أستاذ علوم سياسية: النظام الدولي يقوم على «المقايضات والمساومات» بين المصالح ودوائر النفوذ
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
أكد د. طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن الحرب الروسية الأوكرانية التى انطلقت منذ أكثر من عامين، وتحديداً فى 24 فبراير عام 2022.
كلما تعددت الأقطاب سمح ذلك بحرية الحركةوما أعقبها من تداعيات أعطى فرصة لإيجاد عالم متعدد الأقطاب، مشيراً إلى أن النظام الدولى الآن بدأ يشهد بالفعل عالماً جديداً متعدد الأقطاب يتشكل بالفعل بمقومات وأسس ومرتكزات جديدة، بما سيسمح للدول الكبرى والصغرى بلعب مساحة كبيرة.
هل أعطت «الحرب الروسية الأوكرانية» وتداعياتها المختلفة دفعة جديدة للقضاء على هيمنة «القطب الواحد»، وإرساء تعدد الأقطاب فى العالم، حسبما كان يطمح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين؟
- بالتأكيد طبعاً أعطت الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها، فرصة لإيجاد عالم متعدد الأقطاب، وأحد أهم مطالب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو الاتجاه إلى عالم متعدد الأقطاب تحكمه قوى كبيرة دولية وإقليمية رئيسية فى العالم، كالصين، وروسيا، والولايات المتحدة، بما يسمح بحرية الحركة، وبما يسمح بطبيعة الحال بحضور كبير للقوى الإقليمية والدولية، وألا يكون العالم مقتصراً على العالم أحادى القطبية الذى تتحرك فى دوائره الولايات المتحدة الأمريكية فى هذا التوقيت.
هل بدأ تشكل عالم متعدد الأقطاب بالفعل، وما هى الأقطاب المرشحة للعب دور بارز فيه؟
- فى تقديرى أن النظام الدولى بدأ يشهد عالماً متعدد الأقطاب بالفعل، حيث لدينا قوة عسكرية كبرى غاشمة هى الولايات المتحدة الأمريكية، وقوة اقتصادية هائلة هى الصين، والصين قوة رئيسية، وفى اجتماعات الحزب الشيوعى الصينى الأخيرة، أقروا بأن دولة الصين لا بد أن تتدخل فى قضايا العالم، وأن تقدم مقارباتها بصورة أو بأخرى، وفى تقديرى أن الصين تملك الإمكانيات والقدرات لذلك فى هذا التوقيت.
وهناك قوة كبيرة وليست عظمى وهى روسيا التى تمتلك السلاح النووى، وتملك قدرات كبيرة أخرى، وهناك دول كبيرة أيضاً تتصارع منها اليابان، والبرازيل والأرجنتين والهند، وهذه كلها قوى صاعدة بصورة أو بأخرى، لكن الاتحاد الأوروبى هو الرئيسى فى هذا الإطار وطبعاً فرنسا وألمانيا هما من يقودان قاطرة الاتحاد الأوروبى، إذن نحن أمام عالم جديد يتشكل، فيه مقومات وأسس ومرتكزات جديدة سيسمح للدول الكبرى والصغرى بلعب مساحة كبيرة.
والنظام الدولى الآن يقوم على فكرة المقايضات الكبرى والمساومات ما بين المصالح ودوائر النفوذ والتأثير الكبيرة التى يمكن التحرك فيها والتى يمكن إنجازها، وأعتقد أن هذا الأمر مهم للغاية وهو ما يمكن الاعتماد عليه بصورة أو بأخرى.
وأعتقد أن النظام متعدد الأقطاب يسمح لقوى عديدة فى العالم بالتحرك والانتقال من دوائر إلى دوائر أخرى، بما يؤكد ويعمق فكرة النظام التعددى، والنظام القائم على الحسابات الكبرى، وفكرة الندية والتعددية السياسية والليبرالية فى العالم.
وهل يقدر العرب أن يكونوا قطباً جديداً، ويخرجوا من الفلك الأمريكى؟
- أغلب الدول المرشحة لتكون أقطاباً فى النظام الدولى لهم علاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، فالصين والولايات المتحدة الأمريكية مثلاً اقتصادهما لا يستطيع أن يتفكك وينفصل، فالاثنتان هناك تكامل فى اقتصادهما، نعم هناك صراع وتنافس ومشاكل متعلقة بالرسوم الجمركية الحمائية للتجار والصناع وأرباب الأعمال الأمريكان، لكن لا توجد رغبة فى أن ينفصلا عن بعضهما.
ولا يوجد شىء اسمه الخروج من الفلك الأمريكى، فالأمريكيون منخرطون فى صراعات كبرى فى حلف الناتو، وهناك مخاوف أوروبية من أن يتفكك الحلف بعد اتساعه شرقاً ودخول السويد وفنلندا، ويخافون من أن ترامب يمكن أن يكرر المقولة بأن على الأوروبيين أن يدفعوا ثمن الدفاع عنهم، فهناك تفاصيل كثيرة فى هذا السياق، ومع ذلك فرنسا وألمانيا فى الاتحاد الأوروبى لا يستطيعان أن يخرجا من المظلة الأمريكية.
وبالتالى تبقى السياسات الأمريكية المطروحة هى السياسات الرئيسية التى تقود النظام الدولى، رغم حالة المناكفة لعالم متعدد الأقطاب. ونحن كدول عربية وأفريقية وآسيوية لعالم متعدد الأقطاب، من المهم أن يكون هناك نوع من الانحياز لمطالبنا وحقوقنا، وأعتقد أن هذا مهم جداً فى هذا التوقيت أن نبنى عليه.
الصيغة الجديدة أفضل لإدارة العالم من صيغة القطب الواحدهل الصيغة متعددة القطبية، صيغة أفضل لإدارة العالم من صيغة القطب الواحد؟
- نعم الصيغة متعددة القطبية أفضل لإدارة العالم، لأنه كلما كان العالم فيه أقطاب متعددة، يسمح ذلك بحرية الحركة والمرونة للدول الإقليمية المتوسطة والدول الصغيرة، ويكون هناك تحقيق مصالح فورية وبناء قدرات، وبناء إمكانيات، وحرص على الانتقال من دوائر النفوذ التى كان يخلقها الأمريكان والأوروبيون فى مراحل معينة والتى لا تزال موجودة، فمثلاً فرنسا لها «الفرانكفونية» فى أفريقيا، وبريطانيا «الأنجلوفونية».
والروس لهم شىء اسمه دوائر الكومنولث، ومنظمة دول معاهدة الأمن الجماعى، وأمريكا لها حلف الناتو، وكل دولة من هذه الدول تستظل بذلك، وأولاً وأخيراً نحن حريصون على أن تكون هناك إدارة جيدة للعالم، تؤكد فكرة الاستقلال، وهذا مهم جدا أن نبنى عليه.. وبشكل عام فإن صيغة التعددية أهم من صيغة الثنائية القطبية أو ما يمكن أن نطلق عليه الدائرة الجهنمية للحليفين.
شروط القطبأولاً قوة عسكرية وقوة سياسية وقوة اقتصادية، بالإضافة إلى قوة ناعمة، وذلك كى لا تتحول كل هذه القوى إلى قوى عقيمة، بمعنى أن تكون غير قادرة على الاستخدام، والشروط الرئيسية هى التأثير فى العالم بمعنى أن حسابات القوة الشاملة تشمل قوى عسكرية واقتصادية وموقعاً جغرافياً وسكاناً وغيرها، وتشمل حسابات قوة سياسية وغيرها، لكن أنا فى تقديرى أن الشروط التى تُبنى عليها مهمة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أمريكا روسيا الصين الحرب بين موسكو وكييف عالم متعدد الأقطاب المتحدة الأمریکیة النظام الدولى فى العالم فى هذا
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: مصر لم تدخر جهدا في دعم الشعب الفلسطيني منذ بداية الحرب
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن الدولة المصرية لم تدخر جهدا في دعم الشعب الفلسطيني منذ بداية الحرب، مشيرا إلى أنها دعمت فلسطين في الأيام الأولى للحرب بأكثر من 200 شاحنة مساعدات غذائية.
إشادة بقمة «القاهرة للسلام»وأضاف «الرقب»، خلال مداخلة مع الإعلامية مارينا المصري، ببرنامج «مطروح للنقاش»، المذاع عبر شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»، أنه بعد بداية الحرب بأيام عقدت قمة «القاهرة للسلام»، وكان الهدف منها جمع تأييد كبير جدا من العالم لدعم القضية الفلسطينية وكل هذا برعاية الدولة المصرية، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، سبب كل ما يحدث داخل المنطقة.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: «الموقف المصري واضح في جميع المحافل الدولية الرسمية وغيرها، ويؤكد ضرورة قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية»، مشيرا إلى أن مصر لم تبخل في المنصات الإعلامية المختلفة إن كانت رقمية أو مسموعة، فكلها تدعم القضية الفلسطينية بشكل كبير.