أم بدة .. قصص وحكايا حزينة عن محاصرين وسط النيران
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
متابعات – تاق برس- قال مصدر عسكري، إن الجيش عقب إحكام سيطرته على شرقي أم درمان ووسطها بدأ التحول إلى مرحلة الهجوم على مناطق انتشار الدعم السريع في غرب أم درمان وهي أم بدة، وتقدم الجيش في مناطق شمال أم بدة وتركز هجومه من الشمال والشرق إلى الغرب والجنوب، إذ تراجع على إثره الدعم السريع من مناطق جنوب أم بدة ليفسح المجال للجيش، والذي حافظ على تقدمه بوضع ارتكازات ثابتة ونقاطاً لقواته، منعاً لعودة الدعم السريع”.
وقال مصعب صباحي، عضو المكتب التنفيذي لـ”محاميي الطوارئ” وهم مجموعة من القانونيين، لوكالة الشرق، إن الطرفين يتقاسمان السيطرة على أم بدة، إذ تشهد مناطق سيطرتهما أوضاعاً معيشية وإنسانية صعبة، حيث تنساب السلع في مناطق سيطرة الجيش مع ارتفاع في الأسعار، وتندر في مناطق سيطرة الدعم السريع”.
وأضاف صباحي: “تشهد مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع انتهاكات تتعلق بسرقة الممتلكات الخاصة بالمواطنين”، متهماً الطرفين بـ “التورط فيها”، بالإضافة إلى الاعتقالات التعسفية بشبهة الانتماء إلى الطرف الآخر.
ولفت إلى اعتماد سكان أم بدة بشكل أساسي على التكايا، وهو اسم محلي يطلق على الموائد الخيرية والتي تمول بواسطة الخيرين والتحويلات البنكية من خارج المنطقة، حيث أن 90 % من السكان فقدوا مصادر دخلهم، إلا أن المشرفين على هذه الموائد يتعرضون لمضايقات واعتقال من كلا طرفي الحرب الدائرة منذ أبريل 2023.
وتشير المجموعة القانونية، إلى أنه مع تقدم الجيش “ارتفع القصف المدفعي بين الطرفين وحصد معه ما يقارب 350 من المدنيين توزعوا بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع، مع توقعات بأعداد أكبر مع استمرار القتال”.
ويروي أحمد، وهو أحد قاطني مناطق سيطرة الجيش بمدينة أم بدة في تصريحات لـ”الشرق”، قائلاً إن “الوضع الأمني الآن بات مستقراً نسبياً، لكنه لا يخلو من هجمات الدعم السريع والتي تكون في شكل تسلل بواسطة الدراجات النارية، بينما يتصدى لها الجيش مدعوماً بمستنفرين من المنطقة، حيث في كل منطقة يسيطر عليها هناك مستنفرون يحملون السلاح ويقيمون حواجز إلى جانب حواجز الجيش المنتشرة في مناطق أخرى”.
ولفت إلى أن المستنفرين يعملون على “رصد الوافدين لأحيائنا والتعرف على هويتهم. عقب إعادة الجيش سيطرته على منطقتنا، نزحت أعداد كبيرة من السكان إلى مناطقنا هم الآن في بيوت غاب عنها أهلها، بسبب القصف المدفعي العنيف المتكرر، لكن من بقي مثلي وآخرين لا نملك مالاً لمغادرة بيوتنا ولا نعرف إلى أين نتجه، لذلك نحن هنا”.
وأشار أحمد إلى وجود مركزين طبيين فقط، يعملان لخدمة أكثر من 100 ألف شخص، “مع موجة النزوح لمناطقنا المتكررة”، قائلاً: “عندما يصاب أحدنا نتيجة القصف المدفعي على مناطقنا يتم نقله لأحد مركزي العلاج وإن كانت الإصابة بليغة، فيتم تحويله لمستشفى النو، لكن عن طريق آمن يحدده الجيش، خشية المتسللين من الدعم السريع أو قناصته”.
ولفت إلى أن “الكهرباء مستقرة نوعاً ما، لكن المياه عادت مؤخراً بشكل متذبذب، ليس لدينا شبكات اتصال تعمل ونضطر إلى الصعود لمبانٍ مرتفعة لإلتقاط إشارة شبكة الاتصال الهاتفية”.
بدوره، يروي عماد لـ”الشرق”، وهو صاحب سيارة نقل، أنهم يعملون في نقل الركاب من شرقي أم بدة إلى شمال أم درمان، وذلك عبر تسجيل وانتظار الدور، موضحاً أن “كثيراً ما تعود رحلتنا أدراجها، بسبب القذائف المدفعية”، في حين لفت إلى أن الأسواق تعمل في المنطقة، لكن الأسعار مرتفعة جداً، لافتاً إلى انتشار الحمى والملاريا بشكل ملحوظ في تلك المناطق بأعداد كبيرة.
في السياق، قال أحد سكان جنوب مدينة أم بدة لـ”الشرق”: “مناطقنا مقطوعة عنها تماماً الخدمات الأساسية، لا ماء ولا كهرباء أو اتصالات، ونعتمد فيها على أجهزة الإنترنت الفضائي المملوكة لأفراد في الدعم السريع، حيث يتم تأجيرها للمواطنين بنظام الساعات”.
وأضاف: “لا نستطيع الخروج، لأنه يقال أن الذي يخرج من مناطقنا ويتجه لمناطق الجيش يُتهم بالتبعية للدعم السريع، كما هو الحال عندما يحضر آخر من مناطق سيطرة الجيش، إن خرجت لن تعود بأمر قوات الدعم السريع، والتي تعتبرك خائناً متعاوناً مع استخبارات الجيش، ولكن البقاء هنا أشبه بانتظار الموت على سريرك. القصف المدفعي ومعارك الجيش مع الدعم السريع تقترب من كل مناطقنا، ولا نملك المال لمغادرة منطقتنا. نعتمد على التكايا وتخلو مناطقنا من الأسواق”.
المصدر: تاق برس
كلمات دلالية: مناطق سیطرة الجیش القصف المدفعی الدعم السریع فی مناطق إلى أن
إقرأ أيضاً:
جبايات وجمارك إضافية ونهب للمساعدات.. الفقر والأمن الغذائي يهددان الحياة في مناطق سيطرة الحوثي
يعاني سكَّان المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي من ارتفاع حاد في الأسعار وتفاقم أزمة الأمن الغذائي، فيما يعيش أكثر من 70 بالمئة من السكان في هذه المناطق على أقل من دولارين يومياً
وشهدت أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والمحروقات ارتفاعاً غير مسبوق، إذ زادت أسعار بعض السلع بنسبة تتراوح بين (40 إلى 70) بالمئة خلال الأشهر الماضية.
وأظهرت إحصائيات حديثة من البنك المركزي أن معدلات التضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً وصلت إلى 110 بالمئة، مما يزيد من صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
وفي حديث لوكالة "خبر" يقول اقتصاديون، إن واحدة من أبرز العوامل التي تسهم في تفاقم الوضع هي الجبايات الحوثية المفروضة على المواطنين.
وأوضحوا أن هذه الجبايات تأتي بصور عديدة بعضها يضفي عليها الحوثيون طابعا قانونيا، حيث يفرضون العديد من الرسوم والضرائب غير القانونية على السلع والخدمات، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تكلفة الحياة اليومية.
بالإضافة إلى استحداث منافذ جمركية غير قانونية على الحدود وفي الطرق الرئيسية، مما أضاف تكاليف جمركية إضافية ترفع الأسعار بشكل كبير. وهذه الخطوة بحد ذاتها تُعد استنزافاً مفتوحاً.
تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءاً مع استمرار انقطاع الرواتب، وهو ما يعجز الكثير من المواطنين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية.
فقر مدقع
أكدت تقارير محلية أن مئات آلاف الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة المليشيا يعانون من تأخر الرواتب لفترات طويلة، مما يفاقم من مستويات الفقر. علاوة على ذلك، تفتقر هذه المناطق إلى فرص العمل المناسبة، ما يجعل الشباب والعائلات رهينة للفقر المدقع.
من جهة أخرى، تعاني المنظمات الإنسانية من صعوبات كبيرة في توجيه الدعم للمحتاجين في تلك المناطق.
وأكدت تقارير دولية أن المليشيا الحوثية تستولي على جزء كبير من المساعدات الإنسانية الموجهة للمواطنين، حيث تستخدم جزءاً كبيراً من هذه الموارد لصالح عناصرها العسكرية، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وهو السلوك الذي تسبب بحرمان مئات الآلاف من الأسر الفقيرة من المعونات التي تعتبر شريان حياتهم الوحيد.
من ضمن التداعيات الخطيرة للأزمة الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، هو انعدام الأمن الغذائي.
وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن نحو 2.5 مليون طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية، بينما تشير التقديرات إلى أن 70 بالمئة من السكان في هذه المناطق يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد.
ارتفاع معدلات الجريمة
بلغت نسبة الفقر في اليمن مستويات قياسية، حيث يعيش أكثر من 70 بالمئة من السكان في هذه المناطق على أقل من دولارين يومياً، فيما تشير التقارير إلى أن 85 بالمئة من السكَّان ككل في ذات المناطق يعانون من الفقر.
وأشار خبراء اقتصاديون وأكاديميون اجتماعيون، إلى أن ارتفاع الفقر أدى إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية، بما في ذلك ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة عمالة الأطفال وتراجع التعليم بسبب عدم قدرة الأسر على تحمل التكاليف.
وطالبوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الجاد، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين الفعليين بعيداً عن أي تدخلات سياسية وعسكرية لمليشيا الحوثي.
وشددوا على اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات الضغط على الحوثيين للوقف الفوري للجبايات غير القانونية، التي تفاقم الأزمة وتزيد من معاناة المواطنين.