تقول الأمم المتحدة إن حوالي 85 بالمئة من مساعداتها لشمال غرب سوريا تمر عادة عبر باب الهوى

منذ 11 يوليو / تموز الماضي، فشل مجلس الأمن الدولي في محاولاته المتكررة لتجديد تفويض إدخال المساعدات عبر باب الهوى الحدودي بين محافظة إدلب في سوريا وتركيا.

مختارات ألمانيا تحبس سورياً للاشتباه في ارتكابه جرائم ضد الإنسانية بعد الفيتو الروسي- كيف تصل المساعدات للملايين في سوريا؟

بعد فشل مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات إلى شمال غرب سوريا، بات مستقبل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا من تركيا مقلقا بشكل كبير، لكن هل يوجد بدائل أخرى أمام المنظمات المعنية؟

الأمم المتحدة ترفض شروط دمشق لنقل المساعدات عبر الحدود

أبدت الأمم المتحدة قلقها حيال "شروط غير مقبولة" وضعتها دمشق لاستخدام معبر باب الهوى الحدودي لإيصال مساعدات إنسانيّة حيويّة إلى ملايين السكّان في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا.

الأمم المتحدة تنشئ مؤسسة مستقلة لـ"جلاء مصير" 100 ألف سوري مفقود

رغم معارضة دمشق ورفض 11 دولة وامتناع 62 أخرى عن التصويت، قررت الأمم المتحدة إنشاء مؤسسة مستقلة تحت رعاية المنظمة الدولية تكون معنية بـ"جلاء مصير ومكان جميع المفقودين" في سوريا، والذين يقدر عددهم بـ100 ألف شخص.

وبعد نقض روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن لتمديد آلية الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر الحدود لمدة تسعة أشهر، أعلنت الحكومة السورية السماح باستخدام المعبر لمدة ستة أشهر. لكن التفويض الذي منحته السلطات السورية تضمن "شرطين غير مقبولين"، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وهما عدم التواصل مع كيانات "مصنفة إرهابية" و"إشراف" منظمات أخرى على الأنشطة الأممية. كما تشترط أن تشرف اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري، التابع للنظام، على توزيع المساعدات. وتبعاً لذلك، لم تستأنف القوافل الأممية استعمال المعبر منذ انتهاء تفويض مجلس الأمن الدولي في 10 تموز/يوليو.

وصفت الأمم المتحدة الشرطين بـ"غير المقبولين". وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن على الأمم المتحدة وشركائها أن "يستمروا في التواصل مع الجهات الحكوميّة وغير الحكومية المعنيّة، وهو أمر ضروري من الناحية التشغيليّة لإجراء عمليّات إنسانيّة آمنة وبلا عوائق". واعتبر أن الطلب الثاني "لا يتوافق مع استقلاليّة الأمم المتحدة، كما أنه ليس عملياً، لأنّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري ليسا موجودَين في شمال غرب سوريا".

تقول الأمم المتحدة إن حوالي 85 بالمئة من مساعداتها لشمال غرب سوريا تمر عادة عبر باب الهوى، مما يجعل هذا المعبر شريان حياة بالنسبة لسكان المنطقة.

بداية تعاون بين النظام السوري والأمم المتحدة في الشمال؟

تحذيرات من "تسييس" المساعدات 

واجهت جهود مجلس الأمن لتأمين المساعدات إلى الأجزاء التي سيطر ويسيطر عليها الثوار معارضة من روسيا والصين: في عام 2014، نجح المجلس في تسليم المساعدات من تركيا والعراق والأردن عبر أربع نقاط عبور حدودية منفصلة إلى مناطق المعارضة. لكن روسيا والصين نجحتا في تقليص عدد المعابر المصرح بها والاقتصار على معبر باب الهوى فقط، وتم تقصير مدة التفويض إلى ستة أشهر فقط، عوضاً عن 12 شهراً كما كان الوضع في البداية.

وتقول روسيا وسوريا إن العملية تنتهك سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية. وتقولان إنه ينبغي إيصال المزيد من المساعدات من داخل البلاد، مما يثير مخاوف المعارضة من خضوع الغذاء والمساعدات الأخرى لسيطرة الحكومة.

وتنبّه منظمات عدة إلى مخاطر مترتبة على السماح لدمشق بوضع يدها على إدخال المساعدات، خشية تسييسها وحرمان المحتاجين منها. وشددت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي من كبرى المنظمات العاملة في إدلب والمناصرة لتمديد العمل بآلية المساعدات عبر الحدود، على مسؤولية مجلس الأمن في "حماية السوريين أينما كانوا، وضمان عدم تعريض الأرواح للخطر".

ونبّهت منظمة ميد غلوبال التي تدير عيادات ومستشفيات وبرامج تلقيح في إدلب إلى أن "نقل السيطرة على باب الهوى، الذي يتدفق عبره الغذاء والدواء وحليب الأطفال... من طرف محايد (الأمم المتحدة)، إلى نظام ذبح شعبه وشرد نصف عدد السكان، سيؤدي إلى مزيد من الموت والمعاناة بين المدنيين الأبرياء وسيطلق أزمة لاجئين" جديدة.

أسفر الزلزال المدمر عن مقتل أكثر من 6000 شخص في سوريا وحدها، وفقاً للأمم المتحدة.

الزلزال زاد الطين بلة!

لكن في الواقع، وبعيداً عن الصراعات السياسية، شكل باب الهوى شرياناً حيويّاً لدخول المساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون، يعيشون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة في إدلب ومحيطها. ويحتاج هؤلاء، وفق الأمم المتحدة، إلى مساعدات إنسانيّة للاستمرار بعد سنوات من النزاع والانهيار الاقتصادي وتفشي الأمراض وفقر متزايد فاقمه الزلزال. وضرب زلزال مدمر بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر شمال سوريا وجنوب تركيا في شباط/فبراير من هذا العام، مما أسفر عن مقتل أكثر من 6000 شخص في سوريا وحدها، وفقاً للأمم المتحدة.

اضطر الآلاف للنزوح من جديد في إدلب وفي سوريا بشكل عام، بينما وجد نازحون سابقون يعيشون في المنطقة الحدودية أنفسهم مضطرين للعودة إلى سوريا، إما لمساعدة أسرهم في إعادة بناء حياتهم أو لأن الزلزال دمر ما بنوه في تركيا طيلة السنوات الماضية.

 س.س/م.ب/خ.س (أ ب، أ ف ب، رويترز)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: شمال غرب سوریا المساعدات عبر الأمم المتحدة عبر باب الهوى مجلس الأمن عبر الحدود فی سوریا فی إدلب

إقرأ أيضاً:

الأمم المُتحدة غاضبة من التجاوزات الإسرائيلية بحق سوريا

أصدرت منظمة الأمم المُتحدة بياناً، اليوم الجمعة، طالبت فيه بخفض التصعيد في المنطقة العازلة بسوريا حتى تستطيع قواتنا القيام بدورها.

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

وذكر البيان الأممي أن إسرائيل أكدت أن انتشار قواتها في المنطقة العازلة بسوريا مؤقت لكن المنظمة ترى أن ذلك يعد انتهاكا للقرارات الأممية.

واستغلت إسرائيل الفراغ الذي أحدثه سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وقامت باختراق نقاط فصل القوات فيما بعد حرب 1973. 

واستولت إسرائيل على نقاط في العمق السوري، وهو الأمر الذي أغضب السوريين خاصةً أنه يُعد انتهاكاً صريحاً للقرارات الأممية.

بعد حرب أكتوبر 1973، لعبت الأمم المتحدة دورًا أساسيًا في تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا، وذلك من خلال تأسيس "قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك" (UNDOF) عام 1974. جاء ذلك بناءً على اتفاق فك الارتباط بين الطرفين، الذي تم بوساطة أمريكية وبرعاية الأمم المتحدة، حيث نص الاتفاق على إنشاء منطقة عازلة في مرتفعات الجولان، تراقبها قوات حفظ السلام الدولية. تم نشر قوات الـ UNDOF على طول خط الفصل لمنع أي انتهاكات، وضمان عدم عودة الأعمال العسكرية، ما ساهم في استقرار المنطقة نسبيًا منذ ذلك الحين.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم الأمم المتحدة بمراقبة التزام الجانبين بشروط الاتفاق، مثل منع تواجد القوات العسكرية الثقيلة في المناطق المحظورة، والإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة. كما تلعب دور الوسيط في حال حدوث أي تصعيد بين الطرفين، مما يساعد في منع اندلاع مواجهة جديدة. ورغم التوترات الإقليمية المستمرة، لا تزال قوة UNDOF تعمل حتى اليوم للحفاظ على وقف إطلاق النار، رغم التحديات الأمنية التي زادت مع الحرب الأهلية السورية وتصاعد النفوذ العسكري في المنطقة. تستمر الأمم المتحدة في محاولاتها لتعزيز السلام على الرغم من تعقيد الأوضاع العسكرية والسياسية في الجولان.

الوصول إلى سلام دائم بين إسرائيل وسوريا يتطلب حل مجموعة من القضايا المعقدة التي تشمل الأمن، الحدود، والمصالحة السياسية. أولاً، يجب أن يكون هناك التزام من كلا الطرفين بالجلوس إلى طاولة الحوار واستئناف مفاوضات جادة بناءً على أساس المبادئ الدولية والقرارات الأممية. أحد العوامل الرئيسية في الوصول إلى سلام دائم هو إعادة ترسيم الحدود بشكل عادل، خاصة فيما يتعلق بمنطقة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل منذ عام 1967، حيث يطالب السوريون بعودة أراضيهم.

ثانيًا، يتطلب السلام تعاونًا في مجال الأمن، بما في ذلك ضمانات بعدم استئناف الأعمال العدائية، وتشكيل آليات رقابة دولية لمراقبة تنفيذ الاتفاقات. يمكن تحقيق ذلك من خلال تعزيز دور الأمم المتحدة في مراقبة وقف إطلاق النار، وضمان احترام الاتفاقات بين الطرفين.

أيضًا، يجب معالجة القضايا الإنسانية المرتبطة بالنزاع، مثل عودة اللاجئين والمفقودين، ومساعدة المتضررين من الحرب. علاوة على ذلك، يتطلب السلام تغييرات في البيئة السياسية، سواء في الداخل السوري أو الإسرائيلي، من خلال تعزيز الحوار الشعبي والتفاهم المتبادل بين الشعبين.

في النهاية، يتطلب السلام الدائم إرادة سياسية من الطرفين، فضلاً عن دعم المجتمع الدولي لتوفير الضمانات اللازمة، والتأكد من تطبيق الاتفاقات بشكل فعّال ومنصف.

مقالات مشابهة

  • الأمم المُتحدة غاضبة من التجاوزات الإسرائيلية بحق سوريا
  • الأونروا: حظر إسرائيل أنشطتنا يعرض مستقبل وقف إطلاق النار بغزة للخطر
  • التحقيق مع طالب عرض حياة المواطنين للخطر في القاهرة
  • ضبط قائد سيارة عرض حياة المواطنين للخطر في مصر الجديدة
  • ضبط طالب يقود سيارة معرضا حياة المواطنين للخطر
  • الأمم المتحدة: الذخائر المتفجرة تهدد حياة المدنيين في غزة والضفة
  • الإدارة السورية الجديدة تبحث وقف العمل بالدستور
  • حماس تحذر من مماطلة الاحتلال في دخول المساعدات.. سيؤثر على إطلاق الأسرى
  • الأمم المتحدة: الاحتياجات الإنسانية في سوريا هائلة
  • الأمم المتحدة: سوريا تحتاج 1.2 مليار دولار لتوفير المساعدات الضرورية لـ 6.7 مليون شخص