على عكس كثيرين ممن يرون أن العالم مقبل على مرحلة جديدة متعددة الأقطاب، لا يؤمن الدكتور محمد كمال، أستاذ العلاقات الدولية ومدير معهد البحوث والدراسات العربية، بهذه الفكرة، مشيراً إلى اعتقاده بأن «فكرة القطبية انتهت من العالم، وأن العالم إذا كان سيبنى نظاماً دولياً جديداً فإنه سيكون نظاماً غير قطبى، ولكن قائم على فكرة التعددية».

يوضح «أستاذ العلاقات الدولية» وجهة نظره تلك بشكل أكثر تفصيلاً، مشيراً إلى أن كلمة «قطب» معناها فى النهاية أنه بدلاً من أن يكون هناك قطب واحد أو قطبان، سيكون هناك 5 أو 6 أقطاب، وهذا فى النهاية يهم فقط الدول الكبرى، ولا يهم مصر أو دول الجنوب، وسيكون مجرد اعتراف بمجموعة أخرى من الدول الكبرى، وأنا لا أرى فى ذلك فائدة كبيرة، حسب قوله.

واعتبر «كمال» أن «العالم لم يعد يعمل وفقاً لمنطق الأقطاب، حيث أصبح هناك الآن ما يسمى «دول أو قوى متوسطة» مثل مصر والسعودية والبرازيل والأرجنتين وتركيا، وهذه الدول أحياناً تلعب أدواراً فى مناطقها أهم وأكبر من الأقطاب الكبرى، وأحياناً دول صغيرة تلعب دور قوى كبرى أو أقطاب كبرى، وبالتالى ففكرة أن العالم سيكون متعدد الأقطاب لا معنى لها، وهناك بعض الدول تستخدمها ربما بهدف أن تحصل على مكانة دولية، فالقطب معناه أن دولة تسعى لجذب مجموعة من الدول كى تدور فى فلكها أو فى دائرة نفوذها.

يقترح أستاذ العلاقات الدولية بدلاً من ذلك الحديث عن «نظام جديد قائم على التعددية».. بمعنى وجود تعددية فى القيم، بحيث لا توجد قيم تفرضها دولة على دولة أخرى، ولا يوجد سمو لفكرة معينة لأنها مرتبطة بحضارة معينة، وهنا نطلق على ذلك تعددية القيم.. وهناك كذلك تعددية فى النظم، بمعنى أنه لا يوجد نظام اقتصادى أفضل من نظام اقتصادى آخر، أو يعلو على نظام اقتصادى آخر، ولابد من القبول بفكرة تعددية النظم الاقتصادية، وأيضاً تعددية النُظم السياسية بمعنى أن العبرة فى النهاية هى كفاءة النظام السياسى وقدرته على الحصول على رضاء الشعب أو المواطنين.

وفى المقابل يؤكد «كمال» أن: «العالم الآن لا توجد فيه دولة أو قطب، سواء واحد أو اثنان أو خمسة، تستطيع أن تمارس نفوذاً فى الكون كله، ولكن العالم أصبح مقسماً إلى مناطق: شرق آسيا، الشرق الأوسط، جنوب أفريقيا، أمريكا اللاتينية، وفى كل إقليم ستجد دولة أو دولتين نسميها متوسطة وتلعب دوراً كبيراً جداً، وتقود الإقليم، أو تؤثر سلباً أو إيجاباً على الإقليم، وتلعب دوراً أكبر من القوى الكبرى، وهذا شكل العالم حالياً.

فحسبما يستطرد أستاذ العلاقات الدولية، فإن: العالم حالياً انتهت فيه فكرة القطبية وهو عالم لا قطبى، حيث انتهت القطبية الثنائية ما بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة، وكذلك انتهت القطبية الأحادية بقيادة الولايات المتحدة التى استمرت لفترة محدودة بنهايتها انتهت القطبية، ونحن الآن فى عالم لا قطبى، ولا يمكن أن نقول الآن إن روسيا أو الصين تمارس نفوذاً على الكون كله، مثلما كانت روسيا وأمريكا، أو مثلما كانت أمريكا وحدها بعد ذلك لفترة ما.

ورداً على سؤال حول ما إذا كان العالم فى ظل الصيغة الجديدة لـ«القوى الإقليمية» سيكون أفضل مما كان عليه فى عصر القطبية الثنائية أو القطب الأوحد؟

قال «كمال»: ليس بالضرورة، ففكرة أفضل فى المطلق انتهت، فالعالم الآن قائم على فكرة التعاون والتنافس فى نفس الوقت، وحتى العلاقات الأمريكية الصينية فيها جزء تنافسى ضخم جداً، ولكن فيها جزءاً تعاونياً ضخماً أيضاً، وهذا لم يكن موجوداً أيام القطبية الثنائية بين أمريكا وروسيا، حيث كان هناك تنافس طول الوقت.

وبالتالى فكل علاقات وتفاعلات الدول الآن ستجد فيها جانباً تنافسياً وجانباً تعاونياً، والمهم التعايش فى هذا الإطار وأن الجانب التنافسى لا يطغى على الجانب التعاونى، وهذا هو الشكل الجديد فى العلاقات الدولية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أمريكا روسيا الصين الحرب بين موسكو وكييف أستاذ العلاقات الدولیة

إقرأ أيضاً:

بلينكن يتحدث عن الشروط السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل

قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتونتي بلينكن، إن وقف إطلاق النار في غزة، وإقامة دولية فلسطينية، هما المفتاحان لأي اتفاق تطبيع بين المملكة العربية السعودية، و"إسرائيل".

وتابع بلينكن بأنه يأمل أن تتابع إدارة الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، جهود هذه الصفقة.

وتابع بأن أي علاقات سعودية-إسرائيلية ستركز على استقرار طويل الأجل في المنطقة، لكن الرياض تصر على إقامة الدولة الفلسطينية قبل بدء العلاقات الدبلوماسية.



في وقت سابق، زعمت صحيفة هآرتس العبرية حدوث اختراق في محادثات التطبيع بين الرياض وتل أبيب، فيما نفى مصدر دبلوماسي غربي مطلع لـ"عربي21" الأنباء المتداولة.

وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات للصحيفة، إنه بدلاً من الاعتراف الإسرائيلي الصريح بدولة فلسطينية، كما طالبت المملكة العربية السعودية سابقًا، اتفق الجانبان على أن تقدم إسرائيل للمملكة التزامًا غامضًا بـ "مسار نحو الدولة الفلسطينية". وهذا من شأنه أن يسمح للمملكة العربية السعودية بالوفاء بتعهدها بعدم التخلي عن الفلسطينيين.

وقال مصدر دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته لـ"عربي21" إن الحديث عن وجود اختراق في مفاوضات التطبيع بين السعودية والاحتلال غير دقيق، وأضاف المصدر أن بعض الأنباء التي تنشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية تكون موجهة لأهداف سياسية، مشيرا إلى أن السعودية لا تزال متمسكة بشرط التعهد بإقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل التطبيع مع إسرائيل.



وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أكدت القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض على أن لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كل الأراضي العربية المحتلة إلى خط الرابع من حزيران/يونيو 1967، داعية الى حشد الدعم الدولي لإقامة دولة فلسطين.

وندّد البيان الختامي للقمة بـ"العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان وقطاع غزة"، داعيا إلى "إنجاز وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن والأسرى".

وحضّت حركة حماس الدول العربية والإسلامية على تنفيذ مقررات القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض وإجبار إسرائيل على وقف "عدوانها".

وتعتبر الأمم المتحدة أن هضبة الجولان السورية الحدودية مع إسرائيل والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة أراضي محتلة.

ونصّت المبادرة العربية لعام 2002 التي صدرت بعد قمة تاريخية عقدت في بيروت على "اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا" و"إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار سلام شامل" في حال حصل انسحاب إسرائيلي "كامل من الأراضي العربية المحتلة"، و"القبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون عاصمتها القدس الشرقية".

وخلال انعقاد القمة، أدلى وزير الخارجية الإسرائيلي المعيّن حديثا جدعون ساعر بتصريح قال فيه إن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة ليس أمرا "واقعيا اليوم".

وقال الوزير ردا على سؤال بشأن إبرام اتفاقيات تطبيع محتملة بعد إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، "لا أعتقد أن هذا الموقف واقعي اليوم، ويجب أن نكون واقعيين".

مقالات مشابهة

  • قصي عبيدو لـ«البوابة نيوز»: الوحدة بين سوريا ومصر كانت من أنجح العلاقات والتحالفات
  • فرضية حديقة الحيوان.. لماذا لم نجد حياة عاقلة في الكون إلى الآن؟
  • درة الكيانات الدولية
  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • كاتب صحفي: من المطلوب أن توفر الدول العربية الدعم وتطالب بانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية المحتلة
  • خالد داوود: يجب على الدول العربية المطالبة بانسحاب إسرائيل من الأراضي السورية
  • باحث في العلاقات الدولية: الوقت مناسب الآن لوقف إطلاق النار بغزة
  • بلينكن يتحدث عن الشروط السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل
  • باحث بالعلاقات الدولية: خطاب الرئيس الفلسطيني بقمة مجموعة الـ 8 كان شاملا
  • باحث بالعلاقات الدولية: الرئيس الفلسطيني يوصل الليل بالنهار لرفع المظلومية عن شعبه