"المجلس العسكري بالنيجر أمامه أسبوع لاستعادة النظام الدستوري بالبلاد وعودة الرئيس المنتخب، أو مواجهة الاستخدام المتحمل للقوة" .. هكذا كانت لغة البيان الصادر عن الكتلة الإقليمية "إيكواس" لدول غرب أفريقيا برئاسة الرئيس النيجيري بولا تينوبو، والذي تضمن خيارات واضحة وتهديد مباشر، إما عودة الرئيس أو التدخل العسكري المباشر من قبل قوات دول غرب أفريقيا لإعادة رئيس النيجر قبل الانقلاب عليه يوم الأحد الماضي، وهو ما يجعل الـ24 ساعة القادمة الأخطر في تاريخ النيجر.

 

ومع اقتراب مهلة السبعة أيام التي قدمها قادة غرب إفريقيا للجيش في النيجر لإعادة الرئيس محمد بازوم من نهايتها ، يتعين على الجانبين اتخاذ قرارات حاسمة، وأصبح الجميع يترقب القرار المنتظر خلال الـ24 ساعة القادمة، وكيف ستتحرك مجموعة دول إيكواس، وخلفها بالتأكيد دول الغرب العظمى، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وهل نحن بالفعل على موعد بدء حرب جديدة داخل القارة السمراء، خصوصا وقد فُرضت تلك الدول بالفعل عقوبات على قادة الانقلاب وقطعت إمدادات الكهرباء من النيجر، إلى جانب غلق الحدود ، مما يعني أن البضائع لم تعد تصل وفقدت الدولة غير الساحلية الوصول إلى الموانئ.

 

لكن مع تصاعد التوترات السياسية والدبلوماسية والعسكرية، ماذا يمكن أن يحدث مع مرور الموعد النهائي؟، وهنا نحن أمام ثلاث سيناريوهات بحسب ما جاء بتقرير صحيفة bbc البريطانية

 

1) تم تمديد الموعد النهائي

وأحد الخيارات المرتقبة هو أن يمدد قادة إيكواس الموعد النهائي لاتخاذ القرار، ويمهل المجلس العسكري بالنيجر فترة زمنية إضافية للتراجع عن انقلابه العسكري، ولكن هذا الخيار ينطوي هذا على خطر أن يُنظر إليه على أنه تراجع، وإن أمكن لرؤساء الدول حفظ ماء الوجه بالقول إن الجهود الدبلوماسية قد أحرزت تقدمًا ويريدون منحهم مزيدًا من الوقت، ولكن المشكلة في الوقت الراهن هي أن جهود وساطة إيكواس لم تؤت أكلها، وعاد وفد أُرسل إلى النيجر يوم الخميس في غضون ساعات قليلة ولم يظهر عليه سوى القليل على ما يبدو.

وفي المقابل، صعد المجلس العسكري من لهجته ضد كل من الغرب وإيكواس، وأعلنت أنه قطع العلاقات الدبلوماسية مع نيجيريا وتوجو والولايات المتحدة وفرنسا، وقال إنه ألغى الاتفاقات العسكرية مع فرنسا التي تسمح للقوة الاستعمارية السابقة بتواجد حوالي 1500 جندي هناك، وما يجعل قرار التمديد تراجع شديد، هو استخدم الرئيس بازوم المحتجز من قبل الجيش لغة صارخة في مقال بصحيفة واشنطن بوست، ووصف نفسه بأنه "رهينة" ودعا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بأسره للمساعدة في استعادة النظام الدستوري.

 

 

2) يتفقون على جدول زمني للانتقال

والخيار الثاني المتاح بحسب الصحيفة البريطانية، ولمحاولة تهدئة الأمور وإيجاد حل وسط، يمكن للمجلس العسكري بالنيجر والمجلس العسكري لدول الإيكواس الاتفاق على جدول زمني للعودة إلى الحكم الديمقراطي، ويمكن أن يشمل ذلك الإفراج عن الرئيس بازوم، وكذلك معتقلين سياسيين آخرين، من أجل مواصلة المحادثات وربما كسب المزيد من الوقت، وكان هذا مطلبًا رئيسيًا لأولئك الذين أدانوا الانقلاب في إفريقيا وأماكن أخرى.

وقد وافقت كتلة غرب إفريقيا بالفعل على التحولات الديمقراطية في جيران النيجر في منطقة الساحل ومالي وبوركينا فاسو، والتي سيطر عليها الجيش في السنوات الأخيرة، ولكن المفاوضات كانت محفوفة بالمشاكل، مع استمرار تأجيل المواعيد النهائية للانتخابات، ولا يزال من غير المضمون أن يتم تسليم السلطة بالفعل.

وعلى سبيل المثال، ففي دولة السودان، الذي أنشأ حكومة مدنية عسكرية مختلطة في عام 2019 كان من المفترض أن تمهد الطريق للديمقراطية بعد الانقلاب هناك، ولكن الواقع أوضح أن ما حدث يقدم نموذجًا آخر، وذلك مع انهيار هذا البلد في صراع مرير بين القادة العسكريين المتنافسين، وهو ما يقدم قصة تحذيرية في أزمة النيجر.

 

3) التدخل العسكري

وبالطبع الخيار الثالث هو التدخل العسكري، وإن لم يقل قادة غرب إفريقيا أنه سيتم استخدام القوة بالتأكيد إذا لم تتم إعادة الرئيس بازوم، ولكنهم تركوها مفتوحة كاحتمال، حيث وصف المسؤولون النيجيريون ذلك بأنه "الملاذ الأخير"، وقال الرئيس تينوبو إنه قد يكون هناك تدخل عسكري لفرض امتثال المجلس العسكري في النيجر إذا ظلوا عنيدون، وقد استخدم إيكواس القوة العسكرية لاستعادة النظام الدستوري في الماضي ، على سبيل المثال في غامبيا في عام 2017 عندما رفض يحيى جامح التنحي بعد خسارته في الانتخابات، ولكن الرهانات حول ما إذا كان يجب المضي قدمًا هذه المرة سيكون أكثر صعوبة لعدة أسباب .. 

أولاً ، النيجر هي أكبر بلد جغرافيًا في غرب إفريقيا ، في حين أن غامبيا هي قطعة صغيرة من الأرض محاطة بالسنغال والمحيط الأطلسي ، لذا فإن إرسال القوات سيكون احتمالًا مختلفًا تمامًا.ثانيًا ، تواجه نيجيريا القوة الإقليمية ، التي تقود مهمة إعادة الرئيس بازوم ، مجموعة من التحديات الأمنية في الداخل ، لذا فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة.ثالثًا ، قالت كل من مالي وبوركينا فاسو إن التدخل العسكري في النيجر سينظر إليه على أنه "إعلان حرب" وأنهما سيذهبان للدفاع عن زملائهما من قادة الانقلاب.

 

لذلك فهي تخاطر بالتدهور إلى حرب إقليمية واسعة النطاق ، خاصة إذا قاوم سكان النيجر التدخل الأجنبي، خصوصا أنه من المستحيل معرفة كيف سيكون رد فعلهم، ومن المعروف أن نيجيريا والنيجر يشتركان في العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس من كلا الجانبين نفس اللغة، لذلك قد يجعل هذا بعض القوات النيجيرية مترددة في القتال إذا حدث ذلك، وقد طالبت دول مثل الجزائر ، جارة النيجر في الشمال ، والصين وروسيا بضبط النفس والاستمرار في استخدام الحوار لتخفيف التوتر.

 

خطة مفصلة للتدخل العسكري 

ومع ذلك ، بعد اجتماع استمر ثلاثة أيام في العاصمة النيجيرية ، أبوجا ، قال قادة الدفاع في إيكواس إنهم وضعوا خطة مفصلة للتدخل العسكري لقادة المنطقة للنظر فيها، وأعربت نيجيريا وساحل العاج والسنغال وبنين عن استعدادها لإرسال قوات إلى النيجر إذا قررت إيكواس القيام بذلك، ونيجيريا وحدها لديها حوالي 135000 جندي نشط ، وفقًا لمؤشر Global Fire Power ، في حين أن النيجر لديها حوالي 10000 فقط، لكن هذا بالتأكيد لا يعني أن الغزو سيكون سهلاً.

ولا شك في أن الحل السلمي مفضل لجميع الأطراف، لكن إيكواس حريصة على إظهار عزمها لأنها فشلت في منع موجة الانقلابات في المنطقة في السنوات الثلاث الماضية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النيجر ايكواس رئيس النيجر محمد بازوم المجلس العسکری التدخل العسکری الرئیس بازوم غرب إفریقیا

إقرأ أيضاً:

خيارات القمم العربية المرتقبة.. بين الواقع والطموح

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحافي عقد بعد نحو أسبوعين من دخوله البيت الأبيض، وفي حضور بنيامين نتنياهو، تصريحات أشار فيها إلى نيّته في السيطرة على قطاع غزة بعد إخلائه من سكانه، وطالب مصر والأردن بتخصيص أراضٍ لإعادة توطين المهجّرين الفلسطينيين، مبرّراً مقترحاته المفاجئة وطلباته غير المشروعة بأنّ قطاع غزة لم يعد صالحاً للحياة بعد كلّ ما حلّ به من دمار وما شهدته ساحته من حروب متتالية على مدى السنوات الماضية.

أكّد ترامب أنّ حرصه على تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط هو ما دفعه للتفكير في أن تتولّى الولايات المتحدة بنفسها الإشراف على إعادة إعمار القطاع بطريقة تضمن تحويل هذه إلى “ريفييرا” ساحرة يمكن لكلّ البشر من مختلف أنحاء العالم أن يستمتعوا بشواطئها الجميلة وبمياهها الدافئة، بدلاً من أن تظلّ مسرحاً لصراع دائم يستعصي على الحلّ.

أثارت هذه التصريحات المذهلة ردود أفعال متناقضة على الساحتين الإسرائيلية والعربية. فعلى الساحة الإسرائيلية سارع كلّ من نتنياهو والجناح الأكثر تطرّفاً في حكومته إلى الاحتفاء بها والتحمّس لها، كما كان متوقّعاً.

فهي، من ناحية، تفتح أمام نتنياهو طريقاً لإنقاذ حكومته المهدّدة بالانهيار وللمحافظة على تماسك ائتلافه المأزوم الذي يوشك عقده على الانفراط. وهي، من ناحية أخرى، تضخّ دماء جديدة في شرايين الاستراتيجية التي يتبنّاها الجناح الأكثر تطرّفاً والتي تهدف إلى ضمّ الضفة وإعادة احتلال القطاع وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً.

أما على الساحة العربية، فقد تسبّبت هذه التصريحات في صدمة شديدة على المستويين الرسمي والشعبي، حيث قوبلت برفض قاطع وأثارت سلسلة من ردود الأفعال التي أفضت إلى عقد اجتماع عاجل لوزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والإمارات وقطر، أسفر عن اتفاق على عقد قمة عربية مصغّرة تقتصر على الدول الخمس وتمهّد الطريق لانعقاد قمة عربية موسّعة في نهاية الشهر الجاري، كما تمّت الموافقة خلال الاجتماع الوزاري على أن تتولّى مصر إعداد خطة مفصّلة لإعمار غزة من دون تهجير سكانها.

تتوافر مؤشرات عديدة توحي بأنّ مناقشة واعتماد الخطة المصرية البديلة سيكون هو الموضوع الرئيسي المدرج على جدول أعمال القمم العربية المقبلة، المصغّرة منها والموسّعة على حدّ سواء. فربما يكون من السابق لأوانه الجزم بما إذا كان في مقدور أيّ من هذه القمم تبنّي استراتيجية عربية قادرة بالفعل على الحيلولة دون تصفية القضية الفلسطينية نهائياً، وهو الهدف الحقيقي الكامن وراء خطة التهجير التي يقترحها ترامب.

فمن الناحية الفنية، لا توجد أيّ صعوبة في الواقع تحول دون رسم خطة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة المدمّر من دون اللجوء إلى تهجير كلّي أو جزئي أو حتى مؤقت لسكانه. فالعالم العربي يعجّ بالخبرات الهندسية والمعمارية والعمرانية، وأيضاً بالشركات والمؤسسات رفيعة المستوى الكفيلة بوضع وتنفيذ مثل هذه الخطة بكفاءة واقتدار.

غير أنّ المعضلة الحقيقية تكمن في الأبعاد السياسية للقضية وليس في أبعادها الفنية، أي في إصرار الحكومة الإسرائيلية، المدعوم أمريكياً، على رفض أيّ تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وعلى استغلال الظروف والأوضاع الراهنة لتصفية هذه القضية نهائياً، عبر الضمّ والتهجير.

فعلى مدى الشهور الخمسة عشر التي استغرقتها حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني منذ “طوفان الأقصى”، لم يستطع العالم العربي أن يفعل شيئاً لوقف هذه الحرب الوحشيّة، أو حتى لإجبار “إسرائيل” على السماح بإدخال ما يكفي من معونات إنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني ممّا يتعرّض له من عمليات التجويع والتدمير والتشريد التي لا نظير لها في العصر الحديث.

ولولا ما أظهرته المقاومة الفلسطينية المسلّحة من بسالة منقطعة النظير في ميدان القتال، وما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود أسطوري، جسّده إصراره العنيد على البقاء في أرضه والتمسّك بها ورفض الهجرة والتهجير مهما تكبّد من تضحيات، لما أمكن التوصّل إلى الاتفاق الحالي لوقف إطلاق النار، والذي تمّ التوصّل إليه قبل يوم واحد من انتهاء ولاية بايدن.

حين يأتي ترامب اليوم ليطلب من مصر والأردن اقتطاع مساحات من أراضيهما تكفي لإعادة توطين سكان قطاع غزة الذي قرّر إخلاءه وتحويله إلى “ريفييرا عالمية”، فهو يرتكب جريمتين دوليتين في وقت واحد: حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقّه في تقرير مصيره، وانتهاك سيادة دولتين عربيتين تربطهما بـ “إسرائيل” معاهدات سلام.

لذا فمن الطبيعي أن يصبح السؤال المطروح على القمم العربية المقبلة هو: هل يجوز أن يستمرّ العالم العربي، بكلّ ما يملكه من موارد وإمكانيات، في مواصلة سياسة المهادنة التي ينتهجها مع “إسرائيل” منذ عشرات السنين، أم يستفيق ويدرك أخيراً، إنّ هذه السياسة لن تحميه من الأطماع الصهيونية طالما استمرّت الولايات المتحدة في دعمها غير المشروط لهذه الأطماع.

وهذا هو التحدّي الذي لم يعد أمام العالم العربي سوى الإصرار على مواجهته بكلّ ما يملك من أوراق القوة والضغط. لكن ما الذي تستطيع القمم العربية أن تقوم به في ظلّ الأوضاع الإقليمية والعالمية الراهنة.

الواقع أنه لا يكفي أن تتبنّى القمم العربية المرتقبة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، وإنما ينبغي أن تقترن هذه الخطة باستراتيجية شاملة، تفتح الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، يمكن عرض وتلخيص أهمّ معالمها الأساسية وخطواتها التنفيذية على النحو الآتي:

أولاً: التمسّك بالتنفيذ الكامل للاتفاق الحالي لوقف إطلاق النار والعمل بكلّ الوسائل المتاحة لإفشال المحاولات الرامية لتعديله. ولأنّ نتنياهو يدرك الآن بوضوح أنّ التنفيذ الحرفي لهذا الاتفاق قد يؤدّي إلى تفكّك الائتلاف الحاكم، يتوقّع أن يحاول إقناع إدارة ترامب بممارسة الضغوط لتعديله بدعوى أنه من صنع إدارة أخرى، وهو منطق مرفوض تماماً لأنّ إدارة ترامب شاركت في المراحل النهائية للمفاوضات التي أفضت إليه، بل وأصرّ ترامب شخصياً على دخوله حيّز التنفيذ قبل أن يدخل هو إلى البيت الأبيض، وما زال يفاخر علناً بأنه لولاه لما تمّ إبرامه أصلاً.

ثانياً: الفصل التامّ بين المراحل الزمنية الثلاث لهذا الاتفاق وعدم الانتقال من مرحلة إلى المرحلة التي تليها إلا بعد التنفيذ الكامل لمتطلّبات المرحلة التي تسبقها. ولأنّ “إسرائيل” لم تفِ بكلّ الالتزامات الواقعة عليها بموجب المرحلة الأولى، خصوصاً ما يتعلّق منها بالبرتوكول الإنساني الذي ينصّ على ضرورة الكرافانات والخيام اللازمة لإيواء الأحياء، والمعدّات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض والبحث عن المفقودين، والمستلزمات اللازمة لإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الطبية والخدمية.

ثالثاً: إلزام “إسرائيل” بعدم العودة إلى استئناف القتال مهما كانت الظروف. صحيح أنّ الاتفاق الحالي يتعلّق بهدنة لن تصبح قابلة للتحوّل إلى وقف دائم لإطلاق النار (تهدئة مستدامة) إلا في بداية المرحلة الثانية، وبعد مفاوضات كان يتعيّن أن تبدأ في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، لكنه يلزم طرفي الصراع بمواصلة التفاوض، حتى لو تطلّب الأمر تجاوز الفترة المحدّدة للمرحلة الأولى وهي 42 يومياً، كما يلزم الوسطاء في الوقت نفسه برعاية هذه المفاوضات إلى أن يتمّ التوصّل إلى اتفاق حول جميع الموضوعات والقضايا التي تشملها المرحلة الثانية.

رابعاً: ربط مصير قطاع غزة بمصير الضفة الغربية، وبالتالي ربط بدء التفاوض حول “اليوم التالي” وكذلك ربط أيّ حديث عن نزع سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة ببدء التفاوض حول خطة واضحة المعالم لتأسيس دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، يضمن مجلس الأمن قيامها استناداً إلى قرار يصدر بموجب الفصل السابع من الميثاق.

وسوف يكون من المفيد سياسياً وإعلامياً في هذا السياق أن تعلن قيادة حماس موافقتها من حيث المبدأ على التنحّي عن إدارة قطاع غزة، والتزامها مع بقية الفصائل الأخرى بتسليم سلاحها لأيّ سلطة فلسطينية منتخبة يعهد إليها بإدارة الدولة الفلسطينية المرتقبة (أو لأيّ سلطة أممية يعهد إليها بإدارة الضفة والقطاع خلال مرحلة انتقالية تفوّض خلالها بالإشراف على تفكيك المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بالتوازي مع إعمار قطاع غزة).

حسناً فعلت مصر والأردن حين تمسّكتا برفضهما القاطع لتهجير الفلسطينيين، وحسناً فعلت بقيّة الدول العربية حين عبّرت بالإجماع عن دعمها الكامل لهذا الموقف، لكنّ ذلك لا يكفي. فالحكومة الإسرائيلية الحالية، الأشدّ تطرّفاً وعنصرية في تاريخ “إسرائيل”، تعتقد أنّ الأوضاع الإقليمية الحالية تتيح أمام “إسرائيل” فرصة لضمّ الضفة الغربية ولإعادة احتلال قطاع غزة ولإقامة “إسرائيل التوراتية”، وهو ما لن تقبل به الشعوب العربية مطلقاً.

لذا تواجه القمة العربية المرتقبة تحدّياً غير مسبوق يفرض عليها أن تختار بين بديلين، فإما الاستسلام لهيمنة إسرائيلية كاملة على المنطقة، بقبول مواصلة التطبيع مع “إسرائيل” التوراتية، وإما الإصرار على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ولدى العالم العربي أوراق ضغط كثيرة لفرض قيام هذه الدولة، أقلّها التزام الدول العربية بقطع جميع علاقاتها مع “إسرائيل” وبعدم الدخول في أيّ علاقات جديدة معها ما لم تعلن رسمياً موافقتها من حيث المبدأ على قيام دولة فلسطينية مستقلّة عاصمتها القدس الشرقية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وبدء التفاوض على خارطة طريق تفضي إلى تحقيق هذا الهدف. وعلى الدول العربية أن تدرك إنها إذا لم تتمكّن من إلزام “إسرائيل” والولايات المتحدة بالموافقة على قيام هذه الدولة الآن فلن تتمكّن بعد ذلك مطلقاً، وبالتالي سترضخ في النهاية لتصفية القضية الفلسطينية وتقبل بالهيمنة الإسرائيلية على كامل المنطقة.

 

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • «التعليم» تحدد مصير الطلاب المتخلفين عن تسجيل استمارة الثانوية العامة
  • نائب بالشيوخ: زيارة الرئيس السيسي لإسبانيا نجاح دبلوماسي ورسالة حاسمة للعالم
  • خيارات القمم العربية المرتقبة.. بين الواقع والطموح
  • رائدة بالجيش الأميركي: إغلاق قواعدنا في النيجر انتكاسة إستراتيجية
  • خطأ كارثي لحارس الترجي التونسي يشعل غضب الجماهير .. فيديو
  • مصير غامض لمجلس القيادة بعد رحيل العليمي إلى ألمانيا.. تفاصيل مهمة
  • الرئيس اليمني يتفقد جاهزية القوات و”وحدة الجبهات” مع تصعيد الحوثيين العسكري
  • الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن عقب حضور اجتماع حول القضية الفلسطينية بالرياض
  • الرئيس السيسي يشارك في اجتماع غير رسمي حول القضية الفلسطينية بحضور قادة الخليج والأردن
  • اليوم.. الرئيس السيسي يشارك في اجتماع غير رسمي حول القضية الفلسطينية بالرياض