أزمة وعي أم جيل غارق في الكماليات؟!
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
تحدّثنا في مقالات سابقة عن ضرورة ترسيخ ثقافة الاستهلاك، ودورها في ضمان توفير المتطلبات اليومية الاجتماعية؛ إلا أن قرب المناسبات يتطلب التذكير بأهمية هذه الثقافة وتعزيزها بين أفراد المجتمع. ما دفعني لاختيار هذا العنوان هو بعض السلوكيات غير الصحيحة عند التسوق وتتكرر مع قرب الأعياد، من بينها الإكثار من شراء الكماليات، وإنهاك دخول الأسر بنفقات غير ضرورية، ربما تدفع رب الأسرة لاتخاذ قرارات مالية تؤثر على توفير المتطلبات اليومية مستقبلا، مما يجعلنا نفكر جميعا في وضع محددات لسلوك المستهلك بحيث تساعد على دراسة القرار الشرائي وتقييمه عند كل مرحلة عبر إجراء تحليلات اقتصادية وإحصائية لجميع العوامل المؤثرة في المحددات وهي مستوى الدخل الشخصي، ومستوى دخل الأسرة، ومستواها المعيشي، وسيولة المستهلك إضافة إلى نسبة الائتمان الاستهلاكي.
هناك ضعف في مستوى الوعي ببعض المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بالجوانب الاستهلاكية للأسر تعيق إيصال بعض الرسائل للجمهور لفهم بعض المنطلقات والإشارات الضرورية لحماية الأسر من بعض الممارسات الضارة اقتصاديا وماليا، وأقترح إنشاء مركز يختص بالإرشاد السلوكي يهتم بفهم سلوك الجمهور وترسيخ المصطلحات والمفاهيم المرتبطة بسلوك أفراد المجتمع على أن يحظى السلوك الاستهلاكي واتخاذ القرارات الشرائية أهمية كبرى في المركز؛ لتقويم سلوكيات الأشخاص وتوجيههم لاتخاذ القرار الذي يتناسب مع حجم مداخيل الأسر؛ فالوعي -حالة الفهم والإدراك لموضوع ما يستنبطه المرء من خلال المعرفة، وإدراكه لأبعاده وأسبابه- بأهمية القرارات المتخذة هي بداية لإصلاح بعض الممارسات غير الضرورية والضارة بالمداخيل المالية والمدخرات.
خلال الأيام الماضية تابعنا التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن المطالبة بتقديم صرف الرواتب والأجور قبل حلول عيد الأضحى المبارك، بهدف الوفاء بمتطلبات العيد ومستلزماته، واستكمال شراء حاجيات الأسر استعدادا للعيد، رغم مضي أقل من أسبوع على تسلّم آخر راتب، ما يضع سؤالا مهما بشأن أسباب انفتاح الأشخاص بشراهة على موضوع تقديم صرف الرواتب، ومدى ترتيب الأولويات واختيارها عند ارتياد الأسواق والمحال التجارية، وكيفية وضع خطة مالية توازن بين رغبات الشراء وقدرة المحفظة المالية للأسرة. إضافة إلى قدرة الأسر على توفير احتياجاتها بعد العيد في حال صرف غالبية الرواتب قبل العيد. وهنا يأتي دور أفراد المجتمع والأسرة والفرد للحد من سلوكيات الإنفاق غير العقلاني استعدادا للمناسبات، وتفعيل مبادرات الاقتصاد السلوكي الذي يفترض اتخاذ الفرد قرارات غير عقلانية في اتخاذ قراراته متأثر بجوانب عديدة أبرزها الجوانب العاطفية والاجتماعية والاتجاه العام الذي يتبناه الفاعلون في وسائل التواصل الاجتماعي. ولنفكر سويًّا في كيفية التغلب على هذه الجوانب عند اتخاذ القرارات عبر دراسة سلوك الأشخاص وتوجهاتهم والمنطلقات التي دفعتهم لتغليب الجانب غير العقلاني على الجوانب التي ينبغي على الشخص اتباعها والالتزام بها، رغم وجود برامج توعوية وتثقيفية تسهم في تعزيز الوعي بضرورة عدم الانصياع للجوانب العاطفية عند اتخاذ القرارات، ووضع بعض الأولويات محل اهتمام مثل الدخل، والمستوى المعيشي، ودرجة الرفاه الاجتماعي، إضافة إلى التنبؤ بالأوضاع الاقتصادية والمالية المستقبلية؛ إلا أن عدم الاكتراث بهذه العوامل من قبل بعض فئات المجتمع سينعكس سلبا على توفير متطلبات الحياة الاجتماعية اليومية. ربما يحدث عدم الاكتراث لأسباب مرتبطة بقناعات معينة أو نهج معتاد يحتاج إلى تقويم وتصحيح، أو عدم تهذيب في السلوك الشرائي للمستهلك؛ لذلك بات من الضروري ترسيخ مبادئ الإدارة المالية -عملية تخطيط وتنظيم وتحكم في الموارد المالية لأي مؤسسة أو شخص- ومواءمتها مع سلوك أفراد المجتمع؛ لضبط سلوكياتهم وممارساتهم عند اتخاذ القرار الشرائي، ولتحقيق ذلك لا بد من غرس مفاهيم الإدارة المالية الناجحة منذ مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب وصولا إلى مرحلة كبار السن.
إن وجود خطة تحافظ على التوازن المالي الأسري، وتضع الاحتياجات الاجتماعية أولوية مقارنة بالكماليات، يعد بداية للتخطيط المالي السليم وللإدارة المالية الناجحة، مع إدراك الأشخاص بأن الإنفاق العشوائي في كثير من الأحيان على رغبات شخصية أو نتيجة التأثر بتوجهات الآخرين وأسلوبهم في الشراء، سيؤدي إلى إنهاك المدخرات والدخول المالية. لذلك من المهم بناء قرارات مالية على أساس صلب وواقعي لا على أوهام أو تصورات غير معقولة أو منطقية؛ فالراتب الذي تستلمه اليوم هو لأربعة أسابيع مقبلة ينبغي الاستعداد لها جيدا من حيث الالتزامات المالية والمصروفات الأخرى، إضافة إلى وضع خطة طارئة تحوي مبلغا لأي أزمة ربما تتعرض لها خلال الشهر، ولنكن أكثر حرصا على توجيه الموارد المالية إلى الجوانب الاستثمارية ذات المردود المالي الجيد، بدلا من الصرف على الجوانب الاستهلاكية غير المعمرة، أو التي تعطينا سعادة لحظية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أفراد المجتمع إضافة إلى
إقرأ أيضاً:
حوار مع صديقي ال ChatGPTالحلقة (46)
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري
حوار اليوم:
• هل يمكن تجاوز مجلس الامن والاحتكام الى الجمعية العمومية اذا رات الاغلبية ان استخدام الفيتو سيؤدي الي نتايج غير مرضية تهدد السلم العالمي؟
• هل من الممكن ان تستجيب الامم المتحدة لنداء الشعوب المقهورة من انظمتها القاهرة ولو كانت مسنودة بالفيتو؟
• اعطنا مثال واحد ناجح قررت فيه الامم المتحدة تكسير وتجاوز الفيتو في مجلس الامن الدولي بوساطة الجمعية العمومية.
**********************
• هل يمكن تجاوز مجلس الامن والاحتكام الى الجمعية العمومية للامم المتحدة اذا رات الاغلبية ان استخدام الفيتو سيؤدي الي نتايج غير مرضية ويهدد السلم العالمي؟
• هل يمكن تجاوز مجلس الامن والاحتكام الى الجمعية العمومية للامم المتحدة اذا رات الاغلبية ان استخدام الفيتو سيؤدي الي نتايج غير مرضية ويهدد السلم العالمي؟
في إطار النظام الحالي للأمم المتحدة، يعتبر مجلس الأمن هو الهيئة الرئيسية المسؤولة عن حفظ السلم والأمن الدوليين. لكن في بعض الحالات، قد يتم تجاوز قرارات مجلس الأمن إذا تم استخدام الفيتو من قبل الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة، وفرنسا).
لكن وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، لا يمكن تجاوز مجلس الأمن مباشرة لصالح الجمعية العامة إلا في حالات استثنائية:
1. المادة 27 من الميثاق: تمنح الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (الذين يملكون حق الفيتو) قدرة على منع أي قرار يتعلق بالصراعات الخطيرة التي قد تهدد السلم والأمن الدوليين. وبالتالي، إذا استخدم عضو دائم الفيتو ضد قرار معين، لا يمكن للمجلس اتخاذ القرار.
2. المادة 108 من الميثاق: في حال فشل مجلس الأمن في التعامل مع التهديدات الخطيرة للسلم والأمن الدوليين بسبب الفيتو، هناك آلية قد تتيح للجمعية العامة أن ترفع القضية إلى الجمعية العامة من خلال ما يُسمى بـ "الاجتماع الطارئ" أو عبر آلية "التوصية" من قبل الجمعية العامة. لكن الجمعية العامة لا تملك السلطة لتجاوز الفيتو أو فرض قرارات ملزمة.
3. قرار الجمعية العامة تحت الميثاق: في حالات خاصة، يمكن للجمعية العامة في الأمم المتحدة أن تصدر توصيات، لكنها ليست ملزمة للدول الأعضاء. وفي حالات خطيرة قد تلجأ الجمعية العامة إلى اتخاذ خطوات مثل الدعوة إلى "اجتماع طارئ"، ولكن في النهاية، لا يمكن للجمعية العامة أن تتخذ قرارات ملزمة تمثل تجاوزًا للفيتو دون تعديلات جوهرية في ميثاق الأمم المتحدة.
في النهاية، لا يمكن للجمعية العامة ببساطة تجاوز الفيتو في مجلس الأمن، إلا إذا تم تعديل ميثاق الأمم المتحدة نفسه أو تم اتخاذ إجراءات استثنائية، وهو أمر معقد ويتطلب توافقًا دوليًا واسعًا.
في حال فشل مجلس الأمن في التعامل مع التهديدات الخطيرة للسلم والأمن الدوليين بسبب الفيتو، هناك آلية قد تتيح للجمعية العامة أن ترفع القضية إلى الجمعية العامة من خلال ما يُسمى بـ "الاجتماع الطارئ" أو عبر آلية "التوصية" من قبل الجمعية العامة. اعطنا تفاصيل اوفى وامثلة لهكذا موقف.
في حالة فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات ضد تهديدات السلم والأمن الدوليين بسبب استخدام الفيتو من قبل أحد الأعضاء الدائمين في المجلس، هناك آلية يمكن من خلالها للجمعية العامة أن تتدخل، ولكن ضمن حدود معينة. هذا التدخل يتم عبر "الجمعية العامة الطارئة" أو من خلال آلية "التوصيات" التي توفر لها ميثاق الأمم المتحدة.
1. الاجتماع الطارئ للجمعية العامة
وفقًا للمادة 11 من ميثاق الأمم المتحدة، للجمعية العامة حق الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ عندما يتعذر على مجلس الأمن اتخاذ إجراءات بسبب الفيتو. هناك آلية خاصة بموجب "قرار الطوارئ" يمكن للجمعية العامة أن تلتجئ إليها إذا كان هناك تهديد كبير للسلم الدولي ولم يتمكن مجلس الأمن من اتخاذ أي قرار بسبب استخدام الفيتو.
• الآلية: وفقًا للمادة 12 من ميثاق الأمم المتحدة، لا يجوز للجمعية العامة أن تناقش قضايا يبت فيها مجلس الأمن بينما لا يكون المجلس قد اتخذ قرارًا. لكن في حال كان مجلس الأمن عاجزًا عن اتخاذ قرار بسبب الفيتو، يمكن للجمعية العامة أن تتخذ خطوات بموجب المادة 14، حيث تدعو إلى "اجتماع طارئ" للنظر في القضية ورفعها إلى الجمعية العامة للنقاش والموافقة على توصيات.
• الاجتماع الطارئ: يمكن أن يكون الاجتماع الطارئ بموجب قرار 377 A (V)، الذي يعرف بـ "اتحاد من أجل السلام". هذا القرار يتيح للجمعية العامة عقد اجتماع طارئ في حالة فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات بشأن تهديدات السلم الدولي بسبب استخدام الفيتو.
o الآلية: وفقًا لهذا القرار، إذا استخدم عضو دائم في مجلس الأمن الفيتو ضد قرار يتعلق بحالة تهدد السلم والأمن الدوليين، يمكن للدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تدعو الجمعية العامة إلى عقد اجتماع طارئ. في هذا الاجتماع، يمكن للجمعية العامة مناقشة الموضوع وإصدار توصيات، ولكن هذه التوصيات غير ملزمة، وإنما تعبر عن وجهات نظر الأغلبية.
2. التوصيات التي يمكن أن تقدمها الجمعية العامة
من خلال هذا المسار، قد تصدر الجمعية العامة توصيات للدول الأعضاء أو حتى تطرح إجراءات غير ملزمة، مثل الدعوة إلى إجراءات جماعية مثل المقاطعة أو العقوبات.
3. أمثلة على ذلك:
• قضية كوريا في 1950: في عام 1950، عندما اجتاحت القوات الكورية الشمالية كوريا الجنوبية، حاول مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات لوقف العدوان، ولكن الاتحاد السوفيتي استخدم الفيتو. بسبب تعذر اتخاذ قرار في مجلس الأمن بسبب الفيتو، تم التوجه إلى الجمعية العامة لمناقشة الأمر، واستنادًا إلى قرار "اتحاد من أجل السلام"، دعت الجمعية العامة إلى اتخاذ إجراءات لوقف العدوان، وتم اتخاذ إجراءات عبر إرسال قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة إلى كوريا.
• قضية فلسطين: في العديد من المرات، استخدم أعضاء دائمون في مجلس الأمن الفيتو لمنع اتخاذ قرارات بشأن النزاع الفلسطيني. في هذه الحالات، رغم عدم القدرة على اتخاذ قرارات ملزمة، حاولت الجمعية العامة إصدار توصيات لحل النزاع أو الضغط على الدول الأعضاء لاتباع سياسات معينة. من الأمثلة المهمة على ذلك هو القرار الذي أصدرته الجمعية العامة في عام 1967، بعد حرب الأيام الستة، حيث أدانت الجمعية العامة العدوان الإسرائيلي وطلبت انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم الفيتو الذي استخدمته الولايات المتحدة في مجلس الأمن.
4. التحديات المحدودة للجمعية العامة
رغم أن الجمعية العامة يمكن أن تصدر توصيات في حالات فشل مجلس الأمن بسبب الفيتو، إلا أن هذه التوصيات تظل غير ملزمة ولا يمكن فرضها على الدول الأعضاء. الجمعية العامة، بطبيعتها، تملك القوة الاستشارية وليست التنفيذية، لذا تكون تأثيراتها محدودة في حالات مثل هذه.
بناءً على ذلك، في حالات فشل مجلس الأمن بسبب الفيتو، تظل الجمعية العامة أداة مهمة للتعبير عن الرأي العام الدولي، لكنها لا تملك القدرة على فرض قرارات ملزمة كما يفعل مجلس الأمن في حال عدم وجود فيتو.
• هل يمكن للجمعية العمومية ان تمنح توصيات لمصلحة السلم العالمي وتتجاوز قرار الفيتو في مجلس الامن؟
وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، لا يمكن للجمعية العامة أن تتجاوز قرار الفيتو في مجلس الأمن، ولكن يمكنها اتخاذ خطوات محددة في حالات معينة لدعم السلم والأمن العالمي، رغم فشل مجلس الأمن في اتخاذ القرارات بسبب الفيتو.
1. القيود على تجاوز الفيتو:
الفيتو الممنوح للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة، وفرنسا) يعطيهم سلطة منع أي قرار في المجلس، سواء كان يتعلق بالسلم والأمن الدوليين أو بأي موضوع آخر. وبالتالي، إذا استخدم أي من هذه الدول الفيتو ضد قرار معين، لا يمكن اتخاذ ذلك القرار في مجلس الأمن، ولا يمكن للجمعية العامة تجاوز هذا الفيتو.
2. آلية "اتحاد من أجل السلام":
على الرغم من أن الجمعية العامة لا يمكنها تجاوز الفيتو بشكل مباشر، فإن هناك آلية يمكن من خلالها للجمعية العامة التدخل في حالات معينة تُعرف بـ "اتحاد من أجل السلام" (Union for Peace). هذه الآلية تم تأسيسها من خلال قرار الجمعية العامة 377 A (V) عام 1950. تسمح هذه الآلية للجمعية العامة بالدعوة إلى اجتماع طارئ في حال فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بسبب الفيتو من الأعضاء الدائمين.
• تفاصيل القرار 377 A (V): هذا القرار ينص على أنه إذا فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات بسبب الفيتو في حالات تهديد السلم والأمن الدوليين، يمكن للجمعية العامة أن تدعو إلى اجتماع طارئ. في هذا الاجتماع، يمكن للجمعية العامة إصدار توصيات للدول الأعضاء أو اتخاذ إجراءات جماعية، مثل الدعوة إلى إجراءات دبلوماسية أو اقتصادية، ولكن هذه التوصيات لا تُعتبر ملزمة.
• كيف تعمل الآلية؟: الجمعية العامة لا تتخذ قرارات ملزمة، لكنها قد تدعو إلى اتخاذ إجراءات جماعية مثل:
o فرض عقوبات اقتصادية أو دبلوماسية.
o إنشاء آليات للوساطة أو التفاوض.
o دعوة الدول الأعضاء إلى اتخاذ مواقف موحدة ضد تهديدات السلم والأمن.
3. أمثلة تاريخية على ذلك:
• الأزمة الكورية (1950): في عام 1950، استخدم الاتحاد السوفيتي الفيتو في مجلس الأمن لوقف قرار يتعلق بالصراع بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. بسبب فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات، دعت الجمعية العامة إلى اجتماع طارئ، ووفقا لقرار "اتحاد من أجل السلام"، تم اتخاذ قرار بإرسال قوات دولية بقيادة الولايات المتحدة لدعم كوريا الجنوبية.
• قضية فلسطين: في العديد من الحالات، خاصة في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن لعرقلة قرارات تدين السياسات الإسرائيلية أو تطلب إجراءات محددة. في مثل هذه الحالات، قد تدعو الجمعية العامة إلى إصدار توصيات، لكنها لا تملك القدرة على فرض قرارات ملزمة.
4. التوصيات مقابل القرارات الملزمة:
من المهم أن نلاحظ أن التوصيات الصادرة عن الجمعية العامة بموجب "اتحاد من أجل السلام" ليست ملزمة مثل قرارات مجلس الأمن. بمعنى آخر، حتى إذا كانت الجمعية العامة تدعو إلى إجراءات معينة أو تصدر توصيات لحل أزمة معينة، فإن هذه التوصيات لا يمكن فرضها على الدول الأعضاء.
5. النتيجة:
على الرغم من أن الجمعية العامة يمكنها إصدار توصيات تعكس إرادة أغلبية الدول الأعضاء، إلا أنها لا تستطيع تجاوز الفيتو في مجلس الأمن. هذا يعني أن الجمعية العامة ليست قادرة على فرض قرارات ملزمة ضد إرادة أي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين يستخدمون الفيتو. ومع ذلك، تظل الجمعية العامة أداة هامة للتعبير عن الرأي الدولي والضغط على الدول الأعضاء في بعض الحالات، خاصة في القضايا التي يتعذر فيها اتخاذ قرارات في مجلس الأمن.
• هل من الممكن ان تستجيب الامم المتحدة لنداء الشعوب المقهورة من انظمتها القاهرة ولو كانت مسنودة بالفيتو؟
استجابة الأمم المتحدة لنداء الشعوب المقهورة، سواء من أنظمتها الحاكمة أو بسبب التهديدات التي تواجهها، تتأثر بشكل كبير بنظام الأمم المتحدة ووجود حق الفيتو في مجلس الأمن. ولكن، هناك بعض الآليات التي قد تساعد في توفير استجابة من الأمم المتحدة حتى في حالة وجود فيتو.
1. حق الفيتو وتأثيره
حق الفيتو الذي يمتلكه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، المملكة المتحدة، وفرنسا) يشكل عقبة رئيسية أمام اتخاذ قرارات ملزمة بشأن التدخل في الحالات التي تشمل أنظمة قمعية، خاصة عندما يكون أحد الأعضاء الدائمين قد يتخذ موقفًا داعمًا للنظام المعني.
عند استخدام الفيتو من قبل أحد الأعضاء الدائمين، يمكن للمجلس أن يتوقف عن اتخاذ قرارات ملزمة. وهذا يجعل من الصعب جدًا اتخاذ إجراءات مثل فرض عقوبات أو حتى إرسال قوات حفظ سلام، خاصة إذا كانت الدولة القامعة هي حليف لأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
2. التدخل في حالات الفشل في مجلس الأمن: "اتحاد من أجل السلام"
كما ذكرت في الردود السابقة، إذا كان مجلس الأمن عاجزًا عن اتخاذ إجراءات بسبب الفيتو، قد يكون هناك أمل في أن تستجيب الجمعية العامة للأمم المتحدة لنداء الشعوب المقهورة من خلال آلية "اتحاد من أجل السلام".
• الآلية: وفقًا لقرار 377 A (V) لعام 1950، يمكن للجمعية العامة للأمم المتحدة عقد اجتماع طارئ إذا كان مجلس الأمن عاجزًا عن اتخاذ إجراءات بسبب الفيتو. في هذا الاجتماع، يمكن للجمعية العامة إصدار توصيات، والتي قد تشمل الدعوة إلى حملات دبلوماسية، فرض عقوبات اقتصادية، أو حتى دعم التحركات الشعبية ضد الأنظمة القمعية.
• المحدودية: على الرغم من أن الجمعية العامة يمكن أن تصدر توصيات قوية، إلا أن هذه التوصيات غير ملزمة. لذا، يمكن للجمعية العامة أن تعبر عن التضامن مع الشعوب المقهورة وتدعو الدول الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات، ولكن في النهاية، القرار يعتمد على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
3. آليات أخرى في حالات الطوارئ:
• المفوضية السامية لحقوق الإنسان: يمكن للمفوضية السامية لحقوق الإنسان والآليات التابعة لها في الأمم المتحدة أن تعمل على تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في الدول القمعية. على الرغم من أن المفوضية لا تملك سلطة فرض قرارات ملزمة، إلا أن تقاريرها وتوصياتها يمكن أن تساعد في الضغط على المجتمع الدولي.
• المحاكم الدولية: في حالات انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، يمكن إحالة بعض القضايا إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من أن هذه المحاكم قد تواجه صعوبة في تنفيذ أحكامها إذا كانت الدولة المعنية لا تعترف بها أو إذا كانت تحظى بحماية من أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
4. تدخلات إنسانية دون موافقة مجلس الأمن
في بعض الحالات، يمكن أن تتدخل دول أو تحالفات دولية في مسائل حقوق الإنسان والعدالة الدولية حتى دون موافقة رسمية من مجلس الأمن، ولكن ذلك يبقى محاطًا بالجدل القانوني والسياسي:
• التدخلات الإنسانية: في بعض الحالات، يمكن أن يتم التدخل من قبل مجموعة من الدول (مثل تدخلات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في بعض الأحيان) بدافع من "مسؤولية الحماية" (Responsibility to Protect - R2P)، وهي مبدأ تم تبنيه من قبل الأمم المتحدة لحماية الشعوب من الإبادة الجماعية، التطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية. لكن هذا النوع من التدخلات قد يكون معقدًا إذا كان هناك فيتو في مجلس الأمن.
5. أمثلة تاريخية على التدخلات على الرغم من الفيتو
• الأزمة في رواندا (1994): في حين كان مجلس الأمن الأممي قد فشل في اتخاذ خطوات حاسمة خلال الإبادة الجماعية في رواندا بسبب المماطلة الدولية، إلا أن تدخل المجتمع الدولي من خلال الجمعيات الإنسانية والدول الأعضاء ساعد في تقديم الدعم. في هذه الحالة، كانت الأمم المتحدة قد قررت إرسال قوات لحفظ السلام، لكن الفشل في تنفيذ هذه الخطة بسرعة فاقم الوضع.
• التدخلات في ليبيا (2011): على الرغم من وجود معارضة من بعض الأعضاء الدائمين، فقد تم اتخاذ قرار من قبل مجلس الأمن الدولي (بموجب القرار 1973) بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا ودعم التدخل الدولي ضد نظام معمر القذافي، وهذا كان مثالًا على استجابة الأمم المتحدة في حالات الفشل الدبلوماسي المحلي.
6. الختام:
إذا كانت الدولة القمعية تحظى بدعم أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذي يستخدم الفيتو، فإن الأمم المتحدة تواجه تحديًا كبيرًا في الاستجابة الفعالة لنداء الشعوب المقهورة. لكن، في حال عجز مجلس الأمن بسبب الفيتو، يمكن للجمعية العامة أو آليات أخرى أن تبدي تضامنًا مع هذه الشعوب، على الرغم من أن تأثير هذه الاستجابة قد يظل محدودًا وغير ملزم.
لعمومية تكسير وتجاوز الفيتو في مجلس الامن الدولي.
• اعطنا مثال واحد ناجح قررت فيه الامم المتحدة تكسير وتجاوز الفيتو في مجلس الامن الدولي بوساطة الجمعية العمومية.
أحد الأمثلة الناجحة التي يمكن الإشارة إليها هو قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377A، المعروف باسم "الاتحاد من أجل السلام"، الذي تم اعتماده في عام 1950.
تفاصيل القرار:
السياق: جاء هذا القرار في وقت كانت فيه الحرب الباردة قد بدأت، وكان مجلس الأمن الدولي غير قادر على اتخاذ قرارات مهمة بسبب استخدام الفيتو من قبل الدول الكبرى.
الهدف: يسمح هذا القرار للجمعية العامة بالتدخل في حالات تهدد السلم والأمن الدوليين عندما يكون مجلس الأمن عاجزاً بسبب الفيتو.
التطبيق: استخدمت الجمعية العامة هذا القرار عدة مرات، مثل في حالات النزاعات في كوريا والشرق الأوسط.
الأثر:
هذا القرار أعطى الجمعية العامة قوة أكبر في معالجة الأزمات الدولية، وفتح المجال لمناقشة القضايا حتى في حالة عدم توافق الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
aahmedgumaa@yahoo.com