بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على الحرب في غزة، ومقتل ما يزيد عن 37 ألف فلسطيني جراء الحرب التي شنتها إسرائيل عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر، تضاءل التعاطف الدولي مع إسرائيل، وأضحت تعيش في ما يشبه العزلة السياسية، غير أن الإسرائيليين، الذين فقدوا مئات الأشخاص في هجوم حماس، يرون الحرب من منظور آخر.     

ولدى محاولتها "القضاء على حماس" التي تقف وراء الهجوم، "تورطت إسرائيل في أطول حرب خاضتها منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948"، وفق تعبير تقرير لمجلة "فورين بوليسي".

وتعليقا على الوضع الراهن ورؤية العالم لإسرائيل، قالت مديرة الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية، شيرا إيفرون، للمجلة إن "إسرائيل بدأت الحرب مثل أوكرانيا، وبعد سبعة أشهر، أصبحت تُرى على أنها روسيا"، في إشارة إلى تغير نظرة العالم لها من مُعتدى عليه إلى مُعتد.

"ضرورة وجودية"

في المقابل، ينظر الإسرائيليون للحرب في غزة بعيون مختلفة ويصفونها بعبارات مغايرة تماما لما هو سائد في بقية أنحاء العالم، إذ يرى كثيرون منهم أن الحملة في غزة "ضرورة وجودية" وفق تعبير المجلة.

وقال أفنير غولوف، نائب رئيس الأبحاث والتحالفات في مركز الأبحاث مايند إسرائيل ومقره تل أبيب "بالنسبة لنا، إنها حرب لن تتكرر أبدا". 

وأضاف "يواجه جيلي الآن سؤالا لم أكن أعتقد أنني سأواجهه أبدا، وهو ما إذا كان من الممكن وجود دولة يهودية في الشرق الأوسط المعادي".  ومضى مؤكدا "نحن بحاجة للتأكد من أن الإجابة هي نعم".

تقرير: مقتل المدنيين في "النصيرات" يثير تساؤلات قانونية ضد إسرائيل ذكر تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الثلاثاء، أن الخسائر البشرية الناجمة عن عملية تحرير الرهائن الأربعة التي نفذتها إسرائيل، السبت، تثير تساؤلات مجددا حول قيام إسرائيل بما يكفي لحماية المدنيين في الحرب ضد حماس.

ورغم تحول الاهتمام العالمي نحو غزة، ما زالت إسرائيل غارقة في صدمة السابع من أكتوبر والإخفاقات الأمنية التي تركت آلافا من الإسرائيليين في مواجهة مقاتلي حماس. 

و"هناك خوف متزايد من أن يتم نسيان سفك الدماء الناتج عن الهجوم أو حتى إنكاره"، يقول تقرير المجلة.

ونقلت "فورين بوليسي" عن ياردن جونين، الذي أُخذت شقيقته، رومي جونين، البالغة 23 عاما، رهينة في مهرجان نوفا الموسيقي "أشعر ألا أحد يُصدقنا بما فيه الكفاية". 

وفي بلد يقل عدد سكانه قليلا عن 10 ملايين نسمة، يعرف الجميع تقريبا شخصا نجا أو قُتل أو أُخذ رهينة.

واندلعت الحرب إثر هجوم شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق بيانات رسمية إسرائيلية.

وخلال الهجوم، احتجز المهاجمون 251 شخصا، ما زال 116 منهم محتجزين في غزة، من بينهم 41 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وردت إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 37164 شخص في غزة، معظمهم مدنيون، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة في القطاع.

ورسائل التذكير بالرهائن الـ 120 الذين ما زالوا لدى حماس، والذين يُعتقد أن حوالي 80 منهم فقط ما زالوا على قيد الحياة، منتشرة في كل مكان في جميع أنحاء إسرائيل. 

ويواجه المسافرون الذين يصلون إلى مطار بن غوريون في تل أبيب صور الأسرى على ماسحات جوازات السفر البيومترية، وأجهزة الصراف الآلي، ومجموعة من الملصقات التي تصطف على طول المنحدر وصولا إلى مراقبة الجوازات.

120 hostages, 249 days.
Does this seem normal to anyone?

Bring them HOME, now! pic.twitter.com/GoAi99baxK

— Bring Them Home Now (@bringhomenow) June 11, 2024

ونفذت حماس هجومها بينما كانت إسرائيل تعيش أعمق أزمة سياسية منذ عقود بسبب مقترحات الإصلاح القضائي التي قدمتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والتي يخشى المنتقدون من أنها ستقوض السلطة القضائية المستقلة في البلاد. 

تغير الرؤى في إسرايل

رغم أن الإسرائيليين احتشدوا معا في أعقاب هجوم حماس، لم يُترجم ذلك إلى دعم لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بل بالعكس، تصاعد الإحباط بسبب فشل الحكومة في تأمين حرية الرهائن أو تقديم مسار عملي للخروج من الحرب.

وقال شموئيل روزنر، الباحث في معهد سياسة الشعب اليهودي، والذي يجري استطلاعات رأي أسبوعية للرأي العام الإسرائيلي، إنه لم تكن هناك زيادة في معدلات تأييد الحكومة في أعقاب 7 أكتوبر.

وقال "لم تكن هناك حالة تعرضت فيها دولة لهجوم من دولة أخرى أو من منظمة إرهابية، ولم تحصل فيها قيادة البلاد على ذرة واحدة من التقدم في استطلاعات الرأي".

وتشير استطلاعات رأي، أجراها في الفترة التي أعقبت هجوم حماس معهد الديمقراطية الإسرائيلي ومؤشر السلام التابع لجامعة تل أبيب، إلى أن المواقف الإسرائيلية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أصبحت أكثر تشددا من أي وقت مضى في الذاكرة الحديثة.

وأُجري كلا الاستطلاعين بعينة من حوالي 600 شخص لكل منهما. 

وتعتبر استطلاعات الرأي جزءا من سلسلة يتم إجراؤها عدة مرات سنويا وتحاول أن تكون ممثلة لمختلف فصائل المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك المواطنين الإسرائيليين من أصل فلسطيني.

وعلى الرغم من تجمع آلاف المتظاهرين في تل أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس، قال 10% فقط من الإسرائيليين في استطلاع معهد الديمقراطية الإسرائيلي إنهم سيؤيدون وقف القتال من أجل تبادل الرهائن. 

في غضون ذلك، قال 44.3% من الإسرائيليين إنهم يريدون أن تتفاوض الحكومة من أجل إطلاق سراح الرهائن فورا دون وقف القتال.

ويقول يوسي ميكيلبيرغ، زميل مشارك في تشاتام هاوس متخصص في الكتابة عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لمجلة تايم إنه في حين أن العديد من الإسرائيليين يريدون عودة الرهائن إلى ديارهم، فإنهم يشعرون بالقلق أيضًا من أن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين سيؤدي إلى مزيد من الهجمات مثل تلك التي ارتكبت في أكتوبر.

ووجد استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في شهري مارس وأوائل أبريل أن ما يقرب من 40% من الإسرائيليين يرون بأن الرد العسكري لبلادهم في غزة كان صحيحا، في حين يرى ما يزيد قليلا عن الثلث بأنه لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية. 

وأظهر الاستطلاع انقاسامات حادة في الطريقة التي يرى فيها اليهود والعرب الإسرائيليون الحرب. 

ويرى ما يقرب من 75% من العرب الإسرائيليين، الذين يشكلون حوالي خمس سكان البلاد، أن الحرب ذهبت أبعد من اللازم، مقارنة بـ 4% من اليهود.

وقالت عينات ويلف، عضوة الكنيست السابقة التي عملت مسؤولة عن السياسة الخارجية "لقد عدت للتو من كندا والولايات المتحدة، ورأيت أنه حتى الأشخاص الأذكياء للغاية تبنوا هذا الشيء المتمثل في أن حرب غزة هي حرب نتانياهو".

وأضافت "إنه خطأ نتانياهو، أعتقد أنه المسؤول إلى حد كبير عن القيام بذلك بشكل سيئ للغاية.. لكن الحرب؟ هي حرب شعبنا".

وحتى قبل أن يدعو المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، كان الإسرائيليون يشعرون بالقلق إزاء صورة بلادهم العالمية. 

وقال ما يقرب من ستة من كل عشرة  في استطلاع للرأي أجري هذا الربيع أن إسرائيل لا تحظى بالاحترام في جميع أنحاء العالم.

إلى ذلك، يشعر معظم الإسرائيليين أن معاداة السامية وكراهية الإسلام أمران شائعان وأن كلا النوعين من التحيز آخذان في الارتفاع على مستوى العالم، وفقا لمسح أجراه مركز بيو ونشر نتائجه الثلاثاء، شمل 1001 إسرائيلي في الفترة من 3 مارس إلى 4 أبريل 2024. 

תודה למאות האזרחים שהגיעו היום לשיירת החופש והצטרפו לדרישה לחתום על עסקת נתניהו, עכשיו.
ריגשתם אותנו!????️

קרדיט צילום: שב״פ pic.twitter.com/68kaL0Nnlj

— מטה המשפחות להחזרת החטופים והנעדרים (@BringThemHome23) June 10, 2024

وتقول غالبية المستجوبين (الإسرائيليين) والتي تبلغ 58% أن إسرائيل لا تحظى بالاحترام في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 15% يقولون إنها "لا تحظى بالاحترام على الإطلاق".

وتقول نسبة أقل من الإسرائيليين (40%) أن إسرائيل تحظى باحترام دولي، بما في ذلك 9% يقولون إنها تحظى باحترام كبير.

ومن المرجح بشكل خاص أن يقول الإسرائيليون الذين يصنفون أنفسهم على أنهم من تيار اليسار إن بلادهم لا تحظى بالاحترام على المستوى الدولي. 

ويتبنى ثلثا الإسرائيليين من اليسار هذا الرأي، بما في ذلك حوالي الربع (27%) الذين يقولون إن إسرائيل لا تحظى بالاحترام على الإطلاق في الخارج.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: من الإسرائیلیین بما فی ذلک هجوم حماس تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يحمل رؤية تخرج من ضغط الحاضر لما وراء الأحداث

عبر 137 صفحة، يقدم الدكتور محسن صالح في كتاب “معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.. تحليلات سياسية واستراتيجية” في عام 2024م إجابات عن كثير من الأسئلة المتعلقة بالمعركة والحرب المستمر على غزة بطريقة تحليلية معمقة ورؤية استراتيجية تخرج من ضغط الحاضر لرؤية ما وراء الأحداث.

ويرى الكتاب الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت، أن عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023م مثلت حدثًا استراتيجيًا غير مسبوق، وقفزة نوعية كبيرة في الصراع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.

ويخلص إلى أن هذه المعركة أسقطت نظرية الاحتلال الأمنية، وأثبتت مركزية الأقصى والقدس في الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي وفشل تطويع الإنسان الفلسطيني، وكرَّست عملياً مشروع المقاومة، وأسقطت فرضية إمكانية إغلاق الملف الفلسطيني، وتركت أثراً عميقاً في المسار الفلسطيني.

تداعيات غير مسبوقة

ويعد أن للمعركة تداعيات غير مسبوقة فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا وإسرائيليًا ودوليًا ما تزال متدحرجة ومتفاعلة حتى يومنا هذا، وفي المقابل، كان العدوان الإسرائيلي الذي تلاها هو الأشرس والأكثر وحشية وتدميراً في تاريخ الكيان، وما تزال غزة تعيش إبادة غير مسبوقة وحربًا تتوسع شيئًا فشيئًا.

ولقد واكب مركز الزيتونة العديد من جوانب هذه المعركة وتداعياتها، بما في ذلك المواقف الفلسطينية والعربية والإسرائيلية والدولية؛ وأصدر هذا الكتاب الذي ضمّ بين دفّتيه ثمانية وثلاثين عنوانًا لمواضيع تحليلية سياسية واستراتيجية للدكتور محسن محمد صالح، من تأليف وإعداد الدكتور محسن صالح؛ المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات منذ العام 2004م، وهو أيضًا رئيس قسم التاريخ والحضارة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا سابقًا.

وسلَّط الكاتب الضوء على الكثير من النقاط التي تشغل اهتمامات المتخصصين والمتابعين؛ بما يجعله كتابًا مرجعيًا فيما يتعلق بالفهم السليم والعميق للمعركة وتداعياتها فلسطينيًا وعربيًا وإسلاميًا وإسرائيليًا ودوليًا.

الدلالات الاستراتيجيّة لطوفان الأقصى

وبعد المقدمة الموجزة التي عبّرت عن أهميّة ما جرى في “طوفان الأقصى” وتأثيرات المعركة المستمرة يأتي العنوان الأول “الدلالات الاستراتيجيّة لطوفان الأقصى” الذي استعرض فيه المؤلف ستّ دلالات استراتيجيّة، وهي:

أولى الدلالات الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى هي سقوط نظرية الأمن الإسرائيلي القائمة على مبادئ الردع والإنذار المبكر والقدرة على الحسم؛ والتي أضيف إليها مبدأ رابع سنة 2015 هو مبدأ الدفاع.

والدلالة الاستراتيجية الثانية هي مركزية الأقصى والقدس في الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي.

أما الدلالة الاستراتيجية الثالثة فهي التكريس العملي لمشروع المقاومة، بعدّه الأداة الفعالة الصحيحة لانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني ودحر الاحتلال.

والدلالة الاستراتيجية الرابعة هي فشل المشروع الصهيوني في تطويع الإنسان الفلسطيني.

والدلالة الاستراتيجية الخامسة هي فشل “إسرائيل” في تقديم نفسها كشرطي للمنطقة.

والدلالة الاستراتيجية السادسة سقوط فرضية إمكانية إغلاق الملف الفلسطيني بينما تتم عملية التطبيع مع البلدان العربية والإسلامية.

فلسفة القوة واليوم التالي

ثم يأتي العنوان الثاني “طوفان الأقصى.. التعامل مع اليوم التالي للعملية” ويناقش كل من السلوك الإسرائيلي وسلوك المقاومة بعد السابع من أكتوبر ليصل إلى نتيجة مفادها “إن الاحتلال الإسرائيلي بقدر ما هو راغب في الانتقام وسحق المقاومة في غزة، بقدر ما يتملكه الرعب من الفشل. ولذلك، سيسعى بكل قوته لتحقيق انتصار أو “صورة انتصار”؛ ولكن احتمالات فشله ليست قليلة؛ وهو ما قد يعني أن 7 تشرين الأول/ أكتوبر سيسجل في التاريخ، سواء كإنجاز نوعي للمقاومة، أم كمحطة مهمة في مسار هزيمة “إسرائيل”، بحسب الكتاب.

ويأتي العنوان الثالث “جرائم الحرب في غزة.. هل تفلت “إسرائيل” مرة أخرى؟” ويناقش العنوان فلسفة القوة عند الاحتلال الإسرائيلي متحدثًا على سبيل المثال عن فلاديمير جابوتنسكي “فيلسوف العنف” في الأيديولوجية الصهيونية، والأب الروحي لمناحيم بيغن ولحزب الليكود الحاكم، الذي كان يقول إن “السياسة هي القوة”، وإن “ما لا يؤخذ بالقوة، يؤخذ بمزيد من القوة”، وإن المشروع الصهيوني يرتبط تقدمه بقوة سلاحه. وتبنى جابوتنسكي فكرة “الأنانية المقدسة” التي تعني حتمية التضحية بالآخرين، لإنجاز المشروع الصهيوني، بحسب الكتاب.

أما العنوان الرابع “المقاومة الفلسطينية.. وجدلية التسبب بضحايا مدنيين من شعبها!” فينطلق المؤلف لمناقشة الفكرة مستبقا استعراض تجارب التحرر في العالم من قوله: “ما أغلى قطرة الدم، وفي الفهم الإسلامي، فإن هدم الكعبة المشرفة حجرًا حجرًا أهون عند الله من إراقة دمِ امرئ مسلم. والشعب الفلسطيني شعب متفتحٌ محبٌّ للحياة، كما يحب أرضه ويعشقها، كما أن بنيته النفسية والاجتماعية مجبولة بالشرف والعزة والكرامة، ولكنه وُضع تحت الاحتلال وتحت اختيارات قاسية، ففُرض عليه التهجير، واغتصبت أرضه ومقدساته، وضوعفت معاناته، وسعى العدو لإذلاله ولإفقاده حريته وكرامته، فكان لا بدّ من الثورة؛ لأن الحياة تفقد معناها والإنسان يفقد إنسانيته بلا وطن ولا أرض ولا عزة ولا كرامة”.

ثم يأتي العنوان الخامس ليجيب عن سؤال “لماذا يجنح السياسيون الغربيون لتجاهل المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين؟” مستعرضًا خمسة عوامل تدفع السياسيين الأمريكيين والغربيين، بدرجات متفاوتة، إلى تجاهل مجازر الاحتلال الإسرائيلي الفظيعة في حق الشعب الفلسطيني وتبرئته منها.

مشروع التحرير

أما العنوان السادس “استئناف مشروع التحرير.. وليس العودة لحظيرة التسوية” يتحدث فيه المؤلف عن أن أبرز المظاهر السياسية الغربية والإسرائيلية التي يُتابعها المراقب باشمئزاز من النقاش حول المشاريع والحلول المفترضة لمستقبل قطاع غزة في حالة التخلص من “حكم حماس”.

وبين أن العقل الغربي منشغلٌ في كيفية إعادة الفلسطينيين إلى “الحظيرة” وليس في كيفية تحريرهم منها، منشغلٌ في كيفية إطالة أمد معاناتهم، وتجاهل أبسط حقوقهم، وفي كيفية إطالة أمد الاحتلال والقهر، وفي شرعنته وتوسيعه وترسيخه، ويناقش المشروعات المطروحة ليخلص إلى أنّ الشعب الفلسطيني ومعه الأمة مصمّمون على تحرير فلسطين، وإن كل محاولات تطويعهم أو إخضاعهم أو وضعهم في “حظيرة التسوية” مصيرها إلى مزبلة التاريخ، على حد وصف الكتاب.

الموقف العربي

ثم يأتي العنوان السابع “الموقف العربي من العدوان على قطاع غزة.. حضيض جديد” يناقش فيه المؤلف تحول المقاومة من عبء على الأنظمة العربيّة إلى خصم لها مبينًا عوامل ذلك فيقول مثلًا: “في العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، برزت ثلاثة عوامل ضغطت باتجاه التقهقر العربي والتراجع عن دعم المقاومة.

أوّلها: النزاعات والصراعات والاضطرابات الداخلية في ظل الموجات المضادة للربيع العربي، والانشغال بالهموم والملفات الداخلية.

وثانيها: أن الأنظمة العربية التي تابعت السيطرة، بعيدًا عن إدارة شعوبها، أصبحت أكثر ضعفًا في مواجهة الضغوط، وأكثر احتياجًا للدعم الخارجي الإقليمي والدولي، خصوصًا الأميركي والغربي. وهو ما سهَّل على الأميركيين – خصوصًا في عهد ترامب- الضغط باتجاه تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، بحسب وصف الكاتب.

أمّا ثالثها، فهو أنَّ المقاومة الفلسطينية المسلحة تتشكل بنيتها الأساسية من حركتين إسلاميتين، هما: حماس والجهاد الإسلامي. فاجتمع عليهما معارضة الأنظمة لخط المقاومة وعداء هذه الأنظمة أيضًا للتيارات الإسلامية التي تصدَّرت الربيع العربي في بلدانها؛ وهو ما زاد من صعوبة العمل المقاوم، وعدم وجود بيئة إستراتيجية حاضنة في البلاد العربية. وتسبّب ذلك في أن تلجأ المقاومة لبناء علاقة قوية بإيران التي دعمت المقاومة ماليًا وعسكريًا، وهو ما زاد من توتير العلاقات مع عدد من الأنظمة العربية؛ وأصبحت تنظر للمقاومة من خلال علاقتها بإيران، وليس من خلال واجبها تجاه القدس والمقدسات وفلسطين، ومسؤولياتها القومية والإسلامية وأمنها القومي”.

ترتيبات نهاية الحرب

ويتحدث العنوان الثامن بتفصيل “من القسام إلى القسام” والعنوان التاسع يناقش باستفاضة “دلالات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى بين حماس والكيان الإسرائيلي” ثمّ يأتي العنوان العاشر متحدثا عن “معايير حول ترتيبات اليوم التالي لانتهاء العدوان على قطاع غزة” ويضع فيه ستة معايير على النحو الآتي:

المعيار الأول هو أن الشعب الفلسطيني شعبٌ ناضجٌ، وقادرٌ على أن يُقرّر مستقبله بنفسه، ولا يجوز لأحد أن يضع الوصاية عليه أو يُقرّر بالنيابة عنه. ولا يمكن للمشاريع الدولية والإسرائيلية أن تُفرض عليه مهما كانت (وصاية دولية، قوات عربية إسلامية، حكومة رام الله بمعايير إسرائيلية، حكومة تكنوقراط محلية مَرضيٌ عنها إسرئيليا ودوليا..).

والمعيار الثاني هو أن أي اقتراحات لحلول يجب ألا تكون حلولا لمشاكل الصهاينة، الناتجة عن الاحتلال واغتصاب الأرض والمقدسات وقهر الشعب الفلسطيني؛ وإنما إنهاء للاحتلال وإنهاء لمعاناة الشعب الفلسطيني.

والمعيار الثالث هو أن أي حلول لمستقبل قطاع غزة (ولمستقبل القضية) ليست مرتبطة بمجرد تحسين حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال أو تحت الحصار.

وأما المعيار الرابع أن على القوى الكبرى أن تكفَّ عن توفير الغطاء لإسرائيل لتظل “دولة فوق القانون”.

والمعيار الخامس هو حق الشعب الفلسطيني الأصيل في أرضه ومقدساته، وبالتالي الوقوف في وجه محاولات تهجيره وتشريده، ومنع إيقاع نكبة جديدة به استجابة للغرور والعجرفة والوحشية الإسرائيلية.

والمعيار السادس هو أن الإجراءات المستعجلة المطلوبة تتلخص في: وقف العدوان، وفتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة، ومنع التهجير، وإعادة إعمار قطاع غزة، والسعي لتدفيع الاحتلال أثمان جرائمه في قتل المدنيين، وأثمان تدميره للبيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والبنى التحية وغيرها.

والعنوان الحادي عشر “عالم بلا حماس” يتعامل مع فرضية التخلص من حماس بهدوء، وفي إطار موضوعي. مجيبا عن أسئلة أولئك الذين عبَّؤُوا العالم ووسائل الإعلام ضد حماس.

والعنوان الثاني عشر “مشروع تهجير فلسطينيي غزة على سيناء.. لماذا وما مصيره؟” يجيب عن الأسئلة المطروحة في هذه القضية؛ هل كان الاحتلال حقا جادا في ذلك؟! أم أنه كان نوعا من رفع سقف أهداف العدوان إلى أعلى مدى ممكن، ليحصل ما يمكن تحصيله بحسب الأداء الميداني للحرب؟ أم أنه عبّر عن حالة الهستيريا والجنون بعد الضربة القاصمة التي تلقاها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث أراد من خلال هجومه الوحشي الشرس، مستفيدا من الغطاء الأمريكي الغربي، الوصول إلى أفضل حالة أمان ممكنة لمستوطنيه خصوصا في غلاف غزة، بحيث يتم تهجير أكبر عدد ممكن من أبناء القطاع، لتوفير شريط أمني عازل على طول خطوط التماس مع القطاع؟

أما العنوان الثالث عشر فيفصل القول في “الشعب الفلسطيني يصوت للمقاومة” والعنوان الرابع عشر يستعرض بالتحليل “استشهاد العاروري.. مزيد من الوقود لحماس والمقاومة” ويأتي العنوان الخامس عشر ليقدم فيه المؤلف “قراءة في المأزق الإسرائيلي في قطاع غزة” إذ يطرح فيه ثمانية من أبرز معالم المأزق الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، وأما العنوان السادس عشر فيتحدث عن “الصهيونيّة وإسرائيل.. واحتكار الضحيّة” وفي العنوان السابع عشر يقدم المؤلف إجابات عن “استهداف الأونروا.. لمصلحة من؟” والثامن عشر حول “التدافع السياسي قبل الهدنة في قطاع غزة”.

الأمة وغزة

أما العنوان التاسع عشر فيفصل الحديث عن “الأمة وغزة.. من الانفعال الموسمي على العمل المنهجي” وفيه يقول المؤلف: “إن أحد أبرز التحديات التي تواجه الأمة هي كيفية تحقيق حالة التفاعل المنهجي المستمرّ والمتصاعد، بما يتناسب مع عظمة التَّحدي بخطورة المعركة.

فقد اعتدنا منذ عشرات السنوات على التفاعل الآني مع الحدث، وبحسب مدى سخونته وخسائر إسرائيل والمجازر والشهداء والدمار تكون درجة التفاعل، وهو سرعان ما يخبو مع توقف الحدث أو اتخاذه نسقًا مستمرًا معتادًا “رتيبًا”. إذ تضعف تدريجيًا المظاهرات والفعاليات وحملات جمع التبرعات وحملات المقاطعة… إلى أن تتوقف.

وربما كان ذلك طبيعة بشرية، خصوصًا مع وجود أنظمة عربية وإسلامية فاسدة ومستبدّة، يهمّها صرف انتباه جماهيرها عن هكذا معارك وانتفاضات وأحداث؛ لأنّها تكشف وتفضح عورات هذه الأنظمة وضعفها وخذلانها وتقصيرها، وتكون عنصر تثوير للشعوب ضدّ أنظمتها العاجزة أو المتواطئة.

وفي المقابل، فإن إسرائيل وحلفائها يعملون بشكل منهجي متواصل، وضمن رؤية محددة تلقى دعمًا غربيًا عالميًا لإغلاق الملف الفلسطيني، وإفراغ انتصارات المقاومة ومنجزاتها من محتواها، وتشويه نماذج البطولة والتضحية، وتحميل المقاومة مسؤولية معاناة الشعب وظروف القهر والدمار تحت الاحتلال؛ مع المراهنة على ضعف ذاكرة الشعوب، والمراهنة على “منظومات التّفاهة” السائدة في عالمنا العربي والإسلامي”.

والعنوان العشرون فيتساءل عن “استقالة حكومة اشتية.. قفزة للوراء؟!” ثم يأتي العنوان الحادي والعشرون محللا “الرصيف الأمريكي في غزة والإنسانية المتوحشة” وأما العنوان الثاني والعشرون “فتح وحماس.. وسؤال الانفصال عن الواقع” فيناقش بيان حركة فتح الذي صدر في 15 مارس / آذار 2024، والذي وزَّعته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، اتهامُ حركة حماس بأنّها “مفصولة عن الواقع”، بينما ينقش العنوان الثالث والعشرون “قرار مجلس الأمن وتزايد العزلة الإسرائيلية” أما العنوان الرابع والعشرون فيستعرض “ثلاثة عشر مؤشرًا على دخول الحرب الإسرائيليّة على غزة في الوقت الضائع” بينما يتناول العنوان الخامس والعشرون بالتحليل “الاحتلال الإسرائيلي وترتيبات اليوم السابق لانتهاء الحرب على غزة” والعنوان السادس والعشرون “الهجوم الإسرائيلي على رفح محكوم بالفشل” يتحدث عن تقييم للعملة الإسرائيلية المستمر في رفح.

نتنياهو والهروب إلى الأمام

أما العنوان السابع والعشرون فيتحدث عن “نتنياهو والهروب إلى الأمام” ليأتي العنوان الثامن والعشرون مجيبًا عن سؤال “لماذا استمرار التصلب العربي الرسمي تجاه حماس والمقاومة؟” ثم يناقش العنوان التاسع والعشرون “ظاهرة التكامل والتآكل ومستقبل الكيان الصهيوني” ليأتي العنوان الثلاثون “طوفان الأقصى وتعزيز المشروع الإسلامي لفلسطين” وفيه يقول المؤلف: “وإن الذين انتفضوا لصالح فلسطين من دولٍ وشعوب من شتى القوميات والأديان والاتجاهات، يعرفون المقاومة وطبيعتها، وقد لمسوا الجانب الإنساني الذي نجحت المقاومة في تقديمه، كما لمسوا الوجه الصهيوني البشع للاحتلال والعدوان. ونحن عندما نركز على المشترك الإنساني، فلا حاجة لإلغاء هويتنا، كما لا حاجة لتغيير الآخرين لهويتهم، ففي القيم الإنسانية الكبرى ما يكفي لجمعنا وتحشيدنا ضد المشروع الصهيوني، الذي يسير ضد الإنسان وضد حركة التاريخ، ويهدّد السلم والاستقرار العالمي”.

ثم يناقش العنوان الحادي والثلاثون “الاحتلال الإسرائيلي وحالة التخبط في الحرب على غزة، أما العنوان الثاني والثلاثون فيستعرض “ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني.. فرصة متجددة للانطلاق” والعنوان الثالث والثلاثون “حماس ونزع العباءة الأيديولوجية” يناقش الدعوة المتكررة لحماس لـ”نزع العباءة الأيديولوجية” والتخلي عن طرحها الإسلامي، وأن تصبح حركة “تحرّر وطني”، لأنه بحسب ما يرى هؤلاء فإن “القيد الأيديولوجي” يُعيق حماس، ويُضيع عليها فرصة تحقيق إنجازات في البيئات السياسية العربية والدولية ذات الحساسية السلبية تجاه الإسلاميين. ثم إن نزع العباءة هذا يُسهّل على العديد من الأطراف التعامل المنفتح مع حماس، وبالتالي تسهيل المشاركة السياسية الفاعلة لحماس في الساحة الفلسطينية، والقيام بالدور والتأثير المطلوب.

ثم يأتي العنوان الرابع والثلاثون ليفصل القول في مسألة “مشاركة قوات عربيّة في إدارة قطاع غزة بعد الحرب” بينما يتناول العنوان الخامس والثلاثون بالتحليل “خطاب نتنياهو ومنظومات الاستكبار والتفاهة”.

وفي العنوان السادس والثلاثون يتحدث المؤلف عن “حماس إذ تودع هنيّة” ثم يتحدث بالتفصيل في العنوان السابع والثلاثين عن “حماس والتصعيد القيادي” ليختم الكتاب بالعنوان الثامن والثلاثين بتقديم إجابات عن سؤال “المفاوضات حول إنهاء الحرب على غزة.. إلى أين؟”

يذكر أن الكاتب محسن صالح شغل منصب المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط بعمَّان سابقًا، وهو أستاذ مشارك في الدراسات الفلسطينية، ومُحرِّر التقدير الاستراتيجي الفلسطيني، الذي صدرت منه ثمانية مجلدات. وقد صدر له أكثر من خمسة عشر كتابًا، كما قام بتحرير أكثر من ستين كتابًا، معظمها في الشأن الفلسطيني.

اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام:
https://palinfo.com/news/2024/11/02/923262/

مقالات مشابهة

  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو يعطل إبرام صفقة تبادل أسرى
  • من هم العرب الذين تتآمر عليهم إسرائيل وإيران؟
  • لماذا يستمر الجيش الإسرائيلي في تخفيض أعداد قتلى حماس؟
  • ذوو الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريقا رئيسيا في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة
  • معركة طوفان الأقصى.. كتابٌ يحمل رؤية تخرج من ضغط الحاضر لما وراء الأحداث
  • رئيس الموساد يُطلع عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة على مستجدات المفاوضات
  • الإسرائيليون يفضلون قناة متطرفة تمارس التحريض ضد غزة والفلسطينيين
  • تفاصيل فضيحة نتنياهو الجديدة - هندسة وعي الإسرائيليين بالأكاذيب
  • حزب الجيل: لجنة الإسناد الفلسطينية قد تجبر إسرائيل على السلام وإنهاء الحرب
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جنديين آخرين في جنوب قطاع غزة