الهندي عزالدين: القاعدة الروسية .. “البرهان” ليس ” تشرشل” والسودان ليس بريطانيا العظمى
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
~ ليخرج السودان قوياً مستقراً آمناً مزدهراً من أتون هذه الحرب المدمرة التي يواجه فيها دولةً فاحشة الثراء والعداء ، وليس مجرد مليشيا متمردة ، فإن عقد السودان تحالفاً استراتيجياً مع دولة قادرة وباطشة ونافذة في مؤسسات المجتمع الدولي ، لهو أمر بالغ الضرورة والإلحاح ، ولا يحتمل الجدال والانتظار ولا بديل عنه لإنجاز خيار الحسم العسكري للقوات المسلحة السودانية.
~ اختار رئيس وزراء بريطانيا “ونستون تشرشل” التحالف مع الاتحاد السوفيتي ووضع يده في يد “جوزيف ستالين” ليحقق النصر على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ، وقال قولته المشهورة : (أتحالف مع الشيطان من أجل الظفر بهتلر) ، وقد كان.
~ لا مقارنة بين جيش السودان وجيوش وأساطيل الامبراطورية البريطانية ، والفريق “البرهان” ليس “ونستون تشرشل” ، إذ أن التهديد (الوجودي) يحدق بالسودان والبرهان ، فهو لا يحارب خارج حدود دولته كما فعل “تشرشل” ، بل يقاتل على مرمى رصاصة من القيادة العامة للجيش السوداني وقلب عاصمة البلاد .
~ وعليه فإن تحالف “البرهان” مع الشيطان للقضاء على الدعم السريع وهزيمة رُعاته الدوليين، لهو أمرٌ حتمي قاهر وخيارٌ أوحد لا مجال لترف التفكير فيه.
~ عرض روسيا باقامة قاعدة ميكانيكية على البحر الأحمر قديمٌ متجدد، وفي القرن الأفريقي حالياً (11) قاعدة عسكرية أجنبية لامريكا والصين وفرنسا وتركيا وغيرها من الدول ، وقد وافق السودان في عهد النظام السابق على الطلب الروسي ، عندما كانت الدولة مستقرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً ، وكان المواطن فيها آمناً على نفسه وبيته وماله وأسرته من بورتسودان إلى الجنينة ، ولم يكن يخطر ببال أحد في الخرطوم أنه سيأتي عليه يومٌ يفر فيه من بيته مقهوراً مجبوراً يحاصره سيل الرصاص وتلاحقه رعود الدانات ، فتغدو المدن الآمنة ثكنات عسكرية لتمرد العربان المجرمين ، أطلالاً مهجورة ، وبيوتاً محروقة، وأشجاراً مقطوعة وفضاء ممتد يحكمه البارود.. ولا شيء غير البارود.
~ هل أمام قيادة الجيش من خيار غير المضي قدماً ودون تردد في إبرام حلف عسكري ومعاهدة دفاع مشترك تؤهله لتحرير الدولة من هذا الغزو الغاشم ؟
لا خيار ، فالدولة مُفلِسة مالياً ، ومواردها نضبت ، ضرائبها وجماركها انحسرت بتوقف مجمل النشاط الاقتصادي، ولم يعد أمامها من مورد غير صادرات ذهب يملكه تجار ومعدنون ، ولا تملكه الدولة ، يتعطف عليها مصدرو الذهب برسوم وحصص زهيدة ، بينما الأرض أرض الدولة ظاهرها وباطنها ، لكنها القوانين المختلة واللوائح المُرتَجلة.
~ إن تاريخ التعاون السياسي والاقتصادي للسودان مع دولتي الشرق العُظميين ، لم يشهد أي تدخل لروسيا والصين في أي شأن سياسي داخلي يخص السودانيين.
لم نر ولم نسمع يوماً السفير الروسي أو الصيني يتدخل لدى مراكز الدولة السودانية في أي شأن سياسي داخلي ، رغم أن الصين ظلت الشريك التجاري والتنموي الأول للسودان طوال العقود الثلاثة الماضية ، بينما تجد سفراء دول صغيرة و كبيرة لا تأثير لها في اقتصاد السودان ولا ساهمت في مشروعات كبرى تنموية كمشروعات الصين في بلادنا ، يحشرون أنوفهم في شؤون السودان الداخلية ويقررون في مصيره !!
~ وبالتالي ومن التجربة العملية ، فلا خطر في تحالفنا الاقتصادي والعسكري مع روسيا والصين ، في التأثير مستقبلاً على القرار الوطني وحق السيادة الكامل لأي سلطة سودانية خلال الفترة الانتقالية المقبلة وصولاً لمرحلة الرئيس المنتخب والبرلمان الذي يختاره الشعب في انتخابات حرة ونزيهة.
~ التوجه بكليات الدولة نحو الشرق اقتصادياً وعسكرياً ، لم يعد ترفاً ولا خيار من بين خيارات عديدة ، بل هو آخر طوق نجاة لإنقاذ حياة الدولة السودانية.
الهندي عزالدين
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
منظمة دولية: السودان يمضي نحو “الانهيار الشامل”
حذرت منظمة دولية من أن السودان يمضي نحو "الانهيار الشامل" تحت أنظار و"صمت" العالم، مشيرة إلى أن مؤشرات الانهيار باتت تتسارع بشكل مقلق في ظل التبعات الكارثية للحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من 19 شهرا، وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين يان إيغلاند في ختام زيارته للسودان، الجمعة، إن عاما ونصف من الحرب أطلق العد التنازلي"بلا هوادة نحو الانهيار التام في السودان"، حيث يعاني أكثر من 20 مليون شخص من العنف المستعر والجوع المتزايد والنزوح القسري.
ووصف إيغلاند الأزمة الحالية في السودان بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم على الإطلاق"، مشيرا إلى الحاجة لإيقاظ العالم وإجباره على فعل كل ما يمكن لإنقاذ حياة الملايين من السودانيين. وأوضح: "عندما اندلعت الحرب في دارفور قبل عشرين عاما، كان لدينا رؤساء ورؤساء وزراء منخرطون في وقف الفظائع هناك، لكن اليوم ورغم أن هناك أضعافا مضاعفة من الأرواح على المحك، إلا أن العالم يقابلها بصمت يصم الآذان".
وعبر إيغلاند عن فظاعة المأساة المتزايدة في البلاد، بالقول: "لقد رأيت للتو بأم عيني، في دارفور وفي الشرق، النتيجة المدمرة للهجمات العشوائية والحرب العبثية.. تخبرنا المجتمعات التي نخدمها عن عنف مروع حيث دمرت قرى بأكملها وأعدم ومدنيون واغتصبت نساء وتدمرت البيوت بسبب القصف والغارات الجوية".
ورأى أن السودان يعيش سياسة "الأرض المحروقة" وبات قريبا من "السقوط الحر" في ظل استمرار المعاناة ومواجهة الملايين خطر المجاعة.
حذر من أن التأخير في اتخاذ الإجراءات والجهود الدبلوماسية غير الكافية من شأنه أن يزيد من معاناة الشعب السوداني.
تبعات صادمة
وتسببت الحرب المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، في تبعات إنسانية وأمنية واقتصادية صادمة للغاية.
ففي الجانب الإنساني، شردت الحرب أكثر من ثلث السكان وجردت نحو 18 في المئة من الأسر من مصادر دخلها تماما، وأعجزت 70 في المئة منها عن إلحاق أطفالها بالمدارس، كما تراجعت نسبة القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية إلى أقل من 15 في المئة من مجمل السكان المقدر تعدادهم بنحو 48 مليون نسمة، بحسب دراسة أجرتها الأمم المتحدة.
وانخفضت نسبة الأسر الحضرية التي تتمتع بالأمن الغذائي من حوالي 54 في المئة إلى 20 في المئة فقط، يواجه 76 في المئة منهم صعوبات كبيرة في تلقي المساعدات.
اقتصاديا، سرعت الحرب من التدهور الاقتصادي المريع الذي تعيشه البلاد، وسط تقديرات تشير إلى خسائر شهرية مباشرة بنحو 500 مليون دولار.
وتراجع الناتج الإجمالي بأكثر من 70 في المئة، وفقدت العملة الوطنية أكثر من 400 في المئة من قيمتها حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا عند نحو 2300 جنيه مقارنة مع 600 جنيها قبل اندلاع الحرب، كما ارتفعت معدلات التضخم لأكثر من 200 في المئة وتضاعفت أسعار السلع الأساسية بنسب وصلت إلى 400 في المئة.
أما في الجانب الأمني، فقد تسبب القصف الجوي والأرضي والوجود الكثيف للمليشيات المسلحة في انهيار كامل في العديد من مناطق البلاد.
أبرز مظاهر الانهيار
أكثر من 61 ألف شخص لقوا حتفهم في الخرطوم بين أبريل 2023 ويونيو 2024، بحسب كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
خلال أكتوبر 2024، أدت الهجمات على المدنيين والقتال في جميع أنحاء البلاد إلى مقتل نحو 2600 شخص وتشريد أكثر من 27 ألف شخص، بحسب المجلس النرويجي للاجئين.
تسبب الصراع في السودان في أكبر أزمة نزوح في العالم، فقد نزح أكثر من 11 مليون شخص داخل البلاد، وعبر 3 ملايين آخرون الحدود للجوء في الدول المجاورة، بحسب الأمم المتحدة.
حرمت الحرب نحو 17 مليون طفل من مواصلة تعليمهم، فيما يعاني 3.7 مليون طفل من سوء التغذية ويعيش أكثر من 3 ملايين طفل في مخيمات نزوح تفتقد لأبسط مقومات الحياة، بحسب اليونسيف.
فقد 60 في المئة من السودانيين مصادر دخلهم وخسر الاقتصاد مئات المليارات وتعطلت 80 في المئة من قدراته.
خرجت نحو 70 في المئة من المؤسسات الصحية عن الخدمة في ظل شح كبير في الدواء وانتشار واسع للأمراض الوبائية والمعدية، بحسب نقابة أطباء السودان.
تسود معظم مناطق البلاد فوضى عارمة في ظل شمول الحرب أكثر من 70 في المئة من مساحة البلاد ووجود أكثر من 100 حركة مسلحة.
سكاي نيوز عربية - أبوظبي