الكيان الصهيوني والهزيمة الاستراتيجية
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
بعد أكثر من ثمانية أشهر من معركة طوفان الأقصى الكبرى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، والتي أفقدت العدو الإسرائيلي توازنه في أقل من ثلاث ساعات، جاء رد الكيان الصهيوني باستهداف المدنيين والبنية الأساسية بدلا من مواجهة المقاومة الفلسطينية، ومع ذلك فإن نتائج تلك المعركة أظهرت الوجه القبيح للكيان الصهيوني وقيادته السياسية والعسكرية من خلال السلوك الإجرامي في استهداف ما يقارب من ٤٠ ألف فلسطيني من المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء وتدمير البنية الأساسية من مستشفيات ومنازل بل وأحياء سكنية كاملة علاوة على قيام الكيان الصهيوني باستهداف عشرات الصحفيين الفلسطينيين.
إن الهزيمة الاستراتيجية للكيان الصهيوني اعترف بها عدد من القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية السابقة وأن نتنياهو جر الكيان الصهيوني إلى كارثة بحيث أصبح الكيان وقيادته مطاردا من المحاكم الدولية خاصة محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية في لاهاي من خلال إصدار مذكرات التوقيف. كما أصدرت الأمم المتحدة قائمة العار السوداء التي تصدرها الكيان الصهيوني باستهدافه آلاف الأطفال وقتلهم وهي جريمة بشعة سوف تظل تطارد المجرم القاتل نتنياهو وعصابته في الكيان المنبوذ وهذا المصطلح أصبح ملازما لوصف الكيان الصهيوني وسوف يستقر في أذهان أحرار العالم لعقود طويلة.
إن فلسفة الانتقام من الأبرياء العزل والذي أقدمت إسرائيل وكان آخرها مجزرة مخيم النصيرات يعطي مؤشرا على الجينات الإجرامية التي يحملها قيادات الكيان الصهيوني، بل إنهم غير مهتمين بالمحتجزين وأهاليهم الذين يتظاهرون بشكل يومي، كما أن الطيران الإسرائيلي قد قتل العشرات من المحتجزين. ومن هنا فإن الكيان الصهيوني دخل في دوامة الانتقام وأصبحت هناك مؤشرات على أن سقوط عصابة تل أبيب هي قادمة لا محالة، وأن تعنت نتنياهو حول وقف الحرب في قطاع غزة هو الخوف من تبعات ما بعد وقف إطلاق النار، لأن ذلك يعني تشكيل لجنة تحقيق داخلية لنتنياهو وبقية القيادات العسكرية حول الهزيمة الاستراتيجية التي مني بها الكيان الصهيوني وبشكل مخز يوم السابع من أكتوبر. كما أن نتنياهو يواجه قضايا فساد متعددة من المحاكم الإسرائيلية، وبالتالي فإن المشهد السياسي في الكيان الصهيوني مرتبك، وهناك استقالات متواصلة في حكومة نتنياهو المتطرفة.
إن المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية والمقاومة العراقية والمقاومة اليمنية شكلوا حزام مقاومة مثاليا وهي تجربة نموذجية حاصرت العدو الإسرائيلي وحتى الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي زودت إسرائيل بالسلاح والمعلومات الاستخباراتية وكانت شريكا حقيقيا للعدوان على قطاع غزة وعموم فلسطين. ومن هنا فإن قطع الملاحة في البحر الأحمر لا يستهدف الملاحة في حد ذاتها ولكن يهدف إلى الضغط على الكيان الصهيوني لوقف العدوان السافر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفلسطين المحتلة. ولقد لعب الإعلام الدولي والعربي وشبكات التواصل الاجتماعي والهاتف الذكي دورا محوريا للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني في تعرية زيف السردية الصهيوينة وأصبح العالم مقتنعا بأن الكيان أصبح يشكل خطرا على السلام والأمن في المنطقة والعالم. ومن هنا فإن لجم هذا الكيان الصهيوني يعد ضرورة إستراتيجية وإنسانية، وفي تصوري بأن هذا الجيل من القيادات الصهيونية المتشددة سيظل ملطخا بالعار والجريمة في الذاكرة التاريخية الإنسانية. علاوة على أن معركة طوفان الأقصى ينبغي أن تشكل أيضا معركة للوعي العربي وأجياله الجديدة، كما أن تلك المعركة وما أدت إليه من هزيمة مذلة للجيش الإسرائيلي تحفز القيادات والجيوش العربية بأن سردية إسرائيل حول التفوق والغطرسة قد سقطت في السابع من أكتوبر وأن العسكرية الإسرائيلية يمكن هزيمتها بعد أن كسرت المقاومة الفلسطينية حاجز الخوف والرهبة التي صنعتها آلة الحرب النفسية الصهيونية على مدى عقود.
إن العدوان الصهيوني يتكبد يوميا المزيد من الخسائر وقد خسر أكثر من ثلث دبابات جيشه خاصة الميركافا والتي تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات، كما أن هناك تدهورا في الروح المعنوية للضباط والجنود الذي أقدم العشرات منهم على الانتحار عدا على هروب عشرات اليهود من إلى الغرب خوفا من الحرب، كما أن الاقتصاد الصهيوني سجل تراجعا وتدهورا كبيرا وتوقفت عدد من الموانئ والسياحة وحتى الاستثمار كل ذلك بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية والتي سوف يسجل لها التاريخ الحديث بأنها أنهت سطوة وأكذوبة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر ومن خلال حرب استنزاف تدخل شهرها التاسع وهي من أطول الحروب في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.
إن وقف إطلاق النار يلوح في الأفق بعد قرار مجلس الأمن الدولي وشعور واشنطن بأن الانتخابات الأمريكية على الأبواب وأن استمرار الحرب سوف يجعل الحزب الديموقراطي يخسر تلك الانتخابات، كما أن أحداث البحر الأحمر وضرب السفن الأمريكية والغربية من قبل أنصار الله في اليمن قد أحدث متغيرا استراتيجيا مهما، وأصبح هناك تهديد حقيقي لانسياب التجارة البحرية الدولية عبر البحر الأحمر وخليج عدن وحتى عبر البحر الأبيض المتوسط، وأمام كل هذه المتغيرات فإن الكيان الإسرائيلي أصبح محاصرا دوليا وممزقا داخليا وليس أمامه سوى وقف العدوان والتسليم بهزيمته الاستراتيجية التي تعد واضحة وموثقة على كل المستويات وأيضا تم توثيق جرائمه وانتهاكاته ضد الإنسانية وضد حقوق الإنسان في أكبر إبادة جماعية يشهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المقاومة الفلسطینیة الکیان الصهیونی کما أن
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني يُجدد غاراته على بيروت
تجددت غارات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، على العاصمة اللبنانية بيروت، وفقًا لـ"وفا".
بيان مشترك للولايات المتحدة وفرنسا: سنعمل معا لتعزيز القوات المسلحة اللبنانية ومساعدة اقتصاد لبنان نتنياهو يكشف أهداف وقف إطلاق النار مع لبنان
كما قصفت قوات الاحتلال الحدود اللبنانية- السورية، شمال لبنان.
وكان سبعة مواطنين لبنانيين استشهدوا في وقت سابق من مساء اليوم، وأصيب آخرون، في قصف نفذه طيران الاحتلال على بيروت.
فيما قال جو بايدن، الرئيس الأميركي، مساء الثلاثاء، إن إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف إطلاق النار، على أن يسري مفعوله خلال ساعات، فجر الأربعاء.
وقال بايدن في مؤتمر صحفي من واشنطن، إن اتفاق وقف إطلاق النار سيسري مفعوله في الساعة 4 صباحا الأربعاء بتوقيت لبنان وإسرائيل.
وأضاف، " إسرائيل لم تشن الحرب، والشعب اللبناني لم يكن يريد الحرب.. حزب الله منظمة إرهابية مدعومة من إيران وأقدمت على مهاجمة إسرائيل".
وأكد الرئيس الأميركي خلال حديثه أن بلاده "ستقدم الدعم لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار في لبنان بالتعاون مع فرنسا".
وأشار بايدن إنه خلال الأيام المقبلة "سندفع مع تركيا وقطر ودول أخرى من أجل وقف إطلاق النار في غزة".