العنف الطلابي.. هل من رادع؟!
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
للمرة الثانية تواليًا، نتطرق لموضوع يخص وزارة التربية والتعليم بعد المقال السابق والذي لاقى إقبالًا كبيرًا وكان بعنوان "حافلات المدارس فوق صفيح ساخن"؛ لنعود مرة أخرى ونسلط الضوء على موضوع لا يقل أهمية عن سابقه!
انتشرت مؤخرا كانتشار النار في الهشيم مقاطع عدة متنوعة ومن محافظات مختلفة توضح وتوثق مشاهد عنف طلابي؛ سواء أكانت داخل حرم المدرسة أم خارجه، مما يمثل ظاهرة مؤسفة ودخيلة على مجتمعنا، وبتصوير ونقل حي من الطلاب أنفسهم، بعد أن باتت أجهزة الهواتف الذكية وما تحتويه من برامج ومواقع للتواصل الاجتماعي قادرة على نقل الوقائع فور حدوثها.
والأسباب المؤدية للعنف الطلابي متنوعة ومتعددة، ومن أهمها الجانب التربوي، فلو تربى الطالب على قيم التسامح والاحترام والتقدير لزملائه والبُعد عن الإساءة اللفظية والتعدي البدني، لما انجر وانساق خلف ما رأيناه من مقاطع مُخزية ومُؤلمة.
فكيف لمُجتمع مثل مجتمعنا العماني- معروف عنه الأخلاق العالية وقيم التسامح التي يُضرب بها المثل، أن تنتشر بين أبنائه مثل هذه الظواهر السلبية والمرفوضة تمامًا والتي لا تمت لمجتمعنا المحافظ بأيِّ صلة كانت.
كما إنَّ انتشار وهوس العديد من الطلاب بالألعاب الإلكترونية التي تساعد وتشجع على العنف السلوكي لهو من أهم الأسباب ناهيك عما تروج له الأفلام الأجنبية من ثقافة العنف.
جلستُ مع أحد الأخصائيين الاجتماعيين وهو رجل مخضرم في المجال الاجتماعي تجاوزت خبرته الثلاثين عاماً في المدارس قال لي بأنَّ كل هذه الظواهر المقززة التي تنتشر في المدارس هي في الحقيقة إرهاصات طبيعية لضعف القوانين واللوائح التي وضعت الطالب في مكانة أعلى وأهم من المُعلم ومدير المدرسة فكل اللوائح والنظم تخدم الطالب على حساب المعلم ومن أَمِنَ العقوبة أساء الأدب.
التعليمات والبنود والقرارات والتوجيهات التربوية صادرة لخدمة الطالب وتدليله واحترام شخصه ورفع كبريائه.. لذلك ستظل كل هذه السلوكيات السيئة مُستمرة حتى تختلف القوانين وتتغير اللوائح، ويُصبح الطالب طالبًا والمُعلم معلمًا والمدير مديرًا.
لقد اطلعت على لائحة شؤون الطلاب المدرسية وتحديدًا الفصل السادس (الانضباط السلوكي)، ولم أجد من ضمنها عقوبات رادعة بحق الطلبة ممن يعتدون على زملائهم، سوى الإنذار وأخذ تعهد من ولي أمره بالالتزام بقواعد الانضباط السلوكي، وأقصاها فصل الطالب لمدة بين 3 إلى 10 أيام، على حسب جرمه وما اقترفه، بناءً على لائحة شؤون الطلاب أو نقله إلى مدرسة أخرى، وهنا المشكلة سوف تستمر مع إدارة مدرسية أخرى وطلاب آخرين أو نقله لتعليم الكبار، وهنا سيكون ممن يدرس في مرحلة كبار السن عرضة ربما للعنف أو الإساءة اللفظية.
السؤال هنا: ماذا ولو كان ولي الأمر من الأساس ليس قادرًا على تربية ابنه التربية الصحيحة في البيت؟ وماذا سيحدث بعد مُدة الفصل؟ هل سوف نشهد شجارًا آخر أكثر عنفًا؛ كون أن الطالب تَوَلَّد لديه فرط للعنف وأصبحت لديه عادة متلازمة؟
من هنا.. لا ينبغي لوزارة التربية والتعليم اعتبار ما يحصل أحداثًا فردية، ويتم التراخي في علاجها والدخول في إجازة الصيف المدرسية ونسيان ما حدث وكأن شيئًا لم يكن!
كما إن لشرطة عمان السلطانية دوراً لا يقل أهمية، وهي التي عودتنا على حفظ الأمن والاستقرار؛ فهي العين الساهرة التي تسهر على راحة المواطن والمقيم، وأتمنى بعد ما حصل أن تقوم بدوريات مجدولة خصوصًا فى الظهيرة، بعد فترة انتهاء الامتحانات، والتي تشهد الكثير من المشاجرات الطلابية، لا سيما تلك التي تكون خارج أسوار المدرسة؛ فبمجرد وجود دورية متواجدة يمكن للطلاب رؤيتها، ما يضفي نوعًا من الردع والالتزام.
إنَّني عبر هذا المقال لا أدعو إلى تهويل الموضوع ولا أنظر له من زاوية سوداوية، لكن يجب وضع اليد على الجرح في سبيل إيجاد العلاج الناجع، والهدف هو إصلاح جيل الغد، وأعتقد أنَّه من الضروري هنا التدخل بالعلاج النفسي، ليس من قبل الأخصائي الاجتماعي المتواجد في كل مدرسة؛ فهو يعمل على قدر الصلاحيات الممنوحة له، لكن من ناحية إحالة أمثال هؤلاء الطلاب الذين يُعانون من سلوكيات عدوانية ويمارسون العنف، إلى المصحّات العلاجية المتخصصة في علاج مثل هذه الحالات، واستغلال طاقاتهم بالشكل الأمثل.
وأخيرًا.. على المُرَبِي في المنزل والمُدرس في المدرسة، مهمات جسيمة في تربية وتكوين جيل مثالي تنهض به البلد وتزدهر.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مناقشة تبادل التدريب الطلابي في 5 تخصصات بين جامعتي السلطان قابوس وقطر
مسقط - الرؤية
استضافت جامعة قطر أعمال اللجنة المشتركة بين جامعة السلطان قابوس وجامعة قطر لعام 2025، برئاسة صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد مساعدة رئيس الجامعة للتعاون الدولي، والدكتور أيمن محمود اربد نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا.
وشهد اللقاء استعراض المشاريع البحثية الممولة المشتركة ونتائجها ومناقشة أهم التحديات وطرق تعزيز التعاون في المجالات البحثية المختلفة، مع مناقشة تبادل زيارة الباحثين والأكاديميين وتعزيز التعاون، ومناقشة تبادل التدريب الطلابي في تخصصات الهندسة والطب والاقتصاد والإعلام والسياحة، إلى جانب استعراض سبل التعاون المشترك في تبادل الخبرات في المجالات ذات الاهتمام المشترك التي تشمل إقامة الندوات العلمية والبحثية المشتركة وإشراك الباحثين والطلبة.
وأكدت صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، أهمية الشراكة الأكاديمية والعلمية بين المؤسسات، مشيرة إلى أن هذه الاجتماعات تسهم في تعزيز تبادل المعرفة والخبرات، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون البحثي الذي يخدم الأولويات الوطنية والإقليمية.
وخلال الاجتماع، اتفق الجانبان على خطة العمل المشتركة، كما أشاد المشاركون بأهمية هذه اللقاءات لدفع عجلة البحث العلمي والتطوير الأكاديمي، معربين عن تطلعهم إلى تحقيق المزيد من الإنجازات في السنوات المقبلة.