نجاة عبد الرحمن تكتب: الانسحاب الروسي من اتفاقية الحبوب
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
منذ عدة أيّام أعلن الكرملين انسحاب روسيا من اتفاقية تصدير الحبوب والأسمدة عن طريق البحر من أوكرانيا تلك الاتفاقية التى كانت قد توسطت فيها الأمم المتحدة وتركيا العام الماضي بعد توقف سلاسل الإمداد نتيجة اندلاع الحرب الاوكرانية الروسية فى فبراير من نفس العام، مما سيحد من صادرات المواد الغذائية الأوكرانية، وسينعكس بالطبع على الدول النامية وساهم بشكل كبير فى ارتفاع أسعار السلع الغذائية في آواخر شهر يوليو لأول مرة منذ أشهر، متأثرة بإنهاء مبادرة حبوب البحر الأسود والقيود التجارية الجديدة على الأرز.
وبلغ متوسط مؤشر أسعار الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة، الذي يتتبع التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية للسلع الغذائية المتداولة عالمياً، 123.9 نقطة في يوليو، بزيادة 1.3٪ عن الشهر السابق في حين انخفض 11.8٪ عن مستواه في يوليو 2022.
وكانت الزيادة مدفوعة بقفزة حادة في مؤشر أسعار الزيوت لمنظمة الأغذية والزراعة، الذي ارتفع 12.1٪ من يونيو بعد 7 أشهر من الانخفاض المتتالي. وارتفعت أسعار زيت عباد الشمس الدولية بأكثر من 15٪ في الشهر، ويرجع ذلك في معظمه إلى تجدد الشكوك المحيطة بالإمدادات القابلة للتصدير بعد قرار الاتحاد الروسي إنهاء تنفيذ مبادرة حبوب البحر الأسود. وازدادت الأسعار العالمية لزيوت النخيل والصويا والسلجم بسبب القلق من توقعات الإنتاج في البلدان المنتجة الرئيسية.
وتراجع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الحبوب بنسبة 0.5٪ عن يونيو، مدفوعا بانخفاض في أسعار الحبوب الدولية بنسبة 4.8٪ بسبب زيادة الإمدادات الموسمية من الذرة من المحاصيل الجارية في الأرجنتين والبرازيل، واحتمال ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية عما كان متوقعا.
أسعار القمح الدولية ارتفعت بنسبة 1.6٪، وهي أول زيادة شهرية لها منذ 9 أشهر بسبب عدم اليقين بشأن الصادرات من أوكرانيا فضلا عن استمرار الظروف الجافة في أمريكا الشمالية.
إخطار موسكو الأمم المتحدة وكييف وأنقرة بانسحابها من اتفاقية الحبوب وامتناعها عن تجديدها مرة أخرى جزء من إستراتيجية تفاوضية لتخفيف العقوبات والحصول على مزيد من حريّة المناورة".
وتتمثل الممارسة الروسية في جعل الإجراءات الإنسانية مشروطةً بالامتيازات التي تخدم مصالحها العسكرية والاقتصادية والسياسية، مثلما فعلت مع المفاوضات السابقة بشأن اتفاقية تصدير الحبوب ومرات عديدة بشأن عمليات تسليم المساعدات فى سوريا .
وتشمل المطالب المحددة لروسيا في هذه الحالة إعادة إدراج البنك الزراعي الروسي ضمن نظام "سويفت"، مما سيسمح لروسيا باستيراد قطع غيار للآلات الزراعية، وإلغاء تجميد الأصول الأخرى. حيث زعمت موسكو أن الاتفاقية المعروفة باسم "مبادرة حبوب البحر الأسود" لم تسفر عن فوائد لروسيا، لكن هذه الجولة من الضغط هدفها بالتأكيد تخفيف ضغط العقوبات.
وكانت الرسائل الموجهة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي واضحةً للغاية، وهي أنه لا يوجد اتفاق بين أوكرانيا وروسيا. لقد أبرِمت الاتفاقية بين أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، وبوتين حاليًا يعارض اتفاقه مع الأمم المتحدة وتركيا وليس مع أوكرانيا.
ومن المرجح أن يؤدي انسحاب روسيا من الصفقة إلى زيادة تكاليف التأمين، و فى يونيو الماضي كانت قد وافقت الحكومة الأوكرانية على خطة تقضي بتعويض السفن التي ترسو في الموانئ الأوكرانية في حالة تضررها بسبب النشاط العسكري الروسي. لذلك، هناك استعداد للمضي قدما في الاتفاقية من الجانب الأوكراني.
ومن الصعب المبالغة في التهديد الذي يتربص بالمشهد الاقتصادي العالمي والأمن الغذائي، خاصة في أفريقيا والمناطق النامية الأخرى. ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية في خضم اضطرابات سلسلة التوريد وبداية استقرار الحرب الروسية، لا يزال الوضع متقلبا.
وعلى الصعيد العالمي، لا يزال تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى من 5% سنويا في أكثر من 60% من البلدان المنخفضة الدخل، وحوالي 80% من البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض والبلدان المرتفعة الدخل.
وفي الأسبوعين الماضيين فقط، أفاد البنك الدولي بأن أسعار القمح قد انخفضت بنسبة 3% على مستوى العالم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الكرملين الأمم المتحدة الحرب الأوكرانية الروسية
إقرأ أيضاً:
أسوشيتيد برس: الصحة العالمية تدعو العالم للضغط على واشنطن للتراجع عن الانسحاب من المنظمة
دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الزعماء العالميين للضغط على واشنطن للتراجع عن قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من المنظمة التابعة للأمم المتحدة، وحذر في اجتماع مغلق مع دبلوماسيين من أن الولايات المتحدة ستفتقد معلومات بالغة الأهمية حول تفشي الأمراض حال أقدمت على تنفيذ قرارها.
مع ذلك، كشفت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" الأمريكية، اليوم /الإثنين/، أن الدول ضغطت أيضًا على منظمة الصحة العالمية في اجتماع ميزانية مهم انعقد /الأربعاء/ الماضي، حول كيفية تعاملها مع خروج أكبر مانح لها، وفقًا لمخرجات الاجتماع التي حصلت عليها "أسوشيتد برس" بشكل حصري، مع الإشارة إلى تصريح المبعوث الألماني بيورن كوميل بأن: "الموقف مشتعل، ونحن بحاجة إلى إيقاف الحريق في أسرع وقت ممكن".
وأشارت الوكالة إلى أن الولايات المتحدة تعد، بالنسبة لعامي 2024-2025، أكبر مانح لمنظمة الصحة العالمية بفارق كبير، حيث قدمت ما يقدر بنحو 988 مليون دولار، أي ما يقرب من 14% من ميزانية منظمة الصحة العالمية البالغة 6.9 مليار دولار.
وأظهرت وثيقة الميزانية التي عُرضت في الاجتماع أن برنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية يعتمد بشكل كبير على الأموال الأمريكية. وكانت "وظائف التأهب" في مكتب المنظمة داخل أوروبا تعتمد بنسبة تزيد على 80% على 154 مليون دولار تساهم بها الولايات المتحدة.
وقالت الوثيقة، إن التمويل الأمريكي "يشكل العمود الفقري للعديد من عمليات الطوارئ واسعة النطاق لمنظمة الصحة العالمية"، ويغطي ما يصل إلى 40%. وأضافت أن الاستجابات في الشرق الأوسط وأوكرانيا والسودان معرضة للخطر، بالإضافة إلى مئات الملايين من الدولارات المفقودة بسبب برامج القضاء على شلل الأطفال وفيروس نقص المناعة البشرية.
وتابعت أن الولايات المتحدة تغطي أيضا 95% من عمل منظمة الصحة العالمية في مجال مكافحة مرض الإيدز في أوروبا، وأكثر من 60% من جهود مكافحة نفس المرض في إفريقيا وغرب المحيط الهادئ وفي مقر الوكالة في جنيف.
وفي اجتماع خاص منفصل حول تأثير خروج الولايات المتحدة انعقد أيضًا يوم الأربعاء الماضي، قال مدير الشئون المالية في المنظمة جورج كيرياكو "إذا أنفقت الوكالة بمعدلها الحالي، فإن المنظمة ستكون في وضع صعب للغاية عندما يتعلق الأمر بتدفقاتنا النقدية، خاصة في النصف الأول من عام 2026". وأضاف أن المعدل الحالي للإنفاق هو "شيء لن نفعله"، وفقًا لتسجيل حصلت عليه "أسوشيتد برس".
وأوضح كيرياكو، أن المنظمة حاولت، منذ الأمر التنفيذي لترامب، سحب الأموال من الولايات المتحدة لتغطية نفقات سابقة، لكن معظمها "لم يتم قبولها".. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تسدد بعد مساهماتها المستحقة لمنظمة الصحة العالمية لعام 2024، مما وضع الوكالة في موقف العجز.
وفي الأسبوع الماضي، صدرت تعليمات لمسئولي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة بالتوقف عن العمل مع منظمة الصحة العالمية على الفور. وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس للحاضرين في اجتماع الميزانية، تعليقًا على القرار، إن الوكالة لا تزال تزود العلماء الأمريكيين ببعض البيانات على الرغم من أنه ليس معروفًا ما هي هذه البيانات.
وأضاف تيدروس: "نستمر في تزويدهم بالمعلومات لأنهم بحاجة إليها"، وحث الدول الأعضاء على الاتصال بالمسئولين الأمريكيين، قائلًا "سنكون ممتنين إذا واصلتم الضغط والتواصل معهم لإعادة النظر".
ومن بين الأزمات الصحية الأخرى، تعمل منظمة الصحة العالمية حاليًا على وقف تفشي فيروس ماربورج في تنزانيا وإيبولا في أوغندا وموكسيفلوكساسين في الكونغو.
ودحض تيدروس الأسباب الثلاثة التي ذكرها ترامب للانسحاب من الوكالة في الأمر التنفيذي الذي وقعه في 20 يناير الماضي، وكان أول يوم لترامب في منصبه. ففي الأمر، قال ترامب إن منظمة الصحة العالمية أساءت التعامل مع جائحة "كوفيد-19" التي بدأت في الصين وفشلت في تبني الإصلاحات اللازمة، وأن عضوية الولايات المتحدة تتطلب "مدفوعات باهظة بشكل غير عادل".
وقال تيدروس، ردًا على ذلك، إن منظمة الصحة العالمية نبهت العالم في يناير 2020 إلى المخاطر المحتملة لفيروس كورونا وأجرت عشرات الإصلاحات منذ ذلك الحين، بما في ذلك الجهود المبذولة لتوسيع قاعدة المانحين.. وتابع أيضًا أنه يعتقد أن رحيل الولايات المتحدة "لا يتعلق بالمال" بل يتعلق أكثر بـ "الفراغ" في تفاصيل تفشي المرض وغيرها من المعلومات الصحية الحاسمة التي ستواجهها الولايات المتحدة في المستقبل.. وقال للحاضرين في الاجتماع: "إن إعادة الولايات المتحدة ستكون مهمة للغاية. وأعتقد أنكم جميعًا يمكنكم لعب دور في هذا الصدد".