شهود عيان يروون لـإنترسبت تفاصيل لمجزرة الاحتلال في مخيم النصيرات
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
نشر موقع إنترسبت تقريرا للصحفية شروق العيلة من دير البلح روت فيه ما شاهدته وما رواه شهود على مذبحة النصيرات ومن ضمنها شهادة سهيل مطلق أبو ناصر الذي لجأ خلال هذه الحرب إلى مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.
روت صحفية فلسطينية وشهود عيان، لموقع إنترسبت تفاصيل مشاهداتهم لمجزرة النصيرات، التي قامت بها قوات الاحتلال، ضمن عمليتها لاستعادة 4 من الأسرى من قطاع غزة.
وقال أحد الشهود وهو سهيل مطلق أبو ناصر، الذي نزح إلى المخيم الواقع وسط قطاع غزة، في ظل العدوان على رفح جنوب القطاع.
بعد أن استقر في المنطقة في البداية في تشرين الثاني/ نوفمبر، واجه أبو ناصر، 60 عاما، المزيد من عمليات النزوح، لكن الرحلة الشاقة أعادته إلى النصيرات هذا الربيع. كان المنزل الذي سكن فيه في النصيرات قد تعرض للقصف ودُمر جزئيا، لكنه رأى أنه أفضل من خيمة النايلون التي أقام فيها جنوب رفح.
يوم السبت، حوالي الساعة 11 صباحا، كان أبو ناصر يقف بجانب نافذة المنزل عندما بدأت الصواريخ تنهمر على المنطقة. وسقطت إحداها على بعد 20 مترا فقط.
وقال أبو ناصر: "لقد تحولت المنطقة إلى رماد، لم أتمكن من العثور على زوجتي وبدأت في الاتصال بمن حولي للتأكد من أنهم ما زالوا على قيد الحياة".
وبعد خروجه خوفا من تعرض مبناه للقصف، واجه أبو ناصر هجوما إسرائيليا ضخما كان يتكشف من حوله. وامتلأت الشوارع بسرب بمسيرات كوادكوبتر المزودة بأسلحة صغيرة. ويمكن سماع آثار الدبابات في مكان قريب. وحلقت طائرات هليكوبتر هجومية أمريكية الصنع من طراز أباتشي. وتعرضت المنازل المجاورة للقصف بالصواريخ.
وقال أبو ناصر: "سمعنا الناس يبكون طلبا للمساعدة في المنازل التي قصفت. كان لديهم شهداء وجرحى، لكننا لم نتمكن من مساعدتهم".
كان المشهد مروعا، وقال: "امتلأ الشارع بأشلاء المدنيين، والعديد من الإصابات تنزف دون أن تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليهم".
واستمر الهجوم على النصيرات حوالي 75 دقيقة.
يتذكر أبو ناصر قائلا: "انتهت العملية، لكننا بقينا في أماكننا لفترة طويلة خائفين من التحرك. لقد كان مشهدا مروعا ووقتا صعبا لم أشهده من قبل في حياتي".
وعندما انسحبت قوات الاحتلال ومعها أربعة أسرى، مخلفة وراءها الموت والدمار. أعلنت السلطات في غزة استشهاد 274 شخصا، بينهم 64 طفلا و57 امرأة، وإصابة أكثر من 400 آخرين، وقصف 89 منزلا أو مبنى سكنيا مأهولا خلال الغارة.
وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحكومة حماس في غزة، إن جنودا إسرائيليين تنكروا بزي نازحين لتنفيذ مجزرة النصيرات.
وتحققت صحيفة واشنطن بوست من مقطعي فيديو لشاحنة تحمل شعار صابون غسيل الأطباق ترافقها الدبابات الإسرائيلية إلى خارج النصيرات – على الرغم من عدم وضوح ما إذا كان المشهد قبل الهجوم أم بعده. وأظهر مقطع فيديو آخر تم نشره على الإنترنت شاحنة مرسيدس بنز محملة بأمتعة مربوطة عليها – وكأنه مشهد من رواية "عناقيد الغضب" الذي أصبح شائعا في غزة.
وقال شاهد عيان للصحيفة إن حوالي 10 جنود إسرائيليين قفزوا من الشاحنة وأطلقوا النار على شقيق شاهد العيان، رغم أن ممثل للمتحدث باسم القوات الإسرائيلية دانييل هاغاري ، قال لموقع إنترسبت أنه لم يتم استخدام أي مركبات مدنية في الهجوم.
وكان مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، الذي زرته يوم السبت، يكتظ بالمصابين من النصيرات. وكانت سيارات الإسعاف تصل باستمرار، وكان الصراخ يملأ الجو. وقالت كارين هوستر، منظمة السياسات والمشرفة العاملة في الأقصى مع منظمة أطباء بلا حدود، إن الفوضى سادت غرفة الطوارئ طوال فترة ما بعد الظهر، وذلك وفقا لتسجيل أرسلته من غزة وأصدرته منظمة أطباء بلا حدود.
قالت كارين هوستر، وهي منظمة سياسات ومشرفة تعمل في مستشفى شهداء الأقصى مع منظمة أطباء بلا حدود: "لا يوجد شيء على الإطلاق يبرر ما رأيته اليوم. لا شئ.. هؤلاء الأطفال - الطفل البالغ من العمر 3 أشهر، والطفل البالغ من العمر 7 سنوات، والطفل البالغ من العمر 12 عاما الذي مات - والرجل البالغ من العمر 25 عاما، والمرأة البالغة من العمر 78 عاما، الذين أصيبوا جميعا بإصابات مروعة.. لماذا استحقوا هذا؟ ولماذا ينظر العالم في صمت؟ إلى أي مستوى من الرعب يجب أن نصل قبل أن نفعل شيئا في النهاية، قبل أن نقول لإسرائيل أخيرا أن هذا غير مقبول؟".
وأوضحت الصحفية، "لقد كانت الحرب مضطربة بالنسبة لي. مثل أبو ناصر، نزحت وتم نقلي ثلاث مرات خلال الحرب. ومؤخرا، في شهر أيار/ مايو، وصلت إلى دير البلح، وهي مدينة تقع في وسط قطاع غزة".
مثل كثيرين غيري، فقدت أحباء وفقدت زملائي. فقدت زوجي، الذي كان حب حياتي وأب ابنتي وشريكا في شركة الإنتاج لدينا. لقد استشهد على يد الإسرائيليين في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما كان يحميني أنا وابنتنا عندما أصيب منزلنا بصاروخين. كنت أعلم أنه كان عليّ الاستمرار، لمواصلة سرد القصص.
وهكذا، في الثامن من حزيران/ يونيو، انطلقت بالسيارة للقيام برحلة طولها أربعة أميال تقريبا من دير البلح إلى النصيرات لإجراء مقابلة حول فيلم نعمل عليه. المرأة التي كانت ستكون موضوع مقابلتي تعيش في المخيم.
وبينما كنا نقترب من النصيرات، شعرت بعدم ارتياح شديد. فقلت للسائق: "أشعر بعدم الارتياح للذهاب إلى هناك وأفكر في إلغاء الرحلة". وفجأة، تصاعد كل شيء بسرعة.
ومن خلال نافذة السيارة رأيت أربع طائرات مروحية تحلق على ارتفاع منخفض وتطلق النار بشكل متواصل. وكانت قذائف المدفعية تسقط في مكان قريب، بشكل عشوائي على ما يبدو. وكانت أصوات الانفجارات متواصلة.
كنا نفكر في المضي قدما أو العودة عندما استهدف صاروخ المنزل المجاور لنا، وتطايرت الشظايا فوق رؤوسنا.
كل ما كنت أفكر فيه في هذه اللحظة هو ابنتي الصغيرة. لقد بلغت عامها الأول في غضون أسبوعين من مقتل والدها. تساءلت كيف يمكنها أن تتعامل مع فقدان والدتها أيضا.
وواجهت المستشفيات في قطاع غزة هجمات متكررة من قبل الجيش الإسرائيلي، حتى عندما كانت تستخدم في بعض الأحيان كملاجئ للنازحين. وتعرضت مرافق الرعاية الصحية لحصار متواصل وواجهت أوامر إخلاء متكررة، حيث كان القناصة الإسرائيليون يستهدف الأشخاص في الخارج أثناء محاولتهم اتباع الأوامر.
وقد أبلغ الأطباء الأجانب العائدون من بعثات المساعدة إلى غزة عن مذبحة لا توصف. وفي ظل الهجمات العسكرية والموارد مثل الوقود تحت الضغط، تكافح أجنحة الولادة من أجل توليد الأطفال المبتسرين وإبقائهم على قيد الحياة. وقد اختفى المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية في السجون الإسرائيلية.
وقالت هوستر، عاملة الإغاثة التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود في الأقصى، إن النشاط العسكري في دير البلح بدأ حوالي الساعة 11:30 صباحا، وفقا للتسجيل الذي نشرته منظمة أطباء بلا حدود.
وقالت في التسجيل: "بدأنا نسمع نشاطا مكثفا جدا للجيش الإسرائيلي، والكثير من القصف، والكثير من إطلاق النار، والمروحيات". وقالت هوستر إن العاملين في منظمة أطباء بلا حدود سمعوا بعد ذلك بوقت قصير "انفجارا هائلا بجوار مكتبنا، وهو ليس بعيدا جدا عن مستشفى الأقصى".
وقالت هوستر إن العاملين في منظمة أطباء بلا حدود بدأوا في إعداد الإمدادات وسرعان ما تلقوا نداء من مدير المستشفى لتقديم المساعدة. وفي وقت مبكر من بعد الظهر، وبعد تقييم الوضع الأمني، وصلوا إلى غرفة الطوارئ في المستشفى.
قالت هوستر: "لقد كانت كالعادة فوضى. لكنها كانت فوضى مضاعفة من الأيام الأربعة الماضية: فوضى عارمة في الداخل".
وقالت إن غرفة الطوارئ "كانت مكتظة بالكامل بالمرضى على الأرض القادمين من القصف في النصيرات" - وكان هناك مئات المرضى.
وتابعت هوستر في التسجيل: "كان هناك أطفال في كل مكان، وكان هناك نساء، وكان هناك رجال. كان لدينا سلسلة كاملة من جروح الحرب، وجروح الصدمات، من عمليات بتر الأطراف إلى عمليات نزع الأحشاء إلى الصدمات، إلى إصابات الدماغ المؤلمة، وبالطبع الكسور والحروق الكبيرة".
وتتابع: "الأطفال أصبحوا رماديين أو بِيض بالكامل من الصدمة، محروقين، يصرخون ينادون والديهم - الكثير منهم لا يصرخون لأنهم في حالة صدمة".
وفي مرحلة ما خلال زيارتي، اجتاح الذعر خيمة الإعلام. وقد انتشر خبر مفاده أن الجيش الإسرائيلي اتصل بالمستشفى للتحذير من أنه سيهاجم – وتحديدا ضد الصحفيين المجتمعين.
سواء كانت شائعة أم لا – نفى الجيش الإسرائيلي، في بيان لموقع إنترسبت، صدور أي أمر بإخلاء المستشفى – قررنا المغادرة. بعد أن هربت إلى المستشفى هربا من عنف الهجوم على النصيرات، كنت أهرب منه الآن.
ورفض الأطباء وأهالي المصابين المغادرة. ولم يقع الهجوم.
وكان أبو ناصر وزوجته قد نزحوا للمرة الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، من منزلهما في منطقة الصفطاوي شمال غزة. لقد غادروا سيرا على الأقدام بعد أن تعرض حيهم لهجوم من قبل الجيش الإسرائيلي. أصابت المنطقة قذائف مدفعية والفسفور الأبيض، وهو سلاح حارق يُحظر استخدامه في المناطق المدنية، ودُمر ملجأ مجاور لمبناهم في غارة جوية إسرائيلية.
أخذت رحلة أبو ناصر وزوجته إلى النصيرات على بعد 10 أميال جنوبا، وقتا قصيرا. في المرة الأولى في النصيرات حيث عاشا في منزل جديد، ولكن لمدة شهر ونصف فقط.
وأصبح النزوح نمط حياة مزعج. وفي أواخر كانون الأول/ ديسمبر، استجاب أبو ناصر لأوامر الإخلاء الإسرائيلية بالتحرك جنوبا مرة أخرى، وانتهى به الأمر هذه المرة في رفح مع حوالي 1.4 مليون فلسطيني نازح داخليا. وأقاموا في خيمة في مخيم تل السلطان، على مسافة ليست بعيدة عن وسط مدينة رفح.
وبعد خمسة أشهر، عندما تعرضت رفح بدورها للتهديد من قبل الجيش الإسرائيلي، غادر أبو ناصر مرة أخرى، عائدا إلى منزله الذي تعرض للقصف في النصيرات في شهر أيار/ مايو. سيصبح مخيم تل السلطان في رفح موقعا لما يُعرف الآن باسم "مجزرة الخيام" - والتي سُميت على اسم الملاجئ ذاتها التي تركها أبو ناصر وراءه.
عندما ضربت القنابل بالقرب من منزله في النصيرات يوم السبت، وهرب أبو ناصر وزوجته إلى الشارع، تفاجأ عندما وجد طرقا عديدة للموت: الدبابات، والمروحيات الهجومية، والقذائف، والصواريخ، وقنص الناس على الشارع من طائرات كوادكوبتر مزودة بأسلحة صغيرة.
وقال أبو ناصر: "كان الناس يركضون أمام أعيننا، هاربين من طائرات كوادكوبتر. واختبئنا في مكان لا تستطيع طائرات كوادكوبتر الوصول إليه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال اسرى غزة الاحتلال مجازر صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة منظمة أطباء بلا حدود الجیش الإسرائیلی البالغ من العمر فی النصیرات دیر البلح کان هناک أبو ناصر قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
فيلادلفيا.. محور الموت الذي يمنع أهالي رفح من العودة
غزة- منذ نزوحها قسرا قبل 10 شهور، لم تتمكن الفلسطينية هدية أبو عبيد من العودة لمدينتها رفح، حيث لا تزال إسرائيل تسيطر على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الممتد بين قطاع غزة ومصر.
ويفرض جيش الاحتلال بقوة النيران وعمليات التوغل المستمرة حدودا غير ثابتة لما توصف بـ"المناطق الحمراء" في رفح، صغرى مدن القطاع، ويستهدف كل من يحاول الاقتراب منها بعمق يصل لنحو كيلومترين اثنين.
وخلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، قتل الاحتلال نحو 50 فلسطينيا أثناء محاولتهم العودة لمنازلهم في رفح.
هذه المخاطر تمنع أبو عبيد (55 عاما)، والغالبية من حوالي 300 ألف نسمة من سكان رفح، من العودة إليها، ولا يزال أكثرهم يقيمون في خيام بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس.
وتقول أبو عبيد، التي تقيم بخيمة مع أسرتها المكونة من 5 أفراد، للجزيرة نت "كل النازحين رجعوا إلى غزة والشمال ولكل المناطق، إلا نحن سكان رفح"، وتتساءل "فهمونا يا ناس، هل رفح خارج الاتفاق؟".
وتنتشر على حسابات سكان المدينة على منصات التواصل الاجتماعي تساؤلات كثيرة حول واقع رفح، وسط غضب كبير لعدم قدرتهم على العودة إليها.
إعلانوتعلم هدية أن منزلها في "مخيم يبنا" للاجئين الملاصق للحدود مع مصر قد دُمر كليا، وتقول "الاحتلال مسح المنطقة عن الوجود، ولكني أريد العودة لبيتي والعيش فوق أنقاضه، ليس هناك أجمل من رفح ولا أطيب من أهلها".
واحتضنت رفح، بعد الحرب، أكثر من مليون نازح لجؤوا إليها من مدينة خان يونس ومناطق شمال القطاع، ونزحوا عنها جميعا مع أهلها عشية اجتياح المدينة في 6 مايو/أيار الماضي.
وردا على سؤال حول توقعها بالعودة لرفح؟ قالت أبو عبيد "لا عودة دون انسحاب الاحتلال من الحدود، من حاول العودة قتلوه".
كارثة وقتلبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ينطلق الانسحاب التدريجي من محور "فيلادلفيا" بداية من اليوم الـ42 للمرحلة الأولى منه، وتستكمل إسرائيل انسحابها، على طول المحور الممتد 14 كيلومترا بين الحدود المصرية والفلسطينية، بحلول اليوم الـ50 من الاتفاق.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد نددت بخرق الاحتلال للاتفاق، وبعدم التزامه بالجدول الزمني للانسحاب من المحور.
وقالت، في بيان لها الاثنين الماضي، "لم يلتزم الاحتلال بالخفض التدريجي لقواته خلال المرحلة الأولى، وبالانسحاب بالموعد المحدد، وكان المفترض اكتمال الانسحاب في اليوم الـ50 للاتفاق، الذي يصادف التاسع من مارس/آذار الجاري".
وتعاني رفح، حسب وصف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من "كارثة إنسانية متجددة، إذ حولت الحرب الإسرائيلية معظم أحيائها إلى ركام، ورغم وقف إطلاق النار لا يزال الاحتلال يواصل هجماته العسكرية، ويسيطر على نحو 60% من المدينة، سواء عبر تمركز الآليات أو السيطرة النارية، ويستهدف المدنيين العزل بالقصف وإطلاق النار، ما يوقع يوميا مزيدا من الشهداء والجرحى".
ومنذ سريان الاتفاق، قتلت إسرائيل -وفق توثيق هيئات محلية ودولية- 150 فلسطينيا، وجرحت زهاء 605 آخرين، على مستوى القطاع، بمعدل 3 شهداء يوميا، ثلثهم من سكان رفح.
من جانبه، يقول المواطن فادي داوود للجزيرة نت إن أقارب وأصدقاء له استشهدوا وأصيبوا أثناء محاولتهم الوصول لـ"حي البرازيل" المتاخم للحدود مع مصر جنوب شرقي رفح، لتفقد ما تبقى من منازلهم في الحي المدمر كليا.
إعلانورغم قساوة النزوح، يفضل داوود (31 عاما) المتزوج حديثا، والذي يقيم مع زوجته الحامل بخيمة في خان يونس، البقاء مع أسرته على "المغامرة بالعودة إلى رفح".
ومنذ اندلاع الحرب، نزح داوود 5 مرات، ويقول "الحياة قاسية في الخيمة، خاصة وأن زوجتي حامل بابننا الأول، ونفتقد للخصوصية والاحتياجات الأساسية".
وأعلنت بلدية رفح، أمس الخميس، عن التوقف التام لخدمات فتح الشوارع وترحيل الركام، فيما أصبحت مولدات آبار المياه مهددة بالتوقف الكلي بسبب نفاد الوقود واستمرار إغلاق الاحتلال للمعابر منذ الثاني من مارس/آذار الجاري، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة السكان.
وحذر أحمد الصوفي رئيس بلدية رفح من أن المدينة تعيش أوضاعا مأساوية غير مسبوقة، حيث يواجه عشرات الآلاف من السكان خطر العطش وانتشار الأوبئة مع تصاعد أزمة المياه، مع شلل تام للخدمات البلدية الأساسية وتدمير البنية التحتية.
وأكد أن البلدية بذلت كل الجهود الممكنة للحفاظ على الحد الأدنى من الخدمات رغم الدمار الكبير، إلا أن نفاد السولار يهدد بتوقف تشغيل آبار المياه بالكامل، مما يفاقم معاناة السكان المحاصرين الذين يعتمدون على هذه "المصادر المحدودة" في ظل الحصار الخانق.
وتحولت رفح لمدينة "منكوبة" حسب صافي، بسبب الحرب والتشريد، وتواجه الآن خطرا مضاعفا بحرمانها من أبسط مقومات الحياة، وأكد أن عدم إيجاد حلول عاجلة قد يؤدي إلى كارثة لا يمكن تداركها.
ويتمركز وجود أعداد محدودة من سكان المدينة حاليا بمناطق وأحياء تقع في الجهة الشمالية منها، بعيدة نسبيا عن الحدود الفلسطينية المصرية، غير أنهم يواجهون مخاطر ويكابدون معاناة يومية شديدة لتحصيل المياه وشؤون الحياة الأساسية.
إعلانويقول حذيفة عبد الله، الذي عاد مع أسرته قبل نحو شهر للإقامة بمنزله المدمر جزئيا في حي الجنينة شمال رفح، "للأسف يوميا يصلنا الرصاص، اليوم قذيفة مباشرة أصابت المنزل، ولا أحد يتحدث عن وضع رفح وما تتعرض له".