في ذكرى ميلاده.. مقتطفات من حياة نجاح الموجي
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
يحل اليوم ذكري ميلاد الفنان نجاح الموجي، الذي أثرى شاشتى التليفزيون والسينما بأعماله الكوميدية التى ترك منها رصيدًا كبيرًا خاصة فى المسرح، اشتهر بالكوميديا، لا يعفو عليه الزمن، تتجدد ذكراه من جيل إلى جيل بفضل إيفهاته والكوميديا الغير مكلفة، ورغم انحصار أدواره في الشخصية الثانوية إلا أنه نجح في أن يُبقي له علامة في الفن، وهو فنان ذو طبيعة خاصة قدم تجربة استثنائية مع الكوميديا صنعت له شعبية كبيرة، قدم أعمالًا فنية مهمة تركت بصمة كبيرة في مشواره الفني.
ويعرض لكم الفجر الفني في السطور التالية حياة الفنان نجاح الموجي..
حياة نجاح الموجي الشخصية
ولد عبد المعطي محمد الموجي، وشهرته "نجاح الموجي" 11 يونيو 1945 في قرية ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، استعار اسم (نجاح) من اسم شقيقه الأكبر عرفانًا له لدعمه وتشجيعه دائمًا، حصل على درجة البكالوريوس من المعهد العالي للخدمة الاجتماعية، كما حاول التقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية عدة مرات، تخرج في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ولم يترك وظيفته في هذا المجال إلى جانب عمله في مجال الفن حتى وصل إلى درجة وكيل وزارة، توفي فجر يوم الجمعة 25 سبتمبر 1998 بالقاهرة إثر أزمة قلبية فاجأته بعد عودته إلى منزله من المسرح حيث كان يقوم بدوره في مسرحية سيدي المرعب، وشيعت الجنازة عقب صلاة الجمعة من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر.
حياة نجاح الموجي الفنية
بدأ الموجي حياته الفنية مع ثلاثي أضواء المسرح في أواخر الستينات، أسند إليه المخرج محمد سالم والفنان جورج سيدهم دورًا هامًّا في مسرحية «فندق الأشغال الشاقة» عام 1969، أهم دوره في مسلسل أهلًا بالسكان عام 1984، ومن اهم ادواره في المسرح هي "مسرحية المتزوجون"، التي ترك بها بصمته ولا يزال يشتهر بها حتى الآن، وحاز على عدة جوائز سينمائية، كما شارك في 3 افلام تم ترشيحهم واختيارهم لدى قائمة أفضل 100 فيلم خلال القرن العشرين حسب استفتاءات النقاد لسنة 1996.
أبرز أعمال نجاح الموجي
قدم مسرحية "فندق الأشغال الشاقة" عام 1969، قدم شخصية "مزيكا" في مسرحية "المتزوجون"، وشارك في مسرحيات أخرى مثل "خد الفلوس واجري"، "مولد سيدي المرعب"، "رقص الديوك"، و"يوم عاصف جدا"، حيث قال جملته الشهيرة "فضلك زلطة وتطلع بره"، وفي السينما، شارك في أفلام شهيرة مثل "الكيت كات"، "تحويلة"، "طأطا وريكا وكاظم بيه"، "زيارة السيد الرئيس"، "المساطيل"، "اغتصاب"، و"أيام الغضب"، كما تألق في مسلسلات تلفزيونية منها "بوابة الحلواني"، "أهلا بالسكان"، "ناس وناس"، و"العائلة"
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الفنان نجاح الموجي نجاح الموجي نجاح الموجی
إقرأ أيضاً:
المسرح العربي بين التراث والحداثة.. هل وجد التوازن؟
للتراث قيمته وأثره في الثقافة العربية، حيث يحضر في الشعر والأدب، وفي شتى أشكال الفنون، متسيّدا في المسرح حصرا على عدد من الأعمال والدراسات والأبحاث، وارتكز المسرح العربي على الأعمال التي انبثقت فكرتها من الموروث، بما يعكس روح الأصالة في الأمة العربية.
وبدأت تزحف تيارات الحداثة في بناء المسرح في شكله وتقنياته، مقتبسًا ذلك من المسرح العالمي، وتمازجت النصوص الكلاسيكية المستوحاة من التراث مع الأعمال التي تتناول القضايا المعاصرة، فلم يكن البناء بالشكل التراثي أمرا سهلا، بل هو بحاجة لقراءة عميقة في الموروث التاريخي في مجالات الأدب والفن والتقنية، ليكون الجمع بين الأصلة والمعاصرة بأسلوب جاذب وهادف، ويحقق رسالة العمل المسرحي.
ولكن السؤال الذي يمكن طرحه: هل وجد المسرح العربي توازنًا حقيقيًا بين هذين التيارين؟ من هنا جاء هذا الاستطلاع مع مجموعة من المشتغلين في المسرح من مختلف أقطار الوطن العربي.
كيف يتم تقديم التراث بشكل معاصر يجذب الجمهور الحديث؟
تحدث المسرحي السعودي "سامي الزهراني" حول تقديم التراث والتاريخ العربي في المسرح بأسلوب يجذب الجمهور، وقال: إن ذلك قد يتأتى من أربعة أوجه أولها (المؤلف)؛ فالكثير من المؤلفين يفتقد إلى مهارة البحث والسبر في أغوار التاريخ والتراث؛ ليقطف أجمل الأفكار ليعيد صياغتها وبلورتها بشكل جديد تتناسب مع عصرنا الحالي، كما ألحظ أن المؤلف المسرحي العربي عندما يريد أن يقدم على كتابة مثل هذه النصوص المسرحية يجب أن يمتلك الجرأة، والثقافة، والقراءة والاطلاع، وفن الاختزال".
وأضاف الزهراني: "المواضيع التاريخية والتراثية العربية بها الكثير من التفاصيل والسرد والتي كثيرا ما يقف أمامها المؤلف المسرحي حائرا ولا يستطيع اختزالها؛ لأنها مرتبطة ببعض ومتسلسلة الأحداث لذلك نرى دائمًا ما تنجح الأعمال التاريخية والتراثية تلفزيونيًا، وذلك بسبب أن الكاتب التلفزيوني لديه مساحة لمناقشة مثل هذه التفاصيل، أما المؤلف المسرحي عليه أن يختزل هذه الأحداث في مدة زمنية معينة وهو وقت المسرحية ويربط الأحداث والوقائع بعضها ببعض بشكل سلس ومقبول أو سوف تسقط وتفشل المسرحية عند عرضها".
واستطرد الزهراني فقال: "الوجه الثاني (المخرج)، وللأسف هناك عدد من المخرجين انساقوا خلف بعض المدارس الغربية التي حدت من وجود رؤية إخراجية عربية حديثة لتطويع الأعمال التاريخية والتراثية بشكل يظهر هذا التأريخ والتراث بالشكل المطلوب والمقبول لدى الجمهور، مع عدم وجود مخرج عربي شجاع يحاول أن يخرج عملا تراثيا أو تاريخي برؤية معاصرة و حديثة تبعث فيه الحياة من جديد، هناك عامل مهم أيضًا لدى المخرج يحد من الأقدام لديه لإخراج مثل هذه الأعمال هو شعوره بعدم تقبل الجمهور لها، الإحساس بالمسؤولية الكبيرة حيال إخراج مثل هذه الأعمال وأنها سوف يتحمل وزر فشلها.
وحول الوجه الثالث قال الزهراني: "(المنتج) وهو من أوجه إشكالية تطويع التأريخ والتراث في المسرح، فالمنتجون لهذه الأعمال هم في الغالب ينتجونها لمناسبات معينة في زمن معين ولا يوجد لديهم دافع لاستمرار عروضهم مرة أخرى، لذلك فهذه العروض تتميز بالبذخ في الإنتاج من خلال ديكورات وملابس تستخدم لمرة واحدة فقط، فالمنتج يعي أن مثل هذه الأعمال المناسباتية لن تعيش طويلا ولن يتم عرضها مرة أخرى فهي لم تنتج إلا لمناسبات معينة.
الاستمرارية هو الوجه الرابع، وأضاف الزهراني: "من أهم العوامل التي قللت من استمرار عروض المسرحيات التي تستلهم التاريخ والتراث هذا العامل يعد الوجه الرابع لإشكالية تطويع التأريخ والتراث هو ارتباط المواطن العربي بتاريخه وتراثه والإلمام به جيدا يجعله بعيدًا بعض الشيء عن العروض التي تستلهم من التأريخ مع اختفاء عامل الغموض والإثارة في مثل هذه العروض الذي يقلل من فترة حياتها، يمكن القول أيضا أن تماس هذا العروض مع واقعنا المعاصر والمعاش ضعيف بضعف المقدرة لدى المخرج والكاتب لذلك ينفر منها الجمهور.
وقال سامي: إنه لا تزال هناك بعض المحاولات لاستعادة مثل هذه العروض من خلال المهرجانات المسرحية العربية والدولية في الدول العربية، مهرجان الدن الدولي هو أحد هذه المهرجانات الذي استطاع من خلال الدورات السابقة أن يدعم مثل هذا التوجه من خلال ثلاث مسابقات (الكبار، الطفل، الشارع) كانت كفيلة لعرض مثل هذه العروض التي تستلهم التأريخ والتراث في مهرجان واحد.
تأثير الحداثة والتقنيات الجديدة
وحول ذلك قال سامي الزهراني: "يتعامل المسرحيون مع تحديات تقديم قضايا معاصرة ضمن إطار مسرحي بعدة طرق، تطوير النصوص بكتابتها بلغة معاصرة، مما يسهل على الجمهور فهم الموضوعات المطروحة، والرمزية لتقديم قضايا معقدة بطريقة مبسطة، فالرمزية تساعد في إيصال الرسائل بشكل غير مباشر، كما أن الابتكار في الأداء باستخدام أساليب جديدة في التمثيل والإخراج يجذب انتباه الجمهور، مثل دمج عناصر من الفنون الأخرى (كالرقص، والموسيقى).
وأضاف: "إن تعزيز التفاعل المباشر مع الجمهور في بعض العروض يساهم في فهمهم للقضايا المطروحة ويجعلهم يشعرون بأنهم جزء من النص المسرحي، وتوظيف التكنولوجيا باستخدام الوسائط المتعددة والتكنولوجيا الحديثة يمكن أن يساهم في تقديم القضايا بشكل جذاب، وتنوع الرؤى في تناول أكثر من مخرج أو كاتب في تقديم نفس القضية من زوايا مختلفة، واستخدام أساليب ومدارس إخراجية حديثة قد يثري النقاش حول الموضوع أو قضية النص المطروحة".
الجمهور والنقد
وتحدث المسرحي السوري "رضوان سالم" عن تقبل الجمهور للابتكار في الأعمال المسرحية فقال: "برأيي الشخصي أن الجمهور المسرحي يتقبل كل ما يعرف على خشبة المسرح سواء كان عرضا تقليديا أم كان مبتكرا شريطة أن يقدم العرض بشكل عالي السوية من حيث الشكل والموضوع؛ لأن المسرح بمفهومه الواسع هو جنس فني دخل متأخرا إلى عالمنا العربي وصار أحد أهم اهتماماتنا الثقافية؛ لأن سحره يجذب إليه المشاهدين وأن سحره يجعل المتفرج يخرج من زمنه إلى زمن العرض مستغرقا في متعة بصرية وسمعية تلامس الواقع حينًا والخيال حينًا آخر".
الحداثة إضافة أم قطيعة
وحول ما إذا كانت الحداثة قد أضافت للمسرح العربي قال المسرحي الدكتور محمود سعيد: "يمثل فكر الإنسان مركز الكون فهو المنبع والمصب في ذات الوقت، لذا بزغت مفردة الحضور حسب ما قالت به الميتافيزيقا، إلا أن الفلسفات الحديثة انطلاقا من مارتن هديجر أكدت على مفهوم الغياب الذي يقول إن للذات جوانب سرية أو خفية لا تحضر في الوعي، ولا يتمثلها الفكر إنما تبقى غائبة، من هنا انطلق جاك دريدا طارحا سؤاله المهم وهو: كيف ندفع بالوعي إلى تجاوز مبدأ الوحدة ومظاهر التطابق مع مقولاته، لذا برزت لعبة تحري الآخر المغاير عبر منطق السؤال، فالسؤال دوما هو البطل لا الإجابة، فمن شأنه تخطّي عقبة انغلاق الفكر على ذاته وتماثل مقولات الوعي مع بعضها، إذن نقطة الانطلاق هي نص الآخر، والوعي بنص الآخر هي في الأصل من شأنها أن تقارب حدود هذا الآخر الذي أتى بالحداثة، والتي بكل تأكيد أضافت لمسرحنا العربي الكثير والكثير ولكن تلك الإضافات كانت مشروطة بشرط ضمني، وهو أن شعور الواحد بالآخر يثريه عبر الاختلاف، فعبر لعبة الاختلاف تبدو مساحات من التجاور، هذا التجاور هو الضامن الحقيقي لاحتواء الحداثة وتفاعلها بشكل حقيقي مع المسرح العربي، إذ إن لعبة اكتشاف هوية المسرح العربي في ظل الحداثة كانت تستلزم الخروج عن الهوية كي يتم كشفها بعيدا عن أصحاب الوعي المطابق، وهو رافض أحيانا للتحديث والحداثة، لذا نؤكد وبكل قوة أن الحداثة قدمت إضافات واعية للمسرح العربي، ولم تشكل أي قطيعة مع الماضي.
توازن بين التراث والحداثة
وقال المسرحي رضوان سالم حول التوازن بين التراث والحداثة في المسرح العربي: "لقد أغرى التراث الشرقي بارتياد آفاقه ونقله إلى مخبر التجريب، والتدريب هنا شكل من أشكال الحداثة، ونحن بصفتنا مسرحيين عرب لدينا الرغبة في توفير المتعة لاكتساب الجمهور الفائدة التي هي غاية العرض المسرحي بمجمله فإن مسرحة موروثاتنا الأدبية والشعبية والأسطورية والحكائية هي في غاية الأهمية، حيث إن التجريب والذي هو نوع من أنواع الحداثة في الفن المسرحي، بيد أن كتابة النص لينتقل بالتالي إلى المؤلف الثاني وهو المخرج الذي يفك شفرات النص لتؤديها بتكامل جميع مفردات العرض بوصفه عملية إبداع معقدة تملك قوة تعبيرية تحافظ على تيار التواصل ما بين الخشبة والصالة".
وأجاب رضوان سالم حول سؤالنا عن المسرحيات التي تتناول موضوعات معاصرة باستخدام تقنيات تقليدية فقال: "لا أرى مانعًا من تناول موضوعات معاصرة باستخدام تقنيات تقليدية وخير مثال على ذلك هو نص مسرحية الملك للراحل سعدالله ونّوس الذي أراد من مضمون النص أن يتحدث عن موضوع النزعة السلطوية لمن يجلس على العرش، وأما الأشكال المسرحية التقليدية وعصرنتها وهذا ما نجده جليًا في عرض رائعة شكسبير روميو وجوليت، وتقديمها بشكل عصري في فيلم أمريكي معاصر دون تغيير أي كلمة في حوار النص المسرحي، وبشكل عام الاتكاء على التراث وإسقاطه لمشاكل وقضايا اجتماعية أو سياسية معاصرة أمر في غالية الأهمية".
وحول ذلك قال الدكتور محمود سعيد: "المسرح فن قلق يحمل القلق بشكل مستمر لدرجة أن فعل القلق تحول إلى أحد أهم مفردات اللعبة المسرحية الجادة التي تسعى إلى التجديد وكسر النمط، وهو انتعاش للمفردة المسرحية في حد ذاتها، فليس من الطبيعي أن يقف المؤلف المسرحي عند منطقة عفا عليها الزمن متمسكا بمفردات بالية لم يعد لها استخدام ولا قيمة متناسيًا ثقافة الصورة البصرية، ورعب المشهد المسرحي الحديث والطابع الجمالي المرتبط بالتكنولوجيا بقوة، المقترن بالتجريب والابتكار، إذ تحولت الحداثة إلى أفق أوسع للتفكير عبر لعبة تجاوز الزمن ومرونة الفضاء والعاب السينوغرافيا المذهلة التي انتزعت الصورة المشهدية انتزاعا مرعبا؛ لتؤكد أن وهم سيطرة اللغة المحكية على خشبة المسرح أصبح بالفعل دربا من الخيال، لذلك من الطبيعي أن يتفاعل المسرح مع التقنيات الحديثة بكل قوة".
التراث من منظور حداثي
وقال الناقد البحريني يوسف الحمدان: "الموضوع شاسع ويحتاج لمساحات من الكلام، الحداثة أصبحت ضرورة في الحياة، لا نتحدث عن الحداثة فقط، بل جاء الزمن للحديث عما بعد الحداثة، وهذا الأمر أسس له الكثير من الفلاسفة وأصحاب القراءات الفكرية المختلفة في الوطن العربي، من أسماء لا حصر لها الآن. عندما نتحدث عن التراث مثلا فهو أيضا خضع للحداثة، فمن أي زاوية نتحدث عن التراث؟".
وأضاف: "هناك من توقفت عقليته في زمن معين، قراءات قارة لا تتحول ولا تتغير، فبالتالي يرى التراث من منظوره الأفقي، وهناك من يقرأ التراث من منظور حداثي، فكيف يفكك التراث، ويفتت كل التفاصيل في التراث؟، وكيف يبعث في التراث حياة جديدة؟، وبالتالي يصبح قراءة وخطابًا إشكاليًا يستدعي ويقتضي حوارا إشكاليا آخر، هكذا تتطور المجتمعات، وهكذا يتطور الفكر، دون ذلك سنظل في مساحة ميتة".
واستطرد في حديثه بقوله: "ثانيا الأمر يعتمد على نوع الخطاب، الخطاب إن كان له رغبة في المجتمع سيحدث ثورة، أما إذا كان الخطاب صادرًا عن فرد –كما نقول أذن في خرابة- فالمجتمع لا يستجيب لهذا الخطاب وهذه مشكلة، فيحتاج صاحب هذا الخطاب إلى صبر ليستطيع أن يتسلل إلى المجتمع ويسرب ويؤثر بخطابه على الآخر.. نحن كمجتمعات الآن لا ننمو بالتدريج، فنحن أمام الثورة التكنولوجية، والتحولات المجتمعية الخطيرة، وناقوس العولمة وخطورته وإيجابيته أيضا على مجتمعاتنا، فكيف نستطيع أن نفهم هذه الأشياء وفق رؤية دقيقة؟ وهذا يقتضي تغيير الرؤى في أكاديمياتنا في الوطن العربي؛ فالأكاديميات تخرج مجموعة كبيرة من المجتمع، فإذا ظل الفكر في الأكاديميات تقليديًا، أو فلنقل فكرًا متوازنًا أو مهادنًا فلن يتغير في المجتمع شيء، تحتاج إلى تغيير المنظومة الأكاديمية سواء أكانت فنية أو علمية أو مسرحية أو موسيقية أو اجتماعية؛ لأن المجتمع ميدان خطير للتحول والتغير".
واختتم الحمدان حديثه عن الحداثة في المسرح بقوله: السؤال الملح الآن: لأي مدى يمكننا أن نوجد في مدارسنا أشخاصًا مؤهلين لفهم هذه المنظومة الحداثية أو ما بعد الحداثة، وكيف نوصلها بالأساليب المختلفة عن الدراسات والتعليم والتلقين القاتل الذي خلق عقليات مخرسنة ومعلبة ومسردنة، وبالتالي لا يمكن أن تطور، تحتاج إلى أناس ينشئون هذا الجيل على وعي جديد؛ لأننا لا نريد لأجيالنا الجديدة أن تعيش على أزمنة الماضي يقتات مما قاله الآخرون، بل لجيل ينقل ويحاور ويغير، جيل قادر على التفكير، وبالتالي يصبح منتجا، فما ينقصنا في هذا الوقت هو إنتاج المعرفة، فنحن مستهلكون للمعرفة، ومستهلكون لثقافتنا التقليدية، ولدينا صراعات لم تنته حتى الآن بين المتحرر والتقليدي المتصنم، وكيف نستطيع أن نخرج من هذا القالب الإسمنتي الخرساني الثقيل، ونجعل منه غشاء حريريا نستطيع أن نمر من خلاله، هذه مشكلة تعاني منها مجتمعاتنا العربية، وأضيف على ذلك أن الفكر وتحولاته والحداثة تقتضي حرية، والإيمان بفكر جديد، ومراجعات عقلانية تستطيع أن تردم الأسوار القديمة، لم تستطع الألمانيتان أن تتوحدا قبل قدم هدم سور برلين، ورغم أن هذا السور منطقة حضارية، لكن التواصل خلق مجتمعا آخر، غيّر السياسات في الحاجز، أما لدينا فما زالت هناك أسوار بين الشخص والآخر ربما تكون أشد سمكا من سور الصين وسور برلين، نحتاج أن نزيح هذه الأسوار حتى ننتج أفكارًا تليق بالحداثة ومابعدها".
بعد استعراض الآراء المختلفة حول مسألة التوازن بين التراث والحداثة في المسرح العربي، يبقى التساؤل مفتوحًا: هل وصل المسرح العربي إلى معادلة تحقق هذا التوازن؟ أم أن البحث ما زال مستمرًا؟ ومن سيكون الرائد في تحديد مستقبله؟