تعلق الأطفال بالأبطال الخارقين.. هل هو مضر أم مفيد لنفسيتهم وسلوكهم؟
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
بيروت – سبايدرمان، سوبرمان، باتمان، الرجل الحديدي، كابتن أميركا، وشخصيات أخرى، كلها لأبطال خارقين يتعلق بهم أطفالنا وقد يقلدونهم. لكن هذا الهوس قد لا يكون مفيدا أبدا، فبدلا من الميل إلى الصفات الإيجابية كالشجاعة والكرم والصدق، قد يميل الأطفال إلى العدوانية والعنف.
ولأن "أبطال الشاشات" يشغلون مساحة في حياة أطفالنا، خاصةً في سنوات نموهم وتطورهم.
توضح الاستشارية الأسرية ألكسندرا زهار أن الطفل في سن صغيرة يتمتع بفضول وخيال واسع، فأفكاره تكون مليئة بشخصيات أبطاله المفضلة التي يشاهدها باستمرار، ويسعى دوما لتقليدها، فهي قدوته ومثاله الأعلى.
وتضيف "هؤلاء الأبطال قد يعلمون الأطفال قيما رائعة كالشجاعة والصدق والشعور بالمسؤولية تجعلهم أفرادا صالحين، من خلال توظيف قوتهم في مساعدة الآخرين ورفع الظلم عنهم بدون استخدام العنف".
أحيانا يضيع الطفل في عالمه الخاص بعيدا عن حقائق الحياة بسبب اعتقاده بأن عالم الأبطال الخارقين حقيقي (شترستوك)وتشير زهار للجزيرة نت إلى أنه في بعض الأحيان قد يضيع الطفل في عالمه الخاص، بعيدا عن حقائق الحياة، بسبب اعتقاده بأن عالم الأبطال الخارقين حقيقي، وقد يتصرف بالطريقة نفسها أيضا، وهذا ما يجعل الطفل موهوما.
ووفق زهار، من الضروري تعريف الأطفال بأن الأبطال الخارقين موجودون بيننا أيضا في الحياة، وليس في الخيال فقط، فكل شخص قادر على تأدية عمله بصورة جيدة ومساعدة الناس في الحفاظ على حياتهم، هو بطل خارق واقعي، قد يكون ضابطا أو رجل إطفاء أو طبيبا مثلا، ولا ضير من جعل الطفل يقابلهم عن قرب، ويتعرف عليهم بملابسهم الرسمية، حتى لو شعر بالخوف أو الخجل في بداية الأمر.
وتضيف زهار قائلة إنه "يجب تعزيز المهارات الإيجابية المهمة التي يكتسبها الطفل من الشعور بالثقة والقوة لمساعدة الآخرين، وإمكانية التشاور لحل المشكلات، إضافة للتفريق بين الخير والشر باتباع الطريق الصحيح".
ما التأثيرات السلبية على حياة الأطفال؟وأوضحت زهار أن سبب التعلق الشديد بالأبطال الخارقين وتقليد سلوكهم بدون توجيه أو إرشاد، يعلم الطفل العنف والتصرفات العدوانية بسبب رؤيته المستمرة لقتال الأبطال.
ومن الممكن أن يسيطر الغضب والتوتر على سلوك الطفل وكلامه عند ترديده بعض أقوال وعبارات أبطاله (مثل "أنا غاضب" – "أنا مستاء".. إلخ). وهذا السلوك النفسي الذي يسيطر على الطفل قد يجعله متنمرا على أقرانه الأقل منه قوة، الأمر الذي يكتسبه من خلال شعوره بتفوقه وقوته التي لا مثيل لها وأنه البطل الذي لا يقهر ولا يقبل بالهزيمة.
الآثار السلبية خطيرة على الأطفال بل وتهدد سلامتهم مثل تقليد "الخارقين" في القفز من المرتفعات (شترستوك)وفي هذا الإطار عرض موقع "موم جانكشين" مقالا عن تأثير الأبطال الخارقين على الأطفال، فهو قد يكون إيجابيا، من خلال تعزيز فكرة القضاء على الشر وإحلال الخير في العالم، فبعض الشخصيات الخارقة (الإيجابية) يمكن أن تساعد الأطفال على التمييز بين أعمال الخير وأعمال الشر، وهذا الأمر يعد مفيدا لا سيما في سن صغيرة، فينشأ الطفل على حب فعل الخير ورفض الشر.
وفي هذا الشأن لاحظ الدكتور لانس جاريسون، اختصاصي علم نفس الأطفال -من خلال دراسته الهادفة لمعرفة التأثير السلبي والإيجابي لهوس الأطفال بالأبطال الخارقين- أن الصفات المفضلة لدى الأطفال في أبطالهم هي الشجاعة والشهامة والكرم والصدق وتحقيق العدالة، وهذا ما يدفعهم للشعور بالراحة والثقة أكثر في حياتهم، لكن من المهم جدا أن يناقش معهم الآباء الجوانب الإيجابية والسلبية في بعض الأحيان، للتمكن من تطوير شخصياتهم، وتلافي أي مشاكل نفسية.
وحذر جاريسون من أن "الآثار السلبية قد تكون خطيرة على الأطفال بل وتهدد سلامتهم، مثل تقليدهم في القفز من المرتفعات أو اللعب بالأدوات الحادة التي تسبب إصابات خطيرة، إضافة إلى ممارسة السلوك العدواني والعنف ضد أقرانهم".
وأوضح أن الأبطال الخارقين الآن يشاركون في دوامة من العنف على الشاشات، ليس لها نهاية، ويدخلون في مشاجرات ومعارك مع أشرار لا ينتهون، ويحبون حمل الأسلحة، كما أنهم نادرا ما يذكرون أنهم يحاربون من أجل الخير ومصلحة الإنسانية، وبخاصة شخصيات (أبطال) يتمتعون بقوى سحرية غير واقعية على غرار الطيران أو إطلاق النار من العينين أو السير في الهواء.
ألكسندرا زهار: تقليد ألعاب "الأبطال الخارقين" قد يعرض الطفل -أو خصمه الذي يلعب معه- لأضرار جسدية (الجزيرة) نصائح مهمةوقدمت زهار في حديثها للجزيرة نت بعض النصائح للوالدين لحماية الأطفال من التأثير السلبي للأبطال الخارقين، منها:
تحذير الأطفال من استخدام الأدوات المؤذية التي ترافق لعب الأبطال الخارقين، ومنها العصي والسيوف وغيرها من الأدوات. تقليد ألعاب "الأبطال الخارقين" قد يعرض الطفل لأضرار جسدية هو أو خصمه الذي يلعب معه، وتنتهي اللعبة بتبادل ألفاظ سيئة بينهما؛ لذلك من الضروري تعريف الطفل بأن هذه الألعاب مؤذية، والأفضل الاستعاضة عنها بألعاب بعيدة عن السلوك العدواني. في بعض الأحيان قد يضيع الطفل في عالمه الخيالي الخاص، بعيدا عن واقع الحياة، ويتصرف بطريقة مشابهة للأبطال الخارقين على الشاشة، وهذا أمر سلبي. لهذا يجب على الوالدين أن يوضحوا للطفل الفرق بين الخيال والواقع.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطفل فی من خلال
إقرأ أيضاً:
لسه فاكر كلام اهلك السلبي عنك؟.. تعرف على آثار الأذى النفسي للأطفال
لسه فاكر كلام أهلك السلبي عنك؟ تعرف على آثار الأذى النفسي الذي يتعرض له الأطفال من قِبل الوالدين..على الرغم من توقيع العديد من الدول على اتفاقية حقوق الطفل، التي تضمن حق الأطفال في الحماية من العنف بجميع أشكاله، فإن الواقع يعكس أرقامًا صادمة.
الصحة النفسية للأطفال تتأثر بشكل كبير بالأساليب التي يتبعها الآباء في التربية
حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو مليار طفل سنويًا يتعرضون للعنف العاطفي، البدني، أو الجنسي، في حين يفقد طفل حياته جراء هذا العنف كل خمس دقائق والأطفال الذين يعيشون في بيئة تخلو من الحب والدفء، ويتلقون بدلًا من ذلك العداوة أو التهديد، غالبًا ما تتشكل لديهم شخصيات غير متوازنة كما ينعكس أسلوب الوالدين بشكل مباشر على نفسية الطفل، سواء كان ذلك عبر الطلبات المستحيلة أو التعامل كأن الطفل عبء أو شخص غير مرغوب فيه.
العنف الأسري تعرف على العلاقة بين الصحة النفسية للوالدين وتأثيره على الأطفال
أوضح العديد من أساتذة علم النفس الإكلينيكي أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين مشكلات الصحة العقلية لدى الآباء وتأثيرها على الأطفال.
فالطفل الذي يعاني أحد والديه من اضطرابات القلق يكون معرضًا للإصابة بنفس الاضطراب بمعدل يتراوح بين أربع إلى ست مرات.
أما الأطفال الذين ينشأون في بيئة يعاني فيها أحد الوالدين من الاكتئاب، فإن احتمالية إصابتهم بالاكتئاب ترتفع بمعدل ثلاث إلى أربع مرات.
إقرأ أيضًا..تنفصل عن الواقع لعدة ساعات؟ تعرف على أعراض مرض الذهان وطريقة علاجه
تعرف على أشكال العنف النفسي ضد الأطفال
• يتعرض الأطفال لعدة أشكال من العنف النفسي من قبل الوالدين مثل:
•التقليل من شأن الطفل وتحطيم ثقته بنفسه.
•التضارب في أساليب التربية، كالعقاب القاسي أحيانًا، وترك السلوك دون ردع أحيانًا أخرى.
•الترهيب وخلق جو من الخوف.
•مقارنة الطفل بأقرانه مما يؤدي إلى شعور بالدونية.
الآثار النفسية للعنف والأذى النفسي الذي يتعرض له الأطفال يترك آثارًا طويلة الأمد، منها:
التوتر والقلق نتيجة فقدان الأمان داخل الأسرة وفقدان التركيز بسبب الانشغال بسلوكيات الوالدين العدوانية كرد فعل على العنف الممارس ضدهم.
والاكتئاب، الذي قد يتطور إلى محاولات انتحار في الحالات الشديدة وضعف الأداء الدراسي والعزلة الاجتماعية.
و لكي تتجنب هذه الآثار السلبية، يجب تعزيز وعي الوالدين بأهمية اتباع أساليب تربوية صحية تضمن بناء شخصيات متوازنة ومستقرة نفسيًا.