صدى البلد:
2025-02-07@07:57:10 GMT

غضبة الأرض

تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT

كنت قد آثرت السلامة، ولما لا فأحياناً كل ما يلزم الأمر أن تدلي برأيك لتجد نفسك في مفارق سكة الندامة، تعللت لنفسي الآثمة لأنها كانت تؤثر أن تسكت عن الحق وتغض طرفاً عن نوازعها اللائمة، الحر شديد ولا داعي للحديث فيما يفيد فلن يغير من الأمر شيئاً ونجد مواطن سعيد، فالخَلق تحت حرارة الشمس بلا خُلق يتسع للتحليل والفهم والتفسير، فلا ضير إذا وقفت تلك المرة مكتوفة الكلمات.

ولكني عاهدت الله أن أعوض ذلك بأن أكون منطلقة الدعوات، لعل تلك الطبيعة الغاضبة تعود لرشدها وتمنح الأنام بعض الهدوء الحراري لتقر العين وتنام، فنقص الهواء والنوم الذي هو للإنسان دواء، جعل أعصاب البرية في حالة شعواء، مما جعل مواقع التواصل الاجتماعي أرض خصبة لشرذمة الدهماء وفوضى الغوغاء، وذوي التعليقات الهوجاء من محبي الفتنة أصحاب البصيرة العمياء.

وبالطبع لا أعني أصحاب التعليقات الضاحكة، أو حتى من تأثر بشدة الحرارة وانقطاع الكهرباء وكتب بعض عبارات يائسة، لكني أتحدث عن تلك الحفنة الممنهجة وفي الأزمات تحركاتها لهدم الاستقرار النفسي للمواطن منظمة، وأملها أن ترقص حافية على حطام الوطن ولا تبالي إن رقصت كسالومي عارية فمن أجل رأس النبي لم تهتم وإن وصموها بالخاطية، كلها ذات الثقافة والمدرسة وهو درب الصعود إلى الهاوية، وتلك النفايات الأخلاقية ليس لها من دون الله كاشفة، وبطش الله لهم يأتي بغتة بضربة قاضية.

وفجأة بين أجنحة الهري والرغي إذا بشعبان عبد الرحيم رحمة الله عليه يقطع الشك باليقين ويذكر الناسين والمتناسين بحال مصر في صيف 2014، أي فور تولي الرئيس السيسي تركة السنوات الضائعة وميراث عام الغم الذي حكم فيه مصر من لا يهمه الأمر، تغنى شعبولا بكلمات من قلب المحنة عندما كان طريح الفراش في بداية رحلة مرضه الذي انتهى برحيله، وإذا في ذلك الوقت بابنه يعلق في الأسانسير لعدة ساعات فتحركت مشاعره كأب وطلب من إسلام خليل شاعره الأوحد أن يصف الأزمة وسيقوم بغنائها، وقد كانت الأغنية التي وإن بدت في ذلك الوقت خفيفة ولطيفة وعادية، إلا أنها اليوم في ذاكرة التاريخ أصبحت دليلا ومستندا على حقبة في عمر الزمان ليست ببعيدة، غنى شعبولا قائلاً: “النور عمال بيقطع والحر شديد شديد 20 ساعة قاطع و4 ساعات يقيد”.

نعم يا مصريين كان ذلك حال الوطن، انقطاع دائم في الكهرباء، في ذلك الوقت كان تعداد السكان 75% من العدد الحالي، كان التعداد السكاني 80 مليون نسمة واليوم قاربنا على 105 ملايين نسمة، مصر اليوم التي توسعت ليصبح لديها حاليا 61 مدينة جديدة، بمساحة إجمالية 2.2 مليون فدان، يقطنها ما يزيد على ثمانية ملايين نسمة، ومن المستهدف أن تستوعب حين اكتمال نموها حوالي 65 مليون نسمة، بالإضافة للطرق والمحاور الجديدة والتي تقدر بحوالي 7 آلاف كيلومتر أي سبعة أضعاف الطريق من القاهرة لأسوان، أليس كل ذلك بحاجة لطاقة، استثمارات أجنبية مباشرة بزيادة 120%، ناهيك عن أنه تم تسجيل 10 آلاف مصنع جديد في هيئة التنمية الصناعية في السنوات القليلة الأخيرة، بالإضافة للمدن الصناعية الخاصة بمنتجات كان إنتاجها حلما يصطدم بعدم وفرة الطاقة فيتلاشى أدراجه مهزوماً مثل صناعة البتروكيماويات التي كانت محظورة وكيف لها أن ترى النور ولم يكن لدينا من الطاقة حتى ما يكفي لإيقاد النور.

على مدى سنوات عشنا منومين، يومنا يمر ونحن حامدين شاكرين، وكانت الظروف العالمية نفسها مخدرة لا حروب حقيقية إلا حرب الخليج والتي ما لبثت حتى انتهت وانعكست آثارها على أطرافها، ولم يشهد آباؤنا وباءً ولم تتكاتف ضدهم الطبيعة لتضيع سنوات العمر هباء. 

حتى أمنا الأرض تكالبت علينا لندفع صاغرين فاتورة أجدادنا غير حقيقيين، فما نحن فيه اليوم هو ضريبة مؤجلة للثورة الصناعية وقرينتها من نهضة النمور الآسيوية، لأن أجدادنا امتهنوا التمور السيناوية وزراعة الأرض الدلتاوية لذا لا ناقة لنا ولا شاه إلا تلك الشراكة المؤذية لكوكب الأرض الغاضب والذي بدأ عصر الغليان فيما يبدو لسنوات طويلة قادمة.

هو الغضب بذات ملامحه كما عرفه البشر مارسه الحجر، حنق غير متوقع وانفجار غير مخطط، وعلى كل دولة آن تدفع مشاريب تلك العاركة وتتمنى من الله أن تكون نوبة عارضة، وأن يكون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قد بالغ في توقعاته وتمادى في تشاؤمه والأسوأ لن يأتي، وأمنا الرؤوم ستكتفي بكل ما بدر منها من صهد وحرارة ورطوبة وحرائق وثلوج في بعض المناطق، جنت أمكم يا أبناء، ارتبكت فأربكت حكومات العالم معها، وبين اللاجئ المناخي وآثار الحرائق المدمرة، وتداعيات الفيضانات المهلكة نتشدق بقطع الكهرباء ساعتين.

خرجت الحكومة ببيان وافٍ، ربما به بعض النقاط التي لم تتضمن الجواب الشافي، لكن في النهاية نحن أمام نتيجة لا تقبل الضحد أنه عصر الشفافية والحوكمة الحق، على مرّ سنوات كان حلم المواطن الغلبان أن تعتبره الحكومة كائن ذو حيثية وكان في ذلك الوقت مجرد حلم يتجلى فيه كل صور العبثية، واليوم عندما تكلمت الحكومة لما نعتبرها عدوتنا اللدودة!

بالطبع كان البيان محل اهتمام الجميع منهم من اكتفى بالفهم ومنه من اعتبرها مادة للهري النهم، خاصة الخبراء الاستراتيجيين الاقتصاديين السياسين الصناعيين متخصصي قسم العدادات، فقطعا هم فيها خبراء، والسؤال اللولبي الذي أسأله إياهم وأتمنى حلا لوذعيا: “لو لم نبنِ شبكات الكهرباء كيف كان سيصبح الحال يا لئام؟!”، وعلى كل المحللين ألا يستخدموا شبكات الطرق والمدن الجديدة، ولا يتعاملوا مع منتجات الصوب التي أصبحنا نمتلك أكبرها في الشرق الأوسط، ولا خير أراضي الاستصلاح الزراعي، ولن أتطرق للموانئ ولا شبكات النقل الحديثة والصناعات الخفيفة والثقيلة، فقطعاً لديهم من الفتنة الفطنة أن يشككوا في آثارها الحميدة.

قطع الكهرباء ساعتين أثار امتعاض الكثيرين رغم أنهم كانوا لا يعتدون بالإنجازات المحققة في قطاع الطاقة، واليوم أيقنوا أن الكهرباء كالماء لا غنى عنهما سواء، لذا ماذا عن باقي مأدبة الولولة وكل إنجاز وراءه حملة ممنهجة على شاكلة ماذا ولماذا؟ فهل سندرك قبل فوات الأوان نعمة الطريق والتوسعات العمرانية وباقي إنجازات الدولة المصرية وأنها ليست رفاهية غير ضرورية، أم سندرك ذلك بعد غضبة جديدة لأمنا الأرض أو أبينا القدر!

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

أوهام ترامب «1»

لا.. وألف لا يا سيد ترامب.. ربما تكون الحاكم بأمرك فى البيت الأبيض.. والآمر الناهى فى شئون شعبك.. لكن أبدًا لن تكون كذلك خارج حدود أرضك.. أو على شعب غير شعبك.. كل ما قلته من تصريحات عقب لقائك بمجرم الحرب نتنياهو مردود عليه.. وكل ما تحدثت عنه من سيناريوهات لن تكون سوى مجرد أوهام من وحى خيالك.

لا يا سيد ترامب.. لن يغادر الفلسطينيون غزة أو الضفة، وإنما سيغادر الإسرائيليون الأرض المحتلة.. نعم هذا هو الواقع الموجود على الأرض بعيدًا عن الأوهام التى تسيطر على تفكيرك.. الواقع يقول إن 82 ألف إسرائيلى غادروا إسرائيل فى 2024 بارتفاع 50% عن عام 2023 طبقًا للأرقام التى أعلنها مركز أبحاث الكنيست.. ليس هذا فحسب.. بل إن معدل نمو السكان انخفض من 1.6 عام 2023 إلى 1.1 فى العام المنقضى 2024، كل هذا بسبب الحرب وتردى الوضع الأمنى.. فى المقابل عادت قوافل شعب غزة الأبى الصامد إلى الشمال فى مشهد يشبه الطوفان.. عادوا إلى ديارهم التى دمرتها آلة الحرب.. عادوا بعزيمة وإصرار على البقاء فى الأرض والدفاع عن الوطن.

لا يا سيد ترامب.. لن يترك أهل غزة الأرض والوطن.. فأنت لا تعرف هذا الشعب الصامد.. فعندما تقول إن الفلسطينيين سيودون مغادرة غزة فأنت واهم..

لا يا سيد ترامب ليس صحيحًا أنه لا بديل أمام الفلسطينيين غير مغادرة غزة.. بل إن الصحيح أنه لا بديل أمام الفلسطينيين إلا البقاء فى غزة، لأنهم ببساطة لو خرجوا منها فلن يعودوا إليها.

لا يا سيد ترامب إذا كنت ترى أن قطاع غزة موقع للهدم فإن أهل القطاع يرونه موقعًا للبناء.. موقعًا لكتابة الأمجاد.. موقعًا لكتابة صفحة جديدة من الصمود أمام السفاحين من قتلة الأطفال ومصاصى الدماء.

لا يا سيد ترامب إذا كنت ترى أن فى التهجير أرضًا جميلة فإن أهل غزة لا يرون الجمال إلا فى أرضهم ووطنهم.

لا يا سيد ترامب.. أنت لم تقرأ التاريخ جيدًا.. تهجير شعب بأكمله من أرضه ووطنه هو أمر ليس بهذه البساطة.

لا يا سيد ترامب أنت كاذب عندما تقول إنك تريد السلام فى المنطقة.. لأن السلام لن يتحقق إلا بالعدل، وما تتحدث عنه اليوم هو الظلم والقهر والطغيان وستكون النتيجة الطبيعية لذلك مزيدًا من الدماء والدمار.

لا يا سيد ترامب.. أنت كاذب وتعلم أنك تكذب عندما تقول إنك تستحق جائزة نوبل للسلام.. فأنت داعية للحرب والتهجير والإبادة والاستيطان وتستحق جائزة الشيطان الأكبر.

 

مقالات مشابهة

  • مقطع نادر يظهر لحظة استهداف نصر الله.. انفجارات من داخل الأرض (شاهد)
  • مقطع نادر يعرض لحظة استهداف نصر الله.. انفجارات من داخل الأرض (شاهد)
  • مقطع مصور يعرض لأول لحظة استهداف نصر الله.. انفجارات من داخل الأرض (شاهد)
  • اهتزت الأرض.. لقطات جديدة للحظة اغتيال حسن نصر الله (فيديو)
  • مقطع مصور يعرض لأول لحظة استهدف نصر الله.. انفجارات من داخل الأرض (شاهد)
  • شاهد.. مقطع فيديو جديد للغارة “الاسرائيلية” التي استهدفت الشهيد “حسن نصر الله” 
  • صولة جمال مضيفة حسناء بلا رقيب
  • القضية الفلسطينية بين يد الله وخلفائه في الأرض
  • “وعد الآخرة” في الواقع وعلاقته باليمن وفلسطين
  • أوهام ترامب «1»