هيومن رايتس تدعو واشنطن للتحرك لوقف الفظاعات بدارفور
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
سوق في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور
قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان اليوم الجمعة (الرابع من أغسطس/ آب 2023) إن الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج تستنكر "بأشد العبارات" استمرار أعمال العنف في إقليم دارفور بغرب السودان.
مختارات العفو الدولية: السودانيون يعيشون رعبًا رهيبًا مع "تفشي جرائم الحرب" السودان ـ طرد سكان من بيوتهم بالخرطوم وتمديد إغلاق المجال الجوي السودان.. الحرب تدخل يومها المئة ولا سلام يلوح في الأفق دارفور ـ تقارير عن هجمات وعنف عرقي يذكر بفظائع "الجنجويد"
يتواصل القتال في العاصمة السودانية وأنحاء أخرى من البلاد بما في ذلك إقليم دارفور، حيث تحدثت جهات تراقب الصراع في السودان عن تزايد الهجمات والعنف بدافع عرقي بشكل يتطابق مع أحداث العنف العرقي التي وقعت في 2003-2004.
وقال البيان "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن حشد عسكري قرب الفاشر بشمال دارفور ونيالا بجنوب دارفور حيث سيُعرّض استمرار العنف المزيد من المدنيين للخطر".
من جهتها دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الجمعة الولايات المتحدة التي تتولي رئاسة مجلس الأمن إلى حث الأمم المتحدة على عدم الوقوف موقف المتفرج. وقالت المديرة التنفيذية لهيومن رايتس ووتش تيرانا حسن إن "العالم لا يمكن أن يتفرج على مدن غرب دارفور وهي تُسوى بالأرض واحدة تلو الأخرى ويُجبر آلاف المدنيين على الفرار للنجاة بأرواحهم".
وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية أن هذه الفظاعات يمكن أن ترقى إلى "جرائم حرب"، فيما فتحت تحقيقاً بشأن ما يجري في دارفور بعد عشرين عاماً من حرب دامية شهدها الإقليم. ودعا المدعي العام للمحكمة كريم خان إلى عدم ترك "التاريخ يكرر نفسه".
وكانت منظّمة العفو الدوليّة قد صرحت إنّ المدنيّين يعيشون "رعباً لا يُمكن تصوّره" في السودان، حيث تدور مواجهات بين الجيش وقوّات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل. وتحدّثت المنظّمة في تقرير بعنوان "الموت طرَق بابنا" عن "تفشّي جرائم الحرب، مع مقتل مدنيّين في هجمات متعمّدة وعشوائيّة". حيث ركز التقرير على وقائع من الخرطوم وإقليم دارفور غرباً.
وبالمثل، قال الباحث الكس دو وال إن "العنف المماثل لذلك الذي شهده الإقليم قبل 20 عاماً يوضح إلى أي حد كان انسحاب القوة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة من دارفور قراراً غير مسؤول".
الحرب تمنع المحلب السوري من الوصول إلى السودانوتقول هيومن رايتس ووتش إنه "في ظل الرئاسة الأميركية لمجلس الأمن الشهر الحالي، يتعين عليه اتحاذ اجراءات جادة ... خصوصاً العقوبات المحددة الهدف ضد المسؤولين". وفق هيومن رايتس ووتش "دمرت بشكل كامل أو شبه كامل سبع بلدات في ولاية غرب دارفور"، آخرها بلدة سيربا حيث أحصت نقابة المحامين 200 قتيل خلاب بضعة أيام في نهاية تموز/يوليو.
في ولايات دارفور الخمس، أحصت جامعة يال الأميركية 27 بلدة تمت تسويتها بالأرض. وروت واحدة من سكان بلدة مورني في ولاية غرب دارفور أنها عندما عادت إلى بلدتها المدمرة وجدتها مقفرة إلا من عناصر الميليشيات العربية المتحالفة مع قوات الدعم السريع. وأضافت "رأيتهم يقتلون سبعة أشخاص". وتابعت "كل مرة أعود فيها، يضربونني ويقولون لي لا تعودي مرة أخرى أبداً".
وفي السياق الإنساني، زاد العدد التقديري للأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد في السودان بوتيرة أسرع من المتوقع إلى 20.3 مليون، أو ما يعادل 42 بالمئة من السكان، حسبما جاء في "التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي"، وهو عبارة عن شراكة بين وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية وجماعات أخرى. وكشف التصنيف أن المناطق الأكثر تضررا تشمل العاصمة الخرطوم، وإقليم دارفور في غرب البلاد، وأجزاء من كردفان.
وأدى الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص داخل السودان وأجبر أكثر من 900 ألف شخص على الفرار إلى الدول المجاورة.
ع.أ.ج/ خ.س (أ ف ب، رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش غرب دارفور
إقرأ أيضاً:
المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
د. الشفيع خضر سعيد
كتبنا من قبل، أنه ولإطفاء نيران الحروب وإخماد بؤر التوتر وبسط السلام في مختلف بقاع العالم، ولأجل حماية حقوق الإنسان وصون كرامته، ولدرء مخاطر الكوارث الطبيعية ونقص الغذاء، ولتمتين التعاون والتنسيق والتكامل بين دول العالم في مجالات التنمية والصحة والتعليم وتطوير العلوم لصالح أمن وسلام وتقدم البشرية، توافقت بلدان العالم على مواثيق دولية وإقليمية يحميها القانون الدولي، وعلى مؤسسات ومنظمات دولية وإقليمية، كمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، يفترض أن تعمل على تحقيق المبادئ المضمنة في تلك المواثيق.
صحيح أن منظمة الأمم المتحدة تحتاج إلى إصلاحات جوهرية في إطار نظام عالمي جديد يحد من هيمنة القطبية ويحقق التكافؤية بين الدول، صغيرها وكبيرها، وعلى ذات المنوال ربما تحتاج المنظمات الإقليمية، وهذه مناقشة هامة ولكنها ليست موضوع هذا المقال. ونكتب اليوم، ما دامت حرب السودان دخلت عامها الثالث، ولاتزال مشتعلة تحرق وتدمر في البلد، وتهدد بنسف الأمن والإستقرار إقليميا ودوليا، خاصة في ظل ما يدور في محيطنا الجيوسياسي، وما دامت النخب السودانية، المدنية والعسكرية، لاتزال في قبضة الخلافات والتشرذم والعجز عن تقديم رؤية موحدة لوقف الحرب والانتقال إلى مربع السلام والتحول الديمقراطي، فإن المجتمع الدولي والإقليمي، محكوما بتلك المواثيق وبالقانون الدولي، كان لابد أن يواصل تدخله ومساهماته لوقف هذه الحرب اللعينة، والتي ابتدرها مباشرة بعد اندلاع الحرب بانتظام منبر جدة للتفاوض بين طرفي القتال في مايو/إيار 2023، وفي نفس الشهر خصص الاتحاد الأفريقي اجتماعا حول السودان خرج بخارطة طريق من ستة عناصر لوقف الحرب. ثم توالت بعد ذلك تحركات المجتمع الدولي، من إجتماعات ولقاءات هنا وهناك، كما حددت معظم الدول الأوروبية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مبعوثين مختصين بالتعامل مع حرب السودان، وعُقد مؤتمر باريس الدولي بعد مرور عام على الحرب، ومؤخرا عُقد مؤتمر لندن الدولي بعد مرور عامين، وكل الخوف أن يعقد مؤتمر دولي آخر في عاصمة أوروبية أخرى، بعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب وهي لاتزال مشتعلة!
ومع تأكيدنا على قناعتنا التامة بأن قضية شعب السودان لا يمكن أن تحل من خارجه أو بالإنابة عنه،
افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين إلا أننا لا يمكن أن نرفض مساهمات المجتمع الدولي والإقليمي، أو نقلل من شأنها، بل نراها حتمية وموضوعية وضرورية. ولكن حتميتها وموضوعيتها وضرورتها هذه لا تستطيع أن تحجب عنا النتائج الضعيفة لهذه المساهمات والتي لم تتخط حاجز عبارات الشجب والإدانة حتى بتنا قاب قوسين أو أدنى من دمغها بإدمان الفشل. انظر إلى اجتماع لندن الدولي الذي عقد في الخامس عشر من هذا الشهر بمشاركة وزراء خارجية وممثلين لكل الدول الكبرى والدول المعنية بحرب السودان بالإضافة إلى الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيقاد، واللجنة الدولية للصليب الأحمر. فالمؤتمر فشل حتى في إصدار بيان ختامي، ولو تكرار لعبارات الشجب والإدانة، وذلك بسبب تضارب الرؤى بين المشاركين حول تفاصيل الأزمة في بلدنا. وأنظر إلى خطاب الاتحاد الأفريقي في المؤتمر والذي تضمن عبارات: لا حسم عسكري وعلى طرفي النزاع التوجه الى المفاوضات، ولن نقف مكتوفي الأيدي، ولا يمكن التسامح مع التداعيات الكارثية للحرب، ولن نسمح بتقسيم السودان، ودعوة كل الأطراف الخارجيه للتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي للسودان، وكلها عبارات تكرر الجهر بها كثيرا منذ أن ضمنت في خارطة الطريق التي تبناها الاتحاد في مايو/إيار 2023. أما وسمنا للمجتمع الدولي والإقليمي بإدمان الفشل في التعاطي مع كارثة الحرب في السودان، فليس تحاملا أو تجنيا عليه في ظل اكتفائه، ولمدة عامين منذ اندلاع الحرب، بالخطب ورسم الخطط على الورق وعدم ترجمة ذلك إلى إجراءات عملية قوية لمنع تدفق الأسلحة والذخائر وأجهزة التجسس المتطورة إلى البلاد، ولحماية المدنيين، ولتكثيف المساعدات الإنسانية درءا للمجاعة والأوبئة.
لا أعتقد أن المجتمع الدولي والإقليمي نضب معين طاقته وتدابيره العملية لوقف الاقتتال في السودان. ولكن هناك كوابح عديدة تمنع تفجير هذه الطاقة وتفعيل هذه التدابير العملية، منها تضارب المصالح الذي يدفع الدول الكبرى، قائدة المجتمع الدولي والإقليمي، لإغماض أعينها عن مصدر تدفق الأسلحة ووقود الحرب إلى السودان، ومنها فقر المنهج الذي ظل يتبعه المجتمع الدولي والإقليمي تجاه قضية الحرب، والذي كان محدودًا وضيقًا ومفرطًا في تجنب المخاطر، وغالبًا ما كان خاضعا لنزوات المتحاربين الذين أيضا لاحظوا فقر المنهج هذا وتحايلوا لاحتوائه، ومنها افتقار تحرك المجتمع الدولي والإقليمي إلى استراتيجية قوية وشاملة، كان في إمكانها أن تعزز كتلة مدنية موحدة وقوية، مما قد يمنع إجراءات أحادية الجانب من قبل المتحاربين تضر بوحدة السودان المستقبلية، وذلك حسب ما نشرناه في مقالنا السابق على لسان أحد الخبراء الدوليين، والذي أشار إلى غياب التنسيق الاستراتيجي بين المنظمة الأممية والمؤسسات الإقليمية، باعتبارها تمثل منصات رئيسية لوساطة شفافة مصممة خصيصًا للسياق السوداني، كما أشار منتقدا غياب المشاركة الفعالة للمدنيين السودانيين في هذه الاستراتيجية، رافضا أن يكون هذا الإشراك عشوائيًا أو غير كامل، بل يجب أن يكون جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المجتمع الدولي والإقليمي الشاملة، وركنا أساسيا في أنشطته الأساسية، بما في ذلك تعيين فريق مخصص للتعامل مع السياسيين وقيادات المجتمع المدني.
أخيرا، وبدل أن تحتوي أجندة حراك المجتمع الدولي على عموميات، أو مناشدات وإدانات مكررة بدون أي ردود فعل إيجابية تجاهها، أو مجرد عناوين لما يجب أن يفعل دون توفير تدابير وآليات للشروع العملي في التنفيذ، أن تركز الأجندة على كيفية التنفيذ العملي لثلاث قضايا أساسية: وقف إطلاق النار بدءا بمنع تدفق الأسلحة، تكثيف وتوصيل المساعدات الإنسانية ومنع استغلالها من أي طرف، وحماية المدنيين.
* القدس العربي