رئيس «السياسة الدولية»: الأحادية كارثة حلت بالعالم.. وتتنافى مع حقوق الشعوب
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
أكد د. أحمد ناجى قمحة، رئيس تحرير مجلة «السياسة الدولية» أن القطبية الأحادية التى ظهرت بعد سقوط الاتحاد السوفيتى والمعسكر الاشتراكى، كانت كارثة حلت بالعالم، مشيراً إلى أن إدارة العالم وفقاً لإرادة واحدة لم تحقق إلا مصالحها، وتتنافى مع الحقوق الطبيعية للشعوب.
واعتبر فى المقابل أن اللحظة الحالية قد تكون فارقة وتسمح بتغيير هذا الشكل إلى عالم ثنائى أو ثلاثى القطبية أو متعدد الأقطاب، لافتاً إلى أن طبيعة التفاعلات السياسية والاقتصادية الحالية يمكن أن تغير كثيراً من ملامح القوى الموجودة فى العالم.
هل أعطت «الحرب الروسية - الأوكرانية» وتداعياتها دفعة لما يطلق عليه «العالم متعدد الأقطاب»؟
- هذا السؤال ينبغى أن ننظر له فى إطار الكيفية التى كان يُدار النظام العالمى بها بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تضمنت تلك الكيفية عيوباً قاتلة تتعلق بفرض إرادة المنتصر، فمن انتصر شكّلَ «مجلس الأمن»، وهى خمس دول: الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، وفرنسا، وبريطانيا، والصين.
وبعد نهاية الحرب، أصبح لدينا معسكر شرقى وآخر غربى، وتطور الأمر لصراع بين قطبين، ولم يعد عالماً متعدد الأقطاب، وإنما أصبح عالماً ثنائى القطبية تمثل فى الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى.. وقد استطاعت الولايات المتحدة، استهلاك واستنزاف القوة الأخرى بضراوة، وفرض مصالحها، وتمكنت من القضاء على الاتحاد السوفيتى، وكسر المعسكر الاشتراكى، ولم يعد هناك فى العالم سوى قوى عظمى وحيدة هى الولايات المتحدة، يدور فى فلكها مجموعة من القوى الكبيرة التى كانت شريكة معها فى حلف الناتو.
وماذا عن الحرب الروسية الأوكرانية تحديداً؟
- عندما دخل «بوتين» الحرب، لم يدخلها ليقيم عالماً متعدد الأقطاب، بل كان طامحاً فى استعادة الدولة الروسية لأراضيها التى يراها من وجهة نظره أراضى الدولة الروسية، فى أوكرانيا وجزيرة القرم، وتحقيق الانتصار للإرادة الروسية، ولحظة بداية الحرب تلك هى اللحظة التى تجيّشت فيها روسيا، وكذلك جيّشت فيها الولايات المتحدة كل حلفائها فى الناتو لدعم أوكرانيا.
وهذه اللحظة هى التى بدأت تُشكل ملامح العالم الجديد وابتدأ كلام خبراء ومنظّرى العلاقات الدولية عن العالم متعدد الأقطاب، الذى بدأ يتشكل، وكانت ملامحه ظاهرة، أما بالنسبة للحديث عنه بهذه الدقة وهذا التحديد، وهذا التوافق فى الاتجاهات، فلم يبدأ إلا بعد أول طلقة فى الحرب الروسية الأوكرانية.
انهيار المعسكر الاشتراكى وتفككه لم يكن فى مصلحة توازن القوى.. وأحدث خللاً كبيراً جداً فى العلاقات الدوليةمتى يمكن أن يكتمل تشكّل الأقطاب أو القوى الجديدة التى أشرت إليها؟
- تشكّل هذه الأقطاب ظهر بالفعل، والتوافق حول الملامح الأمنية من قضايا العالم بينها واضح، ومواقفها واضحة، فهذه القوى التى فى الشرق وفى الجنوب (الدول النامية)، بما فيها الصين، التى تطلق على نفسها دولة نامية، قادرة على أن تدافع عن مصالحها.
وتلتقى وتتوافق على مصالح أمنية لا ينبغى الجور عليها، والشكل الاقتصادى لها واضح تماماً فى تجمع «بريكس» الذى يعكس قوى اقتصادية، وطبيعة التفاعلات داخله تقوده أن يكون منظمة اقتصادية مختلفة تماماً، ستتنازع القوة مع المنظمات الاقتصادية الغربية التى فرضت إرادتها على دول الجنوب، ودول الجنوب تبحث عن التمويل العادل، وعن الحق العادل فى التنمية، وعن إعادة النظر فى ديون دول الجنوب المكبلة بها نتيجة رغباتها فى تحقيق معدلات تنمية لشعوبها، وتبحث عن تبادل تجارى عادل، ورفع قيمة العملات، وعن أسواق مفتوحة حقيقية، وأنت تتكلم عن منظمة ستعيد هيكلة التفاعل الاقتصادى، وهذه ملامح الدول، سواء دول بريكس أو الدول الأخرى التى تكلمنا عنها سابقاً، فمصالحها تتلاقى، وأهدافها الأمنية واضحة وكذلك أهدافها الاقتصادية.
هل تعدد الأقطاب أفضل لإدارة العالم؟
- فى اعتقادى أن القطبية الثنائية هى التى ستسود، أو من الممكن أن تكون ثلاثية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، ولكن كل ذلك مرتبط بتطور التفاعلات السياسية والعسكرية للمناطق الأمنية الملتهبة الموجودة على الأرض، لأن شكل العالم بعد الخروج من هذه الأزمات سيتغير، وكذلك طبيعة القوى التى ستكون موجودة فى العالم ستتغير، وقد لا تجد الولايات المتحدة فى المشهد، فطبيعة التفاعلات السياسية والاقتصادية والتفاعلات فى المناطق الأمنية العسكرية الملتهبة فى هذه اللحظات يمكن أن تقود لتغيير كثير من ملامح القوى الموجودة فى العالم، العظمى منها والكبيرة.
حل مشكلات العالممعنى أن يدار العالم وفقاً لإرادة واحدة، فإنك ستفرض قيمك ونسقك وهويتك وثقافتك وقراراتك، وهذا الأمر لا يحقق إلا مصالح هذا الطرف، ويتنافى مع الحقوق الطبيعية للشعوب. ولنا أن نتساءل إلى أين قاد النظام الدولى العالم حتى الآن؟ لم نرَ إلا سياسات تمييز تعبر عن الكيل بمعيارين، وإلا فلماذا كل هذا الدعم لأوكرانيا، فى مقابل لا دعم للقضية الفلسطينية، هذا أمر يستحق التساؤل، فالموضوع يرتبط بإرادة الطرف القوى حتى هذه اللحظة، وعلى العالم أن يدرك أن استمرار هذا التغول فى استخدام القوة غير المبرر فى محاولة فرض الإرادة لتغيير الحدود الطبيعية للشعوب وللدول، أمر قد ينذر بحرب عالمية أوزارها ستكون كثيرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أمريكا روسيا الصين الحرب بين موسكو وكييف الولایات المتحدة متعدد الأقطاب فى العالم
إقرأ أيضاً:
كارثة الجفاف تهدد أحد أكبر أنهار العالم
المنطقة التي يمر بها نهر الأمازون، أحد أكبر أنهار العالم، بما في ذلك غابات الأمازون المطيرة، تعاني من الجفاف الشديد، للعام الثاني على التوالي، وهو ما كشفه تقرير جديد لوكالة "إن بي آر".
وقد أدى ذلك إلى أدنى مستويات للمياه منذ أكثر من 100 عام في منطقة الأمازون وروافدها الرئيسية، وأبرز الخطر المحدق بالنهر العملاق، والقارة بأكملها.
يعتمد ملايين الأشخاص ومجموعة من الحيوانات البرية على تلك المياه التي يبدو أنها تتلاشى بسرعة مرعبة.
وهذا العام، شهد نهر الأمازون أسوأ موجة جفاف في التاريخ، في حين شهدت الغابات المطيرة أسوأ حرائقها منذ ما يقرب من 20 عاما، مما أدى إلى تغطية ما يصل إلى نصف قارة أمريكا الجنوبية بالدخان.
تغطي منطقة الأمازون الحيوية مساحة قدرها 6.74 مليون كيلومتر مربع، وتغطي 8 بلدان وإقليم واحد: البرازيل، وكولومبيا، وبيرو، والإكوادور، وبوليفيا، وفنزويلا، وغيانا، وسورينام، وغيانا الفرنسية.
وبالرغم من أن هذه البلدان تعمل الآن لحماية منطقة الأمازون، التي تعتبر واحدة من أكثر أجزاء الكوكب تنوعا بيولوجيا، إلا أن هذه الاتفاقيات تعرضت أيضا للانتقاد لافتقارها إلى أهداف واضحة.
منذ أغسطس الماضي، أثر انخفاض مستويات المياه في نهر الأمازون وروافده إلى مستويات قياسية على صيد الأسماك، والسياحة، وإمدادات مياه الشرب لمجتمعات السكان الأصليين المحلية.
ولكن جفاف الأمازون له أبعاد أخطر على مستوى الكوكب كذلك، ويمثل جرس إنذار حقيقي للمتغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب.