عاودت السندات المصدرة في الأسواق الناشئة جذب المستثمرين من جديد بعد سلسلة من زيادات الفائدة وتحركات لتحرير أسواق العملات، في الوقت الذي تسعى فيه هذه البلدان إلى إصلاح اقتصاداتها المتضررة، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وحسب الصحيفة البريطانية، كانت الديون بالعملة المحلية لمصر وباكستان ونيجيريا وكينيا ودول أخرى من بين الأصول غير المحبذة في الأسواق الناشئة خلال السنوات الأخيرة، إذ أنهكت أزمات العملة اقتصاداتها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قرار تركي يدفع أسعار القمح في أوروبا إلى الأسفل.. ماذا عن روسيا؟قرار تركي يدفع أسعار القمح في أوروبا إلى ...list 2 of 2اليورو عند أدنى مستوى في شهر بعد دعوة لانتخابات فرنسية مبكرةاليورو عند أدنى مستوى في شهر بعد دعوة ...end of list

ويُقبل المستثمرون على السندات المحلية في الأسواق الناشئة التي لم تكن تحظى بجاذبية، مثل كينيا وباكستان، وذلك بفعل التحولات الاقتصادية في هذه البلدان وارتفاع الفائدة، حسبما ذكرت الصحيفة.

ومع انخفاض الفائدة في بعض الأسواق الناشئة الأكثر نضجا مثل البرازيل، يجد المستثمرون أن العائدات التي تتجاوز 10% المعروضة في "الأسواق المبتدئة" جذابة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها، وفق الصحيفة.

والأسواق المبتدئة هي أسواق أقوى اقتصاديا من أقل البلدان نموًّا، لكنها لا تزال أقل رسوخًا من الأسواق الناشئة لأنها صغيرة جدًّا، أو تحمل الكثير من المخاطر، أو لا تتمتع بالسيولة الكافية بحيث لا يمكن اعتبارها سوقًا ناشئة، وتُعرف هذه الأسواق باسم (ما قبل الأسواق الناشئة).

وقال أحد مديري صناديق الأسواق الناشئة ممن استثمر في أذون الخزانة المصرية ونظر أيضًا في ديون النيرة النيجيرية (العملة المحلية) قصيرة الأجل: "عليك أن تدخل في المزيد من الصفقات خارج نطاق المنافسة قليلًا في الأسواق المبتدئة لتربح.. لا تزال العملة المحلية (لهذه البلدان النامية) تمنحك عوائد ضخمة مقارنة بالفائدة الأميركية".

الليرة التركية تراجعت أمام الدولار (رويترز)

وأشار إلى أنه حتى لو خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المركزي الأميركي) الفائدة مرة واحدة فقط هذا العام، فإن الأسواق المبتدئة ستظل توفر لك الكثير من العائد.

وفي تركيا فإن الفائدة البالغة 50% المصممة لمعالجة التضخم الذي يتجاوز 10% وتحقيق استقرار الليرة قد اجتذبت المستثمرين مرة أخرى هذا العام.

وتضاعفت حيازات المستثمرين الأجانب من الديون الحكومية المقومة بالليرة 4 مرات تقريبًا منذ بداية العام لتصل إلى حوالي 10 مليارات دولار في نهاية مايو/أيار، وفقًا لبيانات البنك المركزي.

وكانت ديون مصر شائعة بين المستثمرين هذا العام، إذ ضخ مستثمرون أجانب 15 مليار دولار في سنداتها المحلية، معظمها بعد استثمار بقيمة 35 مليار دولار من قبل صندوق الثروة السيادية في أبوظبي في محاولة لتخفيف الأزمة المالية في البلاد (صفقة رأس الحكمة).

وخفضت مصر قيمة الجنيه المصري هذا العام، كما سمحت بتحريره مقابل الدولار، كوسيلة لمحاولة تخفيف النقص في العملات الأجنبية.

"إصلاحات مثمرة"

ويعتقد المستثمرون أن الإصلاحات المماثلة في نيجيريا وتركيا ونحو 20 من الأسواق المبتدئة الأخرى بدأت تؤتي ثمارها في وقت حيث تنخفض العائدات على أشكال أخرى من ديون الأسواق الناشئة.

وقال الرئيس العالمي لإستراتيجية الأسواق الناشئة في سيتي، لويس كوستا: "صناع القرار في الأسواق المبتدئة أصبحوا أكثر ذكاءً".

وارتفعت بالفعل ديون العديد من هذه البلدان بالدولار، لأنها تجنبت التخلف عن السداد الصريح، ويشك كثير من المستثمرين في أن العائدات، التي تتحرك عكسيًا مع الأسعار، يمكن أن تنخفض كثيرًا.

وفي الوقت نفسه، يُنظر، كذلك، إلى ارتفاع ديون العملات المحلية في الأسواق الناشئة الأكثر جدارة ائتمانية، مدفوعًا بتخفيضات الفائدة، على أنه يقترب من نهايته.

كما أن التداولات في عملات بعض الأسواق الناشئة الكبرى لم تحقق نتائج جيدة في الآونة الأخيرة، على سبيل المثال في عمليات البيع الحادة التي شهدها البيزو المكسيكي بعد الانتخابات التي جرت هذا الشهر.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن رئيس إستراتيجية الدخل الثابت للأسواق الناشئة في بنك جيه بي مورغان، جوني غولدن قوله إن المستثمرين يحاولون تجنب الرهان فقط على الموعد الذي سيخفض فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي الفائدة.

احتمال بقاء الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول، حيث يكافح بنك الاحتياطي ارتفاع التضخم، قد يكون بمثابة تحد للديون المحلية في الأسواق الناشئة

محركات خاصة

وقال غولدن : "في الأسواق الناشئة، لدينا عدد من البلدان التي توجد فيها محركات خاصة"، حيث يساعد مزيج من تخفيضات قيمة العملة، وارتفاع الفائدة، وإصلاحات السياسات، وقروض الإنقاذ على طمأنة المستثمرين.

فهم يميلون –وفق ما تنقل الصحيفة- إلى الحذر من الديون المحلية للبلدان الأكثر خطورة، والتي تميل إلى أن تكون أكثر تقلبًا والمرتبطة بثروات العملة، ويخشى العديد من المستثمرين فرض ضوابط على رأس المال بشكل مفاجئ أو احتمال توقف سوق الديون أثناء الأزمة مع اندفاع المستثمرين الأجانب للخروج.

وحسب الصحيفة فإنه، في حين سارع الأجانب إلى العودة إلى سندات الليرة التركية هذا العام استجابة للسياسات الاقتصادية الأكثر تقليدية، إلا أنهم لا يزالون يمثلون حوالي 5% فقط من السوق، بانخفاض عن 20% قبل أزمة العملة في عام 2018.

وفي مصر، يحتفظ المستثمرون الأجانب بحوالي 10% من الدين المحلي، وهذا أعلى مما هو مسجل في عام 2022، لكنه أقل بكثير من الذروة في عام 2021.

مع ذلك، فإن احتمال بقاء الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول، حيث يكافح بنك الاحتياطي ارتفاع التضخم، قد يكون بمثابة تحد للديون المحلية في الأسواق الناشئة.

ووفق محللي وكالة موديز، تتعرض مصر ونيجيريا وباكستان، المتوقع أن تنفق أكثر من ثلث إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون بحلول عام 2028، بشكل خاص لخطر ارتفاع الفائدة الأميركية؛ فقد يجبرها ذلك على إبقاء الفائدة مرتفعة من أجل جذب رؤوس الأموال.

وقال البنك المركزي الكيني، هذا الشهر، إنه لا يستطيع خفض الفائدة عن مستواها الحالي البالغ 13% لأن المعدلات العالمية قد تجذب المستثمرين.

وقال محافظ البنك، كاماو ثوغ: "علينا أن نكون حذرين للغاية حتى لا نتخذ إجراءات هنا من شأنها أن تسبب نفس النوع من المشاكل التي واجهناها.. فقد نرى مرة أخرى تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج لأن العائدات أقل من الخارج".

ومع ذلك، يرى بعض المستثمرين أنه حتى لو ظلت الفائدة الأميركية مرتفعة، فإن سندات العملة المحلية والعوائد التي تقدمها الاقتصادات المبتدئة لا تزال أكثر جاذبية من ديون هذه البلدان المقومة بالدولار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أسواق الفائدة الأمیرکیة العملة المحلیة بنک الاحتیاطی هذه البلدان هذا العام

إقرأ أيضاً:

النقد الدولي يحذر من أزمة ديون عالمية تهدد الاستقرار المالي

2 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: صدر تقرير لصندوق النقد الدولي سلط فيه الضوء على أزمة الديون المتفاقمة عالميا بعد وصولها إلى مستويات تهدد الاستقرار المالي العالمي، ما يستدعي من الحكومات اتخاذ إجراءات فورية لتعديل أوضاعهم المالية.

ويرى الصندوق في تقريره أنه في ظل ما اعتبره انخفاضاً لأسعار الفائدة وتوجه السياسة النقدية نحو الحياد، فإن هناك فرصة لتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط إلى الطويل، إلا أن بسبب ما خلّفته آثار جائحة “كوفيد-19” من تراكمات ضخمة للديون، تحتاج هذه الفرصة لاستجابة حاسمة لضبط الأوضاع المالية ومنع تصاعد الأزمات الاقتصادية، لا سيما في الاقتصادات الناشئة.

وبحسب توقعات الصندوق، من المحتمل أن يتجاوز الدين العام العالمي 100 تريليون دولار هذا العام 2024، ومع ذلك تظل الصورة غير موحدة بين الاقتصادات بسبب اختلاف استراتيجيات استدامة الدين من دولة لأخرى، ومن المتوقع أيضا – وفقًا للتقرير- أن تواجه ثلث الدول التي تمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تسارعًا في تراكم الديون، أما عند استثناء الصين والولايات المتحدة، فإن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي ستنخفض بمقدار 20%.

وأشار التقرير إلى أن الحلول تقتضي خفض الإنفاق الحكومي وتقليص دور الدولة في الاقتصاد مع تعزيز النمو العضوي المدفوع بالسوق، ويرى الصندوق أن زيادة التوسع المالي ورفع الضرائب قد تعقد الوضع بدلاً من تحسينه، مشددا على ضرورة تبني سياسات تدعم نمو القطاع الخاص لتحقيق توازن مالي مستدام.

كما طرح الصندوق وجهة نظره في التقرير إلى استعداد الأسواق المالية لمزيد من التضخم، حيث تواصل الديون الحكومية المتزايدة الضغط على أسواق الدخل الثابت، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، ارتفعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بأكثر من 60 نقطة أساس منذ منتصف ايلول، ما أثر سلبًا على قطاع العقارات، وقد انخفضت طلبات الرهن العقاري بنسبة 6.7% في الأسبوع المنتهي في 18 تشرين الأول، مع بقاء معدلات الفائدة على القروض لأجل 30 عامًا عند 6.52%، وهي مستويات أعلى من تلك التي كانت سائدة قبل تخفيض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لذلك، يعتقد الصندوق أن الأسواق تترقب دورة تيسير أبطأ للسياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وقد قدّر بنك “أسكوتلندا” أن التخفيضات المتوقعة للفائدة لن تتجاوز 22 نقطة أساس في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة، مع إمكانية الوصول إلى 38 نقطة أساس فقط بنهاية العام.

ويَبرُز هذا التقرير الهام كوثيقة استراتيجية في ظل تعقيدات المشهد المالي العالمي، لا تُظهر فقط ضرورة التعاون الدولي، بل تضع المسؤولية على عاتق الدول لتبني سياسات حاسمة ومستدامة للتصدي لأزمة الديون المتصاعدة، فالتحديات القادمة لا تسمح بالتسويف أو التأجيل، وعلى الهامش ربما للتقرير مساهمة بشكل ما في تفسير ظاهرة ازدياد عدد الدول المتقدمة بطلبات للانضمام إلى مجموعة البريكس، فغالب هذه الدول ترى فيها منصة لمواجهة أزماتها المالية وضمان استقرار اقتصادي أكبر في المستقبل من خلال الشراكات الاستراتيجية فيما بين الأعضاء، وبعيدا عن التأثير العميق عليهم من قِبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والعريض من قِبل الدولار الأمريكي والاحتياطي الفيدرالي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عشرات المنظمات المحلية والاقليمية تدعو لمحاسبة المتورطين في الجرائم التي طالت الصحفيين في اليمن
  • ليس هناك استراتيجية مضمونة.. كيف ستؤثر الانتخابات الأمريكية على أسواق الأسهم والسندات الحكومية؟
  • رغم احتدام الصراعات.. إقبال دولي على الاستثمارات في المنطقة العربية
  • النقد الدولي يحذر من أزمة ديون عالمية تهدد الاستقرار المالي
  • القبول دون فحص.. وزير المالية يعلن مفاجأة سارة لأصحاب الشركات الناشئة
  • العراق وتركيا يبحثان آخر التطورات التي تشهدها المنطقة
  • سقف للاقتراض ولا شركات أجنبية| لجنة حكومية لإدارة ديون مصر.. خبراء يقيمون القرار
  • صناديق الاستثمار.. نجاح الاكتتابات الأولية يشير إلى معنويات إيجابية للمستثمرين
  • وزيرة التنمية المحلية تسلم جائزة «شنغهاي» لـ5 مدن حول العالم.. بينها الإسكندرية
  • روائح تجذب الناموس والبعوض في الشتاء.. طريقة سهلة لطردها من منزلك