رسالة محمد والمسيح إلى السودانيين

ناجح إبراهيم

 

* كما أن موعظة الجبل التى ألقاها السيد المسيح، عليه السلام، من فوق جبل طابور بالجليل تعد أهم وأبلغ وأشمل مواعظه، وهى الموعظة الخاتمة والجامعة للمسيح، فإن خطبة عرفات تعد أعظم خطب الرسول قاطبة وأشملها وأكثرها عمقاً وتمثل الوصايا الجامعة لهذه الأمة.

* كانت خطبة عرفات مشحونة بالمشاعر الفياضة بين الرسول المودع لأمته وبين الجموع الغفيرة التى احتشدت له مد البصر، فها هو يلمح بالوداع: «أيها الناس اسمعوا قولى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا»، إنه وداع النبى لأمته والدنيا بعد أن ملأها براً ورحمة وعفواً وزهداً وورعاً.

* وها هم ينصتون إلى النبى المودع فى خشوع وطاعة ومحبة، بعد أن بارزوه طويلاً بالعصيان والعداوة، وبعد أن نكلوا بأصحابه وأخرجوهم من بلادهم.

* ها هو يقول لجرير: «استنصت الناس يا جرير»، فينصت الشجر والحجر والمدر والسماء والأرض لكلمات النبى المودعة، وها هو يرى ثمرة كفاحه وحصاد دعوته التى استمرت 23 عاماً، عانى وبذل فيها الكثير، ليرى ثمرتها من خلال هذه الجموع المؤمنة التى تكبر الله وتعبده حق العبودية.

* أعظم ما قيل فى خطبة الوداع: «إنَّ دِماءَكُم، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، فى شهرِكُمْ هَذَا، فى بلَدِكُم هَذَا»، يعنى به التحريم المضاعف والمتواصل مرات ومرات بحرمة اليوم الحرام والشهر الحرام والبلد الحرام.

* ووالله لو أن هذه الأمة أخذت بهذه الفقرة وحدها من خطبة الوداع ما تنكبت الطريق، وما ضلت السبيل، وما أصبحت معظم شعوبها من اللاجئين وتوزعت بين القتلى والجرحى والمشردين، وما استيقظت كل عدة أيام على تفجيرات ومذابح ومجازر وقبور أو سجون جماعية أو فساد وسرقات لا تعد ولا تحصى، أو تحرش فى كل شارع أو حارة، ولتوقفت الأمة عن الولوغ فى الدماء الحرام والأعراض المحرمة والأموال المحرمة.

* أروع فقرة مؤثرة فى خطبة الوداع قول النبى فى ختامها: «ألا هل بلغت»، وهم يجيبونه: نعم، ثلاث مرات، وهو يشير إلى السماء فى كل مرة: «اللهم فاشهد».

* رسول يريد من أمته أن تشهد على أمانته ودقته فى تبليغ الرسالة، رغم أنه لا يريد هذه الشهادة لأن القرآن شهد له، ولكنه أراد أن تشهد هذه الأمة لرسولها وعلى نفسها وللأجيال القادمة باكتمال الرسالة وتمامها، وأن كل خرق سيحدث فيها بما كسبت أيدينا، وكل تخلف أو استبداد أو تكفير أو تفجير أو فقر أو جوع أو ظلم أو هضم ليس بسبب الرسالة ولكن بسبب البعد عن الرسالة والتخلى عنها والتنكر لتعاليمها.

* يا سيدى يا رسول الله نشهد إنك أديت وبلغت ونصحت ودعوت وما قصرت، ونحن أهل الغفلة والتقصير والنسيان والعصيان.

* لو أنصت السودانيون بقلوبهم وجوارحهم إلى هذه الفقرة فقط من كلام النبى فى حجة الوداع ما وقعوا فيما وقعوا فيه من اقتتال بغيض وسفك للدماء بين أبناء الوطن الواحد.

* غزة تنزف والسودانيون يقتل بعضهم بعضاً، يتقاتلون على الحطام وعلى دولة قد تمزقت وتحطمت، يفخر بعضهم بأنه دمر للفريق الآخر كذا دبابة وعربة مدرعة، وأنه قتل وجرح من جيش بلاده كذا وكذا، أى عار هذا؟! أى خزى هذا؟!

* تفخر الميليشيات السودانية بأنها حرقت القرى وقتلت المدنيين، وهجرت أهاليهم وأقرباءهم وذويهم عن مناطقهم، ما الفرق بينكم وبين إسرائيل؟!

* بلد فقير جائع يفتقر لكل شىء، ويحتاج كل شىء، يتقاتل فيه أبناؤه على سلطة زائلة، وكراسى لا قيمة لها، هؤلاء لم يتعلموا شيئاً من الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولا من الحسن بن على، رائد الصلح والإصلاح، ولا من المشير سوار الذهب.

* الميليشيات السودانية ضاعفت هموم الأمة وكرب غزة على العرب والمسلمين، الجميع ينظر إلى الميليشيات السودانية باحتقار كما ينظر إلى الجيش الإسرائيلى، وكل الميليشيات الداعشية السابقة.

* الله الله فى الدماء البريئة المسالمة، فى دماء الأطفال والنساء، فى حرمات الناس.

* أين صناع السلام؟ أين دعاة الصلح؟ أين دعاة وقف العنف؟ أين الذين يوقفون هذا الجنون السودانى؟

* أعظم نصيحة فى موعظة الجبل: «طوبى لصانعى السلام فإنهم أبناء الله يدعون»، وأعظم نصيحة للرسول فى حجة الوداع قوله: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم»، وقد حرم المسيح فى موعظة الجبل كل مقدمات القتل وعلى رأسها الغضب، ولم يحرم الزنا فحسب ولكنه حرم مقدماته وأولها النظرة المحرمة، وقد حرمهما الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تغضب»، وكرر مراراً لا «تغضب»، وقال: «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس».

* «وَفَدينَاهُ بذبحٍ عظيم»، تعنى فيما تعنى أن الإنسان أعظم من كل ما فى الأرض، وحياته أغلى من كل الدنيا، فلا تنهض الأمم على أشلائه، ولا تنتصر الجماعات على دفق دمائه، ولا يسود الحكام على ذله وهوانه وفقره وحاجته، ولا تتقدم الدول على يتم وتثكل وترمل الكثير من أبنائها وبناتها، ولا يبنى جاه القادة على بكائه وعويله.

* الحج والحشر يتناغمان فى كل شىء مبنى ومعنى، فأول سورة الحج تفتتح بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ»، والحج يبدأ بالنداء، نداء إبراهيم عليه السلام: «وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً»، والكل يلبى، أما الحشر يوم القيامة فيبدأ بالنفخ فى الصور: «وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ»

*نقلاً عن “الوطن”

الوسومالسلام السودانيين المسيح خطبة الوداع دعاة الصلح محمد "ص"

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السلام السودانيين المسيح خطبة الوداع محمد ص

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بمحافظة شمال سيناء

أذاعت الفضائية المصرية، بث مباشر لنقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بمحافظة شمال سيناء.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينموضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. كاملة ومكتوبة

ويخطب أئمة وزارة الأوقاف خطبة الجمعة اليوم تحت عنوان: "الأرض المباركة"، حيث خصصت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم عن هذا العنوان، منوهة أن الهدف منها هو: توعية الجمهور بمكانة أرض سيناء المباركة أرض التجلي، علما بأن الخطبة الثانية تتناول بيان خطورة التحرش، ودور الأسرة في مواجهته.

موضوع خطبة الجمعة

ونشرت وزارة الأوقاف نص موضوع خطبة الجمعة اليوم مكتوبة كاملة للإطلاع عليها من الأئمة وهو كالتالي:
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، حمدا يليق بعظمة جلاله وكمال ألوهيته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وبهجة قلوبنا وقرة أعيننا  محمدا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وختاما للأنبياء والمرسلين، فشرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقف أيها العقل عند منتهاك، فبين يديك ذكرى تحرير سيناء، الأرض المباركة، أرض التجليات، مجمع الرسالات، مهبط الأنبياء، ساحة الأبرار، ممر الحجاج الكرام إلى بيت الله الحرام، فعلى أديمها الطاهر سارت الأقدام المباركة، وعلى ترابها الميمون ارتفعت الأكف الضارعة وعرجت الأرواح الهائمة، فكلما خطوت في سيناء خطوة استشعرت بركة قسم رب العالمين بأرضنا المباركة، حيث قال سبحانه: {والتين والزيتون * وطور سينين}.

أيها الناس، تخيلوا معي ذلك المشهد الإلهي الكوني المهيب، مشهد لم يشهد الزمان مثله، حين اصطفى الله جل جلاله لكليمه موسى عليه السلام أشرف الأزمان وأرقاها، واختار له أسمى الأماكن وأبركها، فتجلى الرب جل جلاله لنبيه موسى عليه السلام على جبل الطور، فاهتز الجبل خشية وتدكدك عظمة، بينما كان قلب موسى عليه السلام يستقبل نور الهداية ويتشرب حكمة السماء، إن هذه اللحظة الفريدة رمز أبدي لعظمة الوحي الذي يضيء دروب الحائرين، وكأن ذرات رمال سيناء تحمل بين طياتها صدى كلمات الله تعالى التي تجلت على جبلها المبارك {فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين}، {فلما أتاها نودي ياموسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى}.


أيها المصريون، استشعروا نعمة الله جل جلاله على مصر وأهلها، فأي شرف وأي مجد وأي بركة وأي نور وأي بصيرة أفيضت من الله عز وجل على تلك البقعة الغراء من أرض مصر! أي فضل وكرم ومنحة وعطاء من الله لنا أهل مصر؛ لما أن اصطفى الله تعالى بقعة من أرضنا الطاهرة ليتجلى عليها مصطفيا نبيه موسى عليه السلام!

خطبة الجمعة كاملة

أيها المصريون، إن هذا التجلي لم يكن آخر العهد بأرض سيناء، بل إنه ما أن مضت السنوات، واشتاقت أرض سيناء وجبالها ووديانها لتلك الأنوار والبركات، حتى أتى الوحي الشريف من الله جل جلاله لموسى عليه السلام يدعوه الله لميقاته سبحانه، فاستشرفت أرض سيناء من جديد لشهود هذا التجلي العظيم {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين}.

أيها الكرام، فلنستلهم من صمت سيناء الحكمة، ومن وعورة دروبها القوة، ومن شمسها الساطعة النور، تعالوا نتأمل في جبالها الشماء التي تشبه في صمودها قلوب المصريين، وفي وديانها الفسيحة التي تحتضن آمال المستبشرين، إن سيناء المباركة أرض ترابها ذهب، ونخيلها عجب، ومعادن رجالها تحب، رمالها فيروز، وخزائنها كنوز، أرضنا سيناء كتاب مفتوح يقرأ فيه العارفون سطور العظمة الإلهية، والبطولة المصرية، ففي كل حجر حكاية، وفي كل واد قصة، وعلى كل شبر ملحمة!.

أيها الكرام، بثوا في نفوس أولادكم أن سيناء الأرض المباركة عنوان الثبات والنصر، وأرض الملاحم والبطولات والعزة والإباء والكرامة، ارتوت أرضها بدماء الشهداء، وكل ذرة فيها تشهد لجنود مصر الأوفياء، فاقدروا لتلك الأرض المباركة قدرها، فإن الخامس والعشرين من أبريل شاهد أن سيناء تنفي خبثها، حيث يجتمع في هذا اليوم العظيم شرف الزمان والمكان والإنسان ممزوجا بتكبيرات النصر ونظرات الأمل في مستقبل يحمل الخير والبركة والنماء.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن التحرش اعتداء على حرمات الناس المصونة، وتعد صارخ على القيم الإنسانية، ومخالفة للفطر السوية، يستبيح حرمة الناس، ويترك في نفوسهم جروحا غائرة قد لا تندمل، فيا أيها الكرام أدوا دوركم، ولا تترددوا في فتح هذا الموضوع الحساس مع ذويكم، ابحثوا عن الأسلوب المناسب والكلمة الملائمة، واشرحوا لهم أن براءتهم حصن منيع لا يحق لأحد اختراقه، وأن أجسادهم ملك لهم وحدهم، فلا يحق لأي شخص أن يلمسها أو يقترب منها.

أيها السادة، بثوا في نفوس من حولكم قوة الرفض في التعامل مع كل شخص غريب أو فعل مريب، وجهوهم إلى الإبلاغ عن أي حالة تحرش، وأدخلوا في قلوبهم السكينة والطمأنينة أنكم ستصدقونهم وستقفون سندا لهم؛ حتى ينالوا حقوقهم القانونية.
أيها الكرام، إن التوعية ليست مجرد كلمات تقال، بل هي سلوك وممارسة، فكونوا قدوة حسنة في احترام الآخرين وحدودهم، وكونوا يقظين لأي علامات تدل على تعرض من تحبون للأذى، كالانطواء المفاجئ، أو تغير المزاج، أو الخوف غير المبرر، فقطرة وقاية خير من قنطار علاج.

طباعة شارك خطبة الجمعة موضوع خطبة الجمعة وزارة الأوقاف صلاة الجمعة مسجد النصر شمال سيناء الأرض المباركة سيناء

مقالات مشابهة

  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد النصر بمحافظة شمال سيناء
  • موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. كاملة ومكتوبة
  • عطوان: اليمن يقود صحوة الأمة.. ويصنع مجدًا لا تقدر عليه عواصم العرب مجتمعة
  • خطبة الجمعة وزارة الأوقاف.. «سيناء - الأرض المباركة»
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة غدًا.. تعرف عليها
  • «الأرض المباركة».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة
  • حكم تلقين المتوفى بعد دفنه.. دار الإفتاء تحدد الطريقة الشرعية
  • الأرض المباركة في خطبة الجمعة.. تأملات في تاريخ وتجليات سيناء
  • الأرض المباركة.. خطبة الجمعة المقبلة
  • بين تكالب الأعداء وسُبل المواجهة القرآنية.. مميزات المسيرة الجهادية