أزمة وعي أم جيل غارق في الكماليات؟!
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
تحدّثنا في مقالات سابقة عن ضرورة ترسيخ ثقافة الاستهلاك، ودورها في ضمان توفير المتطلبات اليومية الاجتماعية؛ إلا أن قرب المناسبات يتطلب التذكير بأهمية هذه الثقافة وتعزيزها بين أفراد المجتمع. ما دفعني لاختيار هذا العنوان هو بعض السلوكيات غير الصحيحة عند التسوق وتتكرر مع قرب الأعياد، من بينها الإكثار من شراء الكماليات، وإنهاك دخول الأسر بنفقات غير ضرورية، ربما تدفع رب الأسرة لاتخاذ قرارات مالية تؤثر على توفير المتطلبات اليومية مستقبلا، مما يجعلنا نفكر جميعا في وضع محددات لسلوك المستهلك بحيث تساعد على دراسة القرار الشرائي وتقييمه عند كل مرحلة عبر إجراء تحليلات اقتصادية وإحصائية لجميع العوامل المؤثرة في المحددات وهي مستوى الدخل الشخصي، ومستوى دخل الأسرة، ومستواها المعيشي، وسيولة المستهلك إضافة إلى نسبة الائتمان الاستهلاكي.
هناك ضعف في مستوى الوعي ببعض المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بالجوانب الاستهلاكية للأسر تعيق إيصال بعض الرسائل للجمهور لفهم بعض المنطلقات والإشارات الضرورية لحماية الأسر من بعض الممارسات الضارة اقتصاديا وماليا، وأقترح إنشاء مركز يختص بالإرشاد السلوكي يهتم بفهم سلوك الجمهور وترسيخ المصطلحات والمفاهيم المرتبطة بسلوك أفراد المجتمع على أن يحظى السلوك الاستهلاكي واتخاذ القرارات الشرائية أهمية كبرى في المركز؛ لتقويم سلوكيات الأشخاص وتوجيههم لاتخاذ القرار الذي يتناسب مع حجم مداخيل الأسر؛ فالوعي -حالة الفهم والإدراك لموضوع ما يستنبطه المرء من خلال المعرفة، وإدراكه لأبعاده وأسبابه- بأهمية القرارات المتخذة هي بداية لإصلاح بعض الممارسات غير الضرورية والضارة بالمداخيل المالية والمدخرات.
خلال الأيام الماضية تابعنا التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن المطالبة بتقديم صرف الرواتب والأجور قبل حلول عيد الأضحى المبارك، بهدف الوفاء بمتطلبات العيد ومستلزماته، واستكمال شراء حاجيات الأسر استعدادا للعيد، رغم مضي أقل من أسبوع على تسلّم آخر راتب، ما يضع سؤالا مهما بشأن أسباب انفتاح الأشخاص بشراهة على موضوع تقديم صرف الرواتب، ومدى ترتيب الأولويات واختيارها عند ارتياد الأسواق والمحال التجارية، وكيفية وضع خطة مالية توازن بين رغبات الشراء وقدرة المحفظة المالية للأسرة. إضافة إلى قدرة الأسر على توفير احتياجاتها بعد العيد في حال صرف غالبية الرواتب قبل العيد. وهنا يأتي دور أفراد المجتمع والأسرة والفرد للحد من سلوكيات الإنفاق غير العقلاني استعدادا للمناسبات، وتفعيل مبادرات الاقتصاد السلوكي الذي يفترض اتخاذ الفرد قرارات غير عقلانية في اتخاذ قراراته متأثر بجوانب عديدة أبرزها الجوانب العاطفية والاجتماعية والاتجاه العام الذي يتبناه الفاعلون في وسائل التواصل الاجتماعي. ولنفكر سويًّا في كيفية التغلب على هذه الجوانب عند اتخاذ القرارات عبر دراسة سلوك الأشخاص وتوجهاتهم والمنطلقات التي دفعتهم لتغليب الجانب غير العقلاني على الجوانب التي ينبغي على الشخص اتباعها والالتزام بها، رغم وجود برامج توعوية وتثقيفية تسهم في تعزيز الوعي بضرورة عدم الانصياع للجوانب العاطفية عند اتخاذ القرارات، ووضع بعض الأولويات محل اهتمام مثل الدخل، والمستوى المعيشي، ودرجة الرفاه الاجتماعي، إضافة إلى التنبؤ بالأوضاع الاقتصادية والمالية المستقبلية؛ إلا أن عدم الاكتراث بهذه العوامل من قبل بعض فئات المجتمع سينعكس سلبا على توفير متطلبات الحياة الاجتماعية اليومية. ربما يحدث عدم الاكتراث لأسباب مرتبطة بقناعات معينة أو نهج معتاد يحتاج إلى تقويم وتصحيح، أو عدم تهذيب في السلوك الشرائي للمستهلك؛ لذلك بات من الضروري ترسيخ مبادئ الإدارة المالية -عملية تخطيط وتنظيم وتحكم في الموارد المالية لأي مؤسسة أو شخص- ومواءمتها مع سلوك أفراد المجتمع؛ لضبط سلوكياتهم وممارساتهم عند اتخاذ القرار الشرائي، ولتحقيق ذلك لا بد من غرس مفاهيم الإدارة المالية الناجحة منذ مرحلة الطفولة مرورا بمرحلة الشباب وصولا إلى مرحلة كبار السن.
إن وجود خطة تحافظ على التوازن المالي الأسري، وتضع الاحتياجات الاجتماعية أولوية مقارنة بالكماليات، يعد بداية للتخطيط المالي السليم وللإدارة المالية الناجحة، مع إدراك الأشخاص بأن الإنفاق العشوائي في كثير من الأحيان على رغبات شخصية أو نتيجة التأثر بتوجهات الآخرين وأسلوبهم في الشراء، سيؤدي إلى إنهاك المدخرات والدخول المالية. لذلك من المهم بناء قرارات مالية على أساس صلب وواقعي لا على أوهام أو تصورات غير معقولة أو منطقية؛ فالراتب الذي تستلمه اليوم هو لأربعة أسابيع مقبلة ينبغي الاستعداد لها جيدا من حيث الالتزامات المالية والمصروفات الأخرى، إضافة إلى وضع خطة طارئة تحوي مبلغا لأي أزمة ربما تتعرض لها خلال الشهر، ولنكن أكثر حرصا على توجيه الموارد المالية إلى الجوانب الاستثمارية ذات المردود المالي الجيد، بدلا من الصرف على الجوانب الاستهلاكية غير المعمرة، أو التي تعطينا سعادة لحظية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أفراد المجتمع إضافة إلى
إقرأ أيضاً:
مؤتمر علمي بجامعة حلوان يناقش الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي في المؤسسات الحكومية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظمت كلية الحقوق بجامعة حلوان المؤتمر الطلابي مؤتمر علمي بجامعة حلوان يناقش الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي في المؤسسات الحكومية بعنوان "الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي في المؤسسات الحكومية"، بمشاركة واسعة من طلاب الجامعات المصرية وأعضاء هيئة التدريس والمتخصصين.
جاء المؤتمر تحت رعاية الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان، الدكتور أمل لطفي، عميد كلية الحقوق، وإشراف الدكتور أسامة حمزة، وكيل الكلية لشؤون البيئة وخدمة المجتمع، الدكتور احمد عبد اللاه وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب،ليكون منصة علمية تجمع بين القانون والتكنولوجيا، وتهدف إلى تسليط الضوء على التحديات القانونية المصاحبة لاستخدام الروبوتات الذكية في المؤسسات الحكومية، مع تقديم حلول وآليات تضمن الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات.
شهدت فعاليات المؤتمر حضورًا كبيرًا من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، إلى جانب مشاركة الدكتور أسامة إمام، عميد كلية الحاسبات والمعلومات، الذي أكد في كلمته على أهمية التعاون بين التخصصات المختلفة لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا أساسيًا في بيئات العمل الحديثة، مما يستدعي وجود تنظيم قانوني دقيق لضمان تكامله مع القوانين الحالية.
تخلل المؤتمر عدد من الفعاليات المتميزة، حيث افتتح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم قدم طلاب كلية الحقوق فقرات فنية متنوعة، تضمنت عروضًا غنائية وشعرية قدمها فريق كورال المسرح، مما أضفى أجواءً ثقافية وفنية مميزة على الحدث.
في الجانب العلمي، تم مناقشة الأبحاث المقدمة من الطلاب، والتي بلغ عددها 21 بحثًا علميًا، تناولت مختلف الجوانب القانونية المتعلقة باستخدام الروبوتات الذكية في المؤسسات الحكومية. وبعد تقييم الأبحاث، تم اختيار أفضل خمسة أبحاث للفوز بجوائز المؤتمر، حيث أشادت اللجنة بجودة الطرح العلمي ومستوى الأبحاث المقدمة.
أكد الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان، أن الجامعة تدعم البحث العلمي الذي يواكب المتغيرات التكنولوجية، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا قانونيًا يستدعي دراسة مستفيضة لضمان تحقيق أقصى استفادة منه دون الإخلال بالإطار التشريعي القائم.
أعربت الدكتورة أمل لطفي، عميد كلية الحقوق، عن فخرها بالمستوى المتميز للأبحاث المشاركة في المؤتمر، مؤكدة أن الكلية تسعى دائمًا إلى تنمية الوعي القانوني لدى الطلاب، وتعزيز قدرتهم على تحليل القضايا القانونية المرتبطة بالتطورات الحديثة، ومنها تنظيم استخدام الروبوتات الذكية في المؤسسات الحكومية.