إنذارات بالإخلاء بعد 15 عامًا.. ماذا يحدث في "حي الفنانين"؟
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدار الأيام الماضية، ارتفعت أصوات عدد من الفنانين المقيمين في حي الفنانين بمنطقة "هرم سيتي"، بمنطقة B3 بحدائق أكتوبر بطريق الواحات، للمسئولين عن الوحدات الخاصة بالمشروع التابع لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، من أجل التدخل، بعد مضايقات مستمرة من الإدارة الحالية، ومحاولة استغلال الموقع بشكل استثماري، بعد أن توقفت لسنوات عن تحصيل المقابل المادي لأقساط المشروع، وإرسال إنذارات لإخلاء مراسمهم؛ والتي وصلت لبعضهم رغم تحريرهم عقودًا ابتدائية مع الشركة.
ويُعاني الفنانون ساكني المشروع، من التشكيليين، والموسيقيين والسينمائيين، والأدباء، والشعراء، والمعماريين، منذ إقامة مشروع حي الفنانين بمدينة هرم سيتى في عام 2008، بعدم الاستفادة من الخدمات والمرافق بشكل رسمي، وعدم القدرة على تركيب عدادات للمرافق (المياه والكهرباء والغاز) والاكتفاء بدفع قيمة الممارسات التقديرية، كما أشار أحد الفنانين المقيمين منذ عام 2013.
وأكد أحد الفنانين في حديثه لـ "البوابة"، والذي رفض ذكر اسمه بسبب استمرار الأزمة، أن البعض اضطر على مدار السنوات الماضية لدفع أقساط المشروع في المحكمة، بينما تم إنذار آخر رغم إتمامه عقد البيع الابتدائي مع الشركة.
ووفق المناشدة التي أطلقها عدد من سكان حي الفنانين، يعد الحي نموذجا رائعا للعلاقة الناشئة بين رأس المال الخاص متمثلا في شركة أوراسكوم وبين الفنانين، بما يحمله من طموحات متبادلة، والتي تحتاج إلى المزيد من الدعم والإيمان بقوة الفن والإبداع في التأثير على المستوى الحضاري والبيئي والمجتمعي.
وقد أنشئ هذا المشروع عام 2008، من خلال اتفاقية تعاون مبرمة بين المهندس سميح ساويرس المالك لشركة أوراسكوم للإسكان التعاوني، ووزارة الثقافة المتمثلة في قطاع الفنون التشكيلية، ورئيسها في تلك الفترة، الذي قام باقتراح ضم أكاديمية الفنون للمشروع كمؤسستين تابعتين للوزارة.
وقتها هدفت الاتفاقية إلى توفير وإتاحة عدد من المراسم لأكثر من 100 فنان ومبدع شاب بمقابل رمزي شهري "كدعم لهم لممارسة الفن والإبداع، كمشروع ثقافي بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، والذي يؤكد حرص جميع أبناء هذا الوطن على إعلاء راية الفن والإبداع متعاهدين على الحفاظ على اسم مصر ومكانتها العالمية كمهد للفنون وأرض خصبة لكل صاحب إبداع وفكر حقيقي".
وحسب المقيمين فيها "أصبحت هرم سيتي النموذج والقدوة لمزيد من إسهامات رؤوس الأموال الخاصة، وبأهمية دورها المجتمعي الوطني في النهوض بوتيرة التطور والتقدم على كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والتي أتاحها لمجموعة متميزة من الفنانين لتوفير مناخ يحفز على التخيل والإبداع".
ويقول البيان: "منذ خمسة عشر عاما وأكثر - عمر هذا المشروع - أصبح حي الفنانين بهرم سيتي واقعا ومركزا منيرا للفن والإبداع بما يقدمه الفنانون من إسهامات فنية في المحافل على المستويين المحلي والعالمي. وفي الآونة الأخيرة مع تغير الإدارات والمسئولين بمدينة هرم سيتي تنامت لديهم رغبة في استغلال المراسم أو موقعها بشكل استثماري وتوقفت من طرفها في تحصيل المقابل المادي وتوالت معها المضايقات والابتعاد عن الهدف الرئيسي من المشروع كمنحة للفنانين الممارسة إبداعاتهم".
وأضاف: "فوجئ الفنانون بإنذارات لإخلاء مراسمهم دون تفاهم مما يهدد ويهدم الفكرة الأساسية التي بني عليها المشروع كما يُعرض الفنانين لواقع مجهول بعد ارتباطهم بمراسمهم على مدى خمسة عشر عاما وافتقارهم لتوفير مكان بديل لممارسة إبداعهم الفني".
هكذا، ناشد الفنانون الجهات المسئولة عن إقامة هذا المشروع بالاضطلاع بدورهم في "الحفاظ على الصياغة الأساسية التي أقيم عليها المشروع الثقافي الفني منذ عام 2008 إلى الوقت الحالي؛ وتقنين وضع الفنانين بما يتناسب مع مجالاتهم الفنية بطريقة تتسم بالديمومة وعدم وجود تهديدات بالإخلاء من قبل الإدارات المتعاقبة، ويكون ذلك من خلال توثيق المشروع كمراسم واستوديوهات الممارسة الأعمال الفنية في أقرب وقت وليست كوحدات سكنية؛ التواصل المباشر والدائم ما بين ممثل لمجلس الإدارة ومجموعة مختارة تمثل فناني المراسم درءا لسوء الفهم أو اللبس".
واقترح الفنانون من قاطني الحي "إمكانية التعاون في مشروعات فنية تفيد المدينة ومشروعات الشركة ذات العوائد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ والحفاظ على البيئة الخضراء في المنطقة المواجهة لحي الفنانين والتي خصصت في التخطيط السابق كمكان مفتوح للعرض والفاعليات الفنية وإقامة الورش".
وأكد البيان أنه "لا يجوز إخلاء أو إزالة مراسم الفنانين لما له من أثر تعسفي على المشروع الثقافي المبرم بين المهندس سميح ساويرس ووزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية وأكاديمية الفنون والذي دعمه الفنانين على مدار 15 عاما وأكثر بكل ما استطاعوا من وقت وجهد ومال لضمان استمراره كمركز إشعاع فني وثقافي".
أمين التشكيليين: نسعى لمفاوضات عادلةتعليقًا على الأزمة، كتبت الدكتورة ريهام عمران، أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين، على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن هذه الأزمة بدأت بمبادرة من شركة أوراسكوم للإسكان التعاوني مع رئيس قطاع الفنون التشكيلية لوضع نواة حي للفنانين بمشروع هرم سيتي، بهدف قيام الشركة بدور فاعل في توفير بيئة صحية للمبدعين والفنانين للإسهام بدور فاعل في الحركة الفنية، بتوفير عدد من الوحدات تصلح استوديوهات بإيجار مدعم ووضع تخطيط مبدئي لخدمة الأنشطة الفنية، لتشجيع الفنانين للانتقال والعمل في المشروع.
وكتبت ريهام: "هذه المبادرة تحولت إلى أزمة حقيقية بعد رغبة إدارة شركة نيو سيتي في استغلال الوحدات بشكل استثماري، والابتعاد عن الهدف الأصلي للمشروع الذي أبدع فيه الفنانين لمدة تصل إلى خمسة عشر عاما، طوروا فيها من شكل المكان ليليق بمسمى حي الفنانين، وأقاموا فعاليات تحت رعاية الشركة، إلا أن إنذارات إخلاء الوحدات وصلت للفنانين من الشركة في غضون شهر مايو الماضي وصولا لساحات القضاء".
د. ريهام عمران أمين عام نقابة الفنانين التشكيليينوأضافت: "بناء على التواصل بيني وبين فناني الحي بشأن الأزمة فإنهم طالبوا النقابة القيام بدورها تجاه الفنانين، وبدوري كأمين عام للنقابة والتي تهدف إلى رعاية مصالح الفنانين التشكيليين من جميع النواحي المادية والأدبية وحماية الإنتاج الفني، والعمل على بقاء المراسم والمساكن للفنانين، وكذا المحافظة على التراث المصري والقومي في الفنون التشكيلية القديمة والحديثة على السواء والارتقاء بالتذوق الجمالي للجماهير. فإنني أدعو جميع الأطراف المعنية بالجلوس على مائدة مفاوضات يعلوها حب الوطن والارتقاء به، إيمانا بالدور المشترك لمؤسسات الدولة الحكومية والخاصة وللفنانين التشكيليين القوى الناعمة في إظهار الوجه الحضاري والثقافي للدولة".
وشددت أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين على "أن يخرج هذا التفاوض بنتائج عادلة بعيدا عن ساحات القضاء التي لا يليق الوصول إليها إلا بعد نفاذ كل وسائل التفاوض الودية بما يليق مع أطراف النزاع، ليستفيد منها جميع الأطراف وصولا لتحقيق الهدف الأصلي للمشروع الذي حقق طموح الشركة في تسطير اسمها كراعي لحي الفنانين، الذي أضاف جمالا ورواجا لمشروعات الشركة، وحقق طموح الفنانين في وجود رعاية لإبداعهم تمكنهم من الاستمرار وفقا لبروتوكول التعاون سالف الذكر.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حي الفنانين هرم سيتي حدائق أكتوبر التشكيليين الفنانین التشکیلیین الفنون التشکیلیة هرم سیتی أمین عام عدد من
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن مشروع نسيج الحياة ضمن خطة إسرائيل لضم الضفة؟
يأتي قرار حكومة نتنياهو بإقرار البدء بتنفيذ ما يسمى "طريق نسيج الحياة" في شرقي مدينة القدس تتويجًا للمساعي الإسرائيلية لتنفيذ عملية الضم الأكبر في تاريخ الصراع منذ عام 1967 لأراضي المناطق الواقعة خارج حدود بلدية القدس من جهة الشرق، وبالذات مستوطنة معاليه أدوميم الكبرى، وتعديل حدود بلدية القدس الإسرائيلية ليضاف لها 3٪ من أراضي الضفة الغربية، بحيث يتم ضمها بشكل رسمي إلى إسرائيل.
فكرة المشروع هي حفر نفقٍ يمتد من الشمال إلى الجنوب في شرقي القدس، وتحويله إلى طريقٍ خاص بالفلسطينيين فقط، بحيث يُمنَع الفلسطينيون نهائيًا من استعمال الطريق رقْم 1 الذي يمتد من وسط مدينة القدس ويخترق الأحياء العربية في المدينة، ثم يمر أمام مداخل مستوطنة معاليه أدوميم في طريقه إلى أريحا، وكان الفلسطينيون يضطرون لاستعمال جزء من هذا الطريق المخصص للمستوطنين للتنقل بين شمالي وجنوبي الضفة الغربية، حيث يدخلون الطريق رقْم 1 قرب منطقة عناتا (شمال القدس)، وسرعان ما يخرجون من المنطقة جنوبًا بعد المرور قُرب مستوطنة معاليه أدوميم ليدخلوا في طريق رام الله – بيت لحم، المعروف باسم (طريق وادي النار).
يريد الإسرائيليون الآن حفر نفق تحت الأرض يصل ما بين منطقة زعَيِّم شمالي شرقي القدس، ويخرج في الطرف الجنوبي من حي العيزرية الذي لا يفصله عن البلدة القديمة بالقدس إلا جبل الزيتون.
إعلانالمشروع ليس حديثًا وإن تصدَّر بعض نشرات الأخبار قبل أيام فقط، حيث كان قد طرح وتمت الموافقة عليه أوّل مرة في ربيع عام 2020 خلال حكومة نتنياهو الائتلافية، إلا أن تنفيذه توقف؛ بسبب العراقيل التي واجهت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، حيث سقطت هذه الحكومة بعد شهرين فقط من إقرار المشروع، لتقوم بعدها حكومة جديدة برئاسة نتنياهو لم تستمر أكثر من شهر واحد، لتسقط منتصف العام 2020، وتقوم مكانها حكومة ائتلافية برئاسة نفتالي بينيت بالتعاون مع يائير لبيد، لتسقط نهاية عام 2022، ليعود نتنياهو منذ ذلك الوقت في حكومته الحالية التي شكلها بالتعاون مع تيار الصهيونية الدينية الذي يرى كثير من المحللين والمراقبين أنه الحاكم الفعلي اليوم، وهذه الحكومة انشغلت منذ أكثر من عام ونصفٍ في الحرب الدائرة حاليًا في قطاع غزة، وعلى عدة جبهات أخرى كما نعلم.
يعتبر هذا المشروع من الناحية العملية مشروعًا إستراتيجيًا في غاية الخطورة، حيث يعود أصله إلى رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، للتوسع في بلدية القدس شرقًا على حساب أراضي الضفة الغربية.
فقد كان شارون يرى أنه لا حل لقضية القدس سوى السيطرة على مزيد من الأراضي شرقي المدينة، وضمها إليها؛ لضمان التوزيع الكامل للمستوطنين في كافة المناطق المحيطة بالقدس – لا سيما الشرق – للحفاظ على الهوية اليهودية للمدينة المقدسة، كما تراها دولة الاحتلال، وحصار المناطق التي يوجد فيها الفلسطينيون في شرقي القدس، وفصلها عن محيطها الاجتماعي الطبيعي في الضفة الغربية.
والهدف النهائي هنا يتمثل في إنشاء ما يسمى "القدس الكبرى" التي تساهم في قطع الضفة الغربية إلى قسمين: شمالي وجنوبي، لا يمكنهما التواصل جغرافيًا بأي شكلٍ يمكن أن يعطي أملًا لإقامة دولةٍ فلسطينية فيهما مستقبلًا.
تلك النقاط كانت منطلق الأفكار الأساسية التي طرحها شارون في مشروعه القديم للقدس الكبرى، وبالرغم من أن إسرائيل كانت تعلن في أكثر من مناسبة – لعل آخرها عام 2007 – عن مشاريع تصب كلها في فكرة القدس الكبرى مثل مشروع (القدس أولًا) وغيره، فإنها لم تكن في الحقيقة تقوم بخطوات شديدة الفجاجة في اتجاه تحقيق هذه الرؤية المعلنة، وكان السبب الأساسي لذلك غياب الاعتراف الدولي بالقدس عاصمةً لدولة الاحتلال، إضافةً إلى عقدة الأماكن المقدسة التي كانت إسرائيل تخشى أن تشكل لها عامل تفجيرٍ للأوضاع في المنطقة ككل.
إعلانولذلك كانت تتخذ إجراءاتٍ شديدة الحذر والتدرج، تحاول من خلالها تطبيق هذه الرؤية بالتدريج الشديد دون تسليط الأضواء على ما يجري بشكلٍ فاقع.
إذن، ما الذي استجد لتقرر إسرائيل المضي قدمًا في هذا المشروع في هذا الوقت بالذات؟
الجديد على الساحة بالطبع هو سيطرة تيار الصهيونية الدينية على مقاليد الحكم في إسرائيل، والذي لا يستطيع نتنياهو أن يتزحزح خطوةً واحدةً عن رغبات وأوامر زعيمه سموتريتش، خاصةً بعد أن أنقذ الأخير حكومته من الانهيار خلال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة التي انسحب على إثرها إيتمار بن غفير من الحكومة.
وكانت المعادلة يومها بالنسبة للطرفين نجاحًا لكليهما، إذ أنقذ نتنياهو نفسه من السقوط ثم السجن، وأنقذ سموتريتش حزبه من السقوط في انتخابات مبكرة لم تقدم له فيها استطلاعات الرأي إمكانية حتى لدخول الكنيست. لكن تعافي حزب سموتريتش في استطلاعات الرأي لاحقًا أعطاه الدافعية للمزيد من ابتزاز نتنياهو الذي بات أشد حاجةً إليه مما مضى.
سموتريتش لا يهمه من كل ما يجري إلا تنفيذ مخططه في ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهذا المشروع هو الذي وعد به أنصار تياره، ومع ابتعاده شيئًا فشيئًا عن بن غفير بعد تنامي الخلافات بينهما، أصبح من الضروري أن يحاول سموتريتش الدخول على خط مدينة القدس التي كان بن غفير يعتبرها ملعبه الخاص الذي يقدمه لجمهور اليمين المتطرف.
ولذلك، عمل سموتريتش على بدء العمل في هذا المشروع وتمويله من أموال المقاصّة التي صادرتها إسرائيل من السلطة الفلسطينية بأوامر مباشرة منه. أي أنه يقدم اليوم لنفسه وحزبه وتياره إنجازًا لا يكلفه شيئًا؛ لأنه ممول من أموال الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون أنفسهم، وحجته في ذلك أن هذا الطريق/ النفق الذي سيتم البدء بالعمل عليه مخصص أصلًا للفلسطينيين.
ويبدو أن بن غفير فهم اللعبة التي يلعبها سموتريتش، وأنه يدخل الآن في مساحته وملعبه الخاص في القدس، ويقدم نفسه بديلًا له أمام مستوطني القدس، ولهذا لجأ إلى حيلته المعتادة التي يلفت بها أنظار العالم، وهي اقتحام المسجد الأقصى واللعب على وتر المقدسات في منافسته مع صديقه اللدود سموتريتش، فهو يقول بذلك إنه هو الذي يبقى الأمل الوحيد للمستوطنين ليس في ملف القدس فقط، بل في أهم الملفات المرتبطة بالقدس، وهو ملف الأماكن المقدسة التي لا يزال سموتريتش ينأى بنفسه عنها، لالتزامه بفتوى الحاخامية الكبرى بمنع دخول اليهود إلى المسجد الأقصى، ريثما يتم استكمال شرط الطهارة المرتبط بالبقرة الحمراء الموعودة.
إعلانالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: بما أن سموتريتش يروج لمشروع ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن، فلماذا يتعب نفسه بدعم مشروع نفقٍ خاص بالفلسطينيين يساهم في تنقلهم بين شمال وجنوب الضفة الغربية؟
والجواب هو أننا أمام عملية مركبةٍ تحقق فيها إسرائيل عمومًا، وسموتريتش وتياره على وجه الخصوص، عدة نقاط على المستويين: القصير والبعيد:
فعلى المستوى القصير، يحقق هذا المشروع الفصل العنصري الكامل بين الفلسطينيين والمستوطنين في مناطق الضفة الغربية المحيطة بالقدس، فالنفق المزمع تنفيذه يجعل الفلسطينيين مجبرين على سلوك طريقٍ واحدٍ تحت الأرض، بين رام الله في شمال الضفة وبيت لحم في جنوب الضفة، وبالتالي تصبح شبكات الطرق الكبيرة التي تصل مستوطنات شرقي القدس كلها وحدةً واحدةً تخصُّ المستوطنين وحدهم لا يشاركهم فيها الفلسطينيون بأيّ شكل.
وبذلك، فإن سموتريتش يمكن أن يقدم نفسه لجمهور المستوطنين في مستوطنة معاليه أدوميم البالغ عددهم أكثر من 38 ألف مستوطن باعتباره منقذًا من الاختلاط بالفلسطينيين، والقائدَ الذي حقق لهم الأمن المنشود دون أن يكلف ميزانية الدولة أو يكلفهم شيئًا.
إضافةً إلى ذلك، فإن هذا المشروع على المستوى البعيد لا يساهم في الحقيقة في ربط الفلسطينيين في الضفة الغربية ببعضهم، بل إنه يحقق عكس ذلك، حيث إن تجريد الفلسطينيين من حرية التحرك بين شمال الضفة وجنوبها، وتحديدِها بخيطٍ رفيعٍ واحد هو هذا النفق فقط، يجعل قطع الطريق بين شطري الضفة سهلًا متى شاءت إسرائيل وبحاجزٍ عسكري واحد لا يتجاوز بضعة جنود.
وبذلك يتم الفصل التام بين شمال الضفة الغربية وجنوبها. أي أن هذا المشروع يعني فعليًا أن الفلسطينيين لن يتمكنوا من إنشاء أي كيانٍ متصلٍ في الضفة الغربية، الأمر الذي يجعل من السهل على إسرائيل الاستفراد بمناطق الضفة الغربية الواحدة تلو الأخرى لو اتخذت قرارها الأخطر بتنفيذ عملية تطهير عرقي في المنطقة، والمثال الأكبر على ذلك هو ما يجري حاليًا في قطاع غزة بتقطيعه إلى مفاصل شمالية وجنوبية، والاستفراد به في محاولةٍ لتهجير سكانه بالكامل.
إعلانكما أن ضم مستوطنة معاليه أدوميم إلى القدس يتبعه ضم المنطقة المسماة E1 أيضًا، التي تحيط بأحياء العيزرية وأبو ديس التي تقع شرقي القدس لكن خارج سور الاحتلال العازل فيها، وهذا يعني ابتلاع ما يصل إلى حوالي 3٪ من مساحة الضفة الغربية مع حصار هذه الأحياء بالكامل وعزلها عن محيطها سواء في الضفة أو القدس فيما يشبه الغيتو، وسواء شئنا أم أبينا، فإن هذا المشروع لن يكون النهاية، بل بداية تنفيذ ضم الضفة الغربية بالكامل قطعةً قطعة عندما يتم التخلص من العبء الأكبر المتمثل في القدس.
أمام هذا كله، لا نجد بدًا من تكرار الحل الأشد وضوحًا وبمنتهى الاختصار؛ وهو ضرورة ألا ينتظر الشعب الفلسطيني بدء الاحتلال في مخططاته كي يرد، فمن يبدأ العمل أولًا يختصر نصف الطريق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline