الثورة نت:
2025-02-02@06:34:20 GMT

بين هيروشيما وغزة… أمريكا تبقى الشيطان الأكبر

تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT

 

 

يأتي تصريح السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام حول القنبلة النووية ليؤكّد للأجيال التي لم تعايش مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني، دقة وعمق توصيفه للولايات المتحدة الأمريكية بالشيطان الأكبر، تصريح غراهام يقارن بين موقف واشنطن من الحرب على غزة وحادثة استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للسلاح النووي ضد اليابان.


هذه الحادثة التي تجسّد ذروة الاستكبار الذي شهدته البشرية خلال القرن العشرين والتي تستبطن مكامن الشرّ المطلق الذي قد يخطر على بال إنسان، والتي تعبّر عن عقلية إجرامية متجذّرة لدى أصحاب القرار والمسؤولين الأمريكيين، والتي لا يصح وصفها إلا بالعمل الشيطاني على اعتبار أن الشيطان يمثّل أو يجسّد لدى كلّ الديانات الشر المطلق.
ولعل دعوة غراهام لتكرار التجربة مع غزة بعد أكثر من خمسة وسبعين عاماً على الجريمة، وبعد أن تكوّن انطباع بأن الرأي العام العالمي لا يمكن أن يتقبّل استخدام السلاح النووي مجدداً، إنما هي دليل على أن مستوى الشر الأمريكي في حال تعاظم وليس العكس.
طالب غراهام “بمنح إسرائيل القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب”، وقال في مقابلة تلفزيونية “عندما واجهنا الدمار كأمة بعد بيرل هاربور ومحاربة الألمان واليابانيين قرّرنا إنهاء الحرب بقصف هيروشيما وناجازاكي بالأسلحة النووية، كان هذا هو القرار الصحيح، “وأضاف: اعطوا إسرائيل القنابل التي تحتاجها لإنهاء الحرب”، وسأل: “هل يمكنني أن أقول هذا؟ لماذا من المقبول أن تقوم أمريكا بإسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناجازاكي لإنهاء حرب التهديد الوجودي بينهما؟ لماذا كان من المناسب لنا أن نفعل ذلك؟ لذا إسرائيل افعلي كلّ ما عليك فعله للبقاء على قيد الحياة كدولة يهودية”.
يستدعي هذا التصريح العودة الى ما جرى يوم 6 آب/أغسطس 1945م وما سبقه وما تلاه من أحداث، ويتبيّن بكلّ وضوح أنّ ما قاله غراهام ليس استثناء في العقل والوعي الأمريكيين، فالتفاخر بإلقاء القنبلة التي أسماها الأمريكيون “الطفل الصغير”، وعدم الإحساس بأي ذنب أو تأنيب ضمير تجاه الجريمة الكبرى، كما ظهر في كلام غراهام، كان طاغياً منذ اللحظات الأولى لارتكابها.
تشير المعطيات التاريخية إلى أن الرئيس الأمريكي ترومان كان أثناء تنفيذ العملية، على متن الطرّاد “أوغوستا” وهرع بعد أن علم بنجاح الغارة إلى غرفة الطعام وأبلغ الحاضرين بصوت مليء بالإثارة “لقد أسقطنا للتو قنبلة على اليابان تتجاوز طاقتها 20000 طن من معادل تي إن تي، لقد كان نجاحاً مذهلاً”، وأضاف “لم أشكّ أبداً في الحاجة إلى استخدامها”.
أما الصدمة الكبيرة فتجلّت بموقف ترومان نفسه عندما عبّر له روبرت أبنهايمر الذي عمل على صنع القنبلة عن أن ضميره أنّبه، وأبلغه بعد إلقاء القنبلة أنه “يشعر بالدماء على يديه”، فردّ الرئيس الأمريكي قائلاً “لا بأس، من السهل إزالة ذلك بالماء”.
بعد ذلك بنحو السبعين عاماً وفي العام 2015م قام الرئيس أوباما بأول زيارة لرئيس أمريكي إلى مدينة هيروشيما، وفي وسط الطقوس الاحتفالية رفض أوباما من دون أيّ تحفّظ الاعتذار مكرّساً النهج الأمريكي الاستكباري الذي ساد في كلّ العهود وكلّ المراحل، لم تقف الأمور عند هذا الحد، فأكمل الأمريكيون جريمتهم من خلال العمل على هزيمة اليابانيين معنوياً، وحرمانهم من حقهم بالمطالبة بالاقتصاص من المجرم وتحمّله للمسؤولية.
وصل الأمريكيون إلى هذا الهدف من خلال اعتماد آليات حرب ثقافية ونفسية أسماها عالم الاجتماع الياباني “شونيا يوشيمي “أمركة العيون والآذان”، ووصلت الأمور إلى أن 80% من الشعب الياباني مؤيّد تماماً للسياسات الأمريكية ومتبنٍ لنمط الحياة الأمريكية، ما ألغى كلّ أشكال الاعتراض الياباني على الولايات المتحدة الأمريكية والتعاطي مع مأساة هيروشيما وناجازاكي بنوع من التقبّل والتسليم غير المفهومين.
استطاع الأمريكيون محو صورة الأمريكي المحتل والقاتل من خلال استخدام الدعاية القائمة على التضليل والكذب، وهما أداتان يعدّهما الأمريكيون ضرورة في الدعاية والحروب الناعمة.
إحدى الكذبات الكبرى الإضافية التي مارسها الأمريكيون كانت حول أسباب إلقاء القنبلة النووية في صباح يوم السادس من آب/أغسطس في العام 1948، وقد تبنّى غراهام في تصريحه الأخير السردية التي عمل الأمريكيون على تثبيتها على مدى خمسة وسبعين عاماً.
ادّعى الأمريكيون أن إلقاء القنبلة النووية كان أمراً ضرورياً لهزيمة اليابان وإنهاء الحرب، ذهب غراهام إلى حد اعتباره أن استخدام القنبلة كان في سياق الردّ على تهديد وجودي يطال الأمريكيين، وهذا ما تدحضه الوقائع وما ينفيه المؤرخون، فاليابان كانت ساقطة عسكرياً منذ بداية العام 1945م، وكانت الطائرات الحربية الأمريكية تحلّق في سماء طوكيو وتنفّذ قصفاً من مسافات قريبة من دون أيّ اعتراض من الجيش الياباني.. الهدف الحقيقي من رمي القنبلة النووية كان إرهاب العالم وافتتاح زمن الهيمنة الأمريكية بحدث إجرامي يدخل الخوف إلى قلوب وعقول العالم، ويمنع مجرد التفكير بتحدّي الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا المنهج ليس سرياً وقد عبّر عنه “هارلان أولمان” أحد أساتذة العلوم السياسية الأمريكيين في كتاب بعنوان “الصدمة والرعب” وفيه يقول: “إن الولايات المتحدة الأمريكية عليها أن تستعمل أقوى شحنة من القوة المكثّفة والمركّزة والكاسحة بحيث تنهار أعصاب أيّ عدو يقف أمامها وتخور عزيمته قبل أن تنقض عليه الصواعق من أول ثانية في الحرب إلى آخر ثانية، ويتمّ تقطيع أوصاله وتكسير عظامه وتمزيق لحمه من دون وجود فرصة يستوعب فيها ما يجري له”.
ويتابع أولمان “أنّ الجيش الأمريكي عليه استعمال أقصى درجات العنف من أول لحظة ما يكفل بتوليد إحساس بالعجز لدى العدو يجعله مأخوذاً بطغيان تفوّق لا مثيل له”، ويضيف “أنّ الأثر الذي يجب أن تحدثه اللحظة الأولى من أيّ حرب تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية لا بدّ أن يكون مقارباً لأثر قنبلة هيروشيما”.
يتضح من خلال هذا الكلام أن الربط الذي أجراه غراهام بين هيروشيما وغزة لم يأت من فراغ، وإنما هو امتداد طبيعي للعقلية الإجرامية الأمريكية ولمنهج الهيمنة الاستكبارية، كما أنه تجسيد دقيق لسلوك “الشيطان الأكبر”، وما يمارسه الإسرائيليون في غزة هو ترجمة دقيقة للمدرسة الأمريكية التي عبّر عنها غراهام وأولمان بصدق ومن دون أيّ أقنعة.
يمارس الإسرائيليون إبادة تشبه تلك التي ارتكبها الأمريكيون في هيروشيما، ومن غير المتوقّع بالمطلق أن يشعروا بتأنيب الضمير كما لم يفعلوا في العام 1948م، وسيواصلون تكرار الأكاذيب، وفوق ذلك سيظل رهانهم قائماً على أن ينسى الفلسطينيون نكبتهم بفعل المزيد من الصدمة والرعب.
كلّ هذا يعيدنا إلى التوصيف الذي أطلقه الإمام الخميني الذي نعيش ذكرى رحيله هذه الأيام بحقّ أمريكا. وتثبت الوقائع من هيروشيما مروراً بكوريا وفيتنام وأفغانستان والعراق وصولاً إلى غزة دقة التوصيف وعمقه، فلا شيء يمكن أن توصف به الولايات المتحدة الأمريكية بأقلّ من الشيطان الأكبر و”إسرائيل” بأقلّ من الشرّ المطلق.

إعلامية لبنانية

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

بعثة المساعدة التابعة للاتحاد الأوروبي تمركزت عند معبر رفح بين مصر وغزة

سرايا - نشر الاتحاد الأوروبي الجمعة بعثته للمساعدة عند معبر رفح بين مصر وقطاع غزة، وفق ما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس.

وكتبت كالاس على منصة (إكس) "تنتشر بعثة الاتحاد الأوروبي المدنية على الحدود اليوم عند معبر رفح بناء على طلب الفلسطينيين والإسرائيليين. وستدعم الموظفين الفلسطينيين على الحدود وستسمح بنقل أفراد خارج غزة، مثل من يحتاجون إلى رعاية طبية".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 446  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 31-01-2025 07:20 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
بالفيديو .. شاهد لحظة إصطدام الطائرتين في واشنطن تركيا .. شاورما تنقذ حياة مسافر الانتحار القمر ليس ميتًا .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث بالفيديو .. شاهد أسوأ حادث جوّي لحظة اصطدام طائرة امريكية بمروحية عسكرية في الهواء بالفيديو .. أبو عبيدة يعلن استشهاد محمد الضيف و6... لماذا لقب محمد المصري بـ"الضيف"؟ بالفيديو .. قاصر تشتكي على والدها بتهمة هتك عرض... ترامب عن قبول الأردن ومصر لفلسطينيين من... لأول مرة .. عائلة الشهيد محمد الضيف تكشف هويتها... "الأونروا": استلمنا ثلثي المساعدات من...إيران: سندعم أي حكومة يؤيدها الشعب السوريمسؤول عن تعذيب أطفال درعا .. اعتقال ابن خالة...الأونروا: حظر إسرائيل أنشطتنا يعرض مستقبل وقف إطلاق...بالفيديو .. صحفي إسرائيلي يتباهى باقتحام جنود...لأول مرة .. عائلة الشهيد محمد الضيف تكشف هويتها...مظاهرة مصرية قرب حدود غزة رفضا لمقترح ترامب تهجير...نادي الأسير: 90 أسيرا فلسطينيا سيطلق سراحهم السبتمرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر .. ويوجه... مهيرة عبد العزيز تكشف تفاصيل طلاقها: استمر عامين عفاف شعيب تكشف تطورات أزمتها مع محمد سامي شاهد جواز سفر ومقتنيات لأم كلثوم "زوجتي" .. أول رد من زوج نانسي عجرم بعد... السجن 3 سنوات للفنانة منى فاروق .. مقاطع بألفاظ... مواجهة نارية بين ريال مدريد ومانشستر سيتي في ملحق دوري أبطال أوروبا رونالدو يكشف حقيقة علاقته "السيئة" مع ميسي محمد صلاح يقتحم كعكة عيد ميلاد أسطورة ليفربول كاراجر الأمير فيصل يستعرض بيانه الانتخابي أمام أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية المصري: مخططات الاستاد الجديد ستعكس هوية الأردن بالفيديو .. شاهد لحظة إصطدام الطائرتين في واشنطن تركيا .. شاورما تنقذ حياة مسافر الانتحار القمر ليس ميتًا .. دراسة تكشف عن نشاط جيولوجي حديث بالفيديو .. شاهد أسوأ حادث جوّي لحظة اصطدام طائرة امريكية بمروحية عسكرية في الهواء تعرفوا إلى أبرز حوادث الطيران في أميركا روسيا حزينة .. بطلاها قضيا على متن طائرة أميركا المنكوبة أحرق المصحف ووجد مقتولاً .. من هو العراقي سلوان موميكا؟ آخر ظهور لحارق القرآن .. ماذا قال سلوان موميكا قبل ساعات من مقتله؟ اعتقال ابنة رئيس جنوب إفريقيا السابق زوما بتهم تتعلق بالإرهاب حادث تحطم الطائرتين بواشنطن .. كشف تفاصيل اتصالات اللحظات الأخيرة

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • خلال 8 سنوات.. نهاية العالم تقترب عبر انفجار أقوى من هيروشيما بـ500 مرة
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • القسام تسلم 3 أسرى إسرائيليين في خانيونس وغزة ضمن الصفقة (شاهد)
  • الوفد: قررنا الذهب إلى رفح الإثنين لدعم مصر وغزة ضد التهجير
  • بعثة المساعدة التابعة للاتحاد الأوروبي تمركزت عند معبر رفح بين مصر وغزة
  • كم يوم تبقى على رمضان 2025؟.. العد التنازلي بدأ
  • ‎أمريكا تعثر على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن
  • إعلام العدو: لا يوجد بديل.. حماس هي غزة وغزة هي حماس
  • كم يوم تبقى على شهر رمضان 2025.. وموعد الاجازات الرسمية خلاله
  • ترامب يخلط بين موزمبيق وغزة ويزعم وقف شحنة واقيات ذكرية من المساعدات