جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها مليشيات الجنجويد على منطقة الجزيرة وسط السودان (الذي يضم مخطط الجزيرة المروي ( 2 مليون فدان مع أقل من 8 مليون نسمة)، تستهدف المواطنين العزل في قراهم، إضافة إلى كونه سلوكًا عميقًا متجذر في نفسيتهم التي استمرت منذ ثلاثة عقود في دارفور، هو في الحقيقة شيء أكبر من ذلك.

ما هذه الجرائم الممنهجة إلا خطة عسكرية يوصي بها خبراء عسكريون يعملون مع الإمارات من أجل جر الجيش السوداني إلى معارك بناء على “تكتيكات حرب قاطعة” أي أن تتحرك قوة الجيش فورا كلما سمعت أن قرية كذا وكذا تحت هجوم جنجويد. كل عسكري محترف يعرف أن الجيوش النظامية (على عكس الشرطة) تخوض الحروب فقط من خلال خطة متكاملة ومرسومة بشكل جيد.
***
حسب شهادات الشهود ولمن يعرف صعوبة التنقل بين قرى مخطط الجزيرة الزراعي والبحر عبر قنواتها السرية وبينها فإن مليشيات الجنجويد تتحرك بكل سهولة وكأنها تمتلك خرائط أقمار صناعية بإحداثيات دقيقة مرسومة عبر الأقمار الصناعية مما يجعل نادراً ما يفقدون طريقهم بين مجمع قنوات الري الخاصة بهم، بل وأكثر سوءاً في سهوله الشاسعة مع طرقاتهم الترابية المتقاطعة. واتضح ذلك في تحركاتهم الدقيقة في المناطق الشمالية من منطقة الجزيرة حيث يمكن لشخص أن يقضي 10 ساعات يتجول من الشرق بين قرية اللعوطة وقرية واد الكريل في الغرب.
***
كما هو معروف في القانون الدولي (1)، تقع مسؤولية أمن وسلامة مواطني منطقة الجزيرة رسميا وقانونيا على أكتاف القوة العسكرية التي تسيطر على المنطقة وكل بقعة منها بوجود المدنيين. من المفهوم أن مليشيات الجنجويد هي التي تقع تحت سيطرتها منطقة الجزيرة بخصوص هذا القانون الذي يتجاهله المجتمع الدولي عمدا، يدعي الجنجويد (مثلا في مجزرة قرية واد النورة – حوالي 280 مدنيا قتلوا بدم بارد؛ التقديرات الأولى تبدأ من 100+ 2) إما أن المواطنين كانوا يحملون السلاح (وهذا من بالطبع حقهم طالما احتفظوا بقريتهم لحماية أنفسهم من أي شخص قد يهاجمهم)، أو وجود عسكري سوداني في القرية. طبعا من المعروف بالضرورة في القانون الدولي أن أي موقع مدني يمكن أن يصبح هدفا عسكريا إذا ثبت أنه يحتوي على قوات عسكرية، بشرط اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة للحد من الضرر على المدنيين.
***
ولكن الحقيقة التي تتجلى في الفيديوهات التي يتم تداولها بشكل واسع وبشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي (مثلًا، دعونا نأخذ حادثتي مجزرة واد النورة مثالًا على الجنجويد وقصف سوق قندهار كمثال على ذلك الجيش السوداني، 3)، سنلاحظ ما يلي:
1) كمثال- في مجزرة قرية ود النورة (وإن كانت غيرها كثيرة) لا نرى أي جنود ينتمون للجيش السوداني سواء من القتلى أو الجرحى أو من الناس الحاضرين عليهم. هذا يشير بوضوح إلى أن جنود الجيش السوداني لم يكونوا موجودين في المنطقة على الإطلاق. هذا يثبت أيضًا أن القرية هي في الواقع منطقة مدنية 100%. هذا يثبت أنها منطقة لا توجد فيها قوات عسكرية على الإطلاق، وبالتالي يصبح استهدافها من قبل أي مجموعة عسكرية مجرد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
***
2) أما فيما يتعلق بحادثة قصف جوي سوق قندهار (وإن كان الكثير منها)، فإننا لا نلاحظ فقط وجود مقاتلي مليشيات الجنجويد يتجولون بين القتلى والجرحى وهم يحملون أسلحتهم، ولكننا نلاحظ أيضا مقاتلي المليشيات الخاصة بهم لا يزالون يرتدون الزي الرسمي بين قتلى وجرحى. هذا يثبت انها فعلا منطقة مدنية (سوق ولو لبيع البضائع المنهوبة) ولكن بوجود كثيف للقوات العسكرية مما يجعلها حسب القانون الدولي هدفا عسكريا رغم كل الألم الذي يشعر به المرء لان الضحايا المدنيين (هذه الفيديوهات غالبا تم تسجيلها بواسطة كاميرات الهاتف المحمول للجنجويد أنفسهم). وفي هذا الشأن تتحمل مليشيات الجنجويد المسؤولية الكاملة عما أصاب المدنيين وما أصاب مقاتليهم كما تتخذ المدنيين ووجودهم مثل الأحياء السكنية والأسواق كدروع بشرية يحتمون خلفها. طبعا الكل يعرف ان مليشيات الجنجويد التزمت بالابتعاد عن المناطق المدنية والسكنية بدءا من الاخلاء من منازل المواطنين التزام لم يلتزموا به حتى هذه اللحظة
***
خاتمة
من الناحية التكتيكية، ما يحدث في منطقة الجزيرة هو مجرد خطة عسكرية لإجبار الجيش السوداني على خوض هذه الحرب بطريقة حروب العصابات في ساحة معروفة بأنها متاهة بسبب قنوات الري السرية والسهول الشاسعة مع الطرق الترابية المتقاطعة للمركبات. لتنفيذ هذه الخطة وبسبب ميل الاضطهاد والإساءة للمدنيين المتجذرة في طبيعة مليشيات الجنجويد تم إعطاء أوامر مباشرة خبراء حرب استأجرتهم الإمارات لمليشيات الجنجويد لارتكاب جميع أنواع الجرائم ضد المواطنين العزل في منطقة المخطط الزراعي الجزيرة وسط السودان بغض النظر عن اعتاد مقاتلي مليشيات الجنجويد الذين لا يرحمون على ارتكاب هذه الجرائم بطبيعتهم كما كانوا يفعلون في دارفور طوال العقود الثلاثة الماضية، ورغم أن هذه الجرائم في منطقة الجزيرة هي جرائم حرب أخرى وجرائم ضد الإنسانية وحرب من الإبادة لكن هناك فرق في التكتيكات بين الحالتين في قضية دارفور، تقوم مليشيات الجنجويد بجرائمها المذكورة أعلاه باسم النظام الإسلامي للرئيس النفسي، البشير المخلوع لمعاقبة المدنيين الذين أخذ شبابهم الثوري إلى السلاح. ولكن في منطقة الجزيرة نفس الجرائم المذكورة أعلاه هي تكتيك نعم، ولكن ليس لمعاقبة الفقراء والمدنيين العاجزين، بل والأسوأ من ذلك كخطة حرب ضد الدولة السودانية، الشعب السوداني ممثل عسكريا في الجيش السوداني. المسئولون عن هذه الجرائم هم مليشيات الجنجويد والراعي الاقليمي لها ( الامارات ) وكل القوى والكيانات السياسية والمدنية السودانية المتحالفة مع مليشيات الجنجاويد ثم المجتمع الدولي وعلى رأسها الامم المتحدة ومجلس الامن وكذلك الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.

محمد جلال هاشم
*MJH*
كمبال – 10 يونيو 2024

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیات الجنجوید فی منطقة الجزیرة الجیش السودانی هذه الجرائم

إقرأ أيضاً:

تونس.. مقتل جندي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية

أعلنت وزارة الدفاع التونسية، الخميس، مقتل عسكري اثر تعرض دورية عسكرية لإطلاق نار “مجهول” في جنوب البلاد بالقرب من الحدود مع ليبيا.

وقالت الوزارة إن مهاجمين مجهولين فتحوا النار على دورية عسكرية تونسية الأربعاء، فقتلوا جنديا.

وذكرت الوزارة في بيان، أن “دورية عسكرية عاملة بقطاع رمادة كانت بصدد تنفيذ مهامها العادية بالمنطقة الحدودية العازلة تعرضت فجر اليوم إلى إطلاق نار مباغت ومجهول المصدر أسفر عن وفاة عسكري من عناصر الدورية العسكرية”.

وتشدد تونس من إجراءاتها الأمنية على الحدود مع ليبيا لمكافحة ظاهرة التسلل والتهريب، عبر إنشاء منطقة عسكرية عازلة، وتم في 2015 حفر خندق عازل بطول 250 كلم على الحدود، إضافة إلى تعزيز تواجد مختلف الأسلاك الأمنية.

وفي صيف 2013 تم إعلان الشريط الحدودي الجنوبي الرابط بين تونس والجزائر وليبيا منطقة عسكرية عازلة يمنع الدّخول إليها إلا بتراخيص من السلطات.

وتشترك تونس وليبيا بخط حدودي على طول نحو 500 كلم، ويربطهما منفذان بريان فقط، هما: معبر راس جدير، ومعبر الذهيبة وازن.

ومطلع الشهر الجاري، أعلنت السلطات التونسية، إلقاء القبض على 3 أشخاص في منطقتي بنزرت (شمال) والمنستير (شرق) بتهمة الانتماء إلى “تنظيم إرهابي”.

مقالات مشابهة

  • المطران عطاالله حنا: نعزي الأسر المكلومة بفقد أبنائها بسبب جرائم القتل المروعة
  • الدفاع التايوانية: رصدنا تحليق 35 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة
  • أكتر إتنين خايبين وأشباه رجال حالياً اتنين
  • تونس.. مقتل جندي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية
  • حريق كبير قرب قاعدة عسكرية إسرائيلية بالقدس
  • الجنائية الدولية تصدر أوامر باعتقال وزير الدفاع الروسي وقادة آخرين
  • السوداني يستقبل مجموعة من وجهاء وممثلي منطقة المعامل
  • السوداني يستقبل مجموعة من وجهاء وممثلي منطقة المعامل جنوب شرق بغداد
  • شبكة أطباء السودان: نتأسف للوضع الصحي بمنطقة حجر العسل الواقعة في الحدود الجنوبية لولاية نهر النيل
  • الجيش السوداني يتقدم بولاية الجزيرة والمعارك تدفع 143 ألف للنزوح من الفاشر