المشاط: "ملكية الدولة" حجر الزاوية في علاقاتنا مع المؤسسات الدولية وشركاء التنمية
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
ناقشت الجلسة النقاشية الأولى لـ" متقى بنك التنمية الجديد NDB في مصر: استكشاف آفاقٍ جديدة" التي عقدت تحت عنوان خطة مصر متعددة الأبعاد نحو النمو والاستثمار ، خطط التنمية في مصر، والجهود التي تقوم بها الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، والإمكانات التنموية التي تتميز بها.
شارك فيها الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي والدكتور/ محمد معيط وزير المالية، وأنيل كيشورا، نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد، والدكتور حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، وباكينام كفافي ، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، وأدارها عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك قناة السويس،
وفي كلمتها قالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إن العمل بين مصر وشركائها يعتمد على حجر زاوية هو ملكية الدولة وعندما نتحدث عن ذلك فإن أي مشروع يركز على التعاون بين شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين والتعاون بين الجهات المختلفة .
وأضافت أن التحدي الحالي الذي يؤكد عليه الجميع هو عدم كفاية التمويلات الحالية، ولضمان كفاءة التمويلات يجب خلق منصة تجمع بين كافة الشركاء المعنيين لاسيما المؤسسات المختلفة بين الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف، مشيرة إلى أنه لتحقيق أفضل النتائج المأمولة من التعاون مع المؤسسات المختلفة لابد من تحقيق أفضل معايير الشفافية سواء حول المشروعات أو نتائجها والمشاركين فيها وغير ذلك.
وأكدت على أن فهم المبادرات الحالية التي يطلقها بنك التنمية الجديد وتحويلها إلى استراتيجية يضمن الحصول على التمويل والدعم الفني والضمانات وغيرها، موضحة أن وزارة التعاون الدولي، تنشر سنويًا تقريرًا مفصلاً حول ما تم تنفيذه سنويا وكيفية تماشيها مع أهداف التنمية المستدامة ومع خطط الدولة واستراتيجية مصر 2030، مؤكدة على أن حجم التمويلات التنموية التي حصلت عليها مصر خلال السنوات الأربع الماضية تخطى الـ٣٨ مليار دولار منها 10 مليار دولار تقريبا موجهة للقطاع الخاص.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي على أن تعاون مصر مع العالم، وشركاء التنمية المختلفين قويًا جدًا، لاسيما في مشروعات الطاقة المتجددة والمياه والبنية التحتية وبناء القدرات، منوهة على أنه من الضروري وضع أجندة لرأب الفجوة التمويلة تتماشى مع توجهات مؤسسات التمويل الدولية ومع أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، أن مصر لديها أجندة بأهم المشروعات الاستراتيجية التي تحتاج أدوات تمويل مبتكرة، فيما البنك لديه استراتيجية وأجندة خاصة به وللوصول إلى أرضية مشتركة تجري مصر عبر الملتقى مفاوضات لوضع الأولويات والوصول لرؤى مشتركة.
وتطرقت وزيرة التعاون الدولي إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي تطلق منصات متكاملة بمشروعات الطاقة والمناخ والمياه «نُوَفّي»، والتي تعد منصة متكاملة لعرض المشروعات في المجالات المختلفة وتحقق الترابط بين الحكومة ومؤسسات التمويل وشركاء التنمية والقطاع الخاص في الوقت نفسه، مشددة على أن تلك المنصة تعد نموذجًا يمكن تطبيقه في العديد من الدول الأخرى.
من جانبه قال الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة تنظر إلى التمويل المستدام من منظور أشمل كأحد العناصر الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أن توفير بيئة مواتية محلية وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات التنموية الدولية، محاور أساسية لتسهيل الوصول والحصول على التمويل الميسر الذي يخدم أهداف التنمية المستدامة من أجل حياة أفضل ترضي وتناسب الجميع.
تابع أنه وفي هذا السياق تتحرك الهيئة العامة للرقابة المالية في 3 مسارات عمل متكاملة لدعم جهود توفير التمويل المستدام المراعي للأبعاد البيئية، وتغير المناخ، وهى تطوير أول سوق أفريقي طوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية -تطوير عملية إتاحة وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة للجهات الرقابية والتنظيمية تساعد المؤسسات المختلفة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة -والمسار الثالث هو تطوير وإتاحة حلول تمويلية مبتكرة تراعي الاعتبارات البيئية كالتعديلات التي تمت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال بتوفير أنواع متنوعة من السندات لتمويل المشروعات المختلفة).
حيث أردف الدكتور فريد قائلاً بشكل مفصل، إن الإطار التنفيذي والتنظيمي لسوق تداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية اكتمل وندعو القطاع الخاص للانخراط بشكل أكثر لاستكشاف فرص الاستفادة من السوق الجديد للتوافق مع المعايير والاشتراطات العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية، مؤكداً أن السوق الجديد يعد بمثابة محفز للشركات لأنه يوفر آلية لتعويض جزء من تكلفة مشروع خفض الانبعاثات الكربونية، وهو الأمر الذي يتسق مع رؤية الحكومة بتحقيق التنمية المستدامة والتحول لاقتصاد أقل انبعاثاً للكربون.
وفيما يتعلق بالمسار الثاني أكد أن تجميع وبناء قاعدة بيانات وتحليلها يعد مسألة جوهرية في العمل نحو صياغة سياسات وحلول واتخاذ قرارات لتعزيز انخراط الشركات في الأنشطة المراعية للاعتبارات البيئية وأهداف التنمية المستدامة وعلى وجه التحديد الإفصاحات المختلفة بشأن هذه الجهود ونتائجها لقياسها وتقييمها وإدارتها على نحو أكثر كفاءة.
وفيما يتعلق بالمسار الثالث أكد الدكتور فريد، أن تطوير وإتاحة حلول تمويلية مبتكرة يحفز الشركات والمؤسسات المختلفة على الانخراط بشكل أكبر في مشروعات تراعي كافة الأبعاد البيئية والاجتماعية، مشيراً في هذا الصدد إلى التعديلات التي طرأت على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال واستحداث سندات زرقاء وخضراء وأنواع أخرى كأدوات تمويل تستخدمها الشركات لتمويل توسعاتها وفق أهداف تراعي الاعتبارات البيئية والاجتماعية وأهداف التنمية المستدامة.
وأكد عاكف المغربي، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك قناة السويس، أن مصر قامت بالعديد من الاصلاحات والاجراءات التي حققت لها الاستقرار الاقتصادي، وساهمت في تهيئة مناخ استثماري جاذب، مع تنفيذ مشروعات بنية تحتية قوية عززت هذا الاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى ان مصر قامت بالتركيز على نمو القطاع الخاص بالتوازي مع تنفيذ مشروعاتها وخططها الاستثمارية.
وأضاف أنه كان هناك الكثير من الاستثمارات التي قامت الجولة بضخها في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والتي نفذتها الدولة بنفسها أو بالتعاون مع القطاع الخاص، وهو ما أدى لزيادة معدلات نمو الاقتصاد المصري، وساهم في نمو بعض القطاعات وعلى رأسها قطاع التشييد والبناء.
من جانبه أكد حسام هيبة، رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، أن الدولة تعكف منذ فترة طويلة على اصلاح النظام الاقتصادي والاستثماري، بحيث يتم اتاحة وتهيئة المناخ الاستثماري لجذب مزيد من الاستثمارات للاقتصاد المصري، حيث أن الجهود التي قامت بها الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ركزت على تقليل الفترة المطلوبة لدخول المستثمر للسوق المصري، وذلك من خلال تقليل الاجراءات والاعتماد على التكنولوجيا والرقمنة وتقديم محفزات جاذبة للمستثمرين.
ولفت إلى ان التسهيل على المستثمر الأجنبي يتم بالتوازي مع تهيئة المناخ وتحفيز المستثمر المحلي، فبدون المستثمر المحلي لن يكون هناك مستثمر أجنبي، وهناك قطاعات محددة تستهدف الدولة تنميتها بهدف دعم معدلات النمو المحلي، ومنها الصناعة والطاقة الخضراء والتكنولوجيا والاتصالات والزراعة والوجيستيات والرعاية الصحية، وهي القطاعات 4الرئيسية التي يتم التركيز على دعمها حاليا.
وأكد ان هناك استراتيجية عمل تستهدف جذب شركات أجنبية للتواجد في مصر، والتعاون مع شركاء التنمية في الشمال والجنوب، فالدولة تعمل على كافة المستويات والأصعدة وفي كافة المجالات بالتعاون مع مجتمع الأعمال، وهو ما يقوم به القطاع العام والخاص والغرف التجارية المشتركة بين مصر والدول الأخرى.
من ناحيته قال أنيل كيشورا، نائب الرئيس والمدير التنفيذي لبنك التنمية الجديد، إن البنك ملتزم بالدعم المقدم لأعضائه للوصول لأفضل مستوى، ومنها مصر التي انضمت مؤخرًا للبنك، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك عدد من المقومات تضعها في مصاف الدول المرشحة لتحقيق أفضل معدلات نمو.
وأكد كيشورا على أن مصر لديها موقع استراتيجي، يسمح لها بأن تكون في محور نقل الكهرباء والطاقة والبيانات بين كافة أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن مصر تتمتع بجو مشمس طوال العام وبمناخ معتدل وبمناخ مميز جدًا يسمح لها أن تكون وجهة سياحية جاذبة لانواع مختلفة من السياحة.
وتطرق إلى قدرة مصر الهائلة على تنظيم المؤتمرات حيث أظهرت احترافية هائلة في تنظيم مؤتمر المناخ COP27، بالإضافة إلى تنظيم الملتقى الحالي، مشيدًا بحسن الضيافة الذي تتمتع به مصر على كافة المستويات منوهًا إلى أن تلك المقومات تتيح فرص كبيرة للاستثمار وخلق الوظائف.
من جانبها قالت باكينام كفافي، الرئيس التنفيذي لشركة طاقة عربية، إن شركة «طاقة عربية» لديها عدد كبير من المبادرات في مجال لطاقة المتجددة، وتستحوذ على نسبة 70-80% من منتجات الطاقة المتجددة في السوق المصرية، مؤكدة على أن تطبيق معايير الاستدامة لم يعد رفاهية بل أصبحت تلك المعايير هي حجر الأساس لأي شركة في القطاع الخاص.
وأكدن باكينام كفافي على ضرورة التعاون بين القطاعين العام والخاص في المشروعات المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة على اختلاف أحجام تلك المشروعات، منوهة إلى أن خارطة الطريق الان اصبحت واضحة وعلى صناع القرار في القطاع الخاص أن يسروا الوتيرة في السياسات والإجراءات للتماشي مع تلك التوجهات، مع التأكيد على إزالة العقبات أمام القطاع الخاص للمشاركة في هذا التحول الكبير نحو أهداف التنمية المستدامة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر التنمية في مصر أهداف التنمیة المستدامة الانبعاثات الکربونیة وزیرة التعاون الدولی رئیس الهیئة العامة المؤسسات المختلفة الرئیس التنفیذی التنمیة الجدید القطاع الخاص التعاون مع أن مصر إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء» يستعرض مؤشرات المؤسسات الدولية حول أداء الاقتصاد العالمي
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرا جديدا حول «أداء الاقتصاد العالمي خلال عام 2024 وتوقعات عام 2025»، من خلال تسليط الضوء على بعض الموضوعات المختارة كمجال السياسة النقدية والتضخم والتجارة والسياحة وسوق العمل العالمية، حيث أشار المركز إلى أن عام 2024 قد شهد تباطؤًا في النمو الاقتصادي العالمي مقارنة بعام 2023، ويأتي ذلك مدفوعًا بالعديد من التحديات الاقتصادية والجيوسياسية والمناخية العالمية، حيث استمرت أسعار الفائدة مرتفعة في ظل مساعي البنوك المركزية حول العالم لكبح التضخم، كما أثرت التوترات الجيوسياسية -لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا- سلبًا على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. وقد جاء الأداء الاقتصادي في عام 2024 متباينًا بين المناطق المختلفة حول العالم، وبين الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة والدول النامية، حيث حققت بعض الاقتصادات نموًّا أفضل من غيرها، وتشير التوقعات لعام 2025 إلى أن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشرق أوروبا سوف تستمر خلال العام المقبل، مما يشير إلى استمرار التحديات الاقتصادية العالمية.
أشار التقرير، إلى أن الاقتصاد العالمي حافظ على صموده ومرونته نوعاً ما في عام 2024، متجنبًا الدخول في حالة ركود، رغم التشديد الحاد والمتزامن للسياسات النقدية العالمية، مع استمرار النمو ولكن دون التوقعات، فوفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2024، سيتباطأ النمو من 3.3% عام 2023 إلى 3.2% في عامي 2024 و2025.
ومن جهة أخرى، توقع تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية»، الصادر عن البنك الدولي في يونيو 2024، أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفاً ثابتًا عند 2.6% في عام 2024 قبل أن يرتفع إلى 2.7% في عامي 2025 و2026، وهو أقل من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق للجائحة. كما توقعت وكالة ستاندرد آند بورز تباطؤ في النمو العالمي من 3.5% في عام 2023 إلى 3.3% في عام 2024، ثم إلى 3% في عام 2025.
أشار التقرير، إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي للاقتصادات المتقدمة تظهر نمواً طفيفاً من 1.7% في عام 2023 إلى 1.8% في عام 2024 مع بقاء النسبة نفسها في عام 2025 حتى عام 2029، ومن المتوقع تباطؤ النمو في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقدر الصندوق أن يصل إلى 2.8% عام 2024 من 2.9% عام 2023، وأن يتباطأ إلى 2.2% في عام 2025، وفي منطقة اليورو من المتوقع أن ينمو الاقتصاد من 0.4% عام 2023 إلى 0.8% عام 2024 و1.2% في عام 2025، وفي المملكة المتحدة من المقدر أن يصل النمو إلى 1.1% عام 2024 من 0.3% عام 2023.
أما بالنسبة لليابان، فمن المقدر أن يتباطأ النمو في عام 2024، ليصل إلى 0.3% من 1.7% عام 2023، وبالنسبة لكندا فمن المقدر أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي من 1.2% عام 2023 إلى 1.3% عام 2024، وأن يصل إلى 2.4% عام 2025.
أوضح التقرير أنه وفقًا لوكالة ستاندرد آند بورز (S&P)، سوف ينتعش اقتصاد اليابان في عام 2025 ليحقق نمو نحو 1%، في حين سيبلغ معدل نمو اقتصاد المملكة المتحدة 1.5%. وفي الأسواق الناشئة الرئيسة، تُعَد الهند محركًا رئيسًا للنمو العالمي، حيث من المتوقع أن يبلغ نموها 7% أو أقل على مدى السنوات المقبلة. كما يتوقع أن ينمو اقتصاد البرازيل والمكسيك نحو 2% في عام 2025، وجنوب إفريقيا بنحو 1.5%.
ومن جهة آخري، يقدر صندوق النقد الدولي أن تسجل اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية انخفاضًا محدودًا في النمو من 4.4% في عام 2023 إلى 4.2% في عامي 2024 و2025. كما أشار الصندوق إلى أن معدل النمو الاقتصادي في الصين انخفض من 5.2% عام 2023 إلى 4.8% في عام 2024، ومن المتوقع أن يبلغ هذا المعدل نحو 4.5% في عام 2025. أما في روسيا، فقد ظلَّ معدل النمو الاقتصادي ثابتًا عند 3.6% في عامي 2023 و2024. فيما ارتفع معدل النمو الاقتصادي في البرازيل من 2.9% عام 2023 إلى 3.0% عام 2024.
أكد التقرير أنه رغم توقع انتعاش الاستثمار وتحسن الإنتاجية ستظل توقعات النمو على المدى المتوسط للاقتصادات المتقدمة دون تغيير. أما الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، فتظل آفاق نموها ضعيفة مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل 2024، وأدنى من المستويات المتوقعة قبل الجائحة. وذلك بسبب تأثير الصدمات التي شهدتها السنوات الأخيرة.
أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم العالمي من 6.7% في عام 2023 إلى 5.8% عام 2024 و4.3% في عام 2025 على أساس سنوي. ويعكس هذا الانخفاض في التضخم العالمي تراجعاً واسع النطاق في عامي 2024 و2025، على عكس الوضع في عام 2023، حيث انخفض التضخم العام بشكل أساسي بسبب انخفاض أسعار الوقود.كما أنه من المتوقع أن ينخفض التضخم الأساسي بمقدار 1.3 نقطة مئوية في عام 2024، يليه انخفاض بنسبة 0.1 نقطة مئوية في عام 2025.
أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يستغرق تحقيق معدلات التضخم المستهدفة في معظم الاقتصادات حتى عام 2025. وعلى الرغم من أن وتيرة انخفاض التضخم كانت أسرع من المتوقع في أكتوبر 2023، فإن التباين بين أداء الاقتصادات المختلفة يُتوقع أن يصبح أكثر وضوحًا خلال الفترة المقبلة. أما عن الاقتصادات المتقدمة فتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم في عام 2023 بلغ 3.1%، في حين تشير التوقعات إلى تراجع معدلات التضخم في عامي 2024 و2025، إذ إنه من المتوقع أن يبلغ التضخم 2.2% في عام 2024، وإلى 2% في عام 2025. كما تشير التقديرات إلى انخفاض معدل التضخم في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية من 8.1% عام 2023 إلى 7.9% في عام 2024 مع وصوله إلى 5.9% في عام 2025.
أوضح التقرير أن السياسات النقدية لدى البنوك المركزية شهدت تحولات كبيرة خلال العامين الماضيين والعام الجاري، نتيجة لارتفاع التضخم والتباطؤ الاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية، فخلال عامي 2022 و2023 اتجهت البنوك المركزية إلى تشديد سياساتها النقدية، ومع تراجع التضخم في عام 2024 بدأت بعض البنوك المركزية في تنبي سياسات نقدية أكثر مرونة، وفيما يلي عرض لأبرز مسارات وتوقعات السياسة النقدية لدى البنوك المركزية الكبرى في العالم:
-الولايات المتحدة الأمريكية: بعد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في 11 اجتماعًا متتاليًا في عامي 2022 و2023، ثم أبقاها بين 5.25% و5.5% لأكثر من عام، وفي اجتماع 18 سبتمبر 2024 خفض الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أربع سنوات بمقدار 50 نقطة مئوية، لتتراوح بين 4.75% و5.0%. وفي اجتماع نوفمبر 2024، خفضها للمرة الثانية على التوالي خلال 2024 بمقدار 25 نقطة لتتراوح بين 4.50 بالمئة و4.75 بالمئة. ثم خفضها للمرة الثالثة على التوالي في ديسمبر 2024، وذلك بواقع 25 نقطة أساس بحيث باتت تتراوح بين 4.25 و4.50%
-منطقة اليورو (البنك المركزي الأوروبي): في اجتماعه الذي انعقد في 12 ديسمبر 2024، خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بمقدار 25 نقطة أساس، مع خفض سعر الفائدة على الودائع من 3.25% إلى 3.00%. وكان هذا الخفض الرابع منذ انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة في سبتمبر 2023 (حيث كان الخفض الأول في يونيو 2024). ومنذ مارس 2023، بدأ البنك تفكيك أحد برامجه الرئيسة للتيسير الكمي، مع تخفيضات في الحجم الإجمالي لبرنامج التيسير الكمي المرتبط بالجائحة أيضًا في النصف الثاني من عام 2024، وكان البنك قد أطلق استجابته للجائحة في 12 مارس 2020 ووسعها بشكل كبير في 18 مارس و4 يونيو من العام نفسه. بالإضافة إلى تقديم قروض رخيصة للبنوك لتشجيعها على إقراض الشركات.
وفيما يتعلق بالتجارة الخارجية، أشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أصدرت يوم 5 ديسمبر 2024 تقريرًا بعنوان "تحديث التجارة العالمية: ديسمبر 2024"، توقعت فيه أن يصل حجم التجارة العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند نحو 33 تريليون دولار في عام 2024، بزيادة قدرها تريليون دولار عن العام السابق.
اتصالًا، يأتي هذا النمو السنوي في التجارة العالمية والبالغ 3.3% مدفوعًا إلى حد كبير بارتفاع بنسبة 7% في تجارة الخدمات، حيث نمت تجارة السلع بمعدل أبطأ بلغ 2% هذا العام، لكنه أقل من ذروتها في عام 2022. وشهد كلا القطاعين (تجارة السلع - تجارة الخدمات) ارتفاعًا في قيم التداول في الربع الثالث، ومن المتوقع أن يستمر الزخم في الربع الأخير من عام 2024.
وفي الربع الثالث من عام 2024، قادت الاقتصادات المتقدمة نمو التجارة العالمية، حيث نمت وارداتها بنسبة 3%، وصادرتها بنسبة 2%. وسجلت اليابان أقوى نمو ربع سنوي في صادرات السلع (5%) وأعلى ارتفاع سنوي في صادرات الخدمات (13%). كما ارتفعت واردات السلع الأمريكية بنسبة 4%، مع زيادة الصادرات بنسبة 2% على أساس سنوي و1% في الربع الثالث.
وعلى النقيض، عانت البلدان النامية خلال الفترة نفسها، حيث انخفضت الواردات بنسبة 1%، خلال الربع الثالث من عام 2024، في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 1% فقط. وتراجعت التجارة بين البلدان النامية بنسبة 1%. ومع ذلك، ظلت تجارة البلدان النامية إيجابية على أساس سنوي، حيث نمت بنحو 3%.
أما بالنسبة لمعدلات السياحة الدولية، فقد أشار تقرير مركز المعلومات لارتفاعها إلى 96% من مستويات ما قبل الجائحة في الأشهر السبعة حتى يوليو 2024، مدفوعة بالطلب القوي في أوروبا وإعادة فتح الأسواق في آسيا والمحيط الهادئ. فوفقًا للبيان الصادر عن منظمة السياحة العالمية، سافر حوالي 790 مليون سائح دولي في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، أي بزيادة قدرها 11% عن الأشهر نفسها من عام 2023، وأقل بنسبة 4% فقط عن تلك الأشهر في عام 2019.
وأوضح التقرير أنه بفضل زيادة الربط الجوي وتسهيل الحصول على التأشيرات ودعم تعافي السفر الدولي، أظهرت البيانات أن جميع مناطق العالم سجلت عامًا قويًّا حتى الآن. حيث كانت منطقة الشرق الأوسط الأقوى نموًّا نسبيًّا، حيث ارتفع عدد الوافدين الدوليين بنسبة 26% فوق مستويات عام 2019 في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. كما استقبلت إفريقيا 7% زيادة في عدد السياح في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024 مقارنة بالأشهر نفسها من عام 2019. واستعادت أوروبا والأميركتان 99% و97% على التوالي من الوافدين إليهما قبل الجائحة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. أما منطقة آسيا والمحيط الهادئ فقد سجلت نموًّا بنحو 82% من أعداد السياح خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2024 مقارنة بما قبل الجائحة، حيث وصل إلى 85% في يونيو 2024، و86% في يوليو 2024. وفيما يتعلق بإيرادات السياحة الدولية، فقد استعادت 47 دولة من أصل 63 دولة تتوفر لها بيانات، قيمتها قبل الجائحة في الأشهر الستة الأولى من عام 2024.
أشار التقرير إلى أن البيانات المُعدَّلة لعام 2023 تُظهِر أن عائدات السياحة الدولية بلغت 1.8 تريليون دولار أمريكي، وهو المستوى نفسه تقريبًا قبل الجائحة، كما تعافى الناتج المحلي الإجمالي المباشر للسياحة من مستويات ما قبل الجائحة في عام 2023، ليصل إلى ما يقدر بنحو 3.4 تريليونات دولار أمريكي، أي ما يعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن المتوقع أن يكون الأداء السياحي في العام 2024 إيجابيًّا رغم التحديات، حيث يُظهر مؤشر ثقة السياحة التابع للأمم المتحدة توقعات إيجابية للأشهر الأخيرة (سبتمبر: ديسمبر) من عام 2024، عند 120 نقطة، وإن كان أقل من توقعات شهري مايو وأغسطس، والتي بلغت 130 نقطة (على مقياس من 0 إلى 200، حيث تعكس 100 أداءً متوقعًا). ووفقًا لتوقعات المكتب الوطني للسفر والسياحة التابع لإدارة التجارة الدولية من المتوقع أن يستمر إجمالي عدد الوافدين الدوليين في الزيادة بشكل كبير على مدى العامين المقبلين. وسيرتفع إجمالي عدد الوافدين الدوليين بنسبة 16.8% إلى 77.7 مليون وافد في عام 2024، ويرتفع أيضًا بنسبة 9.7% إلى 85.2 مليونًا في عام 2025، علاوة على ذلك، فقد يرتفع بنسبة 7.0% إلى 91.1 مليونًا في عام 2026.
أشار تقرير "التوظيف والتوقعات الاجتماعية في العالم: تحديث سبتمبر 2024" الصادر عن منظمة العمل الدولية (ILO)، إلى تصاعد الضغوط على عدم المساواة في التوظيف مع تراجع حصة دخل العمالة وبقاء نسبة كبيرة من الشباب خارج العمل أو التعليم أو التدريب. فقد انخفضت حصة دخل العمل العالمية بنسبة 0.6 نقطة مئوية من عام 2019 إلى عام 2022 وظلت ثابتة منذ ذلك الحين، مما زاد من تفاقم الاتجاه الهبوطي. ولو ظلت الحصة عند المستوى نفسه كما كانت في عام 2004، لكان دخل العمل أكبر بمقدار 2.4 تريليون دولار أمريكي في عام 2024.
كما أشار التقرير إلى دور التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الأتمتة، في تعزيز الإنتاجيةَ، إلا أن العمال لا يحصلون على نصيب عادل من المكاسب الناتجة. وفي حالة غياب سياسات شاملة لضمان تقاسم فوائد التقدم التكنولوجي على نطاق واسع، فإن التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى تعميق التفاوت، مما يعرض تحقيق أهداف التنمية المستدامة للخطر.
أشار التقرير في ختامه إلى أنه في ضوء المعطيات سالفة الذكر، فإن آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2025 تتسم بوجود مجموعة من التحديات والفرص، ومن تلك التحديات استمرار معدلات التضخم المرتفعة وإن كان بمعدلات أقل من السنوات السابقة، وذلك بسبب مجموعة عوامل، منها: اضطراب سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الطاقة، مما سيجعل البنوك المركزية حذرة تجاه تخفيف سياساتها النقدية، كما ستستمر التوترات الجيوسياسية في التأثير السلبي على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الصراعات الدائرة وتزايد حدة التنافس بين القوى الكبرى واحتمالات نشوب حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها التجاريين الرئيسين، وخاصة الصين.
وبالرغم من تلك التحديات، فإن هناك نقاطًا مضيئة، حيث سيشهد العالم تسارعًا في التحول الرقمي، مما يفتح آفاقًا جديدة للنمو والابتكار، بالإضافة إلى ذلك ستزداد أهمية الاستدامة البيئية، في ظل مساعي الحكومات والشركات إلى تبني ممارسات صديقة للبيئة، كما ستشهد بعض القطاعات نموًّا ملحوظًا كقطاع السياحة في ظل التنامي الكبير في أعداد السياح عالميًّا، وقطاع التكنولوجيا الذي يأتي نموه مدفوعًا بالتطور المستمر في الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وكذلك قطاع الطاقة المتجددة في ظل تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة المتجددة، كما ستشهد الرعاية الصحية نموًّا مستمرًا، أيضًا ستواصل التجارة الإلكترونية توسعها مدفوعة بتغيير سلوك المستهلكين.
اقرأ أيضاًالقيادة المركزية الأمريكية: نفذنا ضربة دقيقة ضد منشأة لتخزين الصواريخ للحوثيين
أستاذ استثمار: توطين الصناعة إحدى الاستراتيجيات الأساسية التي انتهجتها الدولة لتغير واقع الاقتصاد