هدد زعماء إيكواس بالتدخل عسكريا ضد قادة الانقلاب في النيجر وإعادة الرئيس محمد بازوم إلى السلطة

ناقش وزراء دفاع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) خلال اجتماعهم في العاصمة النيجيرية أبوجا الخميس (3 أغسطس/ أب) إمكانية التدخل العسكري في النيجر عقب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم وذلك في حالة فشل الجهود الدبلوماسية لإعادته إلى السلطة.

وهددت إيكواس باستخدام القوة إذا لم يعيد قادة الانقلاببازوم إلى السلطة بحلول الأحد المقبل . 

مختارات هل انهارت استراتيجية ماكرون الأفريقية بعد انقلاب النيجر؟ النيجر: هل تتدخل فرنسا عسكريا؟ الانقلابيون يتهمون وباريس تنفي خبير ألماني: خطط أوروبا لاحتواء الهجرة ستنهار بدون النيجر

واليوم الجمعة (الرابع من آب/أغسطس 2023)، قال عبد الفتاح موسى مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إن قادة الدفاع في دول غرب أفريقيا وضعوا خطة لتدخل عسكري محتمل في النيجر للتصدي لانقلاب الأسبوع الماضي وإن الخطة تتضمن كيفية وموعد نشر القوات. وأضاف موسى أن المجموعة لن تكشف لمدبري الانقلاب متى وأين ستكون الضربة، مضيفا أن القرار سيتخذه رؤساء الدول.

فما مدى احتمالية إقدام المجموعة على إرسال قوات إلى النيجر؟

يرى المحلل الجيوسياسي أوفيغوي إيغيغو أن احتمالية التدخل العسكري "مرتفعة للغاية بسبب وجود عوامل كثيرة"، مضيفا أن الولايات المتحدة سوف تدعم أي تدخل، لأن النيجر شريك مهم في منطقة الساحل في الحرب ضد الإرهاب.

وأشار إلى سبب آخر يتمثل في أن حالة عدم الاستقرار في النيجر سوف توفر فرصة لروسيا لتعزيز نفوذها في منطقة الساحل التي شهدت سلسلة انقلابات عسكرية أتت بحكومات ابتعدت عن الغرب وتحالفت مع موسكو.

الجديد بالذكر أن مجموعة إيكواس تواجه إشكالية في احتواء التراجع الديمقراطي في منطقة غرب إفريقيا عقب سلسلة الانقلابات، حيث تعهدت بعدم التسامح مع أي انقلاب جديد عقب بعد الانقلابات العسكريةفي ثلاث دول أعضاء في المجموعة وهي: مالي وبوركينا فاسو وغينيا خلال العامين الماضيين.

بدوره، يعتقد الخبير الأمني فاهرامان كوني، مدير مشروع الساحل في معهد الدراسات الأمنية البحثي المعني بالقضايا الأمنية في أفريقيا، أنه من المرجح حدوث تدخل عسكري في النيجر في ضوء إصرار الرئيس النيجيري الجديد بولا تينوبو، الذي تتولى بلاده رئاسة الإيكواس، على استعادة زعامة بلاده لمنطقة الساحل. وقال كوني، الخبير المقيم في مالي، إن تينوبو "يريد إعادة تأكيد قيادة نيجيريا للمنطقة عسكريا وماليا ودبلوماسيا"، مضيفا أن هذا ظهر جليا من خلال تصريحاته في الاجتماع الطارئ لمجموعة إيكواس حيث قال "سنقف مع شعبنا في التزامنا بسيادة القانون".

قال وزراء دفاع دول إيكواس إنهم سيجتمعون على الفور في ظل احتمال شن عمل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر

تهديدات الإيكواس السابقة

ولا يعد هذا التهديد الأول الذي تطلقه إيكواس التي تضم 15 دولة، إذ أصدرت تهديدات سابقة وقامت بتنفيذ وعيدها حيث أرسلت عام 2017 قوات إلى غامبيا عندما رفض رئيس البلاد آنذاك يحيى جامح التنحي بعد خسارته الانتخابات.

فعلى وقع احتشاد  7000 عنصر من قوات إيكواس بقيادة السنغال على حدود غامبيا، وافق جامع على الخروج من البلاد والعيش في المنفى بدولة غينيا الاستوائية. ولا يزال حوالى 2500 جندي من السنغال وغانا ومالي وتوغو ونيجيريا يشاركون فى عمليات حفظ السلام فى غامبيا.

كذلك تمتلك إيكواس قوة عسكرية تتمركز في غينيا بيساو، حيث أعادت نشر حوالي 600 جندي من نيجيريا والسنغال وساحل العاج وغانا في أعقاب محاولة انقلاب شهدتها البلاد في فبراير/ شباط العام الماضي. وكانت إيكواس قد شكلت قوة حفظ سلام لإعادة الحكم المُنتخب في ليبيريا وسيراليون، فيما نشرت قوات في ساحل العاج عام 2003.

يقول خبراء إن أي تدخل عسكري في النيجر سوف يعتمد على نيجيريا

ما هو قوام قوات إيكواس؟

يرى مراقبون أن أي تدخل عسكري من قبل إيكواس في النيجر سوف يعتمد بشكل كبير على نيجيريا التي يتألف جيشها من 223 ألف فرد فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة. ويقول خبراء: إن أهمية نيجيريا لا تعود فقط إلى قدراتها العسكرية فقط، بل لأن لها حدود بطول 1600 كيلومتر مع النيجر أيضا.

وعن المواقف الأخرى لدول إيكواس، قالت السنغال إنها ستشارك إذا قررت المجموعة التدخل عسكريا في النيجر حيث أكدت وزيرة خارجية السنغال عيساتا تال سال أن بلادها سوف تنفذ قرارات الإيكواس. لكن على النقيض من ذلك، أعلنت عدة دول أعضاء في إيكواس عدم دعم استخدام القوة في النيجر.

وفي ذلك، قال عبد الموموني آباس، الخبير في الحركات المتطرفة، إنه "بعيدا عن موقف نيجيريا، لا أعتقد أن دولا أخرى في إيكواس سوف تشارك بقوات، لأن موريتانيا والجزائرومالي وبوركينا لا توافق وبنين لن تهاجم النيجر".

من جانبه، أشار المحلل الجيوسياسي أوفيغوي إيغيغو إلى أن الجيش النيجيري "منهمك" في محاربة حركة "بوكو حرام" وجماعات مسلحة اخرى تنشط في 30 من أصل 36 ولاية في نيجيريا، مضيفا أن إقدام نيجيريا على قيادة أي تدخل عسكري في النيجر سيمثل تحديا كبيرا لجيشها في الوقت الراهن.

ما هي فرص نجاح التدخل العسكري؟

ويعتقد خبراء أن أي تدخل عسكري من قبل إيكواس في النيجر سيكون مختلفا عن العملية العسكرية التي قادتها في غامبيا، لأن الأخيرة تعد أصغر دولة غير جزرية في أفريقيا ولا تمتلك جيشا قويا. في حين أن النيجر تعد بلدا كبير المساحة يقع في قلب منطقة الساحل ويمتلك جيشها خبرة في القتال وحصل على تدريبات من الجيش الأمريكي الذي ينشر 1100 جندي في النيجر فضلا عنتمركز حوالي 1500 جندي فرنسي.

ومن هنا يرى آرثر بانجا، الخبير الإيفواري في الشؤون العسكرية، أن "حجم النيجر والعدد الكبير لقوات جيشها سوف يصعب أي تدخل عسكري، لكن في حالة الإعداد والتخطيط الجيدين، فقد يتم ذلك مع وضع كافة الخيارات في الاعتبار."

ويضاف إلى تعقيدات المشهد، إعلانمالي وبوركينا فاسو في بيان مشترك أن أي تدخل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر سيعتبر "إعلان حرب" ضدهما. وحذّرت سلطات مالي وبوركينا فاسو المنبثقة عن انقلابين من أن "أي تدخل عسكري ضد النيجر سيؤدي إلى انسحابهما من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وإلى اتخاذ تدابير في إطار الدفاع المشروع لدعم الجيش والشعب في النيجر".

وشدد أوفيغوي إيغيغو على أنه رغم ترجيحه الشروع في تدخل عسكري في النيجر، إلا أن الأمر يحمل في طياته "مخاطرة كبيرة للغاية، إذ قد يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب حقيقية".

كيت هيرسين / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: تدخل عسکری فی النیجر قادة الانقلاب أی تدخل عسکری منطقة الساحل دول غرب

إقرأ أيضاً:

لماذا قد تستبدل نيجيريا شراكتها مع الغرب بالصين وروسيا؟

أفادت تقارير في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أنَّ القوات الجوية النيجيرية بصدد شراء طائرات هجومية إيطالية وطائرات هليكوبتر كجزء من إستراتيجية تجديد أساطيلها ومعداتها العسكرية.

ورغم أن هذه التحركات من نيجيريا تدخل في إطار جهود تنويع شركائها الأمنيين، وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة الأميركية وغيرها، فإنها تؤشر أيضًا على طبيعة العلاقات النيجيرية الغربية في السنوات الأخيرة، وما يمكن توقعه في سياق التنافسات الجيوسياسية بين الصين والغرب.

الأزمات الأمنية في نيجيريا وتحديات مواجهتها

تشهد نيجيريا منذ قرابة عقدٍ تحديات أمنية غير مسبوقة، بما في ذلك أعمال الإرهاب والتمرد المسلح واللصوصية والاختطاف من أجل الفدية، والصراع بين المزارعين والرعاة (والتي زادت وتيرتها منذ عام 2011)، وغيرها من الملفات الأمنية.

وكانت أزمة الإرهاب من أكبر هذه التحديات لكونها بدأت من شمال شرق البلاد، وتركَّزت على "بوكو حرام" (وهي جماعة نشأت في عام 2002 ونفذت هجومها الأول في ديسمبر/ كانون الأول 2003)، ولكنها تفرّعت اليوم لتشمل فصائل مختلفة، مثل: "تنظيم الدولة – ولاية غرب أفريقيا" و"جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان" (الشهيرة بـ "أنصارو").

بل وتحوّلت الأزمة الإرهابية إلى أشكال أخرى، مثل اللصوصية المسلحة في شمال غرب البلاد والتي يمارسها مقاتلو "بوكو حرام" و "أنصارو" الهاربون من شمال الشرق، إضافة إلى تمردات الانفصاليين المستمرّة في جنوب شرق نيجيريا، والأنشطة المسلحة في منطقة دلتا النيجر التي تقع مباشرة على خليج غينيا في المحيط الأطلسي. وهي أزمة بدأت في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتؤثر سلبًا في أمن خليج غينيا الذي يشهد أيضًا أعمال القرصنة البحرية.

وإلى جانب العوامل السوسيواقتصادية والسياسية في نيجيريا؛ يسهم في استمرار الإرهاب وأنشطة المسلحين عجزُ القوات النيجيرية؛ نتيجة المعدات العسكرية القديمة ونقص القوى العاملة.

كما أن المؤسسة العسكرية النيجيرية من البُؤَر الرئيسية للفساد، بينما يشتكي الجنود من الرعاية الاجتماعية غير الكافية التي تؤثر على الكفاءة التشغيلية، رغم أن ميزانية الدفاع النيجيرية زادت بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، ورغم أن الميزانية العسكرية النيجيرية أعلى من ميزانيات الدفاع لجميع دول غرب أفريقيا الأخرى مجتمعة.

وقد كشفت عدة تحقيقات إعلامية وملفات قضائية وطنية في نيجيريا أن بعض القادة العسكريين والسياسيين وغيرهم من الموظفين العموميين يحوّلون الأموال العامة المخصصة لمحاربة الإرهاب وانعدام الأمن فيما بينهم لأغراض خاصة، وأنهم غالبًا ما يشترون معدات عسكرية قديمة بدلًا من الأسلحة الحديثة.

وقد أطلقت الحكومة النيجيرية تحت إدارة الرئيس السابق "محمد بخاري" (الذي حكم البلاد من عام 2015 حتى عام 2023) عدة مبادرات لإصلاح المؤسسة العسكرية، ومعالجة أوجه القصور داخل الأجهزة الأمنية المختلفة. ولكنّ بعض تلك المبادرات واجهت عقبة كبيرة متمثلة في الرفض الغربي لبيع الأسلحة للحكومة النيجيرية، والذي بدأ إبان رئاسة الرئيس النيجيري السابق "غودلاك جوناثان" (الذي حكم نيجيريا من عام 2010 حتى عام 2015).

ومن تحركات واشنطن لإعاقة جهود تحديث المعدّات والعناصر العسكرية في نيجيريا ما وقع في يوليو/ تموز من عام 2021، عندما أوقف المشرعون الأميركيون اقتراحًا لبيع أسلحة بقيمة حوالي مليار دولار إلى نيجيريا، حيث شمل البيع المقترح وقتذاك 12 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز AH-1 Cobra والمعدات ذات الصلة.

وهناك مثال آخر في فبراير/ شباط من عام 2023 عندما طلبت السياسية الديمقراطية سارة جاكوبس من كاليفورنيا، والجمهوري كريس سميث من نيوجيرسي – وهما عضوان من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، وعضوان في اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا – من الرئيس جو بايدن إلغاءَ بيع أسلحة بقيمة مليار دولار تقريبًا إلى نيجيريا؛ بدعوى أن الجيش النيجيري أجرى برنامج الإجهاض غير القانوني، ومارس القتل المستهدف للأطفال.

ودعَوَا الحكومة الأميركية إلى مراجعة برامج المساعدة الأمنية والتعاون مع نيجيريا، وتقييم المخاطر المتعلقة بالضحايا المدنيين، والانتهاكات الناتجة عن المساعدة الأميركية في مجال الأسلحة.

وقد أثّرت صعوبات محاولات شراء الأسلحة في قدرات القوات النيجيرية على احتواء "بوكو حرام" التي تنتشر في أماكن أخرى بشمال نيجيريا، بينما تزداد أزمة قطاع الطرق المسلحين في شمال غرب البلاد، الأمر الذي أثار استياء الحكومات النيجيرية منذ عام 2014، وعزز سلسلة من الانتقادات من قبل مسؤولين ودبلوماسيين نيجيريين ضد الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول الغربية.

وعلى سبيل المثال، أعرب رئيس الدفاع النيجيري في فبراير/ شباط من عام 2024 عن إحباطه من المعايير المزدوجة لبعض دولٍ (لم يُسمّها) والتي ترفض بيع أسلحتها العسكرية؛ بدعوى مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، رغم أن هذه الدول قد مارست ما هو أسوأ ولم يحاسبها أحد.

وفي عام 2015، أعلن الرئيس "بخاري" أن نيجيريا ستنشئ مصنعًا محليًا للأسلحة، وذلك لخفض اعتماد البلاد على الأسلحة المستوردة، وأمر وزارة الدفاع النيجيرية بوضع خطة لبناء "مجمع صناعي عسكري". بل اتهم "بخاري" حكومة الولايات المتحدة في يوليو/ تموز من عام 2015 أثناء زيارته بما وصفه بمساعدة واشنطن لـ "بوكو حرام" نتيجة رفضها بيع الأسلحة لنيجيريا.

نيجيريا وتنويع شركائها الأمنيين

تعدّ نيجيريا حليفًا تقليديًا للغرب، ولكن الأزمات العالمية في السنوات الأخيرة والمواقف الغربية بشأن بعض الملفات داخل نيجيريا تجعل أبوجا تعيد النظر في علاقاتها مع الغرب. وتذكّر قرارات واشنطن بعدم بيع الأسلحة لنيجيريا بمواقف معظم الدول الغربية إبان الحرب الأهلية النيجيرية من عام 1967 إلى عام 1970، عندما رفض الغرب بيع الأسلحة اللازمة للحفاظ على وحدة أراضي البلاد.

وقد كانت الحاجة الهائلة إلى معدات ثقيلة، مثل: الطائرات بدون طيار، والمروحيات، والمركبات المقاومة للألغام أجبرت الحكومة النيجيرية على البحث عن شركاء آخرين.

ووفقًا لتقرير صادر عام 2021 عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، حصلت نيجيريا على أسلحة من 13 موردًا بين عامي 2017 و2021، بما في ذلك 7 طائرات هليكوبتر قتالية من روسيا، و272 مركبة مدرعة من الصين، و12 طائرة مقاتلة خفيفة من البرازيل (عبر الولايات المتحدة)، و3 طائرات مقاتلة من باكستان.

وقد لوحظت أهمية إمدادات الأسلحة الروسية التي حصلت عليها نيجيريا في النجاح النسبي الذي حققته القوات المسلحة النيجيرية ضد الحركات الإرهابية بين عامي 2016 و2020.

ويؤكد على هذا ما كشفته قاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية، والتي أظهرت أن واردات نيجيريا من الأسلحة والذخيرة والأجزاء والملحقات من روسيا خلال عام 2020 بلغتْ 736.16 ألف دولار أميركي.

هذا، إلى جانب صفقة أبوجا مع موسكو في عام 2021 لتوريد المعدات العسكرية وتدريب الأفراد ونقل التكنولوجيا. وهذه الصفقة وغيرها الكثير مكّنت القوات المسلحة النيجيرية من استخدام طائرات الهليكوبتر القتالية والنقلية روسية الصنع مثل Mi-35M وMi-171E في عملياتها العسكرية ضد "بوكو حرام" وفصائلها.

بيدَ أن العقوبات الغربية على روسيا قبل أزمة أوكرانيا وأثناءها أثّرت سلبًا على صفقات الأسلحة بين نيجيريا وروسيا، حيث ألمح السفير النيجيري في روسيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 إلى وجود عقبة في سلسلة توريد الأسلحة من روسيا.

وكانت النتيجة أن لجأت نيجيريا إلى الصين، حيث شملت المجموعة الواسعة من معداتها التي اشترتها نيجيريا ووصلت في أبريل/ نيسان 2020 مركبة دعم النيران عيار 105 ملم، ودبابة القتال الرئيسية VT-4، ونظام المدفعية ذاتية الدفع SH-5 عيار 105 ملم، وأنظمة المدفعية ذاتية الدفع SH-2 عيار 122 ملم. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2023 أعلن سفير الصين في نيجيريا استعداد بلاده لدعم الإنتاج المحلي النيجيري للمعدات العسكرية لتحقيق مساعي أبوجا لتقليل الاعتماد على المعدات العسكرية الأجنبية.

ويضاف إلى ما سبق أنه تربط نيجيريا وإيطاليا علاقات عسكرية. وفي يوليو/ تموز من عام 2021 أعلن الجيشان: النيجيري والإيطالي عن تعاونهما لمكافحة انعدام الأمن وبناء قدرات القوى العاملة من خلال التدريب والدعم.

وكانت 24 طائرة هجومية مقاتلة من طراز M-346، و10 طائرات هليكوبتر من طراز AW-109 Trekker من بين الطائرات المقاتلة والمروحيات التي سافر رئيس الأركان الجوية النيجيري وفريقه من خبراء القوات الجوية النيجيرية إلى إيطاليا للحصول عليها في أكتوبر/ تشرين الأول 2024. ومن المتوقع أن تصل أول ثلاث طائرات M-346 بحلول أوائل عام 2025، مع استمرار عمليات التسليم الأخرى حتى منتصف عام 2026.

وتتخذ نيجيريا أيضًا خطوات لشراء معدات عسكرية تركية. ويدعم ذلك حقيقة أنه في فبراير/ شباط 2024، في حفل أقيم في قاعدة القوات الجوية النيجيرية في ماكوردي، عاصمة ولاية بَينْوَيْ في شمال وسط نيجيريا، قامت القوات الجوية النيجيرية بإدخال أول طائرتَين هليكوبتر هجوميتَين من طراز T129 ATAK في الخدمة بشكل رسمي.

ويبدو أيضًا أن واشنطن تُراجِع موقفها وبدأت توافق على بيع بعض الأسلحة الأميركية للحكومة النيجيرية. وعلى سبيل المثال، وافقت واشنطن في أبريل/ نيسان 2022، على بيع 12 مروحية هجومية من طراز AH-1Z إلى نيجيريا، وفي أغسطس/ آب 2023، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن أبوجا سُلمت الدفعة الأولى من تلك المروحيات بقيمة إجمالية بلغت 997 مليون دولار، بالإضافة إلى برنامج تدريبي للقوات المسلحة النيجيرية؛ لتطوير عمليات الاستهداف التي تتوافق مع القانون الإنساني الدولي.

إضافة إلى ما أعلنته وزارة الدفاع الأميركية في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2023 عن عقد لإنتاج وتوفير 32 جهاز كمبيوتر إضافيًا لترقية تقنية H-1 لمساعدة طائرات AH-1Z التابعة للحكومة النيجيرية.

ومع ذلك، فإن الصعوبات التي تواجهها نيجيريا فيما يتعلق بقانون ليهي وفحصه (Leahy vetting) تجعل حكومة البلاد تترك خياراتها متنوعة ومفتوحة، مع التركيز على الصين وإيطاليا ودول أخرى كبدائل لتحقيق أجندة تحديث معداتها وأساطيلها العسكرية.

في إطار التنافس الصيني- الغربي

إن تتبع نمط تفكير صناع القرار النيجيري يوحي بأنهم يدركون تمامًا مكانة نيجيريا كواحدة من القوى الناشئة الرئيسية في أفريقيا. وهذا الإدراك يجعلهم يحافظون على استقلالية البلاد في اتخاذ القرار الإستراتيجي، بما في ذلك رفض مقترحات استضافة نيجيريا قواعد عسكرية أجنبية، والتي أثارتها واشنطن في مناسبات كثيرة.

وفي حين أن نيجيريا تواصل تبنّي مواقف محايدة بشأن الأزمات العالمية المختلفة من أجل خدمة مصالحها الخاصة والحفاظ على علاقاتها الدولية؛ فقد أظهرت سلسلة من الأحداث في السنوات الأخيرة، بما في ذلك رفض بيع الأسلحة لها، أن البلاد تميل بشكل أكبر إلى الجنوب العالمي في قضايا متعددة، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة التي أدانتها أبوجا، وكررت دعمها لحل الدولتين، مؤكدةً على حق فلسطين في الوجود كدولة مستقلة.

وإذا كانت علاقات نيجيريا مع القوى الغربية قد تكون السبب الرئيسي وراء عدم انضمام أبوجا إلى عضوية مجموعة البريكس، إلا أن سلوك الغرب تجاه نيجيريا مؤخرًا بدأ يغيّر تصوّر أبوجا.

ويمكن ملاحظة هذا في صفقات الأسلحة النيجيرية المتنوعة مع مختلف الدول، وفي حقيقة أن نيجيريا انضمّت رسميًا إلى مجموعة البريكس كدولة شريكة. بينما يدعو العديد من النيجيريين حكومتهم إلى الانضمام إلى البريكس كعضو، وهو ما سيعزز ميل أبوجا إلى الصين، وروسيا، والهند، والبرازيل.

ويمكن القول إن الصين هي أكبر مستفيد من صعوبات تأمين أبوجا للأسلحة الثقيلة من الولايات المتحدة؛ لأن الصين قد استثمرت بكثافة في صناعة النفط والغاز النيجيرية، وبلغ حجم التجارة الثنائية بين الدولتين 19.27 مليار دولار في عام 2019.

بل إن توجّه نيجيريا (وهي أكبر اقتصاد في أفريقيا من حيث عدد السكان) نحو الصين كواحدة من مورديها الرئيسيين للأسلحة، سيساعد بكين في تنافساتها الجيوساسية في غرب أفريقيا، وسيقوّي نفوذها في ممر خليج غينيا الإستراتيجي الذي يستضيف شحنات حيوية واحتياطيات نفطية دولية، وخاصة أن الصين تبحث عن طرق توسيع نفوذها العسكري والاقتصادي داخل نيجيريا، بينما الشركات الصينية المتمركزة في نيجيريا تسعى منذ سنوات إلى فتح قنوات كثيرة لاستغلال موارد نيجيريا الطبيعية والبشرية الوفيرة.

وأخيرًا، فإن مساعدة الصين لأبوجا على إنشاء صناعتها العسكرية ستثبّت مكانة بكين لدى النخبة السياسية والمواطنين على حد سواء في نيجيريا، وهو ما سيمنح الصين ميزة في حملاتها الدولية وتحركاتها في المحافل العالمية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل لن تستطيع القضاء على حزب الله (فيديو)
  • «التضامن»: نفذنا أكثر من 33 ألف حالة تدخل سريع منذ 2014 
  • نيجيريا تحبط بنين وتحيي آمال ليبيا في التأهل
  • البحر الأحمر على صفيح ساخن.. مصر تتحرك عسكريا وتنتقل من مراقب إلى فاعل ضد تصعيد الحوثيين ومحللون: الحسم يقترب
  • بأرقام جيش الاحتلال.. 53 عسكريا إسرائيليا قتلوا في لبنان
  • تحركات مكثفة للمبعوث الأممي لإنقاذ الحوثيين عسكريا و”فرملة” معركة حاسمة وشيكة لانتزاع الحديدة
  • هجوم مسلح يستهدف موقعاً عسكرياً للانتقالي في مودية أبين
  • مجلة أمريكية: مُحور المقاومة مرن ويتكيف مع الظروف ولن تستطيع أمريكا هزيمته
  • السودان تتحفز لحسم تذكرة الكان أمام النيجر .. وتونس تخشى مفاجآت مدغشقر
  • لماذا قد تستبدل نيجيريا شراكتها مع الغرب بالصين وروسيا؟