ناس تقدم عاوزين حميدتي يحارب ليهم الكيزان الما عرفوليهم وهم في الحكم
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
دعوت الهيئات التي شاركت في الحكومة الانتقالية في قحت (والتي عارضتها) أن تقرأ نص إخفاقها في الحكم بقوة وذكاء حتى لا تتخلص من تبعة هذه القراءة ب"اصطناع" شيطان هو الكيزان ترميه بالجمرات وكانت يا عرب. وهذه هي الخطة التي أطلقت عليها "اللوثة" بالكيزان. فالملوث بها جبان الخاطرة بخيل النفس لا يريد أن يرى عوسه في محنته.
أقمت بيني وبين المعارضة للنظم العسكرية سداً منذ خرجت على الحزب الشيوعي في ١٩٧٨. وكتبت عن استقلالي عنها ككاتب "نقد الذهن المعارض" مقدمة لكتابي "عبير الأمكنة" (١٩٨٨). أخذت في كلمتي تلك على المعارضة حتى على عهد نميري نهجها التأجيجي تكتفي فيه بتسجيل معارضتها كمآخذ سياسية في غاية العمومية لا تتعلم هي نفسها منها شيئاً. واستلهمت في الموقف النقد الذي صوبه أستاذنا عبد الخالق محجوب لمعارضة حزبه لنظام الفريق عبود، فوصفها، على استماتها وكلفتها ونبلها، ب"الإثارية" في كتاب "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" (١٩٦٧). فصارع الحزب النظام كديكتاتورية عسكرية قاتل لتفكيكها وعودتها للثكنات. وكان عليهم كشيوعيين، في قوله، مقاومة النظام كواقعة طبقية أداتها العسكرية. وهذا مختلف جداً.
أردت في "نقد الذهن المعارض" للمعارضة أن تنمي حساً بالملاحظة، والنفاذ للدقائق، بالكشف المحيط للظاهرة موضع نقدها للوقوف على جدلها كله. ومن شأن هذا النقد أن ينزل بالمعارض من خفوق الشعار (والشعر) إلى رؤوس التفاصيل الشائكة المهمة، وأن ينقلها من التباكي إلى الفعل. وهي المعارضة الحق التي تثمر ما نحمله معنا للدولة كعزيمة وبصيرة وتقليد بعد زوال الطغيان، ولبناء الوطن الجديد. وبدا لي في أداء معارضة الإنقاذ في الحكم مصداقاً لعاهة "الذهن المعارض" كما طرأت لي في ١٩٨٨.
وصدق عندي نقدي للذهن المعارض في قراءة لي لردود الأفعال من دوائر عارضت الإنقاذ لمنعطفات حرجة للثورة أخيراً. فاستنكر إبراهيم الشيخ، رئيس المجلس المركزي لقحت ووزير الصناعة، "إطلاق البمبان على شباب الكيزان وهم صائمون قبل دقائق من موعد الإفطار". وقال إنه كان بالوسع التعامل معهم بما يتسق مع "قيم الشعب وسماحته، ومراعاة موعد إفطارهم". وقال إن تجمعاً مثله لن يؤثر على ثورة سقاها الشهداء بدمائهم. (وهسع إفطارت الفلول هي البينة التي لا غيرها في إشعالهم للحرب)
ولا غضاضة في قول إبراهيم إلا أنه لم يخرج من عادة المعارضة في التعجيل بالنبأ السيء. ولكن فات عليه أنه الآن حكومة بل وزعيم حاضنتها السياسية. وهي وظائف رجل الدولة. ويقع تحت سلطانه لا شباب الإسلاميين وحدهم، بل والجهة الأمنية التي فضت إفطارهم بتعاقد المخدم والشخص المستخدم. واقتضى منه ذلك أن يجلس إلى كل هيئات حكومته الأطراف في واقعة فض فطور الإخوان. يستمع إليهم ويناقش معهم تقديراتهم التي رجحت عندهم ذلك الإجراء دون غيره. وأن يخرج بيان وثيق معبر عن الحكومة. فالحكم "تقله" وأخذ لآلياته وكادره بقوة ودماثة. فالانتقالية وريثة نظم أمنية وشرطية نشأت خلال عهود للديكتاتورية طالت واستطالت موسوسه تجاه أي تجمع زاد عن خمسة أشخاص. ولم ترحم حتى شباب الثورة في تظاهرات مشهودة. ولن نغادر محطة المعارض إن ظللنا ننقد الحكومة من خارجها في حين صار بوسعنا نقدها من داخلها.
أما الحزب الشيوعي فردة فعله، إذا صدقنا كمال كرار، فكانت "أفرش وتخين". فهو لم يبارح منصة المعارضة إذا عاد إليها بعد فترة مشوشة في دهاليز الحكم. وبلغ من المعارضة أنه قد طرح سقوط الانتقالية كواجب مقدم وعاجل. فتأسف كرار باسم الحزب على رحيل المرحوم الزبير أحمد الحسن بعد مرضه في سجن كوبر. وطالب بالتحقيق "الفوري" في "عمليات" وفاة الإسلاميين داخل السجون. وانتقد تأخر محاكمتهم بلا مبرر خاصة وأن القضايا التي يحاكمون بها "تافهة" في حين أن مئات من جرائمهم التي ارتكبوها لم يتم البت فيها حتى الآن.
وكلام كرار هو صفحة من أدب المعارضة بحذافيرها. فلغة المعارضة بينة في "عمليات" و"تحقيق فوري" واحتكار سلم الأسبقيات دون الحكومة في تعيين المهم من المسائل وغير المهم. والمراد من هذا الاحتكار ألا تكسب مع المعارض مطلقاً. فما هي مثلاً الجرائم الكبرى التي ارتكبها الإخوان التي تفوق خرقهم للدستور؟ وهو الخرق الذي كان بوابتهم لكل جريمة أخرى. وخرق الدستور كان المادة التي كان يحاكم بها المرحوم مع إخوانه علاوة على التصرف الفاسد ببيع خط هيثرو.
ولم يطرأ لكرار، طالما عارض الحكومة، أن يأخذ بالشدة فريق الدفاع عن المرحوم وأصحابه الذين حولوا المحكمة إلى سيرك على قول المثل: "شد واتباطا يا شراً فاتا يا خيراً آتا". إنهم في انتظار جودو، أي تغيير في الوضع السياسي يُنهي المحكمة بالضربة القاضية. وبلغ من تجاحد المحامين من أمثال أبو بكر عبد الرازق والعشرة الكرام أن ثلاثة منهم تنتظرهم المحاكمة لإساءة المحكمة. بل ورفض أكثر المتهمين الإدلاء بأقوالهم للجرجرة للحد الذي صمت أحمد هارون عن أقواله قبل أن يُعرض على لاهاي (بتاعتكم دي). لقد اختطفوا المحكمة بتجاحد قانوني معيب ومهين. فالتباطؤ في محاكمة الإخوان ليس خيار المحكمة كما يعتقد كمال كرار بل هو نكدها الذي تعانيه وقد اعتزلتها المهنة القانونية الثورية وفرت منها كما يفر المرء من الأجرب. فهذه الجرجرة في محكمة المتهمين بتدبير انقلاب 1989 إنما هي مكر الدفاع. ولا يعتبر كرار المعارض هذا المكر في حيثياته لأنه خرج ل"يردم" الحكومة الانتقالية كيفما اتفق كخصم لها مصاب ب"الذهن المعارض"
وقلت إن الإنقاذين يحاكمون بتهم "تافهة" يا كرار! قطع لسانك الشيوعي يا كرار.
والحال على ما وصفنا ربما صدق علي عثمان محمد طه حين قال إن معارضتهم خلو من الرؤية.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
المحكمة الإدارية ترد قراراً بإنهاء خدمات قاضٍ
#سواليف
ردت #المحكمة_الإدارية قرارًا للمجلس القضائي بالاستغناء عن خدمات قاضٍ بعد أكثر من ثلاث سنوات من تثبيته، وذلك في #سابقة_قضائية.
ووفقًا للقرار فقد تقدم المستدعي، وهو القاضي المثبت، بواسطة وكيله المحامي للطعن بالقرار الصادر عن المجلس القضائي، والذي تضمن عدم تثبيت المستدعي كقاضٍ في الجهاز القضائي وإنهاء خدماته اعتبارًا من 21/11/2024، بحسب الرأي.
أسس وكيل المستدعي دعواه على عدة وقائع، منها أن المستدعي حصل على شهادة الثانوية بمعدل 92.3% في الفرع العلمي، وحصل على عدة منح دراسية داخلية وخارجية في مجال الطب، إلا أنه التحق ببرنامج «قضاة المستقبل» وحصل على شهادة البكالوريوس في القانون من الجامعة الأردنية عام 2012 بتقدير جيد جدًا، وبعد تخرجه، تم تعيينه كموظف في وزارة العدل (مساعد قضائي) في محكمة بداية المفرق، وبعد مرور سنتين على عمله في هذا المسمى، التحق بالمعهد القضائي لـ3 سنوات، وحصل على دبلوم المعهد القضائي بدرجة جيد جدًا ضمن الفوج التاسع عشر.
مقالات ذات صلةوفي 6/7/2020، صدر قرار تعيين المستدعي قاضيًا متدرجًا لدى محكمة عمان الابتدائية، وأدى القسم القانوني، ثم تم نقله إلى محكمة فقوع بالكرك، ومن ثم إلى محكمة صلح الأغوار الجنوبية كقاضٍ للصلح ومدعٍ عام.
وأثناء عمله لأكثر من 4 سنوات، لم يتم توجيه أي عقوبة تأديبية للمستدعي، أو حتى لفت نظر أو ملاحظة من جهاز التفتيش القضائي، ومع ذلك، صدر القرار المطعون فيه في ذات التاريخ بعد تثبيته في الخدمة القضائية، وتم الاستغناء عن خدماته، وذلك بصورة مخالفة لأحكام قانون الاستقلال القضائي وأحكام نظام عمل القاضي المتدرج رقم 46/2015.
وفي القرار، رأت المحكمة أن المستدعي حصل على تقارير «جيد» في 3 مرات، وآخر تقرير كان «متوسط»، واستنادًا إلى أحكام المادة 11 من القانون وتعديلاته، وعلى ضوء تقارير التفتيش القضائي الخاصة بالمستدعي، وكتاب رئيس محكمة الكرك الابتدائية والمتضمن عدم كفاءة المستدعي في العمل القضائي، قرر المجلس عدم تثبيته في الخدمة اعتبارًا من تاريخ 21/7/2024.
ورأت المحكمة التي ترأسها القاضي زياد الضمور وعضوية القاضي الدكتور ملك غزال والقاضي الدكتور محمد البخيت، أن المادة 11 من نفس القانون تنص على أن القاضي المتدرج عند تعيينه لأول مرة يكون تحت التجربة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ مباشرته للعمل. يحق للمجلس إنهاء خدمة القاضي خلال تلك الفترة إذا تبين للمجلس عدم كفاءته أو عدم لياقته الشخصية أو أخلاقه. ويعتبر القاضي مثبتًا في الخدمة بانتهاء تلك المدة، وهي ثلاث سنوات، ما لم يصدر قرار من المجلس بعدم تثبيته.
وتبين للمحكمة أن المستدعي عُين قاضيًا متدرجًا في 1/8/2020، أي أن المستدعي قد أكمل في الخدمة أكثر من ثلاث سنوات، حيث صدر قرار إنهاء خدماته بتاريخ 15/7/2024، أي بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات. وبالتالي، وجد أن السبب الذي استند إليه المجلس في القرار غير صحيح، وأن القرار كان خاليًا من أي دليل على عدم كفاءة المستدعي أو عدم لياقته أو أخلاقياته.
وعليه، قررت المحكمة أن القرار لم يستند إلى أساس صحيح، وأنه مخالف للواقع، وبالتالي يجب إلغاء القرار المشكو منه، مما يجعله قابلًا للطعن في المحكمة الإدارية العليا.