متتاليين بالأردن خلال الأسبوع الماضي، كان الأول في جمعية وعد الثقافية في محافظة العاصمة عمان والثاني في مساحة زوايا في محافظة إربد.
وجرى بعد العرض الأول حوار ومناقشة حول الفيلم بحضور إحدى الشخصيات الرئيسية فيه دينا أبو غيدا، كما نُظم بعد العرض الثاني حوار بحضور صانع الأفلام سائد العاروري والذي قام بأعمال المونتاج للفيلم، وشاركت أبو غيدا في الحوار عبر تقنية زووم، وأدارت الحوارين الصحفية شروق طومار.
وشهد العرضان تفاعلا كبيرا بين طاقم العمل والجمهور الذي شكل الشباب نسبة كبيرة منه، بصورة أظهرت اهتمام هذه الفئة بالبقاء على مقربة من حكايات النكبة وتهجير الشعب الفلسطيني، كما أظهرت وعيا بأهمية نقل هذه الحكايات بين الأجيال لتكرس لديهم فهم التاريخ وتعزز التمسك بحق العودة.
ثلاثية النكبة والتهجيريتناول "عباس 36" ثلاثية النكبة والتهجير والعودة بمعالجة مبتكرة من خلال رواية قصة منزل فلسطيني في شارع عباس بحيفا، سكنته عائلتان فلسطينيتان في فترتين تاريخيتين مختلفتين، ومرافقة ابنة العائلة التي تسكنه حاليا في رحلة البحث عن أصحاب البيت الأصليين وزيارتهم في مناسبات عائلية وأخرى وطنية لبناء سرد متماسك لقصة هذا البيت، الذي شُيّد في ثلاثينيات القرن الماضي، لكنه في الواقع ليس مجرد جدران وسقف، بل هو شاهد على نكبة شعب وذاكرة أجيال لا تمحى بالبعد أو التقادم.
إعلانويحكي الفيلم قصة عائلة أبو غيدا، العائلة الأرستقراطية التي بنت المنزل وسكنته حتى عام 1948، قبل أن تجبرها العصابات الصهيونية على مغادرة حيفا تحت التهديد والسلاح، ضمن واحدة من أكبر حملات التهجير القسري التي تعرض لها الفلسطينيون خلال النكبة. ومنذ ذلك الحين، تشتت أفراد العائلة في منافي 17 بلدا، لكنهم حملوا معهم العلم والكرامة ووعيا عميقا بالهوية والانتماء، وإصرارا كبيرا على النهوض والنجاح.
وبعد النكبة، سكنت البيت عائلة يهودية مهاجرة من النمسا، ثم باعته لاحقا لعائلة فلسطينية جديدة هي عائلة رافع. وهنا تبدأ الحكاية الثانية في الفيلم، حيث نتابع سيرة علي رافع، الذي فقد والده في النكبة، وزوجته سارة جودة، المنحدرة من القدس والتي تنتمي لعائلة تتولى حفظ مفتاح كنيسة القيامة منذ قرون. فالزوجان، رغم كونهما مالكي البيت، لم ينسيا أبدا أن لهذا البيت أصحابا شرعيين طُردوا منه قسرا.
ويتتبع الفيلم خطّين سرديين متوازيين ومتقاطعين: الأول عبر رحلة نضال رافع، ابنة سارة وعلي، التي تسعى لاكتشاف العائلة التي بنت البيت وسكنته قبل عائلتها، والثاني عبر رحلة دينا أبو غيدا، حفيدة أصحاب البيت الأصليين، التي تحاول استعادة ذاكرة عائلتها المرتبطة بهذا المكان، وهي لاجئة تنقلت ما بين سوريا ولبنان وأميركا والأردن، تحمل معها حنينا عميقا إلى بيت الجدّ، ورغبة في تحقيق العودة، ولو رمزية، إلى الوطن.
واستذكرت دينا أبو غيدا خلال الحوار الذي أعقب العرضين أجواء تصوير الفيلم والمشاعر المختلطة التي كانت تشعر بها كلما زارت بيت عائلتها التي اقتلعت منه، في حين تسكنه اليوم عائلات أخرى، ووصفت قسوة الشعور بالغربة عن بيت هو في الأصل بيتها لكنها اليوم لا تعرف الطريق المؤدية إلى غرفه ومرافقه.
إعلانوقالت أبو غيدا إن التمسك بحق العودة من المهم أن يقترن بممارسات على أرض الواقع وألا يقتصر فقط على التذكير المستمر بهذا الحق على أهمية حفظ الذاكرة، وأن هذه الممارسات قد تختلف من شخص لآخر وفقا لما يتوفر لديهم من إمكانيات، لكن المهم هو استخدام جميع الأدوات المتاحة التي يمكن أن تشكل خطوات، ولو كانت رمزية، على طريق العودة.
وتحدث المخرج وصانع الأفلام سائد العاروي عن تجربته كأحد أفراد فريق العمل في الفيلم حيث قام بأعمال المونتاج، قائلا إن مونتاج هذا العمل لم يكن مجرد ترتيب للقطات، بل محاولة لإعادة جمع ذاكرة لعائلتين تمثلان شعبا بأكمله، وكان علينا أن نمنح للبيت نبضا إنسانيا، وأن نُظهر كيف يمكن لمكان أن يكون رمزا للتهجير والبقاء والتمسك بالعودة في آن.
وأشار العاروري إلى ضرورة أن يستمر الحراك السينمائي الموجه لتوثيق القضية الفلسطينية وإلى أهمية ذلك في بناء السردية الفلسطينية المضادة لسردية الاحتلال، قائلا إن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية واحدة لكن قصص معاناة هذا الشعب لا تنتهي لذلك ينبغي ألا تنتهي الأعمال التي تحكي تلك القصص.
وعقبت شروق طومار مديرة الحوار في نهايته قائلة إن "عباس 36" يقدم عرضا بصريا وتوثيقيا غنيا بصور قديمة، رسائل مكتوبة، وثائق رسمية تفصّل مراحل بناء البيت، ومشاهد إنسانية مليئة بالعواطف والرسائل، فهو يعرض مشاهد لأفراد عائلة رافع الذين يحرصون في كل مناسبة على رواية قصة النكبة وقصة أصحاب البيت الأصليين للجيل الجديد من أبناء العائلة، كما يعرض مشاهد لأفراد عائلة أبو غيدا في الشتات وهم يشمّون تراب حيفا أو يلمسون أغصان زيتون منها، في محاولات لاستعادة الاتصال مع الأرض والوطن.
والأهم، أن الفيلم يُظهر كيف يتحوّل البيت إلى رمز أكبر من مجرد عقار. فهو مساحة للذاكرة، والتاريخ، والألم المشترك. ويرصد تقاطعات المصير بين من بقي في الوطن ومن شُرّد عنه، ويؤكد أن الاحتلال قد يغيّر الخارطة، لكنه لا يستطيع محو الذاكرة أو كسر ارتباط الفلسطيني بأرضه وبيته.