تحقيق سري أممي: انتهاكات مروعة أثناء طرد المهاجرين من تونس لليبيا
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
أفاد تقرير سري للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان اطلعت عليه رويترز بأن قوات حرس الحدود في تونس ألقت القبض على مهاجرين وسلمتهم إلى حرس الحدود في ليبيا، حيث يتعرضون للابتزاز والتعذيب والقتل بالإضافة إلى العمل القسري.
ويلعب البلدان دورا رئيسيا في جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى وقف تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا إلى جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط.
وجاء في التقرير الذي يحمل تاريخ 23 يناير/كانون الثاني الماضي أن مئات المهاجرين في تونس ألقي القبض عليهم ضمن موجة من الاعتقالات، وطردوا إلى ليبيا خلال النصف الثاني من العام الماضي.
واستند التقرير إلى مقابلات أجريت مع 18 شخصا سبق احتجازهم بالإضافة إلى أدلّة عبارة عن صور ومقاطع مصورة لعمليات تعذيب في إحدى المنشآت.
وأشار التقرير إلى أن مسؤولين ليبيين يطلبون آلاف الدولارات مقابل إطلاق سراح بعض المهاجرين، مؤكدا أن هذا الوضع يصب في مصلحة "هؤلاء الذين يستغلون الضعفاء، ومنهم المتاجرون بالبشر".
وقال الخبير الليبي في مجال حقوق الإنسان طارق لملوم إن "عمليات نقل المهاجرين هذه جرت في أوائل مايو/أيار الماضي، وإن نحو ألفي مهاجر كانوا في تونس نقلوا إلى ليبيا هذا العام"، مشيرا إلى مقابلات أجريت مع أكثر من 30 مهاجرا.
ولم ترد السلطات الليبية ولا التونسية على طلبات للتعليق على تقرير الأمم المتحدة.
معاناة كثيرة يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين خلال عملية طردهم من تونس إلى ليبيا (مواقع التواصل) قلق أمميمن جهته، قال متحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إنه ليس بوسعه التعليق على هذا التقرير.
وفي 16 أبريل/نيسان الماضي، قال عبد الله باتيلي، الذي كان حينها كبير مسؤولي الأمم المتحدة في ليبيا، إنه "يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المزري للمهاجرين واللاجئين في ليبيا الذين يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان طوال عملية الهجرة".
وقال الاتحاد الأوروبي العام الماضي إنه سينفق 800 مليون يورو حتى عام 2024 في شمال أفريقيا لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط.
والهجرة مصدر قلق رئيسي للناخبين في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت الأسبوع الماضي وشهدت مكاسب لأحزاب اليمين المتطرف.
وفي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، انخفض عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بأكثر من 60% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في الرابع من يونيو/حزيران الجاري إن الانخفاض يرجع "قبل أي شيء" إلى المساعدة القادمة من تونس وليبيا.
لكن جماعات لحقوق الإنسان تقول إن سياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في نقل السيطرة على الهجرة إلى دول أخرى مقابل تقديم مساعدات تؤدي إلى انتهاكات، وتخفق في معالجة القضايا الأساسية.
وخلصت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة العام الماضي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق مهاجرين في ليبيا في بعض مراكز الاحتجاز التي تديرها وحدات تلقت دعما من الاتحاد الأوروبي.
ولم يرد متحدث باسم المفوضية الأوروبية على أسئلة طرحتها رويترز.
انتهاكات مروعةوجاء في التقرير الأحدث للأمم المتحدة أن هناك نمطا يقوم فيه مسؤولو الحدود التونسيون بالتنسيق مع نظرائهم الليبيين لنقل المهاجرين إما إلى مراكز احتجاز "العسة" أو "نالوت" الواقعتين على الجانب الآخر من الحدود في ليبيا.
وقال التقرير إن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز لفترات تتراوح بين بضعة أيام وعدة أسابيع قبل نقلهم إلى مركز احتجاز بئر الغنم بالقرب من طرابلس.
ويتولى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي وخفر السواحل إدارة مركزي الاحتجاز.
وأوضح تقرير الأمم المتحدة أن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية يمنع باستمرار مسؤولي الأمم المتحدة من الدخول إلى الموقعين.
وجاء المهاجرون الذين تمت مقابلتهم خلال إعداد تقرير الأمم المتحدة من فلسطين وسوريا والسودان وجنوب السودان. وكان الحصول على معلومات من المهاجرين الأفارقة أكثر صعوبة حيث كان يجري ترحيلهم وكان التواصل معهم أكثر تعقيدا.
وأضاف التقرير أن الندوب وعلامات التعذيب كانت واضحة على 3 من المهاجرين الذين تمت مقابلتهم.
وأوضح التقرير أن "مئات المعتقلين مكدسون في حظائر وزنازين، غالبا ما يكون بها مرحاض واحد صالح للاستخدام ولا يوجد صرف صحي أو تهوية".
وفي بئر الغنم، كانت هناك اتهامات بأن المسؤولين ابتزوا المهاجرين للحصول على مبالغ تتراوح بين 2500 و4 آلاف دولار تبعا لجنسياتهم مقابل إطلاق سراحهم.
ووفقا للتقرير الأممي، قال شهود عيان "في العسة، أحرق حرس الحدود رجلا سودانيا حيا وأطلقوا الرصاص على محتجز آخر لأسباب غير معروفة".
وأضاف التقرير أن محتجزين سابقين تعرفوا على تجار بشر بين مسؤولي حرس الحدود العاملين هناك.
وجاء في التقرير أن "النهج الحالي الخاص بالهجرة وإدارة الحدود غير ناجح"، داعيا ليبيا إلى إلغاء تجريم المهاجرين الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني وطالب بدعم دولي كامل لدفع إدارة الحدود للالتزام بحقوق الإنسان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی الأمم المتحدة تقریر الأمم حرس الحدود التقریر أن فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تنقل شهادات مروعة لناجيات فررن من الحرب
الولايات المتحدة"أ.ف.ب": نشرت الأمم المتحدة سلسلة من شهادات "مروعة" لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال في السودان الذي يشهد حربا منذ أكثر من عام.
وفي سياق "تصاعد كبير لأعمال العنف" منذ 20 أكتوبر في ولاية الجزيرة وسط البلاد، قُتل ما لا يقل عن 124 مدنيا وفرّ نحو 135 ألفا إلى الولايات المجاورة، بينهم 3200 امرأة حامل، على ما أشار صندوق الأمم المتحدة للسكان المتخصص في صحة الأم والطفل، في بيان.
ونقلا عن أرقام وزارة الصحة في ولاية الجزيرة، أورد الصندوق معلومات "أولية" من 27 امرأة وفتاة تتراوح أعمارهنّ بين 6 و60 عاما تعرضن للعنف والاعتداء، مشيرا إلى أنّ هذه الحالات تشكل "جزءا صغيرا من اعتداءات المختلفة التي تحصل على نطاق واسع".
ونقل البيان عن ماريا، وهي أم لولدين، قولها "لقد اضطهدونا (المسلحون) وضربونا وصوّبوا أسلحتهم نحونا وفتّشوا بناتنا".
وروت فتيات أنّ إخوتهنّ وأعمامهنّ وآباءهنّ وفّروا لهنّ سكاكين، وأضفن "قالوا لنا أن نقتل أنفسنا إذا هددنا المقاتلون بالاغتصاب".
وقالت ناجيات في شهادات أخرى "إنّ نساء رمين بأنفسهنّ في النهر لعدم التعرّض لهجوم من رجال مسلحين"، بينما "فرّت أخريات واختبأن لأن عائلاتهنّ هددتهنّ بالقتل بداعي غسل العار".
وقالت فاطمة، وهي أم لستة أولاد لا تعرف ماذا حدث لزوجها "لقد ضربونا مثل الكلاب، فغادرنا. لم يكن معنا شيء ولا حتى خبز. سرنا لسبعة أيام تحت أشعة الشمس الحارقة من دون أن نأكل شيئا. وماتت بعض النساء في الطريق".
كانت أمينة (27 عاما) ضمن مجموعة من 21 امرأة حامل في المرحلة الأخيرة جمعهنّ طبيب محلي في إحدى القرى لمساعدتهنّ على الولادة قبل الفرار. وتعيّن إخضاعها لعملية قيصرية. وقالت "كانت عمليات إطلاق النار مرعبة جدا لدرجة أنني استجمعت قواي لمغادرة القرية".
وأوضحت "بعد ست ساعات فقط" من الخضوع للعملية القيصرية، وعلى الرغم من "الجروح التي كانت لا تزال حديثة ومؤلمة"، واصلت طريقها مع مولودها الجديد سيرا على الأقدام، ثم في "عربة يجرها حمار" لأيام عدة.
من جهتها، اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوات العسكرية والقوات شبه العسكرية المتحاربة في السودان، بـ "تمكين المجازر" التي أودت بحياة أكثر من 24 ألف شخص وخلفت أسوأ أزمة نزوح في العالم.
وقالت ديكارلو لمجلس الأمن الدولي: "هذا أمر لا يمكن تصوره"، وأضافت: "إنه غير قانوني، ويجب أن يتوقف".
ولم تسم الدول التي تقول إنها تمول وتزود بالأسلحة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، لكنها قالت إن هذه الدول تتحمل مسؤولية الضغط على الجانبين للعمل نحو تسوية تفاوضية للصراع.
وانزلق السودان في الصراع منذ منتصف أبريل 2023، عندما اندلعت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين القادة العسكريين والقادة شبه العسكريين في العاصمة الخرطوم وانتشرت إلى مناطق أخرى، بما في ذلك غرب دارفور، التي عانت من العنف والفظائع في عام 2003. وحذرت الأمم المتحدة مؤخرا من أن السودان على حافة المجاعة.
وفي تطور لافت، قال مجلس السيادة في السودان اليوم الأربعاء إنه سيمدد فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، وهو أمر تراه منظمات الإغاثة ضروريا لإيصال الأغذية وغيرها من الإمدادات للمناطق المعرضة لخطر المجاعة في دارفور وكردفان.
وأضاف المجلس في بيان صحفي "بناء على توصية الملتقى الثاني للاستجابة الإنسانية، وبحضور وكالات الأمم المتحدة والوكالات الأخرى والوطنية، قررت حكومة السودان تمديد فتح معبر أدري الحدودي لإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها".
وأكد البيان على "استمرار التعاون والتنسيق مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والوكالات الأخرى العاملة في الحقل الإنساني".
وخلص خبراء في وقت سابق هذا العام إلى أنه في حين يواجه أكثر من 25 مليون شخص في أنحاء السودان الجوع الحاد، فإن عدة أجزاء من البلاد عرضة بشكل متزايد لخطر المجاعة، وأن مخيما في إقليم دارفور كان بالفعل على وشك الدخول في مجاعة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وكان معبر أدري قد أُغلق بأمر من الحكومة التي يسيطر عليها الجيش في فبراير شباط ثم أُعيد فتحه في أغسطس آب لمدة ثلاثة أشهر حتى 15 نوفمبر، ولم يكن واضحا ما إذا كانت تلك الفترة ستمدد.
واحتج أعضاء بالحكومة على فتح المعبر قائلين إنه يسمح لقوات الدعم السريع بتسلم الأسلحة.
ومع ذلك، فإن الجيش السوداني لا يسيطر فعليا على المعبر الحدودي الذي يقع داخل أراض استولت عليها العام الماضي قوات الدعم السريع التي تسيطر على معظم دارفور.
وقررت منظمات الإغاثة عدم تجاهل التوجيهات الصادرة عن الحكومة المعترف بها دوليا، وكانت تستعد لإغلاق المعبر الذي يُنظر إليه على أنه طريق أكثر كفاءة من عمليات التسليم عبر خطوط التماس من بورتسودان التي يسيطر عليها الجيش أو معبر التينة الحدودي الأبعد.
وتزامنت إعادة فتح معبر أدري في أغسطس مع موسم الأمطار وتدمير عدد من الطرق والجسور، مما يعني أن المساعدات تدفقت عبره ببطء في البداية.
ومنذ ذلك الحين، عبرت أكثر من 300 شاحنة مساعدات مزودة بإمدادات لأكثر من 1.3 مليون شخص إلى السودان عبر أدري، حسبما أفاد مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينجهام في إحاطة لمجلس الأمن أمس.
وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي ليني كينزلي للصحفيين اليوم إن البرنامج حرك يوم السبت الماضي قافلة من 15 شاحنة عبر أدري محملة بالطعام ومواد تغذية لنحو 12500 شخص في مخيم زمزم المنكوب بالمجاعة.