شاهد: أرمينيا تنقل سيارات أميركية إلى روسيا رغم العقوبات
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
تمتد قافلة من المقطورات محملة بسيارات مستعملة على مدى كيلومترات على طريق ترابي يؤدي إلى محطة جمركية في مدينة غيومري الأرمينية. وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية غير المسبوقة على موسكو، أتيحت فرصة تجارية لتجار السيارات المستعملة مثل ياروسلاف كولتشينكو.
حظرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تصدير السيارات إلى روسيا لكن لا يزال من الممكن تخليص السيارات عبر أرمينيا.
ويقول التاجر لفرانس برس "حتى الأثرياء الروس لا يستطيعون الوصول إلا إلى السيارات الأميركية المستعملة التي يتم جلبها إلى روسيا عبر أرمينيا".
ويصف الرجل المتحدر من سان بطرسبرغ مسار رحلة المركبات لتصل إلى روسيا في ظل العقوبات المفروضة عليها.
ويشرح أنه "يتم شراء سيارات مستعملة أو تالفة أو رخيصة من المزادات عبر الإنترنت في الولايات المتحدة".
وبعدها "يتم نقلها من طريق البحر إلى ميناء بوتي الجورجي ثم إصلاحها ونقلها إلى أرمينيا للتخليص الجمركي ثم نقلها إلى روسيا برا عبر جورجيا".
"مربحة"تقول كييف وحلفاؤها من الغربيين إن شركاء روسيا الاقتصاديين في منطقة القوقاز السوفياتية السابقة أو آسيا الوسطى يساعدون موسكو في الالتفاف على العقوبات.
وكان الرئيس الأرميني فاهاغن خاتشاتوريان أعرب عن ثقته العام الماضي بأن روسيا "ستقاوم العقوبات" وتعهد علاقات اقتصادية أوثق مع موسكو "الشقيقة".
وترتبط الدولة القوقازية الصغيرة والفقيرة باتفاقية تجارة حرة مع روسيا، وتخليص السيارات في الجمارك الأرمينية أرخص بكثير مقارنة بروسيا.
وبرزت أرمينيا كمركز لإعادة التصدير من الولايات المتحدة إلى روسيا بعد أن أغلق تجار السيارات الغربيون متاجر الوكلاء هناك.
ويؤكد شريك كولتشينكو الذي عرف عن نفسه باسمه الأول فقط اندريه بأنهما باشرا العمل في هذا المجال منذ اندلاع الحرب في شباط/فبراير 2022.
وأضاف "في نيسان/ابريل، قمنا ببيع ثماني سيارات ونخطط لتوسيع أعمالنا التي تعد مربحة للغاية".
الجيش البريطاني يحقق في إرسال معلومات عسكرية لحليفة روسيا بدل البنتاغونروسيا لا تزال تحتفظ بدعم في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية رغم حربها على أوكرانيا بروكسل قلقة من قانون بولندي ظاهره مواجهة روسيا وباطنه قمع المعارضةويشرح اندريه على سبيل المثال كيف تذهب إحدى السيارات التي اشتراها مؤخرا ب13 ألف دولار، للبيع في سان بطرسبرغ مقابل 23 ألف دولار مع تكاليف جمركية تبلغ حوالى 5000 دولار.
وقد تساعد هذه الأرقام في تفسير الارتفاع الكبير في حجم التبادل التجاري بين أرمينيا وروسيا منذ غزو موسكو لكييف.
وبموجب احصاءات رسمية، هناك زيادة في الصادرات بمقدار يتجاوز الضعفين بحيث وصلت قيمتها إلى رقم قياسي بلغ 2,4 مليار دولار العام الماضي.
حققت إعادة تصدير السيارات العام الماضي نموا بنسبة 170%. وتم نقل أكثر من 450 ألف سيارة - معظمها من الولايات المتحدة - إلى روسيا في الربع الأول من عام 2023.
وفي آذار/مارس الماضي، أصدرت وزارات العدل والخزانة والتجارة الاميركية تقريرا مشتركا قالت فيه إن ارمينيا من بين الدول التي تستخدم كنقاط إعادة شحن إلى روسيا.
وفي حزيران/يونيو الماضي، اتخذ الاتحاد الاوروبي إجراءات جديدة أضيفت الى حزمة العقوبات الحادية عشرة ضد روسيا لتضييق الخناق على التهرب من القيود، وخصوصا سد الثغرات في اعادة تصدير التكنولوجيا الحساسة مثل الرقائق عبر بلدان ثالثة.
وكان رئيس الوزراء الارميني نيكول باشينيان أكد لفرانس برس هذا الشهر أن الامتثال للعقوبات الغربية بدون إغضاب شريك اقتصادي رئيسي أمر يصعب تحقيق توازن فيه.
وقال "نحن على اتصال تعاون وثيق بالمبعوث الخاص للاتحاد الاوروبي وممثل الولايات المتحدة لضمان ان نتصرف كعضو مسؤول فى المجتمع الدولي".
واوضح باشينيان أنه"ليس هناك على المستوى الرسمي أي اعتراضات أو شكاوى من شركاء أوروبيين أو أميركيين ولا من روسيا".
في غيومري، يصر ياروسلاف على أن "ما يحدث هنا يظهر إمكان التهرب من أي عقوبات"، مضيفا "بالطبع الاميركيون ليسوا سعداء بذلك وسيحاولون على الأرجح إثارة المشاكل لكنهم سيفشلون. لا يمكن عزل دولة كبيرة مثل روسيا".
المصدر: euronews
كلمات دلالية: حصار روسيا أرمينيا الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات روسيا الحرب الروسية الأوكرانية فرنسا الشرق الأوسط ضحايا النيجر فلاديمير بوتين الصين حقوق الإنسان لبنان روسيا الحرب الروسية الأوكرانية فرنسا الشرق الأوسط ضحايا النيجر الولایات المتحدة إلى روسیا
إقرأ أيضاً:
السياسة الأمريكية تجاه السودان: من صراعات الماضي إلى حسابات الجمهوريين الباردة
شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان محطات متباينة عبر التاريخ، حيث تأرجحت بين الانخراط الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية، وكان السودان دائمًا في موقع حساس داخل الاستراتيجية الأمريكية تجاه إفريقيا والشرق الأوسط. منذ استقلال السودان، تعاملت واشنطن معه وفق اعتبارات الحرب الباردة، فكانت تدعمه حين يكون في المعسكر الغربي، وتضغط عليه حين يميل نحو المعسكر الشرقي أو يتبنى سياسات معادية لمصالحها. خلال السبعينيات، دعمت إدارة نيكسون والرؤساء الجمهوريون الذين جاؤوا بعده نظام جعفر نميري، خاصة بعد أن طرد الأخير الخبراء السوفييت وتحول إلى التحالف مع الغرب، لكن هذا الدعم لم يكن بلا مقابل، فقد جاء مشروطًا بفتح السودان أمام المصالح الأمريكية، سواء في ملفات الاقتصاد أو الأمن الإقليمي.
مع وصول الإسلاميين إلى السلطة عام 1989 بقيادة عمر البشير، دخل السودان في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة بعد استضافته لأسامة بن لادن وجماعات إسلامية أخرى، وهو ما أدى إلى تصنيفه دولة راعية للإرهاب في 1993. العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن عزلت السودان دوليًا، لكنها في ذات الوقت لم تمنع النظام من بناء تحالفات بديلة مع الصين وروسيا وإيران، ما جعل السودان يتحول إلى ساحة مواجهة غير مباشرة بين القوى الكبرى. ومع اشتداد الحرب في جنوب السودان، لعبت الولايات المتحدة دورًا غير مباشر في دعم المتمردين، وهو ما قاد إلى اتفاق السلام في 2005 الذي مهّد لانفصال الجنوب عام 2011. غير أن واشنطن، ورغم دورها الحاسم في تقسيم السودان، لم تفِ بوعودها تجاه الخرطوم، إذ استمر الحصار الاقتصادي لسنوات طويلة بعد الانفصال، ما زاد من تعقيد المشهد الداخلي وأدى إلى أزمات اقتصادية وسياسية عميقة.
خلال فترة حكم دونالد ترامب، تغيرت الاستراتيجية الأمريكية تجاه السودان من المواجهة المباشرة إلى نهج "المقايضة"، حيث تم ربط أي انفتاح أمريكي بمدى استعداد السودان لتقديم تنازلات سياسية وأمنية، وكان أبرز الأمثلة على ذلك اشتراط واشنطن تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في 2020. هذا النهج عكس طبيعة السياسة الخارجية لإدارة ترامب التي قامت على البراغماتية المطلقة، بعيدًا عن أي التزامات أخلاقية أو ديمقراطية. هذه الواقعية الصارمة قد تعود مجددًا في حال وصول الجمهوريين إلى السلطة مرة أخرى، مما يعني أن تعامل الولايات المتحدة مع السودان سيكون محكومًا باعتبارات المصالح الجيوسياسية وليس بدعم التحول الديمقراطي.
من المرجح أن تعتمد الإدارة الجمهورية القادمة، سواء بقيادة ترامب أو أي بديل آخر، على سياسة المقايضة بدلًا من الدبلوماسية التقليدية. السودان قد يجد نفسه أمام معادلة واضحة: ماذا يمكنه أن يقدم مقابل الدعم الأمريكي؟ في ظل هذه البراغماتية، فإن القوى المدنية التي لا تمتلك أدوات ضغط حقيقية قد يتم تجاهلها، فيما يتم التركيز على الفاعلين العسكريين باعتبارهم الأقدر على فرض الاستقرار، حتى لو كان ذلك على حساب التحول الديمقراطي. كذلك فإن الإدارة الجمهورية قد تستخدم العقوبات بشكل انتقائي، فتضغط على قوات الدعم السريع باعتبارها مرتبطة بروسيا وفاغنر، بينما تغض الطرف عن الانتهاكات التي يرتكبها الجيش السوداني إذا كان ذلك يخدم المصالح الأمريكية في الإقليم.
التحالفات الإقليمية ستكون أيضًا محورًا أساسيًا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه السودان، إذ من المتوقع أن تتعامل واشنطن مع الملف السوداني عبر قنوات غير مباشرة، مثل مصر والإمارات، بدلًا من التدخل المباشر. هذه المقاربة قد تؤدي إلى صفقات سرية تعيد ترتيب الأوضاع بما يخدم القوى العسكرية المدعومة من هذه الدول، وهو ما سيجعل أي حل سياسي محتمل بعيدًا عن التوافق الوطني الحقيقي. في سياق أوسع، فإن السودان قد يتحول إلى ورقة ضغط في الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث قد تسعى واشنطن إلى منع موسكو من توسيع نفوذها في البحر الأحمر عبر قاعدة بورتسودان، كما قد تستخدم الأزمة السودانية للضغط على الصين التي تمتلك استثمارات ضخمة في البلاد.
المسألة الأكثر حساسية في العلاقة بين السودان والإدارة الجمهورية القادمة ستكون ملف إسرائيل، إذ أن واشنطن قد تربط أي دعم سياسي أو اقتصادي بمزيد من التنازلات السودانية تجاه تل أبيب، سواء من حيث التعاون الأمني أو الاقتصادي. ترامب، في ولايته الأولى، استخدم سياسة فرض التطبيع كشرط مسبق للدعم، ومن المرجح أن يعود إلى نفس الأسلوب إذا فاز بولاية ثانية. هذه السياسة قد تضع السودان في مأزق داخلي، حيث أن التطبيع ما زال ملفًا خلافيًا في الساحة السودانية، ما يعني أن أي ضغط أمريكي في هذا الاتجاه قد يفاقم التوترات الداخلية.
في النهاية، فإن مستقبل العلاقة بين السودان والولايات المتحدة في ظل الجمهوريين سيتحدد وفق معادلة المصالح البحتة، بعيدًا عن أي التزام بدعم الديمقراطية أو الاستقرار طويل الأمد. واشنطن قد تدعم حلًا عسكريًا سريعًا للأزمة السودانية إذا كان ذلك يخدم مصالحها الإقليمية، لكنها لن تلتزم بمساعدة السودان على بناء نظام سياسي مستدام. كما أن السودان قد يجد نفسه في قلب صراع بين القوى الكبرى، حيث تسعى واشنطن إلى احتوائه ضمن استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الروسي والصيني، مما قد يعقد الأزمة أكثر بدلًا من حلها. في ظل هذه التعقيدات، فإن السودان سيكون أمام خيارات صعبة، إما الخضوع للضغوط الخارجية وقبول حلول مفروضة، أو مواجهة سيناريو صراع طويل الأمد يعمّق أزماته السياسية والاقتصادية.
zuhair.osman@aol.com