تحكي سير التاريخ الانساني مذابح المغول بقيادة هولاكو خان في بغداد على اعتاب انهيار الدولة العباسية في القرن الثالث عشر الميلادي (السابع الهجري) اذ ظلت هذه المذابح وصمة عار في جبين البشرية ويصف المؤرخون اختلاط ماء النهر بدم الضحايا . وتتعدد المذابح في ازمان مختلفة على امتداد التاريخ فكانت مذابح التوتسي والهوتو في رواندا في القارة الافريقية ، ومذابح مسلمي البوسنه على يد الصرب في القارة العجوز في سيربنيتسا ، اشهر هذه المذابح التي حدثت على اساس عرقي وعقائدي .

وفي لحظاتنا الحالية يتعرض سكان غزة في فلسطين لابشع انواع المذابح على يد الجيش الصهيوني . وفي ذات الوقت يتعرض المواطن السوداني لهذه المذابح من قبل مليشيا متعددة الجنسيات تجد السند و الرعاية الإقليمية والدولية . ونقف اليوم على حافة التاريخ الانساني لنشاهد مجزرة جديدة مروعة وصادمة
ومؤلمة لقرية كانت وادعة امنة مطمئنة تسمى ود النورة . يحل اهلها ويرحلون في فرح تجمعهم العقيدة وحب الاوطان تزين حياتهم البساطة وفسحة الامل عاشوا كراما ابناء كرام تزدان وجوههم بسيماء السجود عشقا للشعائر و جميل التعبد في زهد التصوف واستمساك السلف وتأمل الذاكرين ؛ ككل السودانيين الشرفاء في محراب العقيدة وسماحة الاسلام ورابطة الانسانية التي تجمعهم في ابهى صور التلاقي والارتقاء في سلم التعافي والمحبة . هؤلاء هم اهلي وعشيرتي وعائلتي وبيتي . منهم امي وابي اخي واختي علاقة الدم والرحم . بل جميعهم أهلي دماً ورحماً ومصاهرة وإخاء . أجدني اقف اليوم حاسر الراس عند كل شهيد وجريح لاكتب بدم ودموع في العين وغصة في الحلق ، وفي القلب حزن لاينتهي . اذ يسجل التاريخ اكبر مجزرة بشرية في تاريخ الانسانية الحديث في قرية سمة ساكنيها السماحة والسلام.
باغت هؤلاء الغزاة المتوحشون ، الذين لايعرفون معنى الانتماء الي الانسانية وعالم البشر بوجوههم الكاحلة والقلوب المتسخة بسواد الحقد والانتقام هؤلاء الآمنين المسالمين ؛ ومارسوا كل بشاعات الافتراس بلا رحمة ولا اشفاق . لكنها صفحة ستنطوي باذن الله بالدماء التي غسلت ارض السودان وسنكتب صفحة جديدة في تاريخ السودان التي سجل فيها اهل الجزيرة وكافة قرى ومدن السودان اسمى صور الصبر والصمود كتبوها بدمائم الطاهرة سفرا جديدا يغسل حزننا غير المحدودة . سنكتب عن وداع افضل وانبل واشجع الرجال في زمان انعدمت فيه المواقف والبطولات
سجل اهلي شهداء ودالنورة صمودا واستبسالا يتحدث عنه التاريخ وترويه الاجيال قصصا وحكايات.
سيظل ميدان كرة القدم الذي لعبنا فيه صغارا ميدانا للشهداء وشهادة للتاريخ تحكي عزة رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
يظل فجر الاربعاء الخامس من يونيو/حزيران /2024علامة فارقة في تاريخ اهلي في ودالنورة ام الشهداء . ويولد جيل جديد رضع الرجولة والبسالة من هؤلاء الرجال الذين ضربوا مثلا في الثبات ومواجهة الموت . ان دمنا يغلي من هذا الضيم وقلوبنا تتمتليء بحزن لا يزول على وداع مئات الشهداء ؛ ولكننا في ذات الوقت اكثر فخرا بهذا الصمود الاسطوري الذي زادنا شرفاً وتيهاً واحيا فينا عزة لاتنقطع وكرامة لا تهان .
انا سوداني ، انا كل السودان ، بيد اني من ام الشهداء(ودالنوره) ؛ ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة في هذا الموقف اين منظمات حقوق الانسان التي تتاجر بارواح البشر وتسترخص ذممهم في اسواق النخاسة من اجل مواقف زائفة و اموال قذرة . اين ادعياء لا للحرب من جهلاء السياسة وباعة الرخص السياسية البئيسة ولافتات العمالة الماجورة . أن هذا الفعل الجبان الغادر الذي قامت به مليشيا النهب والارتزاق يعد هروبا من مواجهة القوات المسلحة ؛ ومحاولة جبانة بالانتقام من الابرياء العزل ، واي محاولة للتغبيش بالصاق تهم بان القرية بها مستنفرين ومعسكر للجيش يدل على هزيمة هؤلاء الجبناء ؛ لأن القرية لا توجد داخل اي حدود عسكرية .
ستظل كل افعالكم النكراء عالقة في ذاكرة الشعب السوداني ، لا تسقطها الايام والسنين وسياتي وقت العقاب لا محالة . سيطالكم العقاب ، وسيطال ظهيركم السياسي ، وشراذم العار والعمالة الذين باعوا اهلهم واعراضهم بثمن بخس حتى وقفوا عراة امام الراي العام .
رحم الله شهداءنا وشفى جرحانا والمصابين . وسيظل هذا اليوم لوحاً وشرافة ، يُكتب فيها : نحن شهداء الكرامة من ام سودانية اسمها
ودالنورة ام الشهداء.
♦️حامد ممتاز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

النهاردة كام شوال 2025.. التاريخ الهجري اليوم

مع اقتراب موعد انتهاء شهر شوال، يستمر تساؤل الكثيرين عن تاريخ اليوم في شهر شوال 2025، لمعرفة آخر فرصة لصيام الستة البيض قبل انتهاء الشهر الهجري.

التاريخ الهجري اليوم

وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص التاريخ الهجري اليوم، وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.

مقالات مشابهة

  • النهاردة كام شوال 2025.. التاريخ الهجري اليوم
  • التاريخ الأسود لقائد درع السودان ودوره القادم الأكثر قذارة
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • أبرز محطات الكهرباء التي تعرضت للاستهداف في السودان
  • كلما انهزمت المليشيا وأضطرت إلى الإنسحاب نحو الثقب الذي أطلّت منه نحو السودان
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • هاني رمزي: «لام شمسية» من أعظم الأعمال الدرامية التي قدمت على مدار التاريخ
  • محمد حامد جمعة يكتب: الدو
  • 100 عام من مهاتير محمد صاحب نهضة ماليزيا الذي لم يفلت من قسوة التاريخ