آزوف.. ماذا تعرف عن الوحدة العسكرية الأوكرانية التي تصدت للروس؟
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
قالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن مراجعة تجريها لم تنته إلى أي دليل على ارتكاب وحدة "آزوف" العسكرية الأوكرانية انتهاكات لحقوق الإنسان، ما يمهد الطريق أمامها لاستخدام الأسلحة الأميركية والاستفادة من التدريب.
ويأتي القرار ردا على ما وصفته الوزارة بمعلومات مضللة روسية تهدف إلى تشويه سمعة تلك الوحدة.
وتعد وحدة آزوف، التي لها جذور يمينية وقومية متطرفة، جزءا من الحرس الوطني الأوكراني، وكانت في الأصل كتيبة شُكلت في عام 2014 لقتال الانفصاليين المدعومين من روسيا، الذين سيطروا على مناطق في شرق أوكرانيا.
وقالت الوحدة في بيان إن الأسلحة الغربية من شأنها أن تحسن القدرات القتالية لمقاتليها وتنقذ الأرواح. وعبّرت عن امتنانها للجهود المبذولة لرفع الحظر على الرغم مما وصفته بالدعاية الروسية تجاه الوحدة، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
U.S. Embassy officials have confirmed that “the 12th Operational Purpose Brigade of the National Guard of Ukraine” (the official name the 12th Special Forces Brigade Azov of the National Guard of Ukraine) has passed the vetting required by U.S. law and is eligible to receive… pic.twitter.com/8grhFzbRvT
— Azov Brigade (@azov_media) June 11, 2024وتحظى الوحدة بالثناء في أوكرانيا لدفاعها عن البلاد ضد غزو روسيا وخاصة مدينة ماريوبول الجنوبية.
ويحظر القانون الأميركي على قوات الأمن الأجنبية الحصول على مساعدات عسكرية أميركية إذا ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، لكن مراجعة لوحدة القوات الخاصة الثانية عشرة (آزوف) التابعة للحرس الوطني الأوكراني تمهد الطريق أمامها للحصول على أموال أميركية، حسبما قالت الوزارة في بيان.
وكتبت الوزارة في إشارة إلى قانون قانون ليهي أنه "بعد مراجعة شاملة، اجتازت وحدة آزوف الثانية عشرة للقوات الخاصة الأوكرانية فحص ليهي الذي أجرته وزارة الخارجية الأميركية".
وينص قانون ليهي على قطع المساعدات تلقائيا عن أي جهة عسكرية إذا وجدت الوزارة أدلة موثقة على ارتكاب انتهاكات جسيمة.
وتسمح هذه الخطوة لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بإلغاء حظر دام عقدا من الزمان على السماح للوحدة العسكرية الأوكرانية باستخدام الأسلحة الأميركية، وفقا لصحيفة واشنطن بوست، التي كانت أول من أورد القرار.
ووصف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف هذه الخطوة بأنها "سلبية للغاية".
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد صاغ قرار غزو أوكرانيا باعتباره "مهمة خاصة" لحماية الناطقين بالروسية من الإبادة الجماعية على أيدي "النازيين الجدد" وفق زعمه.
وفي خطاب ألقاه قبل دقائق من بدء الغزو في 24 فبراير2022 ، قال بوتين "سنسعى إلى تجريد أوكرانيا من السلاح وإزالة النازية"، في إشارة إلى حركة آزوف اليمينية المتطرفة، التي كانت جزءًا من المشهد العسكري والسياسي في أوكرانيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
لكن الجناحان العسكري والسياسي لـ"آزوف" انفصلا رسميًا في عام 2016. وبحلول ذلك الوقت تم دمج كتيبة آزوف في الحرس الوطني الأوكراني.
وفي أوجها كميليشيا مستقلة، ارتبطت كتيبة آزوف بالمتعصبين البيض وأيديولوجية وشارات النازيين الجدد. وكانت نشطة بشكل خاص في ماريوبول وما حولها في عامي 2014 و2015.
وبعد دمجها في الحرس الوطني الأوكراني، وسط مناقشات في الكونغرس الأميركي حول تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية، دافع وزير الشؤون الداخلية الأوكراني آنذاك، أرسين أفاكوف، عن الوحدة.
وقال لصحيفة "أوكراينسكا برافدا" الإلكترونية في عام 2019 "إن الحملة الإعلامية المخزية حول الانتشار المزعوم للأيديولوجية النازية (بين أعضاء آزوف) هي محاولة متعمدة لتشويه سمعة وحدة "آزوف" والحرس الوطني لأوكرانيا".
ولا تزال الكتيبة تعمل ككيان مستقل نسبياً. وقد برزت في الدفاع عن ماريوبول، وقد حظيت مقاومتها بإشادة واسعة النطاق من قبل أعضاء الحكومة.
86 days of defense of Mariupol. Two years of captivity for more than 900 Azov soldiers. A year without exchanges.
In conditions, when our wounded comrades were dying without the necessary medicine and it was impossible to continue the defense of Azovstal, the Mariupol garrison… pic.twitter.com/ZdKzXFm5P8
وبالنسبة لبوتين، الذي ادعى زوراً أن الحكومة الأوكرانية يديرها "مدمنو المخدرات والنازيون الجدد"، فإن آزوف يمثل هدفاً واضحاً وفق شبكة أخبار "سي.أن.أن".
ومنحت موسكو هذا الفوج دورًا كبيرًا في الصراع، واتهمته بشكل روتيني بانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي 7 مارس ألقى سفير روسيا لدى الأمم المتحدة باللوم على وحدة آزوف في إغلاق ممر الإخلاء في المدينة الساحلية المحاصرة، قائلا إنهم يستخدمون "المواطنين كدرع بشري". وقد تكرر هذا الادعاء باستمرار في وسائل الإعلام الروسية.
10 سنوات من النشاطتم تشكيل وحدة آزوف في عام 2014، وهو نفس العام الذي بدأ فيه المتمردون المدعومون من موسكو السيطرة على الأراضي عبر منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا، وكانت تلك السنة التي غزت فيها روسيا شبه جزيرة القرم واستولت عليها.
وفي ذلك الوقت، شجعت وزارة الدفاع الأوكرانية كتائب المتطوعين على الانضمام إلى حملة المقاومة ومساعدة جيشها المكافح.
ونقلت "سي.أن.أن" عن ألكسندر ريتزمان، أحد كبار المستشارين في مشروع مكافحة التطرف (CEP)، ومقره برلين، قوله إن دور الكتيبة في استعادة ماريوبول في يونيو 2014 من القوات المدعومة من روسيا جعلها "تحظى بمكانة البطل" في أوكرانيا.
لكن هذه المكانة جاءت مصحوبة بأشياء أخرى، وهي وجهات النظر اليمينية المتطرفة لبعض الأعضاء وشارات النازيين الجدد.
وقال ريتزمان إن هذه تشمل شارة الشمس السوداء، "الرمز الذي خصصه النازيون لدينهم الزائف" وفق تعبيره، وكذلك رمز "وولفسانجيل" (Wolfsangel)، الذي تبناه المتطرفون اليمينيون.
يذكر أن قادة آزوف نفوا في عدة مناسبات ارتباطاهم بما يعرف بالنازيين الجدد، قائلين إن كلمة Wolfsangel "N" و"I" تعني "الفكرة الوطنية".
وتؤكد مصادر أوكرانية أن المجموعة كانت مسلحة من قبل الدولة وممولة جزئيا من قِبَل الأوليغارشيين المحليين في شرق البلاد.
وقال ريتزمان إن هذا التمويل شمل أموالا من رجل الأعمال إيهور كولومويسكي.
وفرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على كولومويسكي في مارس 2021. في العام السابق، وضعته وزارة العدل الأميركية قيد التحقيق بتهمة الاختلاس والاحتيال.
في عام 2016، اتهمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجماعات المسلحة على جانبي صراع دونباس، بما في ذلك وحدة آزوف، بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
ويقول خبراء إن الوحدة، منذ تأسيسها، قامت بتجنيد مقاتلين أجانب بدافع من التفوق الأبيض للقتال في أوكرانيا.
وأثار الغزو الروسي واسع النطاق للبلاد، ودعوة الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي للمتطوعين الأجانب للانضمام إلى القتال، مخاوف بشأن التطرف في الحرب.
في الصدد، قال كولن كلارك، زميل أبحاث كبير في جامعة نيو جيرسي للقناة الأميركية "ما يقلقني هو أن الناس، وخاصة المتطرفين اليمينيين في أوروبا، (سيكتسبون) خبرة قتالية وتدريبًا في المسرح الأوكراني ثم يستخدمون ذلك لشن هجمات إرهابية في أوروبا نفسها".
وحدة مغايرةووحدة آزوف الآن لا علاقة لها بالميليشيات المتفرقة، أو كتيبة آزوف لعام 2014، والتي تشكلت من بضع عشرات من مثيري الشغب، والمتطرفين اليمينيين، يؤكد موقع جامعة "موناش" في أستراليا.
وكشف تقرير موقع الجامعة أنه "في أواخر عام 2014، تم استيعاب آزوف في الحرس الوطني الأوكراني، ما سمح بقدر أكبر من الإشراف الحكومي، مع إيلاء قدر كبير من الاهتمام لتطهير صفوف العناصر اليمينية المتطرفة، وهو ما ينبغي الاعتراف به كمثال على نجاح عملية اجتثاث التطرف".
يذكر أنه تمت إعادة تشكيل وحدة آزوف بشكل متكرر؛ حيث رحل منذ فترة طويلة قادتها المتطرفون الأوائل مثل أندريه بيليتسكي، ومؤخراً تم التخلي عن شعاراتها المثيرة للجدل.
At the beginning of May 2022, more than 1,000 civilians were in Azovstal's shelters.
Russian shelling, which completely destroyed Mariupol, forced the elderly, women and children to seek shelter in the plant's basements.
The exit and evacuation of the civilian population from… pic.twitter.com/qyWeey631Q
ويصف مراقبون الآن آزوف بأنها "غير مسيسة"، حيث كتبت جامعة "أوماش" أن "مجنديها ينضمون الآن ليس بسبب الأيديولوجية، ولكن لأنها تتمتع بسمعة كونها وحدة قتالية صعبة بشكل خاص".
ومع ذلك، تشير وسائل الإعلام الرسمية الروسية دائمة إلى أن أهداف "آزوف الشيطانية" مبرر كافٍ لغزوها الوحشي لأوكرانيا، وفق تقرير الجامعة الأسترالية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: لحقوق الإنسان فی أوکرانیا آزوف فی عام 2014 فی عام
إقرأ أيضاً:
الإخوان المسلمون في سوريا يطالبون بعودة دستور 1950.. ماذا تعرف عنه؟
أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الأحد بيانًا دعت فيه إلى اعتماد دستور 1950 لفترة انتقالية مؤقتة لمنع الفراغ الدستوري. وأشار البيان إلى أن هدم نظام المخلوع بشار الأسد الاستبدادي كان مكلفًا وصعبًا.
ودعت الجماعة إلى التكاتف لبناء دولة العدل والقانون على قاعدة السواء في الوطن في هذه الظروف المحيطة.
سقوط الطغيان وبناء الأوطان#بيان_رسمي pic.twitter.com/H1hF4n7OCO — إخوان سورية (@IkhwanSyriaAR) December 21, 2024
وأكدت الجماعة أنها تمد يدها إلى حكومة تسيير الأعمال برئاسة محمد البشير، وتقدم كل إمكاناتها لبناء الدولة السورية، ومؤسساتها التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.
وطالبت في بيانها، على أهمية الإسراع في بناء مؤسسات دولة مستقرة ترتكز على القاعدة الشعبية الثورية التي قادت عملية التغيير. وشددت الجماعة على ضرورة أن تضم هذه المؤسسات تمثيلاً واسعاً لمختلف شرائح الشعب السوري لتحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة.
وبشأن القرار الأممي 2254، قالت الجماعة إنها تدرك أن الجزء الأول من القرار والمتعلق بإنشاء إدارة انتقالية بالمشاركة بين المعارضة والنظام لم يعد قائماً بعد سقوط النظام، ولكن البلاد ما زالت بحاجة إلى دستور جديد وانتخابات حرة.
دعت الجماعة إلى اعتماد دستور 1950 لفترة انتقالية مؤقتة لمنع الفراغ الدستوري، ريثما يتم تشكيل جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد يحافظ على هوية البلد ويصون حقوق جميع المكونات. يتبع ذلك إجراء انتخابات حرة تشريعية ورئاسية.
دعوى قديمة
وفي عام 2017 أطلق عدد من الثوار السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لدعم الدستور السوري عام 1950، بديلا عن دستور 7319 المعمول به في نظام البعث.
وقالوا إن دستور عام 1950 هو الدستور الوحيد الذي تم وضعه عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة واستطاع أن يمثل جميع الأطياف السياسية والدينية والعرقية، وبآلية ديمقراطية، واعتمد نظاما برلمانيا يقوم على التوازن والتعاون بين السلطات، وهي ضرورة حكمت ظروف المرحلة السائدة آنذاك.
لكن دستور 1950 لم يعمل به طويلا، فسرعان ما غير مع انقلاب حزب البعث، وتولي حافظ الأسد على الحكم عبر انقلاب عسكري.
فصاغ على مقاسه لأول مرة الدستور 7319، وظل بدون أي تعديل إلا في استثنائيين إثنين، الأول عام 1981 للتخلي وقتها عن علم اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة، وقد ترك الأمر يوم إذ لحافظ لاختيار العلم البديل.
أما المرة الثانية التي عدل فيها الدستور فكانت عام 2000 لتعديل السن القانونية لرئيس الجمهورية من سن ال40 إلى 34، بما يتناسب عند تلك المرحلة مع سن بشار الأسد لتوريثه للحكم الذي بقي على رأسه، متمسكا بذات الدستور حتى عام 2012.
وعقب انطلاق الثورة السورية قام بشار بإجراء تعديلات شكلية، ولم ينفعه إلغاء المادة الثامنة التي يحتكر بموجبها حزب البعث قيادة الدولة والمجتمع والدولة.
دستور 1950 وبداية الحكم المدني
وفي عام 1950، وضعت سوريا "دستور الاستقلال"، وهو أول دستور مدني من نوعه للبلاد. اطلعت اللجنة المكلفة بصياغته على 15 دستوراً أوروبياً وآسيوياً للوصول إلى "أرقى المعايير الممكنة".
وجاءت المادة الثالثة من الدستور لتحدد أن "دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع"، وهو ما استمر في الدساتير اللاحقة.
حدد دستور عام 1950 صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنح البرلمان دوراً تشريعياً أوسع من خلال منعه نقل صلاحياته التشريعية إلى الحكومة، حتى بشكل مؤقت. كما عزز الدستور من سلطة القضاء عبر إنشاء المحكمة الدستورية العليا لضمان مراقبة دستورية القوانين وحماية الحقوق.
كفل الدستور حرية الرأي والصحافة، والاجتماع والتظاهر، والمحاكمة العادلة، ومنع الاعتقال التعسفي والتوقيف دون محاكمة لفترة طويلة، وحفظ حق الملكية والمشاركة في الحياة الاقتصادية وتأطير الملكية العامة للدولة، وحماية حقوق الفلاحين والعمال على وجه الخصوص.
كما يعتبر مرجعاً يمكن البناء عليه في الفترة الانتقالية لضمان المساواة بين السوريين كافة بمختلف قومياتهم وطوائفهم ومذاهبهم.
مصطفى السباعي ودين الدولة
يعد لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين في سوريا٬ وأول مراقب عام لها الشيخ مصطفى السباعي٬ دورا في صياغة دستور عام 1950.
فحين احتدم الجدل في البرلمان حول مسألة دين الدولة في دستور عام 1950، الذي شكلت جمعية تأسيسية لإقراره، وقف السباعي الذي كان عضوا في لجنة صياغة الدستور، ليدافع عن روح الإسلام المعتدل في وجه نواب حزب البعث وأتباع أكرم الحوراني في حزب الشباب.
قائلا إن سوريا دولة برلمانية، وحق التشريع يعود فقط للبرلمان، فلا توجد سلطة دينية بإمكانها إرغام البرلمان على قبول دستور لا يقره البرلمان ولا يرضى به.
وأوضح مصطفى السباعي أن الهدف من تسمية دين الدولة٬ هو لمنحها مسحة روحية وأخلاقية، تساعد في تحديد النظام والقانون، وأن المسألة عمليا مرتبطة بأكثرية السكان، وبما أن 90% من سكان سوريا مسلمون، ليصبح الإسلام تلقائيا دينا للدولة.
وكانت هذه الردود الدفاعية كفيلة بوضع حدود للنقاش الذي امتد إلى الشارع، قبل أن يتقدم السباعي بمقترح حل الخلاف القائم، ومكن الجمعية التأسيسية من إقرار الدستور حين استبدل عبارة الإسلام دين الدولة، بأن الإسلام دين رئيس الدولة.
عُطل دستور 1950 أكثر من مرة بسبب تجدد الانقلابات العسكرية، ثم عُطل مع قيام الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 حتى عام 1961 مع سنة الانفصال، حيث أعيد إحياؤه، وبقي معمولاً به حتى 8 آذار/مارس 1963، عندما سيطر حزب البعث على السلطة وألغى الدستور والحريات العامة وأغلق الصحف.