أكد د. أحمد ناجى قمحة، رئيس تحرير مجلة «السياسة الدولية» أن القطبية الأحادية التى ظهرت بعد سقوط الاتحاد السوفيتى والمعسكر الاشتراكى، كانت كارثة حلت بالعالم، مشيراً إلى أن إدارة العالم وفقاً لإرادة واحدة لم تحقق إلا مصالحها، وتتنافى مع الحقوق الطبيعية للشعوب.

واعتبر فى المقابل أن اللحظة الحالية قد تكون فارقة وتسمح بتغيير هذا الشكل إلى عالم ثنائى أو ثلاثى القطبية أو متعدد الأقطاب، لافتاً إلى أن طبيعة التفاعلات السياسية والاقتصادية الحالية يمكن أن تغير كثيراً من ملامح القوى الموجودة فى العالم.

. وإلى تفاصيل الحوار:

هل أعطت «الحرب الروسية - الأوكرانية» وتداعياتها دفعة لما يطلق عليه «العالم متعدد الأقطاب»؟

- هذا السؤال ينبغى أن ننظر له فى إطار الكيفية التى كان يُدار النظام العالمى بها بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تضمنت تلك الكيفية عيوباً قاتلة تتعلق بفرض إرادة المنتصر، فمن انتصر شكّلَ «مجلس الأمن»، وهى خمس دول: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، وفرنسا، وبريطانيا، والصين.

وبعد نهاية الحرب، أصبح لدينا معسكر شرقى وآخر غربى، وتطور الأمر لصراع بين قطبين، ولم يعد عالماً متعدد الأقطاب، وإنما أصبح عالماً ثنائى القطبية تمثل فى الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى.. وقد استطاعت الولايات المتحدة، استهلاك واستنزاف القوة الأخرى بضراوة، وفرض مصالحها، وتمكنت من القضاء على الاتحاد السوفيتى، وكسر المعسكر الاشتراكى، ولم يعد هناك فى العالم سوى قوى عظمى وحيدة هى الولايات المتحدة، يدور فى فلكها مجموعة من القوى الكبيرة التى كانت شريكة معها فى حلف الناتو.

وماذا عن الحرب الروسية الأوكرانية تحديداً؟

- عندما دخل «بوتين» الحرب، لم يدخلها ليقيم عالماً متعدد الأقطاب، بل كان طامحاً فى استعادة الدولة الروسية لأراضيها التى يراها من وجهة نظره أراضى الدولة الروسية، فى أوكرانيا وجزيرة القرم، وتحقيق الانتصار للإرادة الروسية، ولحظة بداية الحرب تلك هى اللحظة التى تجيّشت فيها روسيا، وكذلك جيّشت فيها الولايات المتحدة كل حلفائها فى الناتو لدعم أوكرانيا.

وهذه اللحظة هى التى بدأت تُشكل ملامح العالم الجديد وابتدأ كلام خبراء ومنظّرى العلاقات الدولية عن العالم متعدد الأقطاب، الذى بدأ يتشكل، وكانت ملامحه ظاهرة، أما بالنسبة للحديث عنه بهذه الدقة وهذا التحديد، وهذا التوافق فى الاتجاهات، فلم يبدأ إلا بعد أول طلقة فى الحرب الروسية الأوكرانية.

انهيار المعسكر الاشتراكى وتفككه لم يكن فى مصلحة توازن القوى.. وأحدث خللاً كبيراً جداً فى العلاقات الدولية

متى يمكن أن يكتمل تشكّل الأقطاب أو القوى الجديدة التى أشرت إليها؟

- تشكّل هذه الأقطاب ظهر بالفعل، والتوافق حول الملامح الأمنية من قضايا العالم بينها واضح، ومواقفها واضحة، فهذه القوى التى فى الشرق وفى الجنوب (الدول النامية)، بما فيها الصين، التى تطلق على نفسها دولة نامية، قادرة على أن تدافع عن مصالحها.

وتلتقى وتتوافق على مصالح أمنية لا ينبغى الجور عليها، والشكل الاقتصادى لها واضح تماماً فى تجمع «بريكس» الذى يعكس قوى اقتصادية، وطبيعة التفاعلات داخله تقوده أن يكون منظمة اقتصادية مختلفة تماماً، ستتنازع القوة مع المنظمات الاقتصادية الغربية التى فرضت إرادتها على دول الجنوب، ودول الجنوب تبحث عن التمويل العادل، وعن الحق العادل فى التنمية، وعن إعادة النظر فى ديون دول الجنوب المكبلة بها نتيجة رغباتها فى تحقيق معدلات تنمية لشعوبها، وتبحث عن تبادل تجارى عادل، ورفع قيمة العملات، وعن أسواق مفتوحة حقيقية، وأنت تتكلم عن منظمة ستعيد هيكلة التفاعل الاقتصادى، وهذه ملامح الدول، سواء دول بريكس أو الدول الأخرى التى تكلمنا عنها سابقاً، فمصالحها تتلاقى، وأهدافها الأمنية واضحة وكذلك أهدافها الاقتصادية.

هل تعدد الأقطاب أفضل لإدارة العالم؟

- فى اعتقادى أن القطبية الثنائية هى التى ستسود، أو من الممكن أن تكون ثلاثية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، ولكن كل ذلك مرتبط بتطور التفاعلات السياسية والعسكرية للمناطق الأمنية الملتهبة الموجودة على الأرض، لأن شكل العالم بعد الخروج من هذه الأزمات سيتغير، وكذلك طبيعة القوى التى ستكون موجودة فى العالم ستتغير، وقد لا تجد الولايات المتحدة فى المشهد، فطبيعة التفاعلات السياسية والاقتصادية والتفاعلات فى المناطق الأمنية العسكرية الملتهبة فى هذه اللحظات يمكن أن تقود لتغيير كثير من ملامح القوى الموجودة فى العالم، العظمى منها والكبيرة.

حل مشكلات العالم

معنى أن يدار العالم وفقاً لإرادة واحدة، فإنك ستفرض قيمك ونسقك وهويتك وثقافتك وقراراتك، وهذا الأمر لا يحقق إلا مصالح هذا الطرف، ويتنافى مع الحقوق الطبيعية للشعوب. ولنا أن نتساءل إلى أين قاد النظام الدولى العالم حتى الآن؟ لم نرَ إلا سياسات تمييز تعبر عن الكيل بمعيارين، وإلا فلماذا كل هذا الدعم لأوكرانيا، فى مقابل لا دعم للقضية الفلسطينية، هذا أمر يستحق التساؤل، فالموضوع يرتبط بإرادة الطرف القوى حتى هذه اللحظة، وعلى العالم أن يدرك أن استمرار هذا التغول فى استخدام القوة غير المبرر فى محاولة فرض الإرادة لتغيير الحدود الطبيعية للشعوب وللدول، أمر قد ينذر بحرب عالمية أوزارها ستكون كثيرة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أمريكا روسيا الصين الحرب بين موسكو وكييف الولایات المتحدة متعدد الأقطاب فى العالم

إقرأ أيضاً:

الخارجية الصينية: تزايد قوة إفريقيا وتطوّرها يسهم في تحقيق السلام والتنمية بالعالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون، الاثنين، إن "تزايد قوة إفريقيا وتطورها" سيسهم بالتأكيد بشكل أكبر في تحقيق السلام والتنمية على مستوى العالم.

أدلى المتحدث قوه جيا كون، بهذه التصريحات أثناء رده على سؤال ذي صلة في مؤتمر صحفي.

وأوضح قوه أن الصين وإفريقيا تتمتعان بصداقة عريقة، لافتا إلى أن قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي (فوكاك) انعقدت بنجاح عام 2024، وأن العلاقات الصينية-الإفريقية دخلت مرحلة جديدة تتمثل في بناء مجتمع مصير مشترك في كل الأحوال بين الصين وإفريقيا في العصر الجديد.

هذا الأسبوع، بدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، زيارته الرسمية إلى أربع دول إفريقية، ما يمثل أيضا السنة الـ35 التي يختار فيها وزراء خارجية الصين إفريقيا كوجهة لأول رحلة خارجية لهم مع بداية العام.

وأشار قوه إلى أن هذا التقليد المميز لوزراء خارجية الصين يُظهر الصداقة العميقة والمتنامية بين الصين وإفريقيا، واستمرارية تعاون الصين الودي مع إفريقيا. وقال "لطالما كانت الصين تؤمن بأن إفريقيا ليست 'القارة المفقودة'، بل هي أرض الأمل ومصدر الحيوية".

وأكد أن إفريقيا تعزز الحوكمة العالمية بقوة التحول، مشيرا إلى أن الدول الإفريقية، في ظل توجيه مبدأ الوحدة الإفريقية، سرَّعت عملية التكامل لتحقيق القوة من خلال الوحدة والسعي نحو التنمية والنهوض، ما جعل إفريقيا تؤدي دورا متزايد الأهمية في الشؤون الدولية.

وأضاف قوه أن إفريقيا تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، لافتا إلى أن بنك التنمية الإفريقي توقع ارتفاع متوسط النمو في إفريقيا إلى 3.7 بالمئة في عام 2024، متجاوزا متوسط النمو العالمي المتوقع. ومن بين الاقتصادات الـ20 الأسرع نموا في العالم، هناك اقتصادات 10 دول إفريقية.

وذكر المتحدث أن إفريقيا هي إحدى مهود الحضارات الإنسانية، وهي أيضا أرض مفعمة بالحيوية والأمل، حيث يشكل من تقل أعمارهم عن 30 عاما، 70 بالمئة من سكانها، ما يجعلها القارة الأكثر شبابا في العالم.

ولفت إلى أنه في ظل التحولات العالمية التي لم يشهد العالم لها مثيلا منذ قرن من الزمان، فإن التنمية المزدهرة لدول الجنوب العالمي، منها الصين وإفريقيا، لها تأثير عميق في التقدم التاريخي للعالم. وقال قوه "إن 'تزايد قوة إفريقيا وتطورها' سيسهم بالتأكيد بشكل أكبر في تحقيق السلام والتنمية على مستوى العالم".

مقالات مشابهة

  • الرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية تتضامن مع الأطباء الأردنيين و العرب
  • الحرب المنسية والمدمرة فى السودان.. كارثة إنسانية يتجاهلها العالم: 150 ألف قتيل و11 مليون نازح
  • بيان لسفيرة الولايات المتحدة: الطرفان المتحاربان يتحملان مسؤولية أعمال العنف والمعاناة التي تشهدها السودان ويفتقران إلى الشرعية لحكم السودان
  • مصادر لـ”رويترز”: الإمارات تجري محادثات مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن مرحلة ما بعد حرب غزة
  • ترامب: لو كنت رئيسًا لما وقعت الحرب الروسية الأوكرانية
  • إثيوبيا تحتفل بعيد الميلاد حسب التقويم الشرقي في واحدة من أقدم الكنائس بالعالم |شاهد
  • الولايات المتحدة تقول إن قوات الدعم السريع سودانية ارتكبت إبادة جماعية وتفرض عقوبات على زعماء الجماعة
  • الولايات المتحدة تتهم روسيا بدعم طرفي الصراع في السودان
  • الخارجية الصينية: تزايد قوة إفريقيا وتطوّرها يسهم في تحقيق السلام والتنمية بالعالم
  • بعد استقالة رئيس الوزراء.. ترامب يدعو كندا للاندماج مع الولايات المتحدة