نعوم تشومسكي

 

قام نعوم تشومسكي العالم والفيلسوف والسياسي الأمريكي ، بتقديم 10 استراتيجيات يستخدمها حُكّام الدول من أجل التحكم والسيطرة على الشعوب عن طريق الإعلام.

 

يقول نعوم تشومسكي أن هذه الاستراتيجيات منظَّمة بشكل مُتقَن لدرجة أن الدول ذات النظام التعليمي الجيد تخضع هي أيضا إلى قوة هذه المافيا التي تسيطر على كل شيء.

 

صحيح أن كل شيء يظهر في الأخبار لكن القليل من هذه الأخبار يتم شرحه وتفسيره للشعب.

 

فيما يلي الإستراتيجيات العشر للتحكم في الشعوب

 

1. استراتيجية الإلهاء

تعتبر استراتيجية الإلهاء من أهم الاستراتيجيات في سياسة التحكم، فهي التي تُلهي وتُلفت اهتمام الشعب عن المشاكل والتغييرات المهمة المقترَحة من طرف السياسيين والاقتصاديين النخب، ويتم ذلك باستعمال تقنيات إغمار واكتساح الإعلام بشكل دائم ومستمر بكل ما يصرف الانتباه وبأي معلومات تافهة ومبتذلة، فيصبح العقل نتيجة لذلك أكثر خضوعاً وأقل ميولاً إلى النقد.

 

يعتبر الإلهاء استراتيجية أساسية في منع الشعب من الاهتمام بالعلوم، الإقتصاد، علم النفس، علم الأعصاب، علم التحكم الآلي. وليس من الغريب أن نرى أن الإعلام اليوم (يوتيوب وفيسبوك مثلاً ) أصبح منصة كبيرة لنشر الفضائح وفيديوهات الضحك وحقيقة فلان وكذبة فلان …الخ، بينما لا تَلقَى الفيديوهات والمنشورات التعليمية والتثقيفية أية اهتمام أو تفاعل كبير من طرف العامة.

 

2. اختراع المشاكل وتقديم الحلول

تسمى هذه الطريقة أيضا ” اختراع مشكلة > استجابة الشعب للمشكلة > تقديم حل”. يقومون باختراع مشكلة أو موقف لإحداث بعض ردود الأفعال لدى العامة، فتصبح هذه العادة هي القاعدة التي عليك أن تَقبَل بها.

 

مثال: دعنا نعزز العنف، وننظم هجمات دامية، كي نجعل الشعب أكثر تقبلاً للقوانين والسياسات التي تضر بحرياتهم. أو: خلق أزمات اقتصادية من أجل أن يتقبل الشعب – كشر لا بد منه – بإلغاء الحقوق الاجتماعية وتجريد الخدمات العامة.

 

3. استراتيجية التدرجية

تتحكم التدرجية بالشعب عن طريق جعلهم يَقبَلون اجتماعياً القرارات الظالمة وغير العادلة، ويكمن نجاح هذه الاستراتيجية في القيام بذلك بشكل تدريجي، وبطيء على مر السنين.

 

مثال: لنقل أن الهدف هو طرد 80 % من عمال يعملون في شركة مشهورة ورفيعة المستوى. لتطبيق استراتيجية التدرج، سيقوم الإعلام بنشر أخبار سلبية عن هذه الشركة: مبيعات منخفضة، سقوط قيمة أسهم الشركة … الخ. وبشكل بطيء، سيتم خلق نوع من الوعي لدى الناس تُجاه هذه الشركة، وسيتم إعدادهم للأخبار الكبيرة (أي طرد 80% من العمال).

 

لو عَلِم هؤلاء الناس من البداية بالخبر الكبير دون استخدام استراتيجية التدرج ببطء، ستكون هناك ضجة أو مظاهرة، وبالتالي فدور هذه الاستراتيجية في السياسة، يكمن في منع الشعب من خلق نوع من الوعي الذي سيجعهلم غاضبين عن خبر ما، والذي سيؤدي إلى قيام ثورة.

 

4. استراتيجية التّبجيل أو التعظيم أو الانصياع

استراتيجية أخرى للتحكم في الشعوب عن طريق الإعلام هي تقديم قرارات غير مرغوبة على أنها ”ضرورية“، “من أجل مستقبل رائع” أو “لصالح الشعب”.

 

يقومون بجعل الناس يؤمنون بصدقٍ أن تضحياتهم ستقود الأمور بشكل أفضل لاحقًا، لأنه من السهل على الشعب أن يتقبّل تضحية مستقبلية على أن يتقبّل تضحية فورية.

 

أولا، لأن التدابير لا تتم بشكل فوري، وثانياً لأن الشعب وعامة الناس، يملكون رغبة دائمة في أمل أن “كل شيء سيتحسن في المستقبل” وأن التضحيات المطلوبة منهم يمكن أن تُلغى.

 

تمنح هذه الاستراتيجية مزيداً من الوقت لدى عامة الناس للتعود على فكرة التغيير وتقبّلها، وبالتالي يعتاد الناس على حياة بائسة ذات جودة متدنية، ثم يتحول اعتقادهم إلى أن هذا أمر طبيعي. وفي الأخير، سيتنازل الشعب عن كل شيء وسيتوقف عن المطالبة بما كان يطالب به في السابق.

 

5. معاملة الشعب كأنهم أطفال

كلما أراد الإعلام التحكم بالشعوب، كلما تعاملوا مع هذه الشعوب على أنهم أطفال.

 

يستخدمون حججاً ووعودًا بأغلفة مُغرية كأن الناس عاجزين أو غير ناضجين كفاية للتعامل مع الحقيقة، ويكون الهدف من هذه الاستراتيجية هي جعل الشعب مطيعاً ومذلَّلا وخاضعا لهم، ومنعه من التفكير النقدي كما يفعل أي شخص بالغ.

 

6. اللجوء إلى العواطف أكثر من العقل

تكون النداءَات العاطفية أقوى بكثير من النداءَات العقيمة والموضوعية. يعلم الإعلام هذا الأمر، ولهذا يستخدمون هذه الاستراتيجية للتحكم بعواطف الشعب.

 

وإضافة إلى ذلك، فإن اللجوء إلى العواطف يفتح بابا للاوعي ويجعل من الأمر سهلاً لزرع الأفكار، الرغبات، المخاوف والشكوك، الإكراهات، والحث على ممارسة سلوكيات معينة … الخ.

 

وكما في الاستراتيجيات السابقة، يهدف الإعلام في هذه الاستراتيجية إلى إبقاء الناس بعيدين عن التفكير النقدي، والسيطرة على تفكيرهم.

 

7. إبقاء الشعب جاهلاً

يُفضِّل الإعلام شعبا جاهلا وغير مثقف، فإبقاءهم جاهلين يعطي للإعلام قوة للسيطرة عليهم والتحكم بهم، وهي أيضا استراتيجية تنفع في عدم خلق المناضلين.

 

تقول الاستراتيجية: يجب على جودة التعليم المُقدَّمة للطبقات الاجتماعية الدنيا أن تكون جودة رديئة وضعيفة بقدر المستطاع وذلك من أجل خلق مسافة بعيدة بين الطبقات الدنيا والطبقات العليا فيما يتعلق بالثقافة والتعليم.

 

وقد انتقد نعوم تشومسكي هذا النوع من التعليم في العديد من كتبه حيث قال أن التعليم هو نظام من الجهل الإجباري.

 

8. تشجيع الناس على الرضى عن جهلهم

هذه الاستراتيجية تشبه تقريباً الاستراتيجية السابقة، وتعتبر واحدة من أبرز الاستراتيجيات التي يستخدمها الاعلام في التحكم بالشعوب. هل تعتقد أن المسلسلات المعروضة على شاشات التلفزيون هي ما يريده الشعب حقا ؟ أم أنها مفروضة على الشعب بواسطة الإعلام ؟ بعبارات أخرى، هل حقا نشاهد في التلفاز ما نريد، أم ما يريدوننا أن نشاهد ؟

 

إن النمط الاستهلاكي والأشياء التافهة تنوّمنا، وبالتالي، فنحن لا نهتم بالأمور المحيطة بنا لأننا منوّمون وجهلاء، كما أن هذه الاستراتيجية تجعل من الشعب مؤمنا بأن الجهل والغباء والأمية هي أشياء عادية، بينما هي في نفس الوقت تخنق الثقافة، العلوم والفن.

 

9. ترسيخ لوم النفس في عقول الشعب

في الوقت الذي يقوم فيه الإعلام بتشجيعنا على المساهمة في الجهل والرضى عن هذا الجهل، يقوم في نفس الوقت بجعل الفرد يؤمن أنه المسؤول والمُذنِب الوحيد عن جهله وعن مصائبه، وتشكيك الشعب في ذكائه ومجهوداته.

 

وبالتالي، عوضاً أن يتمرد الأفراد عن النظام الاقتصادي، سيقومون بإلقاء اللوم على أنفسهم والتقليل من قيمتهم، مما يُولّد حالة من الاكتئاب الغرض منها توقيف الاحتجاجات والمطالبات .

 

10. المعرفة عن الشعب أكثر مما يعرفه عن نفسه .

 

أي من أجل أن تسيطر على الشعب، عليك أن تعلم المزيد عنهم.

 

خلال الخمسين سنة الماضية، أدّى التطور السريع للعلوم إلى تقليص المسافة بين الطبقات الدنيا والطبقات العليا من ناحية الثقافة، فمع تطور البيولوجيا، علم الأعصاب وعلم النفس، والتطور التكنولوجي أصبح “النظام” قادرا على فهمٍ جيد للبشر وسلوكياتهم، ويُمكّنهم ذلك على معرفة أشياء لا يمكن للفرد أن يعرفها عن نفسه، وهذا يعني أن في معظم الحالات، لدى النظام قدرة كبيرة للتحكم في الأفراد أكثر من تحكم الأفراد بأنفسهم .

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

المقاطعة الاقتصادية.. سلاح الشعوب في وجه الطغيان

ماجد حميد الكحلاني

من اليمن إلى غزة… موقف الكرامة لا يُساوَم عليه ففي زمن تتكالب فيه قوى الاستكبار على الشعوب الحرة، لا يمكننا أن نقف صامتين أمام مشهد العدوان المتكرر على اليمن، الذي لم يرتكب ذنباً سوى أنه أعلن وقوفه مع غزة ومع قضايا أمته بوضوح لا لبس فيه. لقد واجهت بلادنا، في الأيام القليلة الماضية، عدواناً أمريكياً غادراً، راح ضحيته أبرياء من الأطفال والنساء، والسبب أن اليمن لم يخضع، ولم يسكت، بل صرخ في وجه الظلم: “أنا مع فلسطين”.

لكن الموقف الرسمي هذه المرة لم يكن صمتاً ولا إدانةً عابرة، بل كان قراراً جريئاً وموقفاً عملياً. ففي زيارة استثنائية لوزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار، أعلن فخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى-يحفظه الله- عن منع دخول المنتجات الأمريكية والإسرائيلية إلى اليمن، ومنح مهلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لتطبيق القرار بشكل كامل.. مؤكداً أن المقاطعة ليست خياراً عاطفياً، بل واجب شرعي، يستند إلى نصوص صريحة من القرآن الكريم.

لقد استشهد فخامة الرئيس بالآية الكريمة: “لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا”، وهي دعوة قرآنية لمقاطعة كلمة واحدة كان يستخدمها اليهود لما تحمله من نية سخرية وخبث. فإن كان الإسلام قد أمر بمقاطعة كلمة لما فيها من إهانة، فكيف لا يُلزمنا بمقاطعة منتجات تُستخدم في تمويل الحروب، وشراء الصواريخ، وصناعة الأسلحة التي تزهق أرواح المسلمين في اليمن وفلسطين على حدّ سواء؟

المعركة اليوم لم تعد محصورة في ميادين القتال، بل امتدت إلى ساحة الاقتصاد. ففي كل مرة نشتري فيها منتجاً أمريكياً أو صهيونياً، فإننا نساهم دون أن نشعر في تقوية آلة القتل التي تستهدف شعوبنا. في المقابل، فإن قرار المقاطعة ليس فقط امتناعاً عن الشراء، بل هو موقف أخلاقي، وثورة هادئة، وسلاح بأيدي الشعوب حين تُمنع عنها البنادق.

إن ما يميز هذا القرار اليمني أنه لم يصدر استجابة للغضب الشعبي فقط، بل جاء منسجماً مع هوية الشعب ومبادئه الدينية والإنسانية. هو تأكيد أن الكرامة الوطنية لا يمكن أن تباع أو تُساوَم مقابل رفاهية مزيفة توفرها بضائع العدو. وهو أيضاً تذكير لكل من يتهاون في أمر المقاطعة أن الموقف لم يعد يحتمل التردد، وأن القادم سيكون أشد على من لا يلتزم بهذا الواجب.

إن منح مهلة لثلاثة أشهر هو اختبار للوعي العام، ولضمير كل تاجر ومواطن. فمن يصرّ على الاستيراد أو البيع أو الشراء بعد ذلك، فإنه يصطف بشكل واضح في الصف المقابل للأمة، صف المجرمين والغزاة. وهذا ما أشار إليه فخامة الرئيس بوضوح حين قال: “من لا يقاطع، فليقاطَع من الناس، وقد تُتخذ بحقه إجراءات صارمة.”

اليوم، تُكتب صفحة جديدة من صفحات العزة في تاريخ اليمن. هذه المقاطعة ليست مجرد رد فعل عاطفي، بل معركة وعي وشرف، وأداة مقاومة حضارية. إنها الرسالة التي تقول للعدو: لسنا بحاجة إلى منتجاتكم… كرامتنا أغلى.

ليعلم الجميع ان المقاطعة ليست شعاراً، ولا صيحة لحظية. إنها اختبار حقيقي للإيمان والولاء، امتحانٌ لمدى ارتباطنا بديننا، بقرآننا، بقضايانا. فإما أن نقف في صف الشهداء، أو نكون ممن يموّل قتلتهم.

“إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم” [الممتحنة: 9]

وها هم قد قاتلونا، وأخرجوا أهلنا من فلسطين، وتآمروا على اليمن.
فهل نبقى متفرجين؟ أم نردّ بالوعي… وبالمقاطعة؟

مقالات مشابهة

  • ???? الحقيقة التي يعلمها هذا التائه أن معركة الكيزان ليست مع أشباه الرجال !!
  • مدير الإعلام الحكومي في غزة: يبقى اليمن أول من يرفع صوته نصرة لفلسطين وأهلها
  • «اللواء محمد الغباري»: الاستراتيجية المصرية بعد 30 يونيو غيّرت مفهوم سيناء بشكل جذري
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
  • عطوان: اليمن يقود صحوة الأمة.. ويصنع مجدًا لا تقدر عليه عواصم العرب مجتمعة
  • وديع منصور: كيف يمكننا الوثوق بمن يدّعون الدفاع عن الشعب بينما يزدادون ثراءً؟
  • المقاطعة الاقتصادية.. سلاح الشعوب في وجه الطغيان
  • الإعلام العبري: مصر تسعى لتحديث قدراتها الجوية بشكل متسارع لتطوير اذرعها الضاربة والرد على التفوق الجوي الإسرائيلي
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)