قد يجد البعض صعوبة في مقاومة نشر صور أطفالهم الصغار على الإنترنت، بداية من صورة السونار التي تعلن قرب قدوم المولود الجديد، وصولا إلى كل لفتة صغيرة تستحق فخر الوالدين، وتشعل فيهم الرغبة في المشاركة.

لكن نشر المحتوى الرقمي عن لحظات الأمومة أو الأبوة، أو ما بات يُعرف في قاموس اللغة الإنجليزية بـ(Sharenting)، في مزج بين كلمتي (Share) أي "مشاركة"، و(Parenting) التي تعني "الأبوة والأمومة"، وهو المصطلح الذي يشير للنشر المستمر للصور ومقاطع الفيديو والمعلومات حول أطفالك على الإنترنت، يمكن أن يكون خطيرا للغاية.

وقد وصل الأمر إلى أنه بحلول عام 2030، من المُتوقع أن تكون مشاركة الآباء والأمهات للمحتوى عن أطفالهم هو السبب وراء ما يقرب من ثلثي عمليات الاحتيال وسرقات هوية صغارهم لاحقا.

"معضلة" يصعب السيطرة عليها

لكن لسوء الحظ، لا توجد طريقة آمنة بنسبة 100% لمشاركة حياة الطفل على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تفوق مخاطر هذا السلوك فوائده في معظم الأحيان.

هناك، بالطبع، بعض الإيجابيات لمشاركة المحتوى الرقمي الذي يرتكز حول أطفالك ويوثّق مراحلهم العمرية المختلفة. على سبيل المثال، غالبا ما يقوم الآباء بتكوين مجتمعات عبر الإنترنت من خلال منصات التواصل الاجتماعي.

كما يمكن أن يمثّل مصدرا مثاليا للمعلومات حول التربية والرعاية، وقد يمنح الآباء والأمهات الجدد إحساسا بالصداقة والروابط الحميمة مع الآباء الآخرين، خاصة خلال الوقت الذي قد يشعرون فيه أنه ليس لديهم أي فكرة عما يفعلونه.

وبالمثل، بالنسبة للآباء الذين يعيشون بعيدا عن أفراد الأسرة والأصدقاء الآخرين، فإن مشاركة صور أطفالهم عبر الإنترنت توفر طريقة لإشراك هؤلاء الأشخاص المهمين في حياة أطفالهم بالرغم من التباعد.

ومع ذلك، عندما يشارك الآباء صورا تحتوي على تفاصيل شخصية عن الطفل، أو تفاصيل قد تكون محرجة للأطفال عندما يكبرون، يمكن أن تتحول "المشاركة المفرطة" إلى مشكلة، علاوة على مشكلة نشر هوياتهم بصورة تفصيلية، مثل الاسم وملامح الوجه، وحتى أحيانا الموقع ومقر الإقامة أو الدراسة.

يوصي خبراء التربية بتجنب مشاركة الصور ومقاطع الفيديو والمعلومات الخاصة بالصغار تماما والانتظار حتى يبلغ أطفالهم 13 عاما على الأقل (شترستوك) ما مخاطر "المشاركة المفرطة"؟

تنطوي مشاركة الآباء والأمهات للمحتوى عن أطفالهم على مخاطر متعددة، قد يبدو بعضها بعيدا في المستقبل، لكنها مع ذلك حقيقية جدا وخطيرة، وتتضمن بعض مخاطر مشاركة المحتوى عن أطفالنا عبر الإنترنت ما يلي:

تحميل صور الأطفال وإضافة أسمائهم الكاملة وموقعهم تسهل سرقة الهوية والبيانات. التقاط صور عارية أو شبه عارية للأطفال الصغار في أية سياقات قد يتم سرقتها واستخدامها كمواد إباحية على "الويب المظلم" المرتبط بعالم الجريمة. يطلب العديد من الآباء الدعم عبر الإنترنت، ويعلقون علنا على مشكلة يواجهونها مع أطفالهم، أو مشاكلهم الصحية، أو سوء سلوكهم، أو ظروفهم الأكاديمية مثل صعوبات التعلم وغير ذلك، وبرغم ما يراه بعض الآباء على أنه طلب مساعدة أو مشاركة بسيطة يمكن أن يؤدي إلى التنمر على أطفالهم على المدى القصير، كما يمكن أن تكون له عواقب سلبية على حياة أطفالهم الشخصية والمهنية المستقبلية على المدى الطويل. قد يبلّغ العديد من الأطفال عن شعورهم بالحرج، أو انتهاك حقهم في الخصوصية، أو تعرضهم للخيانة من خلال نشاط المشاركة الذي يقوم به آباؤهم، خاصة عندما يتصلون بالإنترنت لأول مرة، عادة في سن المراهقة أو المراهقين، لرؤية حياتهم بأكملها بالفعل تم تحميلها أمامهم.

بناءً على المخاطر العديدة المرتبطة بالمشاركة المفرطة أو حتى البسيطة للمحتوى المرتبط بالأطفال من قِبل الآباء والأمهات، يوصي خبراء التربية والأمومة بتجنب مشاركة الصور ومقاطع الفيديو والمعلومات الخاصة بالصغار تماما، والانتظار حتى يبلغ أطفالهم 13 عاما على الأقل، وهي السن القانونية لامتلاك حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعد ذلك، يتم الأمر بموافقة الطفل أولا.

انتبه لاستمرارية المحتوى الرقمي

وعلى الرغم من أن العديد من المنصات التي يستخدمها الآباء والأمهات لمشاركة الصور عبر الإنترنت توفر إمكانية حذف المنشورات، فإن هذا قد لا يكون كافيا لحماية الطفل.

يرجع ذلك إلى أن كل ما تتم مشاركته على الإنترنت يمكن أن يترك دليلا إلكترونيا دائما، حتى لو قام الناشر بإزالة منشوره الأصلي، لذلك، غالبا ما يكون من الأفضل عدم نشر صورة في المقام الأول، بدلا من المخاطرة بـ"الإفراط في المشاركة" بصورة تحتوي على تفاصيل حساسة يمكن أن تعرض الطفل للخطر.

ضع في اعتبارك أن أي محتوى تنشره عبر الإنترنت لم يعد ملكا لك، ولم تعد هذه المعلومات سرية ويمكن لأي شخص استخدامها، كل ما تكشفه عن طفلك عبر الإنترنت سوف يتبعه حتى مرحلة البلوغ، وقد لا يتمكن من حذفه حتى لو أراد ذلك، قد تؤثر هذه المعلومات على كيفية رؤية الآخرين لطفلك، وتؤثر على فرص العمل المستقبلية أو مكانتهم الاجتماعية.

فيما يلي 8 نصائح يجب مراعاتها قبل النشر عن طفلك:

تعرَّف على سياسات الخصوصية الخاصة بالمواقع التي تشارك عليها، على سبيل المثال، يحتفظ فيسبوك وإنستغرام بالحق في استخدام صورك. استخدم دائما إعدادات الخصوصية الأكثر صرامة. قم بإعداد الإشعارات لتنبيهك عندما تظهر أسماء أطفالك في نتائج البحث على غوغل. قم بتنظيم وتنقيح قائمة المتابعين الخاصة بك، على أن تسمح فقط للأشخاص الذين تعرفهم وتثق بهم بالمتابعة إذا كنت ترغب في نشر المحتوى عن صغارك. عندما تشارك موقعك، يزداد خطر استهداف طفلك من قبل المحتالين عبر الإنترنت. لا تشارك الصور التي تظهر طفلك في أي حالة عري أو بملابس السباحة. ضع في اعتبارك أن أي شيء تشاركه من شأنه أن ينتشر ويؤثر على طفلك وعائلتك. كذلك كن حذرا عند نشر صور أو معلومات عن أطفال آخرين، إذ قد يُعتبر ذلك انتهاكا لخصوصيتهم ما لم تطلب الإذن من والديهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الآباء والأمهات عبر الإنترنت على الإنترنت نشر صور یمکن أن

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: التفاهم بين الآباء والأبناء أساس أي علاقة أسرية ناجحة (فيديو)

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أهمية التشاور والتفاهم داخل الأسرة، خاصة بين الأبوين والأبناء، مشيرًا إلى أن ذلك يساهم في تقوية الروابط الأسرية، ويمنع التفكك الذي قد يحدث نتيجة لضعف التواصل.

مفاهيم خاطئة حول التفكك الأسري

وقال عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، المذاع على قناة «dmc»، اليوم الخميس: «التفاهم والاحترام المتبادل بين الأب والأم والأبناء هو أساس لأي علاقة أسرية ناجحة، لكن للأسف هناك بعض المفاهيم الخاطئة التي تنتشر حول التفكك الأسري، حيث يعتقد البعض أنه فقط مرتبط بالمشاكل بين الزوجين، والحقيقة أن المشاكل مع الأبناء أيضًا يمكن أن تؤدي إلى نفس النتيجة، خاصة عندما تنقطع لغة التواصل بين الأهل وأبنائهم».

وأوضح أن الجيل الجديد يعاني من عدم فهمه لحقوقه وواجباته داخل المنزل، وهو ما يؤدي إلى فجوة كبيرة بين الأبناء وآبائهم، وبالتالي أصبح من الطبيعي أن ترى الأبناء ينادون والديهم بأسمائهم، مثل: «يا ليلى» أو «يا نادية» أو «يا سناء»، وهذه ظاهرة يجب أن ننتبه لها، فالعلاقة بين الأبناء والآباء يجب أن تتسم بالاحترام المتبادل.

عقد اتفاق بين الأبناء والوالدين

وتحدث الشيخ الجندي، عن فكرة «العقد الأسري»، حيث اقترح أن يقوم كل والد ووالدة بكتابة عقد اتفاق مع أبنائهم يشمل مجموعة من البنود التي تضمن الاحترام والتفاهم، موضحا: «الفكرة بسيطة جدًا، كل ما عليك هو كتابة عقد يتضمن بنودًا مثل الاحترام المتبادل، تبادل الثناء، والبعد عن الصراخ، وتشاور الآراء في القرارات، ثم اقرأ العقد مع أبنائك في اجتماع عائلي على مائدة الطعام أو في أي مكان يجمعكم، واجعل هذا العقد ملزمًا لجميع الأطراف: الأب، الأم، والأبناء».

وأكد أن مثل هذا الاتفاق بين الأفراد في الأسرة سيعزز من تواصلهم ويشعر الأبناء بأن لهم دورًا في اتخاذ القرارات داخل البيت، موضحا: «التشاور ليس ضعفًا، بل هو احترام لآراء الآخرين، والأبناء يجب أن يشعروا بأنهم جزء من هذا القرار».

وأشار إلى أن التشاور مع الأبناء في القرارات ليس علامة على ضعف، بل هو تعزيز لثقافة الاحترام والتقدير داخل الأسرة، وذكر مثالًا من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يشاور أصحابه في الكثير من الأمور.

وتابع: «حتى عندما كان صلى الله عليه وسلم يواجه قرارات صعبة، كان يشاور أصحابه، وهذا أمر يجب أن نتعلمه، سواء في تربية أولادنا أو في حياتنا اليومية، فالتشاور مع الأبناء يبعث فيهم الثقة ويشعرهم بقيمتهم في العائلة». 

وأضاف: «إذا أردنا بناء جيل قوي ومتوازن نفسيًا، يجب أن نكون نحن الأهل قدوة في كيفية التعامل مع بعضنا البعض باحترام وتقدير، ومن ثم نعلم أبناءنا ذلك».

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي: التفاهم بين الآباء والأبناء أساس أي علاقة أسرية ناجحة (فيديو)
  • أستراليا تعتزم حظر وسائل التواصل على المراهقين
  • كيف تحمي طفلك من العدوى المدرسية خاصة البرد والنزلات المعوية؟ (فيديو)
  • هل يمكن أن تزيد الأجهزة اللوحية من احتمالات التوحد لدى طفلك؟
  • «احذر من القمار بكل صوره».. موضوع خطبة الجمعة القادمة
  • أمين الفتوى يطالب الآباء بمراقبة أبنائهم فى هذه السن
  • لحماية حقوقهم.. طرق تحرير محضر عبر مباحث الإنترنت
  • هل تحل رسوم الدخول مشكلة السياحة المفرطة بالعالم؟
  • لماذا أصبح شراء ملابس رجال أون لاين الخيار الأفضل.. نصائح وتجارب
  • التوحد.. علامات شائعة تكشف إصابة طفلك بهذا الطيف