حملة ملفات رواندا.. متى يتخلص الغرب من رؤيته الاستعمارية؟!
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
يتعرض الشعب الرواندي ورئيسه بول كاغامي، على مدى العقدين الماضيين لحملة كراهية تتجدد في كل موسم انتخابي. وجاءت حلقتها الأخيرة في صورة سلسلة تحقيقات صحفية تحت اسم "ملفات رواندا"، تصدرت الصحف الغربية هذا الأسبوع.
عملت مجموعة من 50 صحفيا استقصائيا أوروبيا وإسرائيليا تحت مظلة شبكة للصحفيين تسمي نفسها "القصص المحرمة"، فأنتجوا عشرات المقالات والأفلام الوثائقية التي نشرت في كبريات وسائل الإعلام الغربية وفي هآرتس الإسرائيلية تحت عنوان "ملفات رواندا" ومدار حولتهم هو ما وصفوه بأسلوب الحكم القمعي والديكتاتوري المزعوم للرئيس بول كاغامي.
تصدى للرد لهذه الحملة على الفور 30 مؤرخا وكاتبا وصحفيا وخبيرا في رواندا، وذلك في مقال مشترك نشروه في صحيفتي "لو بوان"، و"جين أفريك" الفرنسيتين، اعتبروا فيه أن الحملة ليست إلا إعادة تدوير لادعاءات قديمة لا أساس لها من الصحة، وفشل أصحابها في الحفاظ على موضوعيتهم أو في الاعتماد على مصادر موثوقة لإثبات الأحداث المزعومة.
وأشار هؤلاء إلى أن الحملة التي اتهمت الرئيس باغتيالات مزعومة، استندت بالكامل إلى شهادات من ينكرون الإبادة الجماعية التي ارتكبت في عام 1994 ضد التوتسي، بل وإلى شهادات بعض المدانين بارتكاب الإبادة الجماعية مثل تشارلز نديريهي، الذي أدانته محكمة العدل الرواندية في عام 2008 بتهمة تخطيط وتنفيذ مذابح في عام 1994، ومثل ثيريسي دوسابي، وهي ممرضة سابقة متهمة بتقطيع أرحام نساء التوتسي الحوامل أثناء الإبادة الجماعية.
استندوا أيضا إلى شهادة بول روسيساباغينا، الذي قدموه كزعيم سياسي معارض، والمفارقة أن نشر الحملة تواكب مع إقرار ذات الرجل بالذنب وإدانته بتهمة الإرهاب لتمويل وقيادة هجوم إرهابي في رواندا في عام 2009 أسفر عن مقتل 9 أشخاص.
ويبدو من توقيت هذه الحملة أوروبية الصناعة أنها محاولة لتعطيل إعادة الانتخاب المرتقبة للزعيم الرواندي لدورة رابعة.
ولكن هناك صورة أخرى تناقض تلك الصورة المشوهة التي قدمتها "ملفات رواندا" ومن وراءها، فالرئيس بول كاغامي يتمتع في واقع الأمر بشعبية كبيرة في رواندا وعبر القارة الأفريقية، لسماته القيادية الشخصية، ولأنه قاد النضال الذي أوقف الإبادة الجماعية في عام 1994، عندما تخلى المجتمع الدولي بأسره عن أقلية التوتسي لصالح مليشيا متطرفة من الهوتو وقوة عسكرية حكومية تمارس الإبادة الجماعية.
قد يكون لهذه الهجمات الإعلامية الموسمية أيضا علاقة بالنهضة "المستحيلة" للأمة الرواندية الصغيرة، والتي على الرغم من كل الصعاب والأفكار المسبقة التي تواجه إفريقيا، حققت نجاحا ملحوظا في إعادة الإعمار والمصالحة بعد الإبادة الجماعية.
فقد سجلت رواندا، بعد ثلاثة عقود فقط من تلك المذابح المروعة التي أودت بحياة مليون شخص في ثلاثة أشهر فقط، إنجازات غير عادية؛ فهناك برنامج رعاية صحية شاملة، وأعلى معدل للالتحاق بالمدارس الابتدائية في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأسرع معدل لتوصيل خطوط الكهرباء.
على عكس مزاعم الحملة الرئيس كاغامي يتمتع بشعبية كبيرة في رواندا وعبر القارة الأفريقية، لسماته القيادية الشخصية، ولأنه قاد النضال الذي أوقف الإبادة الجماعية في عام 1994 عندما وقف العالم عاجزا
وإلى جانب ذلك فقد أصبحت رواندا واحدة من وجهات السياحة البيئية الرائدة في أفريقيا، وهي تتصدر قائمة الدول في المساواة بين الجنسين بنسبة تمثيل للمرأة في البرلمان تبلغ 64٪، كما تعد رابع أكبر مساهم في قوات حفظ السلام في العالم.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد هذه الحملة الإعلامية المدبرة هو: حتى متى سيستمر الغرب في تبني موقفا استعماريا واستعلائيا تجاه بلد أفريقي اختار طريق تحقيق الذات، وأصبح منارة للتنمية، ومناهضا للانقسام وداعما للوحدة في بقية أفريقيا؟
لقد نضحت حملة "ملفات رواندا" بغياب النزاهة الصحفية، وبالانحياز الواضح لفريق ينكر الإبادة الجماعية أو شارك فيها، والأدهى أن توقيت بثها جاء مواكبا لإحياء ذكرى هذه الإبادة التي وقف المجتمع الدولي مكتوف اليدين إزاءها، ثم ها هم سدنته يخرجون لإلقاء الدروس المتعالية عن الديمقراطية والحرية ويغسلون سمعة المشاركين في القتل.
وإذا كان هناك درس نتعلمه من ذلك، فهو أن ذلك الموقف الاستعماري لوسائل الإعلام الغربية، إضافة إلى تصرفات المؤسسات السياسية الدولية تجاه رواندا التي قامت من عثرتها وحققت تقدما ملحوظا بعد الإبادة الجماعية، لا يشير كل ذلك إلا لكذب من يقولون إن أفريقيا غير مستعدة للتخلص من عبودية مستعمريها، فالحق أن المستعمر السابق هو من يرفض التخلي عن تفوقه الأبيض.
الأحرى بوسائل الإعلام والمؤسسات الغربية، إن صدقت في حديثها عن أهمية تحقيق شراكة سياسية واقتصادية وثقافية مع قارة غنية بالموارد، أن تغير نهجها بدلا من الحفاظ على عنصريتها القديمة والتعامل الاستعلائي الاستغلالي على أرضية غير متكافئة.
رواندا، وهي اليوم من أكثر الدول أمانا للاستثمار التجاري في إفريقيا، تستحق الترويج لها في الغرب كنموذج للتنمية في إفريقيا، بدلا من توبيخها في خطاب إعلامي يحض على الكراهية يقوده الغرب وأنصاره الذين ينكرون الإبادة الجماعية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإبادة الجماعیة فی رواندا فی عام 1994
إقرأ أيضاً:
جامعة قناة السويس تطلق حملة توعوية شاملة للمعلمين والمنسقين الصحيين
اعلن الدكتور ناصر مندور، رئيس جامعة قناة السويس، علي انطلاق حملة توعوية متكاملة بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم، استهدفت المعلمين والمنسقين الصحيين والأخصائيين.
وتعليقا على انطلاق فعاليات الحملة ـ أكد الدكتور ناصر مندور أن الجامعة تولي اهتماما كبيرا بتقديم البرامج التوعوية التي تساهم في رفع كفاءة الكوادر التعليمية وتعزيز قدراتهم في التعامل مع الحالات الطارئة، مشيرا إلى أن هذه الحملة تأتي ضمن خطة الجامعة لتعزيز الشراكة مع المؤسسات التعليمية بما يحقق الأهداف المجتمعية والتنموية.
جاءت الحملة تحت إشراف عام الدكتورة دينا أبو المعاطي، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، التي أوضحت أن الجامعة مستمرة في تقديم المبادرات التوعوية والصحية بالتعاون مع مختلف الجهات، مشددة على أهمية تزويد المعلمين والمنسقين الصحيين بالمهارات الأساسية في الإسعافات الأولية، مما يسهم في سرعة الاستجابة للحالات الطارئة داخل المدارس، ويعزز من سلامة الطلاب والعاملين في المؤسسات التعليمية.
تم تنفيذ الحملة بالتنسيق بين قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة قناة السويس، ممثلًا في إدارة الاتصالات والمؤتمرات، ومديرية التربية والتعليم ممثلة في المنسق الصحي للمديرية، وتضمنت عدة ندوات توعوية متخصصة. وتحت إشراف عام الدكتورة إيناس عبد الله، وإشراف تنفيذي للدكتورة منال فاروق، وكيل كلية التمريض لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، قدمت الدكتورة صفاء جمعة أبو السعود، الأستاذ المساعد بكلية التمريض، محاضرة تناولت تعريف ومبادئ الإسعافات الأولية، مواصفات المسعف، إلى جانب الإسعافات الأولية لحالات التسمم، والتشنجات، والالتواء، حيث عقدت الندوة بمدرسة التل الكبير الرسمية للغات.
كما قدمت الدكتورة لميس محمود، المدرس بكلية التمريض قسم صحة المجتمع، ندوة شاملة حول الإسعافات الأولية وكيفية تعامل المنسقين الصحيين مع الحالات الطارئة، متناولة الإسعافات الأولية للجروح، النزيف، الكسور، الإغماء، الحروق، والاختناق، وعُقدت الندوة بمدرسة محمود سليم الثانوية بفايد.
واستكملت الدكتورة بسنت علي، المعيدة بقسم تمريض الأطفال، البرنامج التوعوي بتقديم محاضرة حول مقدمة وتعريف الإسعافات الأولية، أهمية الإسعافات الأولية، محتويات حقيبة الإسعافات الأولية، إلى جانب الإسعافات الأولية للنزيف الشرياني والوريدي والشعيرات الدموية، والإسعافات الأولية للحروق بمختلف درجاتها، بما في ذلك الحروق الكهربائية والكيميائية، مع شرح تفصيلي لكيفية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي، حيث عُقدت الندوة بمدرسة الفريق عبد الغني الجمسي الثانوية المشتركة بالقنطرة شرق.
ساهم في تنظيم الحملة الأستاذة إيفون حبيب، مدير إدارة الاتصالات والمؤتمرات بجامعة قناة السويس، والأستاذة سامح أحمد، المنسق الصحي بمديرية التربية والتعليم، حيث تم تنفيذ الفعاليات بنجاح وسط تفاعل كبير من المشاركين.
تأتي هذه الفعاليات في إطار أهمية جامعة قناة السويس ببناء قدرات الكوادر التعليمية والصحية، وتعزيز دور الجامعة في خدمة المجتمع.