السودان.. لماذا أفرجت قوات الدعم السريع عن مئات الأسرى؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
الخرطوم- أعلنت قوات الدعم السريع في السودان عن إطلاق سراح 537 من أسرى قوات الشرطة و202 من أسرى الجيش، بمبادرة اعتبرتها "منفردة"، تزامنا مع اقتراب عيد الأضحى، بينما يعتقد مراقبون أن الخطوة تهدف إلى تحسين صورتها بعد "المجزرة"، التي ارتكبتها القوات في منطقة ود النورة بولاية الجزيرة، وراح ضحيتها أكثر من 500 قتيل وجريح.
وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي من داخل خلوة الشيخ أبو قرون لتعليم القرآن في منطقة شرق النيل، والتي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، العشرات من ضباط وأفراد الشرطة المفرج عنهم وسط حشد من المواطنين المحتفلين بهم.
ومنذ اندلاع الحرب بالسودان في 15 أبريل/نيسان 2023، تحتجز الدعم السريع الآلاف من ضباط الجيش والشرطة والقوات الأمنية الأخرى ومدنيين، تم أسر معظمهم في الأيام الأولى للحرب، أو تم خطفهم من منازلهم لاحقا، وظلوا محتجزين في عشرات المواقع بمدن ولاية الخرطوم الثلاث، حسب منظمات حقوقية.
مبادرة منفردةوكانت قوات الدعم السريع قالت، في بيان يوم السبت، إنها أفرجت عن أسرى قوات الشرطة والجيش السوداني "حفاظا على أرواحهم" رغم "أفعال الجيش الإجرامية واللاإنسانية" بحسب وصفها، وأضافت أن ذلك لن يثنيها عن "تقديم المبادرات الإنسانية وتنفيذها ولو منفردة، مؤكدة الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني، واحترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
وأوضح البيان أن القوات كانت قد طرحت مبادرة قبل نحو 6 أشهر لإطلاق سراح 537 من منتسبي قوات الشرطة، فضلا عن مبادرة أخرى في مايو/أيار الماضي للإفراج عن 202 من أسرى الجيش، وتمت مخاطبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي رحبت بالمبادرة.
وذكر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدأت الإجراءات بين الطرفين لإتمام عملية الإفراج "لكن الجيش أخذ يماطل ويضع العراقيل أمام عملية التسليم والتسلم".
من جانبها، أشادت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية بمجهودات الشيخ إدريس أبو قرون، خليفة الطريقة القادرية الصوفية، والتي تُوجت بالإفراج عن ضباط وأفراد الشرطة وقوات أمنية أخرى ومدنيين، كانت تحتجزهم قوات الدعم السريع لفترات متفاوتة.
وصرحت المجموعة الحقوقية أنها تشجع الطرفين المتقاتلين على الاستمرار في الإفراج عن الأسرى العسكريين، والالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية المنظمة للنزاع المسلح بشأن آلاف المدنيين المعتقلين لديهما، وإطلاق سراحهم فورا.
ويقول مسؤول أمني كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، إن غالبية من تحتجزهم قوات الدعم السريع هم من الشرطة، وتم اختطافهم من منازلهم في أيام الحرب الأولى، كما أن هناك مئات من المحتجزين هم ضباط متقاعدون، ولا تنطبق عليهم صفة أسرى.
ويوضح المسؤول، في تصريح للجزيرة نت، أن قوات الدعم السريع تحتجز أكثر من 7 آلاف مدني في مراكز اعتقال، وتساوم أسرهم بالمال مقابل الإفراج عنهم.
وعن الضباط ورجال الشرطة الذين أفرجت عنهم قوات الدعم السريع قبل يومين، يكشف المسؤول الأمني أن المعلومات الأولية تشير إلى أن من أُطلق سراحهم هم عشرات من ضباط وأفراد الشرطة وليسوا مئات، وأن من بينهم ضباطا متقاعدون وآخرون مدنيون، تم إجبارهم على ارتداء زي الشرطة.
ويرجع المسؤول قرار "الدعم السريع" بالإفراج عنهم إلى محاولة تحسين صورتها بعد المجزرة التي ارتكبتها في قرية ود النورة بولاية الجزيرة، والانتهاكات في مواقع مختلفة فيها وفي دارفور، بعد تصاعد حملات الإدانة من المنظمات الدولية والحقوقية.
ووفقا للمتحدث فإن الجوع أو المرض مع غياب الرعاية الصحية، وأحيانا التعذيب أدى إلى وفاة عشرات من رجال الشرطة والمدنيين المحتجزين، خلال فترة احتجاز بعضهم التي تجاوزت عاما.
غياب الداخليةبدوره، انتقد الكاتب والمحلل السياسي محمد لطيف صمت وزارة الداخلية طول الفترة الماضية عن مئات من ضباطها وعناصرها الأسرى، وعدم بذل أي جهد للإفراج عنهم، سواء بالتواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو غيرها، وعدم متابعتها أوضاعهم أو إطلاع عائلاتهم على ظروفهم.
ويرى، في حديث للجزيرة نت، أن إفراج الدعم السريع عن الأسرى "خطوة إيجابية"، وترد على "دعاة الحرب" الذين يروجون لضعف القوات، التي استطاعت تحريك مئات الأسرى من قلب الخرطوم، ونقلهم إلى منطقة شرق النيل في شرق العاصمة، وهم يرتدون زيهم الرسمي الذي يحمل شارات رتبهم.
وحسب المتحدث، فإن اتهام قوات الدعم السريع بإطلاق سراح الأسرى من أجل تحسين صورتها بعد ما حدث من انتهاكات في ولاية الجزيرة "يحسب لها وليس عليها"، ويقول إن الإفراج عن الأسرى أدخل السرور على مئات الأسر التي كانت قلقة على مصير أبنائها، وكانت لا تعرف عن أوضاعهم شيئا، رغم ظهور الهزال والإعياء على بعضهم.
يرى الناشط الحقوقي سليمان بشير أن توقيت الإفراج عن الأسرى يرجّح أن قوات الدعم السريع أرادت توجيه رسائل داخلية وخارجية لتغيير صورتها، التي ارتبطت بالانتهاكات والسلب والنهب لدى غالبية المواطنين ومنظمات دولية وحقوقية وجهات مؤثرة عالميا.
ويوضح، في حديث للجزيرة نت، أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" وقع اتفاقا مع رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" عبد الله حمدوك، في ديسمبر/كانون الأول الماضي بأديس أبابا، نص على الإفراج عن أكثر من 400 من الأسرى، ثم أعلنت القوات في مارس/آذار الماضي أنها ستفرج عن 537 من أسرى الشرطة ولم تنفذ وعودها، ثم بعد نحو 3 شهور أفرجت عنهم من جانب واحد بطريقة مفاجئة.
وكانت منظمات ونشطاء معنيون بالدفاع عن حقوق الإنسان في السودان أكدوا أن لديهم أدلة على أن قوات الدعم السريع تحتجز أكثر من 5 آلاف شخص، بينهم 3500 مدني، في ظروف غير إنسانية في عدة أماكن بالعاصمة الخرطوم، حسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" في وقت سابق.
كما أحصى تقرير أعدته مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية أنه وفي مقابل 8 مراكز اعتقال للجيش، تمتلك قوات الدعم السريع 44 مركز احتجاز، وعادة ما تكون في مبانٍ سكنية أو مدارس أو أعيان مدنية، يُجمع فيها المعتقلون قبل أن يتم فرزهم ونقلهم إلى مراكز اعتقال دائمة.
وذكر التقرير أن المعتقلات تعاني من عدم التهوية والرطوبة العالية التي تؤدي إلى صعوبة في التنفس، ويتفشى فيها التعذيب والمعاملة القاسية، ما قاد إلى وفاة عدد من المعتقلين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع الإفراج عن عن الأسرى من أسرى من ضباط أکثر من
إقرأ أيضاً:
عاجل - الجيش السوداني يعلن تطهير مناطق غرب أم درمان من الدعم السريع ومأساة نزوح جديدة تضرب الفاشر
أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، استعادة السيطرة الكاملة على مناطق غرب أم درمان بعد طرد قوات الدعم السريع منها، مؤكدًا تحقيق "انتصارات نوعية" ضمن عملياته العسكرية في القطاع الغربي.
وجاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن "قوات العمل الخاص بالقطاع الغربي التقت بقوات المرخيات في منطقتي قندهار ودار السلام، وتم تطهيرهما من مليشيا دقلو الإرهابية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ "حميدتي".
"أطباء بلا حدود" تدين الهجوم على مستشفى تابع لها في جنوب السودان: "انتهاك صارخ للقانون الدولي" انتصارات للجيش.. ماذا يحدث في السودان؟وأضاف البيان أن الجيش ضبط أموالًا مزورة وعددًا من المعدات العسكرية المتقدمة، بينها منظومات تشويش وطائرات مسيّرة ومدافع، كانت قد خلفتها قوات الدعم السريع أثناء انسحابها من المنطقة.
هجوم بمسيّرات في مجمع الصفوة والجيش يتصدىفي المقابل، كشف مصدر عسكري سوداني أن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بمسيّرة انقضاضية استهدفت مواقع للجيش السوداني في مجمع الصفوة السكني، الواقع غربي أم درمان، دون الكشف حجم الخسائر.
وتأتي هذه التطورات بعد إعلان سابق للجيش في نهاية مارس الماضي عن طرد قوات الدعم السريع من جميع مناطق العاصمة الخرطوم، لكن آثار الدمار في المدينة ما زالت تتكشف تباعًا.
الشرطة: تدمير مؤسسات الدولة يقدّر بمليارات الجنيهاتمن جانبه، صرّح العميد أمير عباس مدني من قوات الشرطة السودانية أن قوات الدعم السريع دمرت عددًا كبيرًا من المرافق العامة والمؤسسات الرسمية، أبرزها دار الشرطة وسط الخرطوم، مشيرًا إلى أن الأضرار المادية الناتجة عن الحرب تقدّر بمليارات الجنيهات السودانية.
ويأتي هذا التصريح تزامنًا مع الذكرى الثانية للحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي خلّفت حتى الآن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فيما رجحت دراسات صادرة عن جامعات أميركية أن عدد القتلى قد يصل إلى 130 ألف شخص.
93 ألف نازح من الفاشر ومأساة إنسانية تتكشفوفي غرب البلاد، تعيش مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور أوضاعًا مأساوية، حيث تشهد موجة نزوح جماعي جديدة.
وأعلن آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور، أن نحو 93 ألف نازح من مخيم زمزم توجهوا خلال الساعات الماضية إلى منطقة طويلة التي تبعد 60 كيلومترًا عن الفاشر.
وأشار رجال إلى أن النزوح يجري وسط ظروف إنسانية قاسية، إذ يعاني النازحون من نقص حاد في الماء والغذاء والرعاية الصحية، ما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال والنساء بسبب الجوع والعطش والأمراض والصدمات النفسية.
ودعا رجال المنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل لتقديم خدمات الطوارئ، محذرًا من أن المنطقة المنكوبة لا تملك أي مقومات لاستقبال هذا العدد الضخم من النازحين.
قصف عنيف في الفاشر وتمشيط أمني واسعميدانيًا، واصلت القوات المسلحة السودانية قصفها المدفعي على مواقع الدعم السريع في أطراف مدينة الفاشر، موقعة خسائر بشرية ومادية في صفوف المليشيا، حسب مصادر عسكرية تحدثت للجزيرة.
وأكدت المصادر أن الجيش نفذ حملات تمشيط في الأحياء الجنوبية للمدينة، أسفرت عن اعتقال متسللين من قوات الدعم السريع وضبط كميات كبيرة من الأسلحة، بالإضافة إلى تدمير طائرات مسيّرة حاولت مهاجمة الدفاعات العسكرية للجيش.
صور أقمار اصطناعية تكشف حجم الدمار في دارفوروفي سياق متصل، أظهرت صور أقمار اصطناعية، التقطت بين 10 و15 أبريل الجاري، تصاعد أعمدة الدخان في مناطق متفرقة من مدينة الفاشر، نتيجة القصف المدفعي وهجمات المسيّرات التي نفذتها قوات الدعم السريع.
وتُظهر الصور آثار حرائق واسعة في مخيمي زمزم وأبو شوك للاجئين، وهو ما يعكس حجم المأساة التي يعيشها المدنيون في إقليم دارفور، الذي يقطنه أكثر من 1.5 مليون نسمة.
السودان في مواجهة أسوأ أزمة إنسانيةفي ظل استمرار الحرب وغياب أي حلول سياسية في الأفق، يواجه السودان أسوأ أزمة جوع في العالم حسب الأمم المتحدة، إضافة إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، وغياب الدولة عن إدارة الشأن العام.
وبينما يستمر القتال على الأرض، تتصاعد الدعوات المحلية والدولية للتهدئة وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، إلا أن الواقع الميداني يشير إلى مزيد من التصعيد، مما يُنذر بتفاقم الكارثة في البلاد التي كانت تُعد من أكبر الدول الإفريقية من حيث الإمكانات الزراعية والمائية.