تجديد شهادة الإيزو 9001 للمرة الخامسة على التوالي بـ«مياه القاهرة»
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
قال المهندس مصطفى الشيمي، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بالقاهرة، إنّ قطاع التخطيط بالشركة استوفى جميع المراجعات المؤهلة لتجديد شهادة الإيزو 9001، مشيدًا بالمجهودات المضنية التي يبذلها المهندسون المسؤولون عن قطاع التخطيط في تحقيق هذا الإنجاز.
القدرة العالية والاحترافيةوأضاف الشيمي، في تصريحات صحفية، أنّ جميع إدارات قطاع التخطيط اجتازت بنجاح كل اختبارات التقييم، ما يعكس القدرة العالية والاحترافية التي يتمتع بها العاملون في القطاع.
وأشار إلى أن جهودهم تتركز على إعداد وتجهيز خطط الشركة القصيرة والطويلة الأجل، إضافة إلى متابعة تنفيذ هذه الخطط ودراسة الموضوعات ذات الصلة التي ترد من جهات خارجية.
أعمال الرفع المساحي لشبكات المياهوأكد أنّ هذا الإنجاز يأتي إبرازًا للجهود الكبرى التي يبذلها المهندسون والفنييون بالقطاع في مختلف أعمالهم، التي تشمل أعمال الرفع المساحي لـ شبكات المياه، وتحديث الخرائط وإعداد الدراسات الهيدروليكية؛ لتصميم الشبكات وتوزيع مياه المحطات وإعداد خطة الشركة على المدى القريب والبعيد لكل القطاعات، بجانب متابعة تنفيذ الخطط، إضافة إلى منافشة ودراسة الموضوعات التى ترد من جهات خارجية وذات صلة بالشركة إضافة إلى تنفيذ منظومة DMZ بتركيب أجهزة قياس التصرف والضغط على مداخل ومخارج الشبكات ضمن أعمال تقليل الفاقد في الشبكات.
وأشار إلى أنّ هذا النجاح يأتي كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تطوير قطاع المياه في القاهرة، من خلال تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز الاستدامة البيئية والاستخدام الأمثل للموارد المائية، وعبر الشيمي عن ثقته في قدرة الشركة على مواجهة التحديات المستقبلية بفضل الكوادر المؤهلة والمدربة، مؤكدًا التزام الشركة الدائم بتقديم أعلى مستويات الجودة والتميز في مختلف خدماتها.
يذكر أن قطاع التخطيط في شركة مياه الشرب بالقاهرة حصل على شهادة الأيزو لأول مرة في عام 2019، وتم تجديدها في الأعوام 2020 و2021 و2022 و2023 و2024 على التوالي.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مياه الشرب بالقاهرة شهادة الإيزو شبكات المياه أجهزة قياس تقليل الفاقد قطاع التخطیط
إقرأ أيضاً:
مصطفى الشيمي يكتب: شبه أبيه
اسمي حمزة... أبعث بهذه الكلمات إلى كل من عرفني أو غاب عني؛ علّها تصل إلى من نسيته، أو من غيبه الزمن عن حياتي. لعل في قصتي ما يلمس شيئًا دفينًا في نفوسكم، فما مررت به لم يكن يومًا حكايتي وحدي.
منذ نعومة أظافري، عشت مع أمي وأخي بعد أن افترق والداي؛ انفصالًا بدا وديًّا في ظاهره، لكنه كان عاصفًا في أعماقه. لم يكن زواجهما طبيعيًا، فقد جمعهما دم القرابة، وكم قيل إن زواج الأقارب يحمل معه اضطرابات لا تُحتمل، وقد كان نصيبي أن أعيش في ظل ذلك الاضطراب.
بعد الطلاق، تحولت أمي إلى كتلة من القسوة لا تعرف اللين. كنت أحتمل صمتها وغضبها، وأحتسب ألمها عند الله، مستذكرًا وصايا البر وطاعة الوالدين. ظننت أنني السبب، أنني ربما كنت عاقًّا دون أن أدري، أو عبئًا أثقل روحها. لكنني كنت، كلما نظرت إلى أخي شريف بما يصدر عنه من عقوق، أدرك أنني أمامه كنت كالملَك الطاهر.
كان لشريف الغرفة المُطلة، ولي الغرفة الداخلية. له الثياب الجديدة، ولي ما ضاق عليه. كان يتلذذ بطعام طازج، بينما كنت أبحث في بقايا المطبخ عن فتات الأيام. حاولت مرارًا الهروب إلى أبي، لكن زوجته كانت ترفضني خشية أن أكون جسرًا يعود به إلى أمي.
شريف كان الابن المدلل، والأكثر شبهًا بأمي. أدمن المخدرات، وكانت أمي تعلم لكنها لم تعترض. أما أنا، حين شمّت رائحة السجائر على ملابسي ذات يوم، انهالت عليّ ضربًا وسبابًا ودعاءً ثقيلًا. لم يكن التمييز مقتصرًا على الهدايا، بل تعداه إلى المشاعر. كانت تمنحه القطعة الكبرى من اللحم، وتجلب له أثمن الثياب والعطور، فيما كانت ملابسي من سوق الجملة، وكأنني لقيط لا يمت لها بصلة. وحين أصاب شريف المرض ورسب في امتحاناته، كانت تردد دون ملل او رحمة : "كان أحقّ منك بمقعدك في الجامعة."
تحملت... وصبرت بصمت. ظننت أنني أدفع ثمن الوحدة، ثمن الطلاق، ثمن الغياب الذي خلّفه والدي في حياتها.
أتذكر يوم كسرتُ فنجان قهوتها المفضل؟ لم يكن القصد، كانت يداي المرتعشتان أضعف من أن تحمل ثقل الخزف. نظرت إليّ كمن يرى فيّ وصمة عار، لا مجرد خطأ. صفعتني أمام الزوار، ثم ألقت بي إلى البرد القارس خلف الباب، أطرق وأبكي حتى ابتلت ثيابي.
وفي عيد ميلادي، لم تهنئني. لم تنسَ التاريخ، لكنها تعمدت أن تنساني. أما يوم ميلاد شريف، صنعت له كعكة وزينت البيت قبل شهر من يومه. أما يومي فمرّ كأنه لعنة سقطت سهواً في تقويمها. لم أسمع "كل سنة وأنت طيب" إلا من جارة طيبة القلب.
حين مرضتُ ذات شتاء، واشتدت عليّ الحمى، توسلت إليها أن تجلس بجانبي. قالت ببرود: "أنا مش فاضية لدلّعك." تركتني أرتجف وحدي، بينما كانت تطهو حساءً دافئًا لشريف وتضحك معه خلف الأبواب المغلقة.
وذات يوم، في السابعة عشرة من عمري، سُرق هاتفي في المدرسة. عدت مرتجفًا، لا خوفًا على الهاتف، بل من ردّة فعلها. جلست أمامها أشرح، لكنها صرخت في وجهي: "أكيد انت اللي بعته! زيّك زي أبوك، كذاب وبتاع حِيَل!" ثم ألقت حذاءها تجاهي، وأغلقت باب الغرفة بالمفتاح، وتركتني محبوسًا لساعات.
وفي مرة أخرى، تعرضت لمضايقة من أحد الصبية في الشارع. دافعت عن نفسي، وعدت بعين دامية. لكنها لم تسأل عن الجاني، بل حكمت عليّ بجفاء ، وقالت : "عمر الطيبين ما حد يمد إيده عليهم." لم تكن تبحث عن الحقيقة، كانت تبحث فقط عن ذنب تثبت به أنني لا أستحقها.
وذات ليلة، بعد مشادة مع شريف، نظرت إليّ وقالت، بهدوء يخترق العظام: “أنتوا الاتنين ولادي، بس هو ابني اللي بجد. أما أنت، فكلما نظرت إليك، شعرت أنك باقٍ مني غصبًا عني.”
ثم جاءت الجملة التي كشفت لي ظلام السنين، حين قالت لي، كمن يزيح عن كاهله سرًا ثقيلًا: “لو لم يكن شريف موجود ، فأنا متأكدة أنك كنت ستفعل بي كما يفعل أبناء دور المسنين... أنت تشبه أباك في الملامح، في الطباع، في كل شيء. وكلما نظرت إليك، تذكرت كل ما كسرني.”
حينها فهمت ما ذنبي ! لا شيء... سوى أن ملامحي تشبه أبًا كرهته، فصرتُ أدفع الثمن كل يوم . كنت مرآتها، ترى فيّ هزيمتها، فكسرتني كي لا ترى كسرها.
وربما جاءت هذه السطور لتبوح بألمي، لأن كثيرين مثلي يكتمون صرخاتهم. فما لا يُقال، يظل ينخر أرواحنا بصمت. فإن كنت مررت بما يشبهني، فاعلم أنك لست وحدك. وإن لم تمر، فادعُ لحمزة... ذاك الذي كان “شبه أبيه”