جاء إعلان نواكشوط عن اقتناء الجيش الموريتاني طائرات مسيرة قادرة على تغطية كل التراب الوطني، إشارة إلى زيادة التحفز للقلاقل على الحدود مع مالي، خاصة مع اتهامات منسوبة لقوات مالية ومجموعة "فاغنر" الروسية بشن هجمات ضد موريتانيين.

ووفق سياسيين ومحللين سياسيين، فإن هذه الخطوة تلمح لتأثير وجود "فاغنر" على دول الساحل والصحراء (بوسط وغرب إفريقيا)، في تحويلها إلى محور للتسلح والصراع بالوكالة، مع سعي الولايات المتحدة ودول في أوروبا لوقف تقدم النفوذ الروسي هناك.

وأعلنت الرئاسة الموريتانية في بيان نشرته على موقعها، مساء الأحد، أن رئيس البلاد، محمد ولد الشيخ الغواني، "تفقد نماذج من العتاد العسكري الذي تم اقتناؤه مؤخرا، في إطار تحديث هيكلة مختلف الجيوش البرية والجوية والبحرية".

ومن ضمن الترسانة الجديدة على سبيل المثال لا الحصر، وفق البيان، "وحدات مدرعة وأخرى مدفعية ميدانية، ووحدات مضادة للدروع وأخرى مضادة للطائرات، ومحطات رادار، ومسيرات استطلاع وهجوم ذات فعالية عالية جدا، وقادرة على تغطية كامل الحوزة الترابية الوطنية، بما في ذلك المياه الإقليمية على مدار الساعة".

ولم يتحدث البيان عن نوع هذه الطائرات، أو عددها، أو مصدرها أو معلومات أخرى بشأنها.

 

تحفز على الحدود

جاء الإعلان عن الطائرات المسيرة بعد أسابيع من تنفيذ الجيش الموريتاني تدريبات عسكرية على الحدود مع مالي في 4 مايو الماضي؛ لتقييم جاهزية الوحدات القتالية، بعد عبور أفراد من الجيش المالي و"فاغنر" الحدود الموريتانية، وقالت وسائل إعلام موريتانية إن ذلك كان عن "طريق الخطأ".

وقبل ذلك، حذر المتحدث باسم الحكومة الموريتانية، الناني ولد أشروقه، في 9 أبريل، خلال مؤتمر صحفي، من أن القوات الموريتانية "ستوجه ضربة قاسية لكل من يحاول الدخول عمدا إلى حدودنا".

كما يأتي هذا الإعلان وسط احتقان بين موريتانيا ومالي مع توالي أنباء عن وفاة موريتانيين في مالي، في حوادث منسوبة إلى القوات المالية و"فاغنر"، وبلغ عدد المتوفين 43 شخصا خلال عملياتهم ضد الحركات المسلحة المتمردة، فسرها متخصصون بأن القوات المالية و"فاغنر" لا يميزون بين الماليين والموريتانيين القاطنين قرب الحدود؛ نتيجة التداخل العرقي.

وفي أبريل ومايو، تتابعت زيارات متبادلة لمسؤولين بين البلدين؛ حيث زار وزير الخارجية المالي، عبد الله ديوب، ووزير الدفاع، العقيد ساديو كامارا، نواكشوط لتهدئة الوضع.

 أعقبها، في 20 أبريل، زيارة قام بها وزير الدفاع الموريتاني، حنن ولد سيدي، إلى باماكو، للاجتماع مع رئيس المجلس العسكري، عاصمي غويتا. وفي 9 مايو، استقبل وزير الدفاع الموريتاني، حنن ولد سيدي، قائد أركان الجيش المالي، الفريق عمر ديارا، لبحث المشاكل الأمنية على الحدود، وإيجاد حلول مناسبة، وفق وسائل إعلام موريتانية.

ولعقود من الزمن، اتسمت علاقات البلدين بالود، إلا أنه في الحرب التي يخوضها الجيش المالي، بالتعاون مع "فاغنر" ضد جماعات متمردة وإرهابية في شمال مالي، قرب الحدود الواسعة الممتدة على مساحة 2237 كم، نجمت عنها توترات؛ حيث يُتهم الجانب المالي بأنه دخل قرى يقطنها موريتانيون.

"تحت السيطرة"

يعلق المحلل السياسي في مؤسسة "ميد أور" الإيطالية، دانييلي روفينيتي، بأن قوات المجلس العسكري المالي ربما نفذت مع الفيلق الإفريقي الروسي عمليات تشكل انتهاكا لسيادة موريتانيا، وردا على ذلك، قد تقرر موريتانيا اتخاذ أشكال من الردع والاحتواء، خاصة أنه يبدو أن المحادثات التي جرت بينهما على مدار شهر لم تكن كافية.

إلا أن المحلل السياسي يتوقع أنه رغم تصاعد التوترات، فإن الوضع سيبقى تحت السيطرة، مع دور موريتانيا كرئيسة للاتحاد الإفريقي هذا العام، وربما كذلك لأن الولايات المتحدة الأميركية لا مصلحة لها في بدء صراع جديد في المنطقة.

 رسالة لمالي

وعن إعلان نواكشوط اقتناء الجيش الطائرات المسيرة، يقول ممثل تنسيقية الحركات الوطنية الأزوادية في موريتانيا، سيد بن بيلا، إن هذا "وسيلة للردع"، وكذلك "رسالة للماليين بأنه ليسوا وحدهم من يمتلكون هذه التكنولوجيا الحديثة، وأنه من الضروري وقف التصعيد، ووقف استفزاز الموريتانيين، والابتعاد عن اختبار صبرهم".

وفي تقدير السياسي المعني بملف الحركات الأزوادية المتمردة في شمال مالي، والتي تدور من وقت لآخر مواجهات مسلحة بينها وبين الجيش المالي و"فاغنر"، فإن التوتر على الحدود "ربما يكون محاولة من الماليين لجذب الموريتانيين للاشتراك معهم في مواجهة الأزواديين، لكن من المؤكد أن الجانب الموريتاني لن يلتفت إلى هذه المواجهة التي لا تخصه مباشرة".

ويقع إقليم أزواد في شمال مالي على الحدود بين البلدين، وكانت حركات مسلحة سيطرت عليه؛ سعيا إلى الحكم الذاتي أو الانفصال، ونشبت نتيجة لذلك معارك بينها وبين الجيش عام 2012، انتهت باتفاقية الجزائر للسلام عام 2015، ثم عادت المعارك مرة أخرى أغسطس 2023، وانتهت بسيطرة الجيش على الوضع في نوفمبر.

ونتيجة لهذا الصراع، تستضيف موريتانيا أكثر من 91263 ماليا يعيشون في مخيمات بمنطقة الحوض الشرقي الحدودية في جنوب شرق البلاد، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات فاغنر الرئاسة الموريتانية الجيش الموريتاني موريتانيا الجيش المالي الحركات الأزوادية موريتانيا موريتانيا مالي فاغنر الرئاسة الموريتانية الجيش الموريتاني موريتانيا الجيش المالي الحركات الأزوادية موريتانيا الجیش المالی على الحدود

إقرأ أيضاً:

مغطى بخام الحديد..أسترالي يلتقط صورًا على متن قطار الصحراء في موريتانيا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- توجّه المصور الأسترالي، أدريان غويرين، في عام 2019 إلى شمال غرب إفريقيا لخوض تجربة جنونية على متن قطار شحن ينقل عربات معبأة بخام الحديد في موريتانيا.

قال غويرين، الذي يقيم في مدينة ملبورن الأسترالية، خلال مقابلة مع موقع CNN بالعربية: "سافرت أثناء ذروة الصيف. ورُغم عِلمي بأنّ الحرارة ستكون مرتفعة، إلا أنّها جعلت الرحلة أصعب بكثير مما كنت أتوقع".

توجّه المصور الأسترالي، أدريان غويرين، إلى موريتانيا لخوض تجربة مثيرة على متن قطار شحن.Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin

رغم تواجد عربة خاصّة بالركاب، إلا أنّ الغرض الأساسي من القطار كان يتمثل بنقل خام الحديد عبر البلاد.

لذا، كان يجب على الركاب تحضير أنفسهم بشكلٍ جيّد، وجلب عبوات الماء، ووجبات طعام خفيفة غنيّة بالبروتين لسد شعورهم بالجوع طوال الطريق.

رُغم قسوة الرحلة، إلا أنّها كشفت عن طيبة قلب الأشخاص، إذ شرح المصور قائلًا: لم يبخل السكان المحليين عليّ بالطعام والماء طوال الطريق، لذا لم أشعر بالوحدة قط".

تحويل عربة معدنية إلى منزل مؤقت اختيرت هذه الصورة، التي التقطها الأسترالي خلال رحلته في موريتانيا، ضمن أفضل 10 صور فائزة في مسابقة "سوني" العالمية للتصوير الفوتوغرافي. Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin

لا شكّ أن هذه التجربة ليست لضعاف القلوب، حيث تستمر الرحلة ليوم كامل تقريبًا، ويشهد خلالها الركاب درجات حرارة تزيد عن 45 درجة مئوية خلال النهار، وتنخفض إلى ما دون الصفر في الليل. 

وقال غويرين: "لقد عايشت درجات حرارة مرتفعة في السابق، لكن كان من الصعب عليّ أن أتحمل حرارة 48 درجة مئوية لساعات طويلة من دون وجود ظل".

مع ذلك، أفاد المصور الأسترالي أنّه وجد جانبًا ممتعًا للرحلة مع مغادرة القطار مدينة نواذيبو تحديدًا، حيث تكون العربات فارغة، ما يمنح السكان المحليين فرصة لتعديل عرباتهم وجعلها أكثر راحة.

وجد الركاب طرقًا لجعل عرباتهم أكثر راحة خلال الرحلة الشاقة.Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin

أوضح المصور الأسترالي: "تمت دعوتي إلى عربة إحدى العائلات، حيث تقاسمنا العشاء والشاي. كانت العربة مليئة بالسجاد، وأدوات المطبخ، والبضائع المعبأة في صناديق، وتم ترتيبها بطريقة أعطت العربة طابعًا منزليًا".

في بداية الرحلة، وضع أحد الأبناء ذراعه حول المصور الأسترالي، واستقبله أفراد العائلة بينهم وكأنه واحد منهم، ما شكّل بالنسبة لغويرين "تجربة لا تُنسى".

وجهات نظر مختلفة تأثّر المصور الأٍسترالي بالكرم الموريتاني خلال الرحلة.Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin

رُغم الترحيب الذي اختبره، قام المصور الأسترالي بالانتقال إلى عربة مختلفة في الصباح حتى يتمكن من مشاهدة مجموعة من المناظر الطبيعية المختلفة.

وتنقل الألوان الترابية في صوره الفوتوغرافية قسوة التجربة الممتدة عبر صحراء لا ترحم.

وشكلّت رحلة العودة تحديًا كبيرًا بشكلٍ خاص بالنسبة إليه، حيث كانت العربات تسير تحت أشعة الشمس الحارقة وهي محملة بأكثر من 80 طنًا من خام الحديد، ما جعل فرصة الراحة معدومة.

يتمثل الغرض الأساسي من القطار بنقل خام الحديد عبر البلاد.Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin

أوضح غويرين: "المزج بين الحرارة الشديدة وخام الحديد جعل التجربة عدائية للغاية. كنت أرتدي معدات حماية للعيون والوجه، ومع ذلك غطى خام الحديد كل المسامات في جلدي".

Credit: Adrian Guerin/Instagram: @adrianguerin


 

مقالات مشابهة

  • وزير النقل يترأس اجتماعاً لعصرنة مطار الجزائر الدولي
  • تنظيم معرض خاص بالمنتجات الجزائرية بنواكشوط في موريتانيا
  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • السقوط المدوي لقوة الردع الأمريكية من على متن حاملة الطائرات (هاري ترومان)
  • عون: إسرائيل تعيق انتشار الجيش اللبناني في الجنوب
  • وسائل إعلام إيرانية: انفجار في شركة مرتبطة بصناعة المسيرات في أصفهان وسط إيران
  • موريتانيا تشارك في مناورات الأسد الأفريقي بالمغرب
  • مغطى بخام الحديد..أسترالي يلتقط صورًا على متن قطار الصحراء في موريتانيا
  • إقبال زوار معرض«أبوظبي للكتاب» على اقتناء الإصدارات القديمة والنادرة
  • صمت حزب الله… بين الردع المتراكم والصبر الاستراتيجي