خلال انعقاد القمة العربية الحادية والثلاثين، التى استضافتها الجزائر أواخر عام 2022، بعد أشهر من انطلاق العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، وجّه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين رسالة للقادة العرب المشاركين فى هذه القمة، أشار فيها إلى أن «عملية تشكيل نظام متعدد الأقطاب فى العلاقات الدولية، يقوم على مبادئ المساواة والعدالة واحترام المصالح المشروعة لبعضنا البعض، تكتسب زخماً، وأن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التى تشكل الدول العربية غالبيتها، تلعب دوراً متزايد الأهمية فى هذه العملية».

وقال «بوتين» فى رسالته: «إن العالم يشهد تغيرات سياسية واقتصادية مهمة»، مضيفاً أن «عملية تشكيل نظام متعدد الأقطاب فى العلاقات الدولية، يقوم على مبادئ المساواة والعدالة واحترام المصالح المشروعة لبعضنا البعض، تكتسب زخماً». وأكد الرئيس الروسى أهمية الدور الذى تلعبه الدول العربية، قائلاً إن «دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التى يبلغ عدد سكانها ما يقرب من نصف مليار نسمة، تلعب دوراً متزايد الأهمية فى هذه العملية»، بحسب ما نقلت آنذاك وكالة «نوفوستى» الروسية.

وكيل «الشئون العربية» بـ«النواب»: نجحت فى كسر جزء كبير من الهيمنة الأمريكية بالتقرب من روسيا والصين

هذا «الدور المهم» الذى أشار إليه الرئيس الروسى بأن الدول العربية باتت تلعبه فى عملية تشكل نظاماً متعدد الأقطاب فى العلاقات الدولية، يؤكده أيضاً الدكتور أيمن محسب، وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب، قائلاً: بكل تأكيد فإن الدول العربية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من عملية تشكيل النظام العالمى الجديد، وهو ما يظهر فى محاولات العرب المستمرة لكسر الهيمنة الأمريكية، بعد أن ظلت الولايات المتحدة الأمريكية حليفة لهم لسنوات، وهو ما يفسر التقارب العربى من روسيا والصين، وحرص عدد من الدول العربية على الانضمام لتجمع «البريكس» الذى يستهدف بالدرجة الأولى خلق نظام عالمى متعدد الأقطاب، ونظام أكثر عدالة.

وكانت الصين ودول مجلس التعاون الخليجى قد عقدت القمة الأولى بينهما، التى استضافتها المملكة العربية السعودية، فى ديسمبر عام 2022، للتباحث حول سبل تطوير العلاقات الصينية - الخليجية، وذلك حسبما عبّر الرئيس الصينى شى جين بينج خلال هذه القمة، الذى قال وقتها أيضاً: «علينا ترسيخ الثقة المتبادلة بالاستمرار على الصعيد السياسى، وتبادل الدعم الثابت للمصالح الحيوية لبعضنا البعض، والعمل معاً على صيانة مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية، وبذل جهود مشتركة لتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية، بما يحافظ على المصالح المشتركة للدول النامية الغفيرة»، وهى القمة التى توسطت الصين بعدها لإعادة العلاقات بين كل من إيران من ناحية والسعودية والإمارات من ناحية أخرى، بعد توتر غير مسبوق فى العلاقات بين الطرفين.

ويعتبر وكيل لجنة الشئون العربية بمجلس النواب أنه من مصلحة العالم العربى الاتجاه نحو الشرق كما فعل ولى العهد السعودى محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن «الدول العربية الآن أصبحت أكثر نضجاً وما يحركها هو مصلحتها، فلا توجد تحالفات مطلقة، أما أمريكا فتدفع ثمن سياستها لاستغلال المنطقة وتدمير عدد من دول الشرق الأوسط، وهو ما يظهر فى إقامة علاقات استراتيجية عربية مع كل من القوتين الصينية والروسية».

ويشير الدكتور محسب، فى هذا السياق، إلى اعتقاده بأن الدول العربية نجحت فى كسر جزء كبير من الهيمنة الأمريكية بسبب إيمانهم بأن القطبية الأحادية لم تعد صالحة لمواكبة التطورات السياسية والمجتمعية، بعد فشل الولايات المتحدة الأمريكية فى إيجاد توازن موضوعى للصراعات فى الشرق الأوسط تحديداً، والقضية الفلسطينية خاصة، التى انحازت فيها «واشنطن» للكيان الإسرائيلى، متجاهلة القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولى، مضيفاً: لذلك أتوقع أن تشهد السنوات المقبلة انحساراً فى القوة الأمريكية التى تمثل الآن الأولى عالمياً.

ورداً على سؤال حوال ما إذا كان بالإمكان أن يتحول العرب إلى قطب فى عالم متعدد الأقطاب، أو على الأقل «قوة مؤثرة» بشكل كبير فى النظام الدولى، قال وكيل الشئون العربية بـ«النواب»: «بالفعل الدول العربية قادرة على ذلك، فالعرب قوة سياسية واقتصادية وعسكرية أيضاً لا يستهان بها، والدول العربية لديها من المقومات ما يمكنها من الوجود فى المعادلة العالمية كرقم فاعل، وفى الوقت الحالى أصبحت هناك رغبة قوية أن يبحث العالم العربى عن مكانه فى عالم متعدد الأقطاب، ليصبح كياناً خاصاً وكاملاً، يميل إلى الجانب الذى يحقق مصالحه من العالم».

وعن الشروط الكفيلة بتحول العرب إلى قطب جديد فى عالم متعدد الأقطاب، قال «محسب»: العالم العربى ملىء بالقدرات التى تمكنه من التحول إلى قطب فى عالم متعدد الأقطاب، وذلك بالنظر على سبيل المثال إلى المكانة الدينية للمملكة العربية السعودية، والإمكانات الاقتصادية للإمارات العربية المتحدة، والقوة العسكرية لمصر، فإنهم قادرون على تحقيق ذلك، رغم إيمانى بتحقيق جزء كبير من هذا الأمر خلال السنوات الأخيرة، لكن لمزيد من الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف يحتاج العرب إلى إرادة سياسية، وتعزيز سياسات التكامل الاقتصادى، وتعزيز التفاعل بين الدول العربية فى جميع المجالات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أمريكا روسيا الصين الحرب بين موسكو وكييف الشئون العربیة الدول العربیة الشرق الأوسط عملیة تشکیل فى العلاقات

إقرأ أيضاً:

تعليق المساعدات الأمريكية

#تعليق_المساعدات_الأمريكية
د. #محمد_جميعان

قرار الرئيس الأمريكي السيد #ترامب بتعليق المساعدات الخارجية لمدة تسعين يوما يعتبر نافذا على كافة الدول التي تتلقى تلك المساعدات.

لكن الأهم والباعث على القلق لدى هذه الدول أن مدة التعليق طويلة لاجراء مراجعة تلك المساعدات مالم يكن القصد منها دراسة مستفيظة وجذرية، وربما تشمل ثلاثة قضايا في غاية الخطورة:

الاولى- أعتقد أن الغاية الاساس تقليص المساعدات بشكل كبير إلى حد إلغائها لبعض الدول على ضوء تلك الدراسة وبما تقتضيه المصالح الأمريكية..

مقالات ذات صلة لغتنا الجميلة 2025/01/22

الثانية- اعادة آلية توزيع المساعدات بما يوازي مصلحة الولايات المتحدة الامريكية في ذلك، باعتبارها أموال دافعي الضرائب الامريكيين، وفرض رقابة اكثر صرامة على كيفية انفاقها في تلك الدول، ومراجعة ذلك باثر رجعي لكيفية انفاقها في الماضي.

والثالثة- اهتمام السيد ترامب بتعليق المساعدات وقرار المراجعة في يوم تنصيبه يعني ان لدى إدارته معلومات ومعطيات خطيرة تتعلق بالنزاهة وهدر المال العام وسوء استخدامها في الدول المتلقية للمساعدات..

واخيرا لا أعتقد أن الأمر يتعلق ببضعة مليارات يمكن توفيرها إنما بما هو اكبر واعمق واخطر، سيما ان االقرار تم توقيعه بيوم تنصيبه من ضمن مئة قرار لها الاولية في العمل لديه.

مقالات مشابهة

  • تعليق المساعدات الأمريكية
  • كيف سيعيد ترامب تشكيل الشرق الأوسط ؟
  • أشرف العشري: العلاقات المصرية الأمريكية مهتمة باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط
  • كاتب صحفي: منتدى دافوس أكبر حدث عالمي للتباحث في القضايا الاقتصادية
  • كاتب صحفي: العلاقات المصرية الأمريكية مهتمة باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط
  • تساؤلات وسلبيات عن شهادة البكالوريا (٢)
  • افتتاح مكتب التمثيل الإقليمي للمنظمة البحرية الدولية للدول العربية
  • يوم تاريخي.. افتتاح مكتب التمثيل الإقليمي للمنظمة البحرية للدول العربية بمصر
  • تربية الأبقار الحلابة.. برنامج تدريبي لتنمية الإنتاج الحيواني للدول العربية
  • «التنمية الحضرية»: مشروع الفسطاط يحول القاهرة إلى مقصد سياحي عالمي ويوفر آلاف الوظائف