الجمهوريون وكوفيد 19 ونظريات المؤامرة
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
في الخريف الماضي، وجه النائب براد وينستروب النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو، ورئيس اللجنة الفرعية المختارة المعنية بجائحة فيروس كورونا، اتهامًا علنيًا مثيرًا بأنه «وفقًا للمعلومات التي جمعتها اللجنة الفرعية المختارة، اصطُحِبَ أنتوني فاوتشي إلى المقر الرئيسي لوكالة المخابرات المركزية، بدون تسجيل دخول، وشارك في نقاش للتأثير على مراجعة الوكالة ليقول إن كوفيد-19 لم ينشأ من تسرب مختبري».
وأعلن جمهوري آخر في اللجنة، وهو النائب ريتشارد ماكورميك عن ولاية جورجيا، بشكل قاطع: «نعلم الآن أن فاوتشي عقد اجتماعًا سريًا مع وكالة المخابرات المركزية».
تبنت الرواية قناة فوكس نيوز وصحيفة نيويورك بوست وبقية آلة المؤامرة اليمينية. وبعد ذلك كانت النتيجة لا شيء. لم تتوصل اللجنة الفرعية إلى أي دليل يدعم هذا الادعاء، الذي من المفترض أنه قدمه أحد المفتشين عن المخالفات، ولم يجدوا شيئا يطعن في شهادة فاوتشي بأنه لم يذهب إلى وكالة المخابرات المركزية منذ 20 عامًا. وأثناء مثوله أمام اللجنة في جلسة استماع عامة يوم الاثنين، سخر فاوتشي، المتقاعد بعد عقود من قيادة المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، من فكرة أنه «لقد تم إنزالي بالمظلة في وكالة المخابرات المركزية مثل جيسون بورن وأخبر وكالة المخابرات المركزية أنه لا ينبغي عليهم حقًا أن يتحدثوا عن وجود تسريب من المختبر».
فماذا فعل الجمهوريون في اللجنة بعد سقوط نظرية المؤامرة بين فاوتشي ووكالة المخابرات المركزية؟ لقد تظاهروا بأن ذلك لم يحدث أبدًا. وأعلن مدير فريق العمل الجمهوري، ميتش بنزين، خلال الفترة التي قضاها لاستجواب فاوتشي في الجلسة: «لم يكن هذا ادعاءً قدمته اللجنة».
لماذا لا يصدق أي شخص ذلك؟ لأن هذه قد أصبحت عادة.
اللجنة الفرعية المختارة المعنية بتسليح الحكومة الفيدرالية، بعد عقد عدة جلسات استماع فشلت في إنتاج أي شيء سوى الاتهامات المتكررة حول ما يسمى بالدولة العميقة، تعرضت لانتقادات حتى من قبل وسائل الإعلام اليمينية. فشل التحقيق الذي أجرته لجنة الرقابة في «فساد» جو بايدن بشكل كامل في العثور حتى على أي أثر لمخالفات الرئيس، مما اضطر الجمهوريين إلى التخلي بهدوء عن طموحاتهم في عزله.
في لجنة كوفيد، وعد أعضاء مجلس النواب الجمهوريون بالكثير من المفاجآت خلال العام ونصف العام الماضيين.
وزعمت نيكول ماليوتاكيس النائبة عن ولاية نيويورك أن «الأدلة تتزايد على أن أموال الضرائب الأمريكية ساعدت في تطوير فيروس كورونا وأن الدكتور فاوتشي تعمد رفض نظرية التسرب في المختبر للتستر عليها».
وقال مايكل كلاود النائب عن تكساس: «بينما فقد الكثيرون أحباءهم وأعمالهم وسبل عيشهم، حقق الدكتور فاوتشي الملايين».
وأكدت مارجوري تايلور جرين النائبة عن ولاية جورجيا أن كوفيد «تم تصنيعه في مختبر ممول من فاوتشي». وعلى مدار 18 شهرًا، قامت اللجنة بمراجعة الوثائق والشهادات. وبينما كشفت عن سوء تصرف من قبل متلقي الدعم الحكومي ومن مستشار لفاوتشي، إلا أنها فشلت في العثور على أي دليل يدعم هذه الاتهامات المثيرة. وخلافا لهذه الاتهامات، لم تمول الولايات المتحدة الأبحاث التي أدت إلى خلق الفيروس، ولم يخدع الدكتور فاوتشي بشأن تورط أمريكا في تجارب «التعديلات الجينية» في مختبر ووهان، ولم يحاول قمع نظرية تسريب المختبر أو تقديم رشاوي لتشويه سمعتها. علاوة على ذلك، فهو لم يستفد من الوباء، موضحًا أنه حصل على مبلغ متواضع قدره 120 دولارًا سنويًا من الجسم المضاد الذي طوره قبل سنوات.
وهكذا، عندما مثل فاوتشي أمام الكونجرس يوم الاثنين، هاجمه الجمهوريون في اللجنة بكل ما استطاعوا. وبخه ماليوتاكيس بسبب «الأبحاث الحيوانية القاسية والمروعة» في المعاهد الوطنية للصحة على كلاب البيجل والخنازير والأرانب، مما جعل فاوتشي يجيب بغرابة: «أنا في حيرة بشأن علاقة ذلك بأصول كوفيد».
لم تهتم غرين بما كان يجب أن يقوم به فاوتشي بشأن فيروس كورونا. وقالت: «باعتباري من محبي الكلاب، أريد أن أقول لك إن هذا أمر مثير للاشمئزاز والشر»، وأوصت بـ «السجن» لفاوتشي. كما أبلغته أنها ستخاطبه بـ «السيد فاوتشي، لأنك لست طبيبا». اعترض الديمقراطيون، وأمضت اللجنة عدة دقائق في المشاحنات حول طريقة الخطاب المناسبة.
كان الخلاف حول التكريم الذي حصل عليه فاوتشي (وهو دكتور في الطب) سخيفا أيضا لأن رئيس مجلس الإدارة، وينستروب، أوضح نقطة في بيانه الافتتاحي بالقول «أنا طبيب» وأنه خلال فترة فيروس كورونا كان «يبحث مع طبيب آخر في أوهايو محاولة فهم الفيروس».
ولم يذكر وينستروب للحاضرين أنه طبيب متخصص في أمراض القدم، فهل كان يبحث تأثير فيروس كورونا على مشط القدم؟
إنّ التكرار المستمر لنظريات المؤامرة ليس مسليًا على الإطلاق، لأنه، كما شهد فاوتشي، تسبب في مضايقات لا نهاية لها له ولعائلته، بما في ذلك اعتقال شخصين «كانا في طريقهما لقتلي». وقال إنه يحتاج إلى ضمان سلامته وأمنه طوال اليوم.
ومع ذلك، بدلا من التركيز على الدروس المستفادة من الجمهوريين في اللجنة حول الأقنعة واللقاحات وإغلاق المدارس والشركات التي يمكن أن تنقذ الأرواح في المستقبل، استمروا في العودة إلى نفس نظريات المؤامرة التي تعرض حياة فاوتشي للخطر في الوقت الحاضر. واستمر فاوتشي في إفحامهم بردوده.
واتهمه ديبي ليسكو عن ولاية أريزونا أنك «تحدثت عن أربعة أو خمسة أشياء... لم تكن صحيحة».
ونصح جيم جوردان عن ولاية أوهايو بـ «النظر إلى الحقائق».
وبالنسبة لبنزين، مدير فريق العمل، ضحك فاوتشي ضحكة مكتومة تحمل تهكما بسيطا، وخاطبه قائلا: «أعلم ما ترمون إليه، ولكنكم لن تصلوا إلى مرادكم».
دانا ميلبانك كاتب عمود رأي في صحيفة واشنطن بوست. كتابه الجديد هو «المدمرون: انهيار الحزب الجمهوري لمدة 25 عامًا».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وکالة المخابرات المرکزیة اللجنة الفرعیة فیروس کورونا فی اللجنة عن ولایة
إقرأ أيضاً:
غزة بين فكي المؤامرة الدولية
تتعرض غزة لمؤامرة كبيرة من قبل المجتمع الدولي، ومن قبل الصهيونية العالمية ومن قبل النظام العالمي، ولا أستبعد حركة الإخوان من الضلوع في تفاصيل المؤامرة بحكم التداخل في تنفيذ المهام التي كشفت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها، ففكرة الربيع العربي التي حملها الإخوان مطلع العقد الثاني من الألفية الجديدة، كانت بالتواطؤ مع البيت الأبيض أملا في التفرد في حكم المنطقة العربية، ويبدو أن الغباء السياسي سمة لازمة للإخوان فقد انساقوا وراء المطامع دون إدراك لمكر الصهيونية العالمية إلى درجة تكرار التجربة في سوريا .
كتبت في مقالات سابقة عن طموح اليهود في إنشاء قناة بن غوريون وقلت أن ما يحدث في غزة اليوم لا يكاد ينفك عن هذا الطموح الذي تعثر تحقيقه منذ أكثر من نصف قرن من الزمان فقال المتحذلقون الذين خاضوا نقاشا جانبيا معي أنني أجانب الحقيقة وأحوم في عوالم التنظير، وها هي الأيام تقول لهم الحقيقة ناصعة البياض دون لبس أو غموض، فالرئيس الأمريكي ترامب يعلنها بدون زيف أو تضليل بضرورة توطين سكان غزة في مصر وفي الأردن .
فكرة توطين سكان قطاع غزة في سيناء وفي الضفة الغربية مشروع صهيوني معلن ضمن خطط واستراتيجيات صهيونية وأمريكية، وليس فكرة طارئة أملتها نتائج الحرب على قطاع غزة، ولذلك كانت إسرائيل تنتهج فكرة الأرض المحروقة، فقد دمرت كل شيء في غزة ولم تبق ولم تذر، حتى تصبح غزة مكانا غير قابل للعيش، لفناء مقومات الحياة فيها، من مساكن، وخدمات، وغيرها من مقومات الحياة، فقد أصبحت غزة أرضا صفصفا تنعق فيها الغربان، ومؤشرات الواقع السياسي تقول أن اليهود مستمرون في معركتهم حتى بلوغ الأهداف التي رسمتها الاستراتيجيات، ولم يكن ترامب سوى الصوت الذي يقفز إلى النتائج بدون مقدماتها المنطقية التي نقرأ بعض تفاصيلها في المواقف المتباينة من تصريحات ترامب .
مصر سوف تقبل فكرة التهجير تحت وطأة التحديات الاقتصادية، والأردن سوف تقبل توطين سكان غزة في الضفة تحت وطأة التحديات الاقتصادية، ذلك أن مصر والأردن خاضعتين لشروط المساعدات التي تقدمها أمريكا بشكل مستمر للدولتين، وثمة معطيات اقتصادية في واقع الدولتين ينذر بملامح أزمات اجتماعية واقتصادية في مصر والأردن، وستكون الأنظمة خاضعة ذليلة لمقتضيات الحاجة، كما أن فكرة إعمار غزة، وعودة الخدمات فيها لن يتحقق في القريب المنظور، كون الإعمار في غزة يرتبط بالأهداف الاستراتيجية الدولية خاصة مع بزوغ الصين وخوضها غمار المنافسة في محال الذكاء الصناعي وإطلاقها تطبيقا متطورا كبد الشركات الأمريكية خسائر فادحة لم تدر لها في خلد خلال سالف الأيام .
فكرة اتفاق الهدنة في غزة لن يكون سوى استراحة محارب، يتم خلاله تخفيف الضغط واستعادة الأسرى من يد المقاومة، والشروع في ترتيب المرحلة القادمة التي لن تقل عنفا وتوحشا عن المرحلة السابقة، بعد أن استطاعت إسرائيل تحييد الكثير من عوامل الضغط السياسي، والعسكري المقاوم، التي تضمن لها حرية تنفيذ المهام المتبقية بشكل أفضل مما كان عليه الحال قبل الهدنة، حيث تآزرت القوى السياسية والعسكرية وعملت على الحد منها، بعد انطلاق الطوفان وخلاله، ويبدو أن مسرح الأحداث أصبح اليوم أكثر استجابة لمطامع الصهيونية في تحقيق فكرة قناة بن غوريون التي سنرى خلال قابل الأيام الحديث عنها بشكل أكثر وضوحا وبيانا من ذي قبل، فالحلم القديم مازال يتجدد .
ومشروع ابراهام الذي بدأه ترامب عام 2020م وتوقف في زمن الرئيس بايدن سيعود للواجهة خلال قادم الأيام، وتسعى إسرائيل من خلاله “إلى ترتيب علاقتها بمنطقة الشرق الأوسط، بالعموم، والخليج العربي على وجه الخصوص، انطلاقا من مؤشرات عدة لإمكانية القبول بها على أرضية تحقيق سلام شامل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد شكلت مبادرة السلام العربية التي طرحها ولي عهد المملكة العربية السعودية، الأمير عبد الله بن عبد العزيز، في القمة العربية في بيروت آذار/مارس2002، وأقرتها القمة في حينه، مرتكزًا أساسيًا نحو تطلعات الدول العربية في عمومها ودول الخليج العربي بشكل خاص لإمكانية انفتاح العلاقات مع إسرائيل، إذ جاء إعلان المبادرة في حينه ضمن الرؤية العربية القائمة على تحقيق السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي للدول العربي .
ففي كتاب بعنوان: “مخطط استراتيجي للساحة الإسرائيلية الفلسطينية” الصادر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، يطرح المؤلفون، المرتكزات التي يقوم عليها مشروع الدولة اليهودية الذي تحاول إسرائيل تثبيته حتى في ظل غياب شريك فلسطيني أو تفاهم فلسطيني إسرائيلي على قضايا الحل النهائي، والمخطط الإسرائيلي، يقوم في بعده الاستراتيجي، على خلق حالة من الهدوء العام لفترة طويلة تصل فيما بعد لشكل من التفاهمات على مستوى دولي وإقليمي وعربي، خصوصا تلك الدول العربية التي يطلق عليها بـ”البراغماتية”. وهو ما قد يفسر شكل وطبيعة التحركات التي عملت عليها إسرائيل في السنوات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط ” . (من بحث لسليمان بشارات منشور في موقع مركز يبوس للدراسات ) .
ويبدو أن إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها، ومازال العرب في غفلة فكهين دون أن يكون لهم موقف مما يحدث في فلسطين وفي غزة إن لم نقل أن بعض الأنظمة البراغماتية تنساق في مشروع التآمر على فلسطين وعلى غزة التي أصبحت بين فكي التخاذل العربي والتآمر الدولي .