اتجاهات مستقبلية
أوروبا نحو اليمين
حققت أحزاب اليمين المتطرف مكاسب كبيرة في البرلمان الأوروبي في الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي. وجاءت هذه المكاسب في العديد من الدول على حساب حزب الخضر الذي تراجع إلى المركز السادس. ورغم أن المجموعتين الرئيسيتين المؤيدتين لأوروبا -الديمقراطيون المسيحيون والاشتراكيون- لا تزالان هما المهيمنتان في البرلمان، فإن النتائج الجديدة تشير إلى أن أوروبا تتجه عمومًا نحو اليمين، خاصة في الدول الكبيرة، وأهمها ألمانيا وفرنسا.
مثَّلت هذه الانتخابات اختبارًا لثقة الناخبين في كتلة تضم نحو 450 مليون نسمة. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، اهتز الاتحاد الأوروبي؛ بسبب جائحة فيروس كورونا، والركود الاقتصادي، وأزمة الطاقة التي غذتها الحرب الروسية-الأوكرانية. ولكن الحملات الانتخابية كانت تركز في كثير من الأحيان على قضايا تتعلق بكل دولة على حدة بدلًا من التركيز على المصالح الأوروبية الأوسع. وكما هو الحال في الولايات المتحدة، هيمنت الهجرة والتضخم والتهديدات التي تتعرض لها ما يسمى القيم “الديمقراطية” على الحملات الانتخابية.
ومنذ انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة في عام 2019، تقود الأحزاب الشعبوية أو اليمينية المتطرفة الآن الحكومات في ثلاث دول -المجر وسلوفاكيا وإيطاليا- وهي جزء من الائتلافات الحاكمة في دول أخرى، بما في ذلك السويد وفنلندا، ويُتوقع أن تكون كذلك في هولندا. كما حققت أحزاب اليمين نجاحات كبيرة في دول قيادية مثل ألمانيا وفرنسا. ففي ألمانيا، الدولة الأكبر سكانًا واقتصادًا في الاتحاد الأوروبي، تعرّض الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم بزعامة شولتس للإهانة مع صعود حزب البديل من أجل ألمانيا إلى المركز الثاني (15.9%، مقارنة بـ11% في عام 2019) وبالمقارنة، فإن النتيجة المجتمعة للأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم الألماني (ائتلاف الإشارة الضوئية) بالكاد تجاوزت 30%. وفي فرنسا يبدو الوقع أكبر، حيث كانت النتيجة واحدة من أكبر المكاسب التي حققتها أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، حيث حصل حزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا على أكثر من 30% من الأصوات، أي ضعف ما حصل عليه حزب النهضة الوسطي الذي يتزعمه الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي سارع إلى حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة.
ويعكس فوز اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي أمورًا مهمة عدة؛ فهو يشير أولًا وقبل كل شيء إلى أن هناك تغيرًا في المزاج السياسي للناخبين الأوروبيين، الذين أصبحوا أكثر تشككًا في الاتحاد الأوروبي وسياساته، ولديهم مخاوف من قضايا مثل الهجرة والأمن. وفي هذا رسالة واضحة للتيارات السياسية التقليدية، بأن هناك حاجة إلى إعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها لتلبية تطلعات ومخاوف الناخبين. فتزايد نفوذ اليمين المتطرف في البرلمان يفترض أن يدفع باتجاه التغيير في سياسات الاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق بالهجرة والاقتصاد والعلاقات الخارجية. كما أن هناك مخاوف من صعود القومية والشعبوية، وهي حركات قد تروج لمزيد من السياسات الانعزالية والمعادية للعولمة. وهذا كله بالطبع قد يزيد من الاستقطاب السياسي داخل البرلمان الأوروبي وبين الدول الأعضاء، مما قد يؤثر على قدرة الاتحاد على اتخاذ قرارات موحدة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
أردوغان: انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أولوية استراتيجية
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الإثنين، أن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي أصبح أولوية استراتيجية، لأنها جزء لا يتجزأ من أوروبا.
وقال الرئيس التركي أردوغان، إن الوقت قد حان لكي تتكيف آليات صنع القرار العالمية مع الظروف المتغيرة في العالم.
وأضاف الرئيس التركي خلال مشاركته في إفطار جماعي مع السفراء الأجانب بأنقرة، أن المسلمون يشكلون ربع سكان العالم وينبغي أن يتم تمثيلهم في عمليات صنع القرار بالطريقة التي يستحقونها.
وأشار أردوغان إلى ضرورة وجود دولة إسلامية تمتلك حق النقض في مجلس الأمن الدولي أصبح ضرورة وليس حاجة فحسب.
ولفت إلى أنه أصبح من الصعب على أوروبا أن تستمر كفاعل عالمي دون أن تمنح تركيا مكانتها التي تستحقها، وباعتبارنا جزءًا لا يتجزأ من أوروبا نرى أن عملية انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي أولوية استراتيجية.
وأوصى أردوغان الجميع بأن يدركوا أنه لا مكان للإرهاب في مستقبل تركيا والمنطقة، مضيفا أنه رغم كل الانتقادات لم نتوان أبدا عن قول الحقيقة وما هو الأفضل للبشرية جمعاء ولن نتوانى في المستقبل.