10 سنوات على الذكرى السوداء.. كيف غير ظهور وأفول داعش العراق إلى الأبد؟
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
السومرية نيوز-سياسة
تتبع تقرير مطوّل، قصة صعود وسقوط تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وذلك في الذكرى العاشرة على سقوط مدينة الموصل، في واحدة من أكثر الملفات سكوتًا والمتروكة بلا حسم او كشف لاسرارها، خصوصا مع انهيار فرق عسكرية بـ25 الف جندي مقابل 1500 مسلح فقط. التقرير الذي نشره موقع ناشيونال نيوز الأمريكي، وكتب على يد صحفيين وباحثين بالشأن الأمني ومقابلات عديدة أجريت، استذكر الذكرى السنوية العاشرة لسقوط الموصل في شهر حزيران، حيث شهدت الأزمة نزوح أكثر من نصف مليون شخص في غضون أسابيع، فضلاً عن أعمال عنف الإبادة الجماعية ضد الأقليات وكذلك الـ1700 طالب عسكري في سبايكر.
وتمزقت البلدات والمدن في المناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، بما في ذلك الموصل وتكريت والفلوجة والرمادي، معتبرا التقرير ان ذلك كان تتويجا لسنوات من التوترات الطائفية المتصاعدة في أعقاب غزو العراق عام 2003، الذي قلب النظام السياسي رأسا على عقب.
وأشار الى ان اعقب ذلك، أعمال عنف بين فصائل مسلحة على جانبي الانقسام، خلال العنف الطائفي، وغالباً بدعم أجنبي، وكان العديد من هذه الجماعات المسلحة مرتبطاً بأحزاب سياسية.
ويصف التقرير، ان القوات الأمنية في العراق في ذلك الحين، كانت إما أضعف من أن يحافظا على النظام، أو متواطئين في عمليات القتل، وهو الوضع الذي تفاقم بعد انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011.
ويبين التقرير ان الحرب على تنظيم داعش بين عامي 2013 و2017 كلفت العراق نحو 60 ألف شخص، وتظهر أرقام البنك الدولي أن ذلك تسبب أيضًا في أضرار بنحو 100 مليار دولار.
ويشير التقرير الى ان الفصائل التي تشكلت او كانت متشكلة قبل ذلك، تعززت قوتها وشرعيتها بعد انضوائها تحت مظلة جديدة "الحشد الشعبي"، وأصبحت القوة الأمنية المسيطرة في البلاد.
ويتساءل التقرير: لماذا ضعف تنظيم داعش في العراق بعد عقد من سقوط الموصل، وما يخبئه المستقبل.
ولا تزال المساءلة غائبة إلى حد كبير، على الرغم من أن القادة العسكريين العراقيين والمخابرات الأمريكية كانوا على علم بأن الحركة الإرهابية كانت تكتسب زخما سريعا، قبل ستة أشهر إلى عام من سيطرة الجماعة على الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014.
في 4 كانون الثاني (يناير) 2014، استولى تنظيم داعش على الفلوجة، على بعد ساعة بالسيارة من بغداد، لكن الحكومة لم تفعل الكثير لتغيير السياسات التي يُلقى عليها باللوم على نطاق واسع في تفاقم الأزمة، وبينما حدث ذلك، ركزت قوات الأمن العراقية على الاعتقالات الجماعية غير الفعالة التي أدت إلى تنفير المجتمعات السنية - وفي إحدى الحالات، اعتقلت عدة مئات من الرجال بعد انفجار سيارة مفخخة، وفي تلك الأثناء، كان الجيش العراقي، ينهار بسبب الفساد المستشر، بحسب "ذا ناشيونال نيوز".
ويتطرق الى انه بعد الغزو عام 2003، انزلق العراق إلى حالة من عدم الاستقرار، مما خلق فراغا في السلطة، وأثار سلسلة من الأحداث التي أدت إلى ظهور جماعات مسلحة مختلفة، بما في ذلك تنظيم القاعدة في العراق ومن ثم تنظيم داعش، وكان القرار المبكر الذي اتخذته الولايات المتحدة بتفكيك المؤسسة العسكرية العراقية سبباً في حرمان الكثير من حقوقهم، وخاصة بين السُنّة الذين وجدوا أنفسهم ـ للمرة الأولى منذ عقود من الزمان ـ لا يحكمون العراق، وهذا ما جعلها أرضاً خصبة لتجنيد المتمردين، من بينهم عناصر البعث.
وفي عام 2004، أسس المتشدد الأردني أبو مصعب الزرقاوي تنظيم القاعدة في العراق لطرد القوات الأجنبية، وقد ساعد هذا الهدف الظاهري في جذب المزيد من المقاتلين المحليين إلى صفوف مجموعته الإرهابية، واستغل تنظيم القاعدة في العراق العنف الطائفي وعدم الاستقرار من خلال استهداف الشيعة والأقليات وقوات الأمن العراقية وقوات التحالف وعدد كبير من السنة الذين ينظر إليهم على أنهم متعاونون مع بغداد.
واستخدمت تكتيكات وحشية، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية ضد المدنيين، حتى في الجنازات وضرب المنظمات غير الحكومية وقطع رؤوس الأسرى، الأمر الذي استقطب قدراً كبيراً من الاهتمام الإعلامي وبث الخوف.
وعلى الرغم من مقتل الزرقاوي في غارة جوية أمريكية في عام 2006، استمر تنظيم القاعدة في العراق تحت قيادة جديدة واستمر في استغلال الانقسام الطائفي، حيث قام بما يقرب من 2000 محاولة أو نجاح لتفجيرات انتحارية، لكن تنظيم القاعدة في العراق بدأ يضعف في مواجهة التمرد العشائري السني ضد وحشيته في عام 2007، وتحسن الاستراتيجية الأميركية التي شهدت عمل الوحدات العسكرية بشكل أوثق مع المجتمعات المحلية.
وعلى الرغم من تردد بغداد، قامت الولايات المتحدة بتجنيد حوالي 100 ألف مقاتل في قوة تمولها الولايات المتحدة والمعروفة باسم "الصحوة"، لكن تفكيك الصحوة وحرمانهم من الرواتب وغيرها من أساليب التعامل المختلفة، قادت الى ظهور تنظيم داعش.
يقول الخبراء إن صعود داعش قد تم تمكينه بسبب السياسات المختلة والفساد الشديد داخل قوات الأمن العراقية، وقد ترك هذا الجنود وأفراد الشرطة العراقيين عرضة لمجموعة يمكن أن تستغل المشاعر السنية ضد الحكومة، وفقاً للعديد من الروايات، فإن صعود داعش يحكي قصة ضعف الجيش العراقي أكثر من قوة الجماعة الإرهابية.
وتتشابك العوامل العسكرية، بما في ذلك حملات القمع القاسية التي تشنها قوات الأمن ضد الاحتجاجات السنية، والعوامل السياسية، في عام 2011، في وقت اتخاذ قرار الانسحاب الكامل، قال ضباط عسكريون أمريكيون يرتدون الزي الرسمي، ومسؤولو دفاع مدنيون، ووزارة الخارجية ومجتمع الاستخبارات: "مرحبًا، إن قوات الأمن العراقية ليست مستعدة حقًا للوقوف بمفردها بعد".
ويتطرق التقرير الى "الجنود الفضائيين"، مشيرا الى ان انسحاب القوات الامريكية في 2011، جعل الفساد يستشري بشكل اكبر داخل المؤسسة العسكرية، في الموصل حيث يجب ان يكون هناك 25 الف عسكري، الا ان الحقيقة لم يكن هناك سوى 10 الاف معظمهم عناصر نقاط تفتيش وليسوا مقاتلين.
يقول الخبراء إن تنظيم داعش اليوم في حالة انحسار تاريخي، حيث لا يقوم سوى بعدد قليل من الهجمات شهريًا ويتمكن فقط في بعض الأحيان من قتل أي جندي عراقي على الإطلاق، مقارنة بمئات الهجمات أسبوعيًا في عام 2014.
يقول إسماعيل الجندي، العميد العراقي المتقاعد: "أعتقد أن الجيش قد تحسن بشكل كبير، والقدرات الآن كبيرة، والقوات العراقية تستعيد مصداقيتها الوطنية، ويكتسب الناس ثقة كبيرة في قواتهم الوطنية، لكن لديه تحذير للمستقبل، وسط انتقادات واسعة النطاق بأن الطبقة السياسية في العراق تفشل في تحسين وضع المجتمعات العادية في جميع أنحاء البلاد.
يقول التقرير انه "يمكن لقوات الأمن أن تخلق السلام والأمن لفترة محدودة للغاية، إذا لم تكن هناك استراتيجية حكومية تشمل الاقتصاد والتكامل الاجتماعي والجهود الدبلوماسية من اللاعبين الإقليميين والدوليين، فلن تستمر.
ويبين ان "أحد إرث عام 2014 هو أنه أظهر كيف يمكن توحيد العراق من خلال هدف مشترك، لكن هذا أثبت أيضًا أنه عابر مع تلاشي التهديد، الجماعات الشيعية، والجماعات الكردية، والجماعات السنية، ولكن أيضًا الإيرانيين والأمريكيين وغيرهم، كان الجميع ضد داعش، ولكن بالطبع، بمجرد هزيمة داعش على المستوى الإقليمي، ظهرت أسئلة حول من كان له تأثير على المدى القريب في مناطق ما بعد داعش، وهنا تبدأ في رؤية المنافسة بين المجموعات المختلفة التي تتطلع إلى اكتساب النفوذ في الفراغ، وفي السنوات التي تلت ذلك، زادت المنافسة والتوتر بين الولايات المتحدة وإيران".
ويقول حمزة حداد، وهو زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن تلك اللحظة الوجيزة من الوحدة تحدت العديد من توقعات الخبراء بأن العراق سوف ينقسم إلى الأبد، كان الكثيرون يشككون في وجود الدولة العراقية الحديثة، واليوم ليس لاتزال تلك الدولة موجودة فحسب، بل إنها أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى منذ عام 1980".
وفي عام 2014، كان الناس يتساءلون عن الشكل الذي ستبدو عليه الدولة العراقية؛ هذا السؤال اصبح ليس سؤالا في عام 2024، وحتى فيما يتعلق بكردستان العراق، فإن التهديد بالانفصال غير موجود بعد فشل استفتاء الاستقلال عام 2017.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: قوات الأمن العراقیة الولایات المتحدة تنظیم داعش بما فی ذلک فی عام الى ان
إقرأ أيضاً:
الإطار التنسيقي يشبّه الجبهة الداخلية العراقية بـالحدود: كلاهما محصّن - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد النائب عن الاطار التنسيقي مختار الموسوي، اليوم الأربعاء (25 كانون الأول 2024)، أن الجبهة الداخلية العراقية "محصنة" كحال الجبهة على الحدود العراقية مع سوريا وباقي دول الجوار.
وقال الموسوي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "العراق حصّن جبهته الخارجية من خلال ضبط الحدود خاصة مع سوريا لمنع أي مخاطر إرهابية على العراق وسد كل الثغرات التي يمكن ان تستغل للتسلل إلى العمق العراقي، ولهذا لا مخاوف من أي مخاطر امنية على الحدود".
وأضاف أن "العراق حصن جبهته الداخلية وهذا امر مهم جداً لمنع أي فتن او احداث للفوضى، وذلك من خلال الاجماع الوطني السياسي والشعبي على دعم الدولة في مواجهة أي مخاطر وكذلك رفض عودة الإرهاب والفكر المتطرف الى المدن العراقية المحررة وغيرها، فهذا التحصين الداخلي لا يقل أهمية عن عملية تحصين الحدود".
وعبّر سياسيون عراقيون عن مخاوفهم من انعكاس التطورات في سوريا على الداخل العراقي، مشددين على أهمية تحصين الجبهة الداخلية ودعم الحكومة، لتجاوز مخاطر الارتدادات السورية، تزامناً مع تحذيرات أطلقها زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، بشأن تحركات داعش الارهابي وحزب البعث داخل العراق وسط دعوات سياسية لتنفيذ بنود ورقة الاتفاق السياسي التي أفضت إلى تشكيل الحكومة الحالية، كونها كفيلة بتجنيب البلاد مخاطر الصراع والأجندات الخارجية.
النائب عبد الأمير تعيبان، وهو مستشار رئيس الحكومة لشؤون الزراعة والمياه والأهوار، دعا لتوحيد الخطاب ودعم الحكومة لتجاوز المخاطر التي تحيط بالعراق.
وكتب في تدوينة يقول: "في ظل المتغيرات والمخاطر التي تحيط بالعراق أرضاً وشعباً، ما علينا كشعب بكل قومياته ومذاهبه الدينية والسياسية إلا أن نوحد خطابنا ونتجاوز الخطابات الطائفية والتحريض على التفرقة"
وأضاف: "علينا أن ندعم الحكومة لتمارس سياستها التي رسمها لها الدستور استنادا إلى المادة 78"
وتنصّ هذه المادة الدستورية على أن "رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بإدارة مجلس الوزراء ويترأس اجتماعاته، وله الحق بإقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب"
وكان المسؤول الأممي قد أعلن، إنه بحث مع المرجعية الشيعية في النجف "سبل ومجالات وخطوات النأي بالعراق عن أي تجاذبات سلبية لا تخدم أمن واستقرار ومستقبل البلد".
ودعا القوى السياسية في العراق إلى "وضع مصلحة البلد في الصدارة، وأن يكون أمن العراق والعراقيين غير قابل للمساومة في ظل الهدف الأسمى والسامي للجميع مشيراً إلى أن السيستاني حريص على العراق والحفاظ عليه من أي تجاذبات تحدث في المنطقة".