رفض تركي متصاعد للانتخابات شمال شرقي سوريا.. وتحذير من صيف ساخن
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
تصاعدت التحذيرات التركية خلال الأيام الأخيرة من مغبة إجراء الانتخابات البلدية التي أعلنت عنها "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا، في حين كشف كاتب تركي عن استعداد أنقرة لشن عملية عسكرية في حال أخفقت المساعي الرامية إلى تأجيل الانتخابات، مشيرا إلى أن "صيفا ساخنا" في انتظار تركيا.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، الاثنين، إن بلاده ترفض بشكل قاطع مساعي تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) الإرهابي لإجراء انتخابات محلية في سوريا".
وأضاف خلال اجتماع عبر تنقية الفيديو مع قادة الجيش التركي، أنه "من اللافت للانتباه جهود أذرع التنظيم الإرهابي في سوريا لإجراء ما يسمى بالانتخابات المحلية في المناطق ذات الكثافة السكانية العربية"، موضحا أن الحزب الكردي المصنف على قوائم الإرهاب في تركيا والولايات المتحدة "يسعى إلى تأسيس دولة إرهابية مصطنعة لا تتوافق مع الواقع الإقليمي".
وشدد الوزير التركي، على أن بلاده "لن تسمح أبدا للمنظمة الانفصالية بإقامة ممر إرهابي خارج حدودها الجنوبية"، حسب تعبيره.
في السياق، شدد الكاتب والصحفي التركي عبد القادر سيلفي على أن صيفا ساخنا ينتظر تركيا هذا العام في حال أخفقت عبر اتصالاتها مع اللاعبين الإقليميين في إلغاء الانتخابات شمال شرقي سوريا،
وأوضح الكاتب في مقال نشر في صحيفة "حرييت" المقربة من الحكومة التركية، أن تنفيذ عملية عسكرية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" قد تكون "على جدول الأعمال" في حال لم يتم إلغاء الانتخابات المحلية المعلن عنها بشكل نهائي.
وقبل أيام، أعلنت "الإدارة الذاتية" في مناطق سيطرة "قسد" التي تقول أنقرة إنها امتداد لتنظيم حزب العمال الكردستاني، عن تأجيل الانتخابات المحلية التي كان من المقرر إجراؤها في 11 حزيران /يونيو الجاري إلى 8 آب /أغسطس المقبل، وذلك بدعوى "الاستجابة لطلب الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية".
ووفقا للكاتب التركي، فإن التأجيل الذي أعلنت عنه الإدارة الذاتية جاء نتيجة للضغوط التي مارستها تركيا، معتبرا أن "الخطر سيظل قائما ما لم يتم إلغاء هذه الانتخابات بشكل كامل".
وشدد سيلفي على "ضرورة إلغاء هذه الانتخابات المزعومة، لأنه من غير المقبول لمنظمة إرهابية أن تختار الحصول على وضع مستقل لنفسها"، مشيرا إلى أن "الانتخابات سوف يتليها الإعلان عن الحكم الذاتي ومن ثم إنشاء دولة إرهابية".
رفض أمريكي
طالبت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لـ"قسد"، الإدارة الذاتية بالتراجع عن إجراء الانتخابات المحلية في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.
وقال نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتي، إن "أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما يدعو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254"، مشيرا إلى أن بلاده "لا تعتقد أن الظروف الملائمة لمثل هذه الانتخابات متوافرة في شمال شرقي سوريا في الوقت الحاضر".
وأضاف في بيان، أن "واشنطن حثت الجهات الفاعلة، بما في ذلك الإدارة الذاتية على عدم المضي قدماً في الانتخابات في الوقت الحالي".
وفي السياق، نقل موقع "تلفزيون سوريا" عن مصدر وصفه بالـ"مسؤول" في الإدارة الذاتية، قوله إن "الانتخابات البلدية التي كان من المزمع إجراؤها يوم 11 من حزيران الجاري، أجلت إلى تاريخ غير محدد، بسبب ضغوطات مارستها الولايات المتحدة".
وأضاف أن المبعوث الجديد للخارجية الأمريكية في شمال شرقي سوريا، سكوت بولز، "مارس ضغوطا كبيرة على الإدارة الذاتية لتأجيل الانتخابات خلال لقاءات مكثفة أجراها الأسبوع الماضي مع قادة المنطقة".
ولفت إلى أن المبعوث الأمريكي "حذر مسؤولي الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية من جدية التهديدات التركية وإن واشنطن لن تكون قادرة على إيقاف أي تصعيد تركي جديد قد يشمل موجة قصف واسعة لمواقع استراتيجية كمحطات النفط والطاقة أو عملية برية محدودة في المستقبل القريب"، حسب موقع "تلفزيون سوريا".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شدد الشهر الماضي خلال مشاركته في مناورات "إفس 2024" العسكرية، على عزم بلاده "منع التنظيم الانفصالي (بي كي كي) إنشاء دويلة إرهاب" على حدودها الجنوبية شمالي العراق وسوريا.
وقال أردوغان "لا نكن العداء وليس لدينا أحكام مسبقة ضد أي بلد ولا نطمع في أرض أحد أو في حقوقه السيادية، واتخذنا مؤخرا العديد من الخطوات المهمة لزيادة عدد أصدقائنا وسنواصل بمشيئة الله طريقنا عبر انفتاحات جديدة".
وشدد على أنه "عندما يتعلق الأمر بوحدة أراضي بلادنا وأمن شعبنا فإننا لا نستمع لأحد ولا نخضع لأي تهديدات"، مشيرا إلى أنقرة "تتابع عن كثب ممارسات تنظيم بي كي كي ضد سلامة الأراضي التركية والسورية".
تجدر الإشارة إلى أن تركيا نفذت خلال السنوات الماضية العديد من العمليات العسكرية على الأراضي السورية، ضد تنظيم الدولة ووحدات الحماية الكردية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يتخذ من جبال قنديل بالعراق مركزا له.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية سوريا تركيا أردوغان سوريا تركيا أردوغان سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات المحلیة الإدارة الذاتیة شمال شرقی سوریا مشیرا إلى أن
إقرأ أيضاً:
في الاستـيلاء التركـي على سوريا
أنجزت تركيا الإردوجانـيّـة في سوريا من أهدافها السّياسيّـة التّوسعيّـة ما عَـسُـر عليها إنجازُهُ في ابتـداء «الرّبيـع العـربيّ» (2011) في البلدان التي كان لها فيها أتـباع (مصر، سوريا، لبنان، تونـس)، فأمكنها إيصالُ حلفائها في إدلب إلى السّلطة في دمشق بمساعدة أصدقائها الأمريكـيّـين والإسرائيلـيّـين. وما كان يمكن لمثـل هذا الظّـفـر التّـركيّ بـ«الكعـكـة» السّورية إلّا أن يستـثيـر أسئلةً حول أسباب النّجاح هنا والإخفاق هناك. ولا مِـرْية في أنّه يمكن أن يقال في شأن نجاح نظام إردوجان في إنجاز هـدف مـدّ نـفوذه في بلاد الشّام الشّيءُ الكـثير، تـفسيرًا له، يكـفـينا منه قـوْلان دارجان:
يمكن أن يُـنْـظر إليه بما هـو نجاحٌ تـأتَّـت له في سوريا قـوّتُـه الماديّـةُ الحاملةُ التي تُـسعِـفه فيما هي قـوّةٌ انعدمتْ وجـودًا، أو هي مـمّا عـزّت نظائـرُها في بـلادٍ أخرى من بلـدان «الـرّبيع العـربيّ» كان لتركيا حلفاءٌ فيها. ثـمّة من يأخذ بهـذا التّـفسير محاولًا إقامة دليلٍ على وجاهـته من طريقِ بيانِ الفارق بين صهـوتـيْـن سياسيّـتـيْـن امـتـطتهـما تركـيا لهذا الغـرض: صـهوة «الإخـوان المسلمين» (في مـصرَ وتـونسَ وليـبـيا) وصـهوة «الجـهاديّـين» المسلَّـحيـن (في سوريا) والاسـتـنـتاج، مـن ثـمّـة، بأنّ الصّـهوة الأولى ما أفـلحتْ شـعـبـيّـتُـها الكبـيرة في أن تحـميَ مشروع الاستـيلاء لديها على الـدّولة والمجتمع، فيما أفلحتْ أسنانُ الثّانيـة ومخالـبُـها في التّـمكيـن لها في بـلاد الشّـام. وعندي أنّ التّـفسير هذا هـشٌّ ضعيفُ البنيان؛ إذْ ما عـدم إسلامـيّـو مصرَ وتونسَ إمكانًـا لاستـخـدامِ السّلاح للحفاظ على سلطانهم، بـل لقد كان العملُ المسلّـح الأسلوبَ الرّئيس لإسلاميّـي ليـبيـا ودَيْـدَنَـهم، ومع ذلك ما أصابوا كبـيرَ حـظٍّ مـن النّجاح ولا استفـادت منه تركـيا الأردوغـانيّـة. وإلى ذلك ينضاف أنّ سلاح «جـهاديّـي» سوريا ما كان سلاحَ فـريقٍ إسلاميّ سياسيّ واحـدٍ منسـجم، بـل امتشـقـتْـه عشراتُ الجماعات المتبايـنة والمتناقـضة ميـولًا، وكان من شأن هذا التّـعدُّد والتّـبايُـن -ولا يزال من شأنه- أن يُـبْـطِل مفعولَـه، جمـلةً، أو أن يصرفه وِجـهة الاقـتـتال الدّاخليّ بين حَمَلَـته من الفصائـل...
ويمكن أن يُـنْظر إلى أسبابه الرّئيـسة انطلاقًا من فـرضيّـة الجـوار الجغرافيّ القريب وما أتاحه للسّياسة التّـركـيّـة تجاه استـقرار سوريا ومصيرها السّياسيّ من ممكناتٍ لا يتـيحها بُـعْـد السّاحات العربيّـة الأخرى عنها. وما من شـكٍّ في مركزيّـة عامل الجوار الجغرافيّ في تيسير سياسات تركيا واستباحتها الدّاخـلَ السّـوريّ؛ فـلقـد وفّـر لتركيا إمكانَ احتلالها قسمًـا من شمال سوريا، مستـغـلّةً انشغالها بالمواجهات بين الجيش النّظاميّ والفصائل «الجهاديّـة» المسلّـحة؛ ووَضَـعَ تحت تصـرّفها الجغرافيا المناسبة لتقـديم الدّعم العسكريّ واللّـوجستـيّ لجماعاتها المسلّحة ولتـغذيـتها بعشرات آلاف المقاتـليـن المتـدفّـقـيـن على تركيا من أركان الأرض كـافّـة لِـ«الجـهـاد» في سوريا... إلخ. مع ذلك، لم يُـفِـدْها هـذا الجـوار الجغرافـيّ، مثـلًا، في تصفيـة «قـوّات سوريا الـدّيمـقراطيّـة» -المدعـومة من أمريكا- على الرّغـم من مواجهتها لها في معاركَ مفـتوحة متعـدّدة طَـوال العشرة أعـوام الماضية.
لسنا نحسَبُ السّـبـبـيْـن المومأ إليهما رئيسيْـن -على أهـميّـتهـما- في مضمار تـفسير نجاح نظام إردوجان في كسب معركـته العسكريّـة والسّياسيّـة ضدّ سوريا وضـدّ النّظام السّابق فيها. نميـل، عكسًا من ذلك، إلى افـتـراض أثـرٍ حاسمٍ لعاملَين آخريْـن في التّمكين لنجاح النّظام التّـركيّ في ما نجح فيـه حتّى اليـوم. أوّلهما حالة الإنهاك الشّاملة التي حـلّـت بسوريا وأوصلت قُـواها إلى لحظة الوهْـن الاستراتيجيّ؛ وثانيهما ما تـلـقّـاهُ مشروع الاستـيـلاء التّـركيّ على سوريا من دعـمٍ ماديّ وسياسيّ من الولايات المتّحدة الأمريكـيّـة ودولة الاحتـلال.
فأمّا الإنهاك المتمادي لقـوى سوريا الاقـتصاديّـة والاجتماعيّـة والبشريّـة والمؤسّساتـيّـة والحياتـيّـة فلم تبـدأ فصولُـه، كما يُظَـنّ، مع أحداث «الرّبـيع العربيّ» وانـطلاقِ المواجهة المسلّحة بين القوى النّظاميّـة والفصائـل، وما تـولَّـد من تلك الحرب من دمارٍ ومـوتٍ ولجوءٍ ونزوحٍ وانهـيارٍ اقـتصاديّ شـامل...، بـل هي بدأت قـبل هـذا التّاريخ: منـذ إصدار الكونجرس الأمريكيّ «قانون محاسبة سوريا» (2003) والشّروع في حصارها الاقـتصاديّ وتشديد العقوبات الماليّـة عليها وصولًا إلى ذُروة الإنهاك في «قانون قيصر» القـاتـل (2019) الذي صدر في العهـد الأوّل لدونالد ترامپ. ومثـلما أضعف الحصار الدّوليّ المـديد العراق (1991- 2003) فأوصله إلى لحظة الوهْـن الاستراتيجيّ التي كانت بيئـةً مناسبة للغـزو الأمريكيّ - الغربيّ له ولإسقاطِ نظامـه الوطنيّ (بـل والـدّولة فيه)، كذلك أضعـفـتِ الحـربُ الدّاخـليّـة والعقـوباتُ الأمريكـيّـة سورياَ الـدّولة والمجتمع على السّـواء إلى الحـدود التي أنجبت فيها تلك الحالة من الاستـقالة الجماعيّـة لمؤسّـسة الجيش عـن النّهـوض بدورها الدّفاعـيّ والأمنيّ (من دون أن نستـبعـد احتمال اخـتراق قـياداتـه وشراء بعضها)، والتي كانت نـتيـجتـها سقوط النّـظام من تـلقـاء نفسـه.
وأمّا الـدّعم الأمريكيّ- الإسرائيليّ لتركيـا في مشروعها للسّـطو المسلّح على سوريا فـكان حاسمًا في باب التّمكين له، ولولاهُ لَـمَا جـرُؤ نظامُ إردوجان على منح الضّـوء الأخضر للفصائل المسلّـحة للتّـقـدّم في عمق الدّاخل السّـوريّ وصولًا إلى دمشق. وها هي تصريحات قادة الدّاعميْـن ووسائـل إعلامهما تُـفْـرِج، اليـوم، عن مقـدارٍ كبيـر من المعلومات عن التّـفاهمات التي أُبرمت بين القوى الثّـلاث (أمريكا، تركيا، «إسرائيل») قصد إنجاز عملـيّـة السّطو تلك على نحـوٍ من التّـنسيق المحكَم ومن إمـداد تركيا وحلـفائها بأدقّ المعلومات عن خريطة انـتـشار الجيـش، فضـلًا عن التّـشـويش الإلكـترونيّ لمنظومة اتّـصالات الجيـش السّـوريّ.